سعيد بن عبدالله الدارودي

ذهبت إلى محاضرة للدكتور مرتضى فرح علي، وهو أستاذ مشارك في جامعة ظفار، وكانت حول معجم «مفردات العربية الدارجة في ظفار» للأستاذ الباحث حامد باوزير، ولقد كانت محاضرة ثرية وممتعة ألهمتني لكتابة هذا المقال الذي تأخَّر كثيرًا لانشغالي بكتابات لغوية أخرى كنت مستعجلًا في إنجازها.

وما يلاحظ أن الباحث أورد في معجمه ألفاظًا وجموعًا تكاد تكون مهجورة؛ ومن ذلك أنَّ المَطْرق وجمعه مطارق هو السَّمَك الجافُّ، ومن ذلك أيضًا أنَّ كلمة الشوَّاف التي تعني العَرَّاف، يجهل الكثير منّا أنَّ لها مصدرًا هو «الشُّوْف»، وكلمة العصيدة تلك الأكلة العربية الشهيرة؛ معظم النَّاس لا تعرف أن الحُفرة التي تكون وسطها ويوضع بها الإدام من سمن أو دبس ونحوهما تُسَمَّى «الحُقَّالة»، ولا يعرف أغلبنا أنَّ المَصَافة، وهي المكنسة، جمعها «مصايف»، وأنَّ كلمة الكُلان، التي تعني الرَّجُل ما دام في عُرْسِهِ، جمعها «كِنَّة»، وذكرَ الباحثُ كلمةَ «تَكَاوي» جمعًا لكلمة تِكواية، وتعني السَّمَكة الزرقاء، وأضيف أنَّ اسم الجنس لهذا الصنف من الحوت هو «التَّكْوا»، واخترتُ أيضًا لكم من هذا المعجم: «غُفْرُوا» التي تعني ظفروا ونالوا، وأيضًا أخترتُ «فُرُوْد»: الشخص الذي يراقب سقي الزَّرْع وكذلك «قَمِيحَة»، وجمعها قَمَايح: شيء تافه لا قيمة له، و«الكِزْيَة»: أمواج صغيرة متلاحقة تهزُّ القارب اهتزازًا سريعًا، و«المُجْعُوب»: اللبن الفاسد، و«أُم الخَرايَب»: البومة.

ويورد باوزير لفظ «الدوم» ويقول إنَّه ثمر شجر السدر الذي يُسَمَّى في اللغة العربية النَّبَق؛ ويُشير إلى أنَّ شجرة ثمار الدوم في الدارجة تُسمَّى «العِلْب»، وجمعها عَلُوْب؛ ولكن جاء في معجم لسان العرب: «... وَذَكَرَ أبو زياد الأعرابي أنَّ من العرب من يُسَمِّى النَّبَقَ دَوْمًا». وأمّا العِلْب فهيا أيضًا فصيحة؛ ففي اللغة العربية العِلْب هو مَنْبَت شَجَر السِّدر وجمعه عُلُوب.

ولكوني باحثًا مختصًا في المقارنات بين لهجاتنا الظفارية واللهجات البربرية في المغرب العربي، ومتوسعًا في هذه المقارنات لتشمل اللغات العُرُوبيَّة بصفة عامَّة؛ سأشير على عُجالة إلى بعض جذور المفردات البربرية التي وجدتها في معجم {مفردات العربية الدارجة في ظفار} للباحث باوزير:

في الدارجة الظُفارية يُوْقَد: يطبخ، اِسْتاقَد: انطبخ الطعامُ، يستاقد: يُطبخ الطعامُ. وفي البربرية إكدْو: اِنطبخَ اللحمُ ونحوه، إسّكدْو: طَبَخَ اللحمَ ونحوه.

في الدارجة الظُفارية مصافة: المِكْنَسة التقليدية تُصنع من سعف النخيل ونحو ذلك، وفي البربرية تاصفت: المِكْنَسة.

في الدارجة الظُفارية تفرجش، ومضارعها يتفرجش: تفتّتَ وتكسَّرَ إلى قطع أو حُبيبات تُسمَّى فراجيش، وتُقال غالبًا في ما هو طعام غير رخو. وفي البربرية إفرخش: كَسَّرَ الشيءَ تكسيرًا، كتكسير السَّكّر أو الحَجَر، وكذلك نجد الفعل إفركُش: كَسَرَ الخُبْزَ خاصّةً، كَسْرُ الخُبْزِ: أفركُش، كِسْرَة الخُبْزِ خاصّةً: تافركوشت، الكِسْرَة عامَّةً: أفروكّش.

في الدارجة الظُفارية الفَجْر: البُسْتان الملحق بالمسجد، والبستان الصغير عامَّةً.  وفي البربرية البُسْتانيُّ: أنفجور.

في الدارجة الظُفارية الزُّلقوم: مقدمة الوجه البارزة للأمام وتُقال لوجه الإنسان أوالحيوان. وفي البربرية أشلقوم: مقدمة الوجه البارزة للأمام.

في الدارجة الظُفارية القُبُل: عصا ضخمة أو خشبة كبيرة تُستخدم في بناء أسقف البيوت، الجمع: قْبال، قِبِيْل. وفي البربرية أقبّال: العصا.

في الدارجة الظُفارية البَّرْك: الكُناسة، القمامة. وفي البربرية: أبركا: الوَسِخُ القَذِرُ.

