ظفار.. جنة الخريف وأرض التباشير
تاريخ النشر: 23rd, June 2025 GMT
سعيد بن بخيت غفرم
s.ghafarm@gmail.com
تتهيأ محافظة ظفار هذه الأيام لاستقبال موسم الخريف، الذي يحلُّ سنويًا في أواخر يونيو ويستمر حتى نهاية سبتمبر، وسط أجواء من الفرح والترقّب لهذا الفصل البهيج الذي تنفرد به ظفار عن سائر مناطق الجزيرة العربية.
ويمتاز موسم الخريف بزخات المطر المتواصلة، والنسمات العليلة، والضباب الذي يعانق قمم الجبال ويغمرها بالرذاذ، فتكتسي الأرض حلة خضراء ساحرة، تتحول معها الطبيعة إلى لوحة فنية بديعة تستحق بجدارة لقب "أرض التباشير"؛ في إشارة إلى بشائر الخيرات والنماء التي يحملها هذا الفصل سنويًا.
ولا يقتصر معنى "التباشير" على الجانب البيئي فحسب، بل يمتد ليشمل البُعد التراثي، حيث يُستخدم المصطلح أيضًا في وصف المجامر الظفارية، التي تفوح منها روائح اللبان والبخور، وتُزَيَّن أعلاها بزخارف مثلثية تُعرف بـ"التباشير"، مستوحاة من العمارة التقليدية التي تزيّن أسطح البيوت القديمة في ظفار، ولا تزال بارزة في المساجد والمباني والقبور التاريخية بالمحافظة.
يُجسّد شعار المحافظة "ظفار.. أرض التباشير" العمق الحضاري المستمد من تراث المنطقة وهويتها الثقافية العريقة، كما يعكس كرم أهل ظفار، وحفاوة استقبالهم، و"تباشير" الفرح التي تسبق قدوم الزوّار، وهي صفات أصيلة متجذرة في نفوس الأهالي، عرفها الأجداد ونقلوها عبر الأجيال، لتظل من أبرز ملامح الهوية الظفارية المتفردة.
وتحرص ظفار على المحافظة على تقاليدها الأصيلة في الضيافة والترحيب، مما يعكس القيم الاجتماعية والإنسانية الراسخة، ويجعلها مقصدًا متميزًا يجمع بين الأصالة والجمال الطبيعي.
ومع حلول الخريف، تنشط الحياة في مختلف أرجاء المحافظة؛ حيث يستقبله الأهالي بعادات وتقاليد متوارثة، تشمل ترديد الأغاني الشعبية، ورعي المواشي، وجني المحاصيل الموسمية، في أجواء احتفالية مميزة. كما تشهد الأسواق التقليدية حركة تجارية نشطة، تُعرض خلالها منتجات محلية متنوعة تشمل البخور، واللبان، والعطور، والثياب التقليدية، والمأكولات الشعبية، والفواكه الموسمية التي تزدهر في هذه الفترة.
ويمثل الموسم كذلك رافدًا اقتصاديًا وسياحيًا مهمًا، إذ تستقطب ظفار خلال هذه الفترة آلاف الزوار من داخل السلطنة وخارجها، مستفيدين من الأجواء المعتدلة والطبيعة الخلابة. كما يبرز مهرجان صلالة السياحي كأحد أبرز الفعاليات السنوية، التي تحتفي بالموروث الظفاري من خلال برامج ثقافية، وفنية، ورياضية، ودينية، تسهم في تعزيز الهوية الوطنية وتنشيط القطاع السياحي.
ويؤكد أهالي ظفار أهمية هذا الموسم، ليس فقط لكونه موسم خير ونماء، بل لأنه يمثل أيضًا فرصة سنوية لتجديد الروابط الاجتماعية، وإحياء الذاكرة الثقافية للمجتمع المحلي.
