بعد ثلاث سنوات من مغادرتها الساحة السياسية، تصدر المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل اليوم الثلاثاء مذكراتها الأولى، كاشفةً فيها النقاب عن 16 عامًا من القرارات الحاسمة التي اتخذتها أثناء قيادتها لألمانيا.

اعلان

تجمع ميركل في هذا الإصدار بين التبرير لبعض خياراتها، والأسف حيال أخرى، لكنها تركز بشكل لافت على قلقها العميق إزاء مستقبل العالم في ظل التحديات الراهنة.

في كتابها، تعود ميركل بالزمن إلى طفولتها في ألمانيا الشرقية، وتشارك محطاتها الحاسمة في مواجهة أزمات مفصلية مثل الأزمة المالية العالمية، أزمة اللاجئين في 2015، وضم روسيا لشبه جزيرة القرم في 2014. بأسلوبها الصريح والمعهود، تتناول الزعيمة السابقة هذه القضايا التي شكلت ملامح السياسة الدولية، معبرةً عن رؤيتها وتأملاتها بشأن ما ينتظر العالم.

ميركل، التي لقبت بـ"زعيمة العالم الحر" بعد خطابها الشهير عن الوحدة عام 2016 في أعقاب انتخاب دونالد ترامب رئيسًا، غادرت منصبها عام 2021 وسط احترام واسع وشعبية كبيرة تجاوزت حدود ألمانيا.

ورغم الانتقادات التي واجهتها خلال فترة حكمها، ظلت نموذجا للقائدة التي أثبتت حكمة وحنكة في إدارة أزمات معقدة وضعت بصمتها على التاريخ الحديث.

"لن تعتذر"

تعرضت ميركل لانتقادات- خاصة في أوكرانيا-، بسبب نهجها تجاه روسيا خلال فترة ولايتها. ويُلقى عليها اللوم بشكل خاص لتشجيعها العدوان الروسي من خلال كونها "لينة بشكل مفرط" في التعامل مع موسكو، بالإضافة إلى اعتماد ألمانيا على الغاز الروسي الرخيص.

المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل تحضر معرض لايبزيغ للكتاب في ألمانيا 29 نيسان أبريل 2023Sebastian Willnow/Alle Rechte vorbehalten/AP

نفت الزعيمة الألمانية السابقة أن تكون قراراتها قد حالت دون اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية عام 2022، بعد أن غادرت منصبها. وتشير ميركل إلى قمة هامة في عام 2008 بشأن محادثات انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، حين قطعت ميركل الطريق على انضمام كييف إلى عضوية الناتو.

وقالت إنها مقتنعة بأن السماح لأوكرانيا بالانضمام إلى الناتو في وقت سابق كان سيؤدي إلى استفزاز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حينئذ. وأوضحت أنها "لن تعتذر" عن موقفها من روسيا خلال فترة ولايتها.

وقالت أورسولا فايدنفيلد الصحفية التي ألفت سيرة ذاتية سابقا لأنغيلا ميركل، إن الزعيمة السابقة كانت مدفوعة بالبراغماتية قبل كل شيء. وأضافت الكاتبة أن مبدأ أنغيلا ميركل السياسي هو: "أنا أتصرف عندما أستطيع التصرف وليس عندما أريد أن أتصرف".

Relatedصدمة في رومانيا.. مؤيد لروسيا ومنتقد للناتو يتصدر الانتخابات الرئاسية روسيا تضرب تجمعات أوكرانية وتدمر معدات عسكرية في 141 موقعًا بينما تحاول كييف صد الهجمات الصاروخيةتقارير تزعم أن روسيا اعتقلت بريطانيًا يقاتل مع أوكرانيا.. هل يكون أول معتقل أجنبي معلن عنه في روسيا؟

وفي مكان آخر من كتابها، ذكرت مقتطفات حصلت عليها صحيفة "الغارديان"، أن ميركل "تعذبت" من نتائج استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في عام 2016، عندما صوتت المملكة المتحدة بأغلبية ضئيلة على الخروج من الاتحاد.