في الدارجة الظُفارية قُمْصُوص: حشرة صغيرة جدًا ـ تُعَد صِنْفًا من البَقِّ ـ تتطفل على الماشية فتلصق بجسمها وتمتص دمها حتى تدمى، جمعها: قَمَاصِيص. وفي البربرية قمشيش:  صنف من البق يمتص الدم.

في الدارجة الظُفارية شَعْطُهْ: ضَرَبَه بالعصا (خاصَّة الخيزران ونحوه)، والضربة الواحدة يقال لها شَّعْطة، والشِعِيْط هو الضرب المبرح بالعصا، ونقول: يتشاعطون؛ بمعنى يضرب بعضهم بعضًا. وفي البربرية إشْحط: ضَرَبَهُ بعود الخيزران. 

في الدارجة الظُفارية اِمْتاس: ذابَ، يمتاس: يذوب. وفي البربرية إمسي: اِختلطَ، امتزج.

لقد اكتفيت بهذه الكلمات العَشْر بصفتها مثالًا على مدى تجذّر اللسان البربري في اللسان العربي المشرقي، وأختم المقال بالتنويه إلى أنَّ للباحث، بالإضافة إلى هذا المعجم، كتابين هما (ديوان شعر المقود ـ الموروث الشعري الزراعي في ظفار) و(الحياة الاجتماعية في ظفار)؛ وفيهما وَثَّقَ قِسْمًا مُعتبَرًا من التراث الزراعي والاجتماعي في البلاد، جعل الله كل ذلك في ميزان حسانته، ووفَّقه في مشواره العِلمي ـ المنصبِّ في الحفاظ على تراثنا الشعبي من الاندثار.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

بلدي ظفار يبحث تطوير المشروعات التنموية والخدمية بالمحافظة

عقد المجلس البلدي بمحافظة ظفار صباح اليوم، بقاعة الاجتماعات الرئيسية بمبنى المحافظة، اجتماعه الدوري السادس لهذا العام، برئاسة صاحب السمو السيد مروان بن تركي بن محمود آل سعيد، محافظ ظفار، رئيس المجلس.

وقدمت بلدية ظفار خلال الاجتماع عرضًا مرئيًا حول سير العمل في مشروع الحزام الأخضر، الذي يهدف إلى مكافحة التصحر، وتحسين جودة الهواء، وتعزيز الغطاء النباتي في مختلف ولايات محافظة ظفار.

وأوضح العرض أن المشروع يُعد أحد المبادرات البيئية الاستراتيجية التي تنفذها البلدية تدريجيًا، بدءًا من المناطق الحضرية والصناعية، ووفقًا للموارد المتاحة.

وقد تم حتى الآن إعداد أنظمة خاصة بالتشجير، إلى جانب تقييم قدرات المشاتل المحلية، والتنسيق مع الجهات المعنية لضمان توفير شبكة فعالة لاستخدام المياه المعالجة في ري المساحات الخضراء. كما يتضمن المشروع بُعدًا اقتصاديًا واجتماعيًا، يتيح مستقبلاً استغلال المساحات الخضراء في أنشطة مجتمعية وسياحية مستدامة، بما يسهم في تعزيز جودة الحياة والاقتصاد المحلي بالمحافظة، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وقد ناقش المجلس عددًا من الموضوعات التي خرجت بها اجتماعات اللجان الرئيسية مع الجهات المختصة، منها نتائج لقاء لجنة الشؤون القانونية لاستكمال مقترحات اللجنة للحد من تشغيل العمالة الوافدة في مكاتب سند للخدمات، وتعزيز التحول الرقمي والخدمات التي تقدمها، بالإضافة إلى مقترحات لجنة الشؤون الاجتماعية لتفعيل دور مجلس أمناء المساجد.

كما استعرض الاجتماع توصيات لجنة تنمية وتطوير المحافظة لتعزيز فرص الاستثمار في مختلف الأنشطة الصناعية والتجارية والخدمية في مدينة ريسوت الصناعية.

وتطرّق الاجتماع إلى جملة من الإفادات الواردة من الجهات المعنية، ومنها إفادة شركة نماء لخدمات المياه حول الجهود التي تتبعها للتأكد من جودة المياه، والالتزام التام بالمعايير والمقاييس المعتمدة لجودة المياه بمدارس الشريط الجبلي والبادية.

مقالات مشابهة

  • "تأمين السفر" من بنك ظفار.. مظلة أمان شاملة لرحلات أكثر مرونة
  • استعراض نماذج التعافي في فعالية حول أضرار المخدرات بصلالة
  • تنفيذ حزمة من مشروعات الطرق والأنفاق بمحافظة ظفار
  • "بلدي ظفار" يناقش تطوير المشروعات التنموية والخدمية
  • إتاحة خدمات "ظفار للتأمين" بـ"مراكز سند" لتلبية تطلعات المستفيدين وتعزيز جودة الخدمات
  • بلدي ظفار يبحث تطوير المشروعات التنموية والخدمية بالمحافظة
  • موسم خريف ظفار والتسويق المسؤول
  • ظفار.. جنة الخريف وأرض التباشير
  • بنك ظفار يُطلق أول أسطول كهربائي هجين يدعم الاستدامة البيئية
  • مواقع تخصصية ومصاحبة تقدم تجارب استثنائية للزوار