لجريدة عمان:
2025-12-13@07:16:08 GMT

علوم اجتماعية في عالم فوضوي

تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT

بعد عقودٍ من تقويض العلوم الاجتماعية والإنسانية وفرص تطورها عبر المؤسسات الأكاديمية حول العالم، خرجت أصوات جديدة تنكر ما فُعل بحق العلوم الاجتماعية، لتلقي عليها تهم استخدام نماذج بسيطة لقراءة الواقع الكارثي الذي نمر به جميعًا، ولا عجب أن تكون محددات هذه الأطروحات أزمات عالمية أوروبية وأمريكية، تبدأ منذ الحادي عشر من سبتمبر والأزمة المالية في 2008، وصولًا إلى كورونا والحروب الحالية التي تُشعل فتيل الشعبويات، وتعيد الاعتبار للقومية في مفاهيمها المحدودة والمنطوية على عداء تجاه الآخر.

يكتب براين كلاسيس أستاذ العلوم السياسية العالمية في كلية لندن الجامعية والباحث في جامعة أكسفورد، عن هذه المسألة ويبدأ بالإشارة الضرورية لوصف العالم الذي نعيش فيه منذ القرن الواحد والعشرين بوجود صراع يصفه «بغير المجدي» لفرض أنظمة يقينية وعقلانية على كون فوضوي، فرغم أطنان من البيانات والنماذج، إلا أنها لم تفلح في توقع ما سيحدث، وقد اختلف في هذا مع كلاسيس؛ إذ إن العديد من الأطروحات السياسية والاجتماعية تنبأت بما سيحدث في عالم يحكمه رأس المال والقلة، إلا أن المناهج التي اعتمدتها تلك الأطروحات لم تحظَ بفرصتها للانتشار، ولا الاستثمار في تطويرها عبر المؤسسات المانحة، التي يتحكم بها القلة كما سبق وأن أشرت في مقالات عديدة لي، إلا أنني أتفق معه في استخدام مناهج عفا عليها الزمن في البحوث الاجتماعية، خصوصًا معنا في سلطنة عُمان، في الجامعات والكليات التي تدرس ظواهر اجتماعية وعلاقات معقدة عبر أدوات منهجية كمية، وباستخدام عينات غير علمية في أطروحات الماجستير والدكتوراه، وتصبح معها الظاهرة عبارة عن بيانات كمية فحسب، حتى وإن كان السياق يمنع قراءتها في ضوء هذا تمامًا.

كلاسيس يطرح أمثلة على الصدف والفوضى التي قادت إلى كوارث لن ينساها التاريخ البشري أبدًا، ويطرح أسئلة العلوم الاجتماعية المهمة: إذا كانت النماذج التي نستخدمها لوصف عالمنا الاجتماعي غير مفيدة وليست دقيقة، فهل هنالك طريقة أفضل لوصفه والتنبؤ به؟ وهل ينبغي على العلوم الاجتماعية أن تبحث في «الأنماط المنتظمة» لفهم تعقيد حياة غير عقلانية ومدوخة؟ وكيف يمكن أن تتعلم العلوم الاجتماعية التنقل في فوضى عوالمنا كما نعيشها حقًا؟

تكمن المشكلة الأساسية في تبني هذه المنهجية في التفكير أن خروجنا في العلوم الاجتماعية عن الأطر المرسومة والنظريات الراسخة يعني بالضرورة تسليمنا لعالم جامح ولا مفر من ألاعيبه غير المتوقعة والعشوائية، وكلاسيس يحاول أن يقنعنا بأن العلوم الطبيعية كانت بمثابة استبصار إلهي وسّع من قدرتنا على التنبؤ والنظر لحياتنا في اللحظة الحاضرة بإشراق، على عكس البحوث الاجتماعية التي تمتلك قوة تنبؤية ضعيفة، ويقترح أن يتم ابتكار نماذج تعتمد على هذه العلوم، لا تتعامل مع المعطيات بخطية وكأنها معطيات محسومة ومستقرة، بالتأكيد لا يتحدث كلاسيس عن نتائج العلوم التطبيقية المباشرة بسذاجة، بل عن الطرق المشككة، والرصد داخل مختبرات منفتحة على قراءات لا تنطلق من فرضيات بل من جاهزية واستعداد خاصين للكشف عن شيء ما، وليس هذا فحسب؛ بل ينبغي التفكير في التطور داخل حقول هذه العلوم نفسها، وكيف أن ما بدا حقيقيًا ومسلمًا به في لحظة ما، لم يعد كذلك بعد بعض الوقت، ترى، ما الذي يجعل الإنسان داخل المختبرات أكثر انفتاحًا على رؤية خطأ قاعدة ما؟ هل نحتاج حقًا مع كل ما يحدث من حولنا للمس المادة؛ لرؤيتها تنتفخ أمامنا حتى نقر بحقيقتها؟ ألا تنتفخ جثث الناس من الحروب أمام أعيننا بدورها؟ أم أن هذه المادة لا يُفكر بها بالأهمية نفسها؟