وشعرت بالفزع من فكرة أنه كان يمكنها أن تبذل المزيد من الجهد، خلال المفاوضات التي سبقت الاستفتاء مع رئيس الوزراء البريطاني آنذاك ديفيد كاميرون، الذي كان هو نفسه حريصًا على بقاء بلاده في الكتلة.

ترامب وماسك.. والتوازن الاجتماعي

وجهت ميركل انتقادات حادة لترامب -الذي من المقرر أن يبدأ ولايته الثانية كرئيس للولايات المتحدة- في كتابها الجديدة.

وكتبت ميركل عن ترامب الذي تعاملت معه سابقا عندما كانت في منصب المستشارة: "يبدو أن هدفه الرئيسي كان جعل الشخص الذي يتحدث إليه يشعر بالذنب". وفي موضع آخر، تقول إن ترامب كان مدفوعًا بالمظلومية وكان "يتعامل بأسلوب المعاملات" عند التفاوض.

دونالد ترامب وإيلون ماسك في تكساس 19 تشرين الثاني نوفمبر 2024Brandon Bell/ Getty Images/AP

طالت انتقادات ميركل الملياردير إيلون ماسك، الذي تم تكليفه بقيادة وزارة أمريكية، وقالت: "يجب على السياسة أن تحقق التوازن الاجتماعي بين الأقوياء والمواطنين العاديين"، مضيفة أن التأثير القوي للشركات على السياسة كان "تحديًا غير مسبوق".

مستقبل الاتحاد الديمقراطي المسيحي

ومن المقرر أن ينشر كتاب ميركل في وقت تواجه فيه ألمانيا انتخابات في 23 شباط/ فبراير المقبل. وقد تم تقديم موعدها بعد انهيار الائتلاف الحاكم الذي كان يقود الحكومة بقيادة أولاف شولتس.

ويستعد الحزب الذي تنتمي إليه -وهو الاتحاد الديمقراطي المسيحي- لتولي السلطة في ألمانيا مرة أخرى. إذ يتصدر بنسبة 32% وفقًا لآخر استطلاع للرأي أجرته هيئة الإذاعة والتلفزيون العامة الألمانية.

اعلان

ويعد زعيمه الجديد فريدريك ميرتس، أكثر تمثيلاً بشكل عام للجناح المحافظ في الحزب. وتقول فايدنفيلد: "كانت ميركل شخصًا يتمتع بنوع من الثبات ورباطة الجأش. وأعتقد أن ذلك أقنع الكثير من الناس أنها كانت شخصًا جيدًا لقيادة هذا البلد خلال الأزمات المختلفة التي حدثت خلال فترة توليها المنصب".

وأضافت "إنه (أي ميرتس) مستشار من نوع مختلف عن أولاف شولتس، وبالتأكيد مزاج مختلف تمامًا عن أنغيلا ميركل. فهو متهور، وسريع الانفعال والاندفاع، وحساس على المستوى الشخصي".