وفي الختام، تبقى ظفار جنة الخريف وأرض التباشير، محافظةً على أصالتها، ومتجددةً في عطائها، في فصل تتجدد فيه نسمات الخير، وألوان السعادة، وجمال الطبيعة عامًا بعد عام.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
بنك ظفار يُطلق أول أسطول كهربائي هجين يدعم الاستدامة البيئية
مسقط- الرؤية
أعلن بنك ظفار بدء تحويل أسطول مركباته إلى سيارات كهربائية هجينة؛ ليصبح أول بنك في عُمان يتبنى هذه المبادرة المستوحاة من مبادئ الاستدامة التي تؤكد ريادة البنك في مجال الابتكار البيئي؛ بما يتماشى مع أهداف رؤية "عُمان 2040".
وتتضمن المبادرة استبدال المركبات العاملة بالوقود بـ25 سيارة هجينة معروفة بكفاءتها العالية في استهلاك الوقود والانبعاثات منخفضة الكربون؛ حيث لا تتجاوز انبعاثات هذه المركبات 98 جرامًا من ثاني أكسيد الكربون لكل كيلومتر، مقارنةً بـ167 جرامًا كانت تصدرها المركبات السابقة؛ مما يعني تقليل الانبعاثات بنسبة 41% لكل مركبة.
ويتوقع بنك ظفار أن يُسهم هذا التحول في تفادي أكثر من 76,000 كيلوجرام من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويًّا؛ أي ما يُعادل الأثر البيئي لزراعة نحو 1,900 شجرة كل عام. وعلى مدى خمس سنوات، سيصل إجمالي الانخفاض إلى نحو 380,880 كيلوجرامًا من ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يعادل إزالة 83 سيارة تقليدية تعمل بالبنزين من الطرق لمدة عام كامل.
وقال عمار عسكري رئيس قسم تجربة الزبائن والاستدامة ببنك ظفار: "يعكس هذا التحول التزامنا بالريادة من خلال الفعل لا القول، فتقليص الانبعاثات بمقدار 76 طنًا سنويًا ليس مجرد تقليل للبصمة الكربونية، بل هو استثمار حقيقي في مستقبل سلطنة عُمان".
وأضاف: "كفاءة السيارات الهجينة تثبت أن الخيارات الصديقة للبيئة يمكن أن تعزز الأداء التشغيلي أيضًا، إنها خطوة سوف تنعكس إيجابا على البيئة وجميع أصحاب المصلحة".
وتأتي هذه المبادرة كجزء من الالتزام الاستراتيجي لبنك ظفار بالاستدامة، وهو التزام متأصل في جميع مستويات عملياته. وكما ورد في تقريره للاستدامة للعام 2024، قام البنك بترسيخ مبادئ الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية (ESG) في مختلف مستويات القيادة، لتصبح الاستدامة أولوية أساسية وليست مجرد مبادرة ثانوية.
ويُعد التحول إلى المركبات الكهربائية الهجينة أحدث سلسلة من المبادرات التي تهدف إلى دعم مساهمة بنك ظفار الفعالة في التحول نحو اقتصاد أخضر بحلول عام 2050؛ تماشيًا مع اتفاقية باريس للتغير المناخي.
ولا تقتصر جهود البنك على عملياته الداخلية فحسب، بل يواصل أيضًا الاستثمار في مشاريع التمويل الأخضر، وكفاءة الطاقة، والحفاظ على المياه، وتقليل النفايات، مؤكداً أن الأداء المصرفي المسؤول مجتمعيا ليس فقط ممكنا، بل ضروريا في المشهد المالي الحديث. كما تعزز هذه الخطوة الريادية مكانة البنك لدى الزبائن والمستثمرين الذين يزداد اهتمامهم بالممارسات الواعية بيئيًّا، وتُبقيه متقدمًا على أي لوائح محتملة مثل ضرائب الكربون أو قيود الانبعاثات.
ومن خلال هذه المبادرات، يرسخ بنك ظفار مكانته كمؤسسة مالية مستقبلية يقودها نهج الاستدامة، ويؤكد التزامه بتوفير قيمة طويلة الأجل لزبائنه ومساهميه والمجتمعات التي يخدمها.