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية حكومة ترامب خليط غريب يثير التساؤلات.. شخصيات ذات توجهات متناقضة "ميركل المكسيك" كلوديا شينباوم تؤدي اليمين كأول رئيسة للبلاد وسط تحديات اقتصادية وأمنية ملحة كثرت الزلاّت والهفوات.. بايدن يخلط بين ميركل وهلموت كول وبين ماكرون وميتران فهل للسن أحكامه؟ دونالد ترامببريكستألمانياروسياأنغيلا ميركلحلف شمال الأطلسي- الناتواعلاناخترنا لك يعرض الآن Next مباشر. معاناة قطاع غزة تتفاقم والجدل السياسي حول وقف إطلاق النار مع لبنان دون تحقيق الأهداف يشعل إسرائيل يعرض الآن Next ترامب يتحدى بكين بتعريفات إضافية على الواردات الصينية والأخيرة تحذّر: لا رابح في الحرب التجارية يعرض الآن Next احتجاجات أنصار عمران خان: مقتل ستة أشخاص وسط مواجهات عنيفة مع الشرطة في إسلام آباد يعرض الآن Next تقارير تزعم أن روسيا اعتقلت بريطانيًا يقاتل مع أوكرانيا.. هل يكون أول معتقل أجنبي معلن عنه في روسيا؟ يعرض الآن Next إيزابيلا.. طفلة بريئة لم تتجاوز ربيعها الثاني... كيف تحولت أحلامها إلى مأساة؟ اعلانالاكثر قراءة قتلى وجرحى في غزة ولبنان.. وصافرات الإنذار تدوي في إسرائيل.. وحديث عن اتفاق وشيك لوقف إطلاق النار ثلاثة متهمين من أوزبكستان.. الإمارات تكشف عن قتلة الحاخام الإسرائيلي تسفي كوغان اليابان ترفع السن القانوني لممارسة الجنس من 13 إلى 16 عاما حب وجنس في فيلم" لوف" غالانت يستعد للسفر إلى واشنطن.. لكن ماذا لو أجبرته الظروف على الهبوط في دولة عضو بالجنائية الدولية؟ اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومكوب 29الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قطاع غزةضحاياروسياقتلاعتداء جنسيجريمةالمملكة المتحدةحزب اللهلبناندونالد ترامبالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesJob offers from AmplyAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024

المصدر: euronews

كلمات دلالية: كوب 29 الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قطاع غزة ضحايا روسيا قتل كوب 29 الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قطاع غزة ضحايا روسيا قتل دونالد ترامب بريكست ألمانيا روسيا أنغيلا ميركل حلف شمال الأطلسي الناتو كوب 29 الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قطاع غزة ضحايا روسيا قتل اعتداء جنسي جريمة المملكة المتحدة حزب الله لبنان دونالد ترامب یعرض الآن Next خلال فترة

إقرأ أيضاً:

“ذي أتلانتيك” تكشف أسرار حياة جاسوس إيراني عمل لصالح “CIA”

#سواليف

نشرت مجلة “ذي أتلانتيك” تحقيقا موسعا كشف #أسرار #ضابط رفيع في وزارة #الاستخبارات والأمن #الإيرانية يدعى محمد حسين تاجيك الذي عاش حياة #جاسوس_مزدوج لوكالة #المخابرات_المركزية_الأمريكية.

قدم #محمد_حسين_تاجيك معلومات أدت إلى سقوط قادة جماعات مسلحة عالميين بارزين قبل أن يقتل على يد والده.

كان تاجيك قائد وحدة نخبة الحرب الإلكترونية في إيرن قد تواصل مع الصحفي شين هاريس عام 2016 وكشف له قصته التي تضمنت تورطه العميق في أكثر مراحل الأمن الإيراني حساسية.

وفي التفاصيل، تقول المجلة، في ديسمبر 2011 فقدت وكالة الاستخبارات الأمريكية “CIA” السيطرة على مسيرة شبحية بالقرب من مدينة كاشمر الإيرانية على بعد 140 ميلا من الحدود الأفغانية، وانتهى بها المطاف في يد النظام.

مقالات ذات صلة تحالف أسطول الحرية يعلن خططًا لتوسيع رحلات كسر حصار غزة عام 2026 2025/12/13

وعلى شاشة التلفزيون الرسمي، عرض الجيش الإيراني الطائرة الشبيهة بالبوميرانغ من حيث الشكل كغنيمة حرب، ورفعت لافتات منتصرة أسفل جناحيها اللذين يبلغ باعهما 30 قدما، كُتب عليها باللغة الفارسية: “لا يمكن للولايات المتحدة أن تعبث معنا” و”سنسحق أمريكا تحت أقدامنا”.

وكان سبب التحطم لغزا، هل انحرفت طائرة لوكهيد مارتن المسيرة وهي طائرة RQ-170 سينتينل تبلغ قيمتها ملايين الدولارات عن مسارها ببساطة؟ أم أن قراصنة إيرانيين استولوا على الطائرة، مما يدل على براعة جيش إلكتروني متنام كان قد أثار قلق المسؤولين الأمريكيين بالفعل.

بعد مرور ما يزيد قليلا عن أربع سنوات، في أبريل 2016 نشرت مجموعة قرصنة إيرانية معروفة تدعى “باراستو” (وهي كلمة فارسية تعني “السنونو”، الطائر الصغير) عنوان بريدها الإلكتروني على منتدى متخصص في الأمن السيبراني، داعية الصحفيين إلى الاستفسار منها عن مصير الطائرة المسيّرة.

وتقول مجلة “ذي أتلانتيك” إنه وبحسب خبرة صحفييها في تغطية قضايا الأمن القومي، فإن من يدعون امتلاك “الحقيقة” هم في الغالب دجالون أو مختلون عقليا، ومع ذلك رأت أن الأمر يستحق المراسلة.

وتضيف المجلة أن شين هاريس الكاتب في مجلة “ذا أتلانتيك” والمتخصص في شؤون الأمن القومي والاستخبارات، بعث برسالة إلى “Parastoo” في 12 أبريل 2016 تتضمن النص التالي: “أفهم أنك تريد مناقشة طائرة RQ-170 بدون طيار التابعة لوكالة المخابرات المركزية.. هل تريد التحدث؟”، وبعد ستة وثلاثين ساعة رد شخص يدعى “P” بلغة إنجليزية ركيكة لكنها مفهومة في معظمها، “نعم، أريد حماية هويتي، وأود أن أكشف كل ما وراء هذه القصة من خلال سلسلة من المقابلات المباشرة أو المحادثات النصية”.

ويوضح شين هاريس أن “P” كشف كل شيء، حيث بدا الأمر غريبا نوعا ما.

وقال “P” إنه كان جزءا من جماعة “باراستو” التي سبق لها اختراق خادم الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، والإدارة الوطنية الأمريكية للأمن النووي.

كما تباهت الجماعة بقدرتها على السيطرة على طائرات عسكرية أمريكية بدون طيار، بل واقترحت ذات مرة إمكانية إرسال إحداها لمهاجمة نائب الرئيس آنذاك، جو بايدن.

وذكر “P” وفق المصدر ذاته، أنه سيتواصل مبدئيا عبر تطبيق مراسلة نصية مشفر يدعى “كريبتوكات”، لكن تنسيق المواعيد لم يكن سهلا.

وصرح “P” بأنه في طهران التي تسبق واشنطن العاصمة بسبع ساعات ونصف الساعة بالتوقيت.

ويبين شين هاريس أنه تم الاتفاق على عقد لقاء يوم الاثنين 2 مايو 2016، لإجراء أول محادثة، مضيفا: “سألني “P” أسئلة تهدف إلى التأكد من أنني الشخص الذي راسله عبر البريد الإلكتروني.. أين كنت أعمل؟.. هل كان لدي رقم هاتف مرتبط بموقع محدد؟.. كما سألني سلسلة من الأسئلة الشخصية مثل الجامعة التي درست فيها، والتي كان بإمكانه التحقق منها بسهولة عبر الإنترنت”.. قال “P” إن إجاباتي ساعدت في تحقيقاته عني”.

ويشير هاريس إلى أنه لم يسبق لأي مصدر أن استجوب الصحفي بهذه الطريقة من قبل، حيث لم يتحدث “P” كقرصان إلكتروني، بل كان يتصرف كجاسوس ذي خبرة.

ووفق الكاتب المتخصص في الاستخبارات، قال “P” إنه ضابط في وزارة الاستخبارات والأمن، وهي بمثابة وكالة المخابرات المركزية الإيرانية، ولم يكن أي ضابط، بل قال إنه مسؤول عن وحدة نخبة للحرب الإلكترونية، وهي من النوع الذي قد يكلف بإسقاط طائرة أمريكية بدون طيار.

ووصف “P” كيف استولى زملاؤه على طائرة “سنتينل”، حيث حصلت وحدته على معلومات من الأقمار الصناعية واللاسلكية حول كيفية تواصل الطائرة مع قاعدتها، بالإضافة إلى معلومات تقنية حول قدراتها على التخفي، ثم حددت إيران موقع الطائرة أثناء تحليقها ومنعتها من العودة إلى أفغانستان.

وظلت المسيرة تائهة بلا هدف حتى استقرت في مكانها بفعل الجاذبية، حيث كتب “P”: “نفد منها الوقود واضطرت للهبوط الاضطراري بالمظلة”.

وبحلول الحادي عشر من مايو، وثق “P” بالكاتب بما يكفي ليكشف عن هويته، حيث كتب: “اسمي محمد حسين تاجيك، عمري 35 عاما”.

وادّعى محمد أن “عددا هائلا” من العمليات الإلكترونية الإيرانية “كان يحمل توقيعه على الأوراق الرسمية أو أنه صممها بالكامل”.

وتساءل الكاتب: “هل كنت أتحدث الآن إلى الشخص الذي أشرف على تلك العمليات السرية؟.. وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا كان يتحدث معي؟.. كلما زاد تواصلنا بدا كلامه أقل غرابة.. لم يحاول محمد إرباكي بمصطلحات تقنية أو إبهاري ببطولاته مما زاد من مصداقيته.. ثم قال إنه لا يريد في الواقع التحدث عن الطائرة المسيرة.. لقد كانت “سنتينل” مجرد وسيلة لجذب انتباهي.. قال محمد إنه يريد مساعدتي في خطة الجزء الأول منها الانتقام.. أراد تسريب معلومات عن عمليات المخابرات الإيرانية لإيذاء وإذلال قادة إيران الذين أغضبوه بشدة، لكنه لم يوضح لي كيف.. وفي خطته، سأتحقق من صحة ادعاءات محمد مع مصادري الاستخباراتية وأنشر المعلومات إذا ثبتت صحتها.. لقد ناسبتني هذه الفكرة تماما.. فالموظف الحكومي المتضرر غالبا ما يكون أفضل مصدر للصحفي.. أما الجزء الثاني من خطة محمد، بصراحة، كانت ضربا من الجنون.. أخبرني أنه كان في السابق عميلا لوكالة المخابرات المركزية وأنه عمل في عمليات كبرى.. كان يرغب في إعادة بناء علاقته مع الوكالة.. كان يأمل أن أتواصل مع مسؤول الاتصال السابق به في وكالة المخابرات المركزية مستخدما علاقاتي داخل الوكالة، وأن أوضح له أن محمد لا يزال عميلا قيما، كما يتضح من مقالاتي الإخبارية التي استندت إليها.. إذا لم ترحب وكالة المخابرات المركزية بعودة محمد، فسيكشف كيف كانت الوكالة تعمل داخل إيران”.

وكتب في رسالة نصية: “باستخدام هذا النموذج، يمكنني العمل معك والحصول على ما أريد في المقابل”.

ويقول شين هاريس: “بصراحة كان يشرح كيف يعمل كلا المجالين.. مجال عملي يتجنب الخداع، لكن الصحفيين يجمعون المصادر ثم يقيمونها ويشككون فيها، تماما كما يفعل الجواسيس.. يحاول كل من الصحفي وضابط المخابرات تجميع قصة متماسكة من شظايا متناثرة من الواقع وقليل جدا من الصحفيين، إن وجدوا، يمكنهم اعتبار ضابط مخابرات إيراني رفيع المستوى تحول إلى جاسوس أمريكي مصدرا لهم”.

ويردف بالقول: “سألني محمد هل أنت موافق؟.. لم ألتزم بالجزء الثاني من الخطة فالصحفيون لا يتفاوضون نيابة عن مصادرهم، ولا يشاركون في عمليات الاستخبارات، لكنني كنت سعيدا بالمضي قدما في الجزء الأول: تسريب الأسرار لي.. كتبت: “أنا موافق”.. “حسنا، فلتبدأ اللعبة”.

ويتابع قائلا: “لم يسبق لي أن تحدثت مع ضابط مخابرات إيراني من قبل، لذا لم يكن لدي أي أساس لأقيم ما إذا كان محمد ينطبق عليه الوصف.. تخيلت نسخة ما من شون طوب، الممثل الذي جسد دور رئيس المخابرات الإيرانية ثم تحول إلى عميل لوكالة المخابرات المركزية في الموسم الثالث من مسلسل “هوملاند”.. رصين.. هادئ.. أنيق.. لم يكن محمد كذلك .. كان صبره قصيرا.. حاول جاهدا أن يكون مضحكا.. كان مغرورا لكنه حساس، وأحيانا كان يتصرف بحماقة.. أتذكر أنني فكرت أنه شخص غريب الأطوار لم يسبق له الزواج، وهو أمر غير معتاد لشخص في منصبه، كما أخبرني.. كانت تربطه علاقة عاطفية عبر الإنترنت بامرأة لعدة سنوات، لكنهما لم يلتقيا وجها لوجه.. ولم يذكر قط وجود أصدقاء له في طهران.. لم تكن لديه حياة اجتماعية كبيرة خارج العمل”.

كان مولعا بالثقافة الغربية، وخاصة الأفلام الأمريكية، اقتبس مشهدا من فيلم “الخلاص من شاوشانك” حيث يروي مورغان فريمان بعد خروجه من السجن إلى عالم قاس، قائلا: “مستحيل أن أنجح في الخارج.. اكتشفنا أننا كنا من محبي فيلم “كل رجال الرئيس”.

“ربما كان محمد يتخيل نفسه “ديب ثروت”، يلتقي بي في مرآب افتراضي ويلمّح إلى اكتشافات أكبر قادمة.. كانت محادثاتنا الأسبوعية المشفرة عبر “كريبتوكات” و”سكايب” و”بروتون ميل”، تثير حماسة سينمائية.. ولكن على عكس ما حدث في “كل رجال الرئيس”، كنت أتعرف على المصدر نفسه بقدر ما أتعرف على النظام الذي ادعى تقويضه”.

“أخبرني محمد أنه ولد في عائلة متدينة وناشطة سياسيا، وفي عام 1979، انضم والده إلى رفاقه الثوار في اقتحام مقر جهاز الشرطة السرية التابع للشاه، واستجواب الضباط وتعذيبهم ثم ساهم في تأسيس جهاز المخابرات الإيراني”.

وقال لي محمد عن عمل العائلة: “أكره هذا الهراء برمته كراهية لا توصف”، لكنه كان عبقريا في الرياضيات والحاسوب، وفي سن الثامنة عشرة، بدأ العمل في وزارة المخابرات.

وفي غضون عقد من الزمن، كما قال، كان يلعب دورا محوريا في التوسع الإيراني العدواني في مجال الحرب السيبرانية.

وخلال عدة محادثات، قدم محمد عرضا تفصيليا لساحة المعركة السيبرانية الإيرانية والدول التي تستهدفها في الشرق الأوسط، ولا سيما إسرائيل والسعودية.

وشرح كيف أخفت وزارة الاستخبارات نواياها بتوظيف متعاقدين، وتحديدا شركات تقنية يديرها شبان مثل محمد، تخرجوا من برامج علوم وهندسة الحاسوب في جامعات إيرانية.

ووجهت إلى اثنين من أصدقاء محمد المتعاقدين تهم في محكمة مقاطعة أمريكية في مارس 2016 بشن هجمات سيبرانية على عشرات المؤسسات المالية الأمريكية.

ومثل محمد، كان أصدقاؤه أبناء مسؤولين عسكريين أو سياسيين “دخلوا عالم الأعمال بناء على سمعة آبائهم”، كما قال.

ويقول الكاتب: “إذا كان محمد صادقا، فقد كان يأخذني في رحلة أعمق داخل عالم النظام الإلكتروني أكثر مما فعل أي من مصادري”.

وفي عام 2015، ادعى محمد أن فريقه اخترق شبكة أقمار صناعية تجارية تُدعى iDirect للسيطرة على طائرات أمريكية بدون طيار، لم أر أي دليل على قدرة إيران على استخدام طائرة بدون طيار في هجوم، مع أن محمد وصف لي كيف يمكن لإيران الاستيلاء على واحدة.

وفي ادعاءاته الأكثر إثارة للدهشة، ذكر محمد أن إيران مسؤولة عن هجوم إلكتروني كبير على البنك المركزي البنغلاديشي، حيث سرق قراصنة 81 مليون دولار في فبراير 2016، مما أثار حالة من الذعر في النظام المالي العالمي.

وقد وجهت وزارة العدل الأمريكية اتهامات لثلاثة قراصنة من كوريا الشمالية.

ولفت محمد إلى أن إيران لعبت دورا سريا، إذ قدمت تعليمات تقنية لحزب الله في لبنان حول كيفية التلاعب بشبكة اتصالات تعرف باسم “سويفت” والتي تربط المؤسسات المالية، ثم قامت الجماعة بمبادلة هذه المعلومات بصواريخ مع كوريا الشمالية.

وبحسب التقرير، ادعى تاجيك أنه خلال عمله ترقى في الرتب وأجرى عدة رحلات إلى لبنان، حيث توطدت علاقته بشخصيات بارزة في حزب الله.

ومن بين هذه الشخصيات عماد مغنية، رئيس الجناح العسكري للحزب، المسؤول عن هجمات دامية استهدفت أهدافا أمريكية وإسرائيلية.

وقال تاجيك إنه زود وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) بمعلومات مفصلة حول الهيكل التنظيمي لحزب الله وآلية التنسيق بين وحداته والاستخبارات الإيرانية.

ويشير التحقيق إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية، في عملية مشتركة مع إسرائيل، قضت على مغنية في فبراير 2008، وهو العام نفسه الذي بدأ فيه تاجيك العمل لصالح الوكالة الأمريكية، وفقا لتصريحه.

انتهت حياة طاجيك نهاية مأساوية في يوليو 2016، ووفقا للتقرير كان يخطط للفرار إلى تركيا بوثائق مسروقة، بهدف فضح أسرار النظام.

ولاحظ شقيقه الأصغر، أمير، الحقيبة المجهزة وأخبر والدهما ببراءة أن محمد ينوي المغادرة.

وفي الخامس من يوليو، وهو اليوم الذي كان من المفترض أن يتحدث فيه طاجيك مجددا مع الصحفي هاريس، وصل والده الحاج والي، إلى منزل ابنه برفقة مسؤول كبير آخر من وزارة الاستخبارات.

وفي ذلك المساء، عثر الأخ الأصغر على جثة محمد، لم يجر تشريحها ودفن سريعا في مقبرة بطهران.

وذكرت تقارير أن تاجيك قتل يوم 7 يوليو 2016 على يد عناصر من وحدتي العمليات والشؤون الداخلية بحضور والده وأحد موظفي وزارة الاستخبارات.

مقالات مشابهة

  • من الجمباز إلى الشاشة.. وفاء مكي تكشف أسرار بدايتها في عالم الفن: «دخلت بالصدفة البحتة»|فيديو
  • ما أهمية إقليم دونباس الأوكراني الذي تسيطر روسيا على معظمه؟
  • قتلوا مصدري .. ذي أتلانتيك تكشف أسرار حياة جاسوس إيراني عمل لصالح CIA
  • “ذي أتلانتيك” تكشف أسرار حياة جاسوس إيراني عمل لصالح “CIA”
  • ياسمين عبدالعزيز تكشف عن المهنة التي تمنت العمل بها
  • بشرى تكشف سبب انسحابها من مهرجان الجونة
  • بشرى تكشف أسرار بدايتها قبل دخول الفن
  • رقم كبير.. النجف تكشف كمية الأمطار التي تم تصريفها من شوارع المحافظة
  • استشارية تغذية تكشف أسرار بناء مصداقية الطبيب.. فيديو
  • ارتفاع وتيرة العمليات النوعية التي تنفذها أوكرانيا ضد روسيا