هل يعني ذلك بالضرورة أن العلم غير تراكمي أيضًا، كما يخشى أساتذة العلوم الاجتماعية التقليديون، وينكر تاريخًا طويلًا للتحقق من نظريات اجتماعية مُجرّبة؟ ربما على أساتذتنا أن يعيدوا النظر في السياقات التي اختُبرت فيها تلك النظريات، وأنها قادمة من الغرب أيضًا، وأن يتجرؤوا على تحديها.عندما كنت طالبة ماجستير في قسم الإعلام بجامعة السلطان قابوس، تعلمت نظريات الإعلام نفسها التي درستها في البكالوريوس بالمناسبة، وكان لزامًا عليّ أن أقرر موضوع الأطروحة بما يتماشى مع نظرية ما، للتحقُّق في صدقية البحث الذي أجريته، لقد كان هذا بالنسبة لي كابوسًا محققًا، بداية من ضرورة الربط، وصولًا إلى هذا التحنيط المستمر للنظريات الاجتماعية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: العلوم الاجتماعیة

إقرأ أيضاً:

«العلوم الصحية» تدعو أعضاءها للمشاركة في مؤتمر الأشعة بوزارة الصحة..

دعت النقابة العامة للعلوم الصحية، أعضاءها، للمشاركة الفاعلة في مؤتمر وزارة الصحة والسكان، ممثلة في الإدارة العامة للأشعة، في الفترة بين 17 و 20 ديسمبر بأحد فنادق القاهرة، وذلك في إطار خطط النقابة لتعزيز دور كوادر العلوم الصحية، داخل المنظومات الصحية المصرية والعربية والعالمية، وخاصة العاملين في تخصص الأشعة.

وفى إطار الاستعدادات لمؤتمر الإدارة العامة للأشعة، عقدت النقابة العامة العلوم الصحية، اجتماعات موسعة مع المتحدثين فى المؤتمر من أبناء المهنة، حيث يحاضر أبناء العلوم الصحية فى المؤتمر عن أحدث التقنيات والذكاء الاصطناعي فى مجال الأشعة والتصوير الطبي.

وقال أحمد السيد الدبيكي، النقيب العام للعلوم الصحية، إن مشاركة النقابة في هذا المؤتمر تعكس التزامها الاستراتيجي بدعم وتأهيل أبنائها من العاملين في مجال الأشعة، وتزويدهم بأحدث المهارات والممارسات العالمية، بما يضمن تقديم خدمات صحية متطورة تعتمد على التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي، وتواكب المعايير الدولية المعتمدة في الفحوصات الطبية.

وأشار الدبيكي إلى أن كوادر العلوم الصحية، وخاصة فنيي وأخصائيي الأشعة، يمثلون ركيزة محورية في منظومة التشخيص والعلاج، وأن رفع كفاءتهم العلمية والعملية أصبح ضرورة وطنية.

مؤكداً أن النقابة وضعت خطة تدريبية متكاملة، لها 4 أهداف، وهي:

1- تعزيز مهارات التصوير الطبي بمختلف تقنياته "الأشعة السينية، الرنين، المقطعية".

2- تطوير قدرات العاملين على استخدام الذكاء الاصطناعي، في تحليل الصور وبياناتها لدعم قرار التشخيص.

3- التدريب على الأجهزة الحديثة وأنظمة العمل الرقمية في أقسام الأشعة، وفقاً لأحدث البروتوكولات.

4- مساندة الكوادر الشابة وتوفير برامج دراسية متخصصة وشهادات مهنية معتمدة.

وأضاف الدبيكي، أن النقابة تعمل على توسيع شراكاتها مع الوزارات الهيئات الأكاديمية والمنظمات الدولية، لضمان تطبيق أحدث معايير التدريب والتعليم المستمر، مشيداً بالدور الذي يلعبه مؤتمر الإدارة العامة للأشعة، باعتباره منصة مهمة لتبادل الخبرات، وعرض التقدم العلمي والتكنولوجي الذي يشهده مجال الأشعة حول العالم.

وأكد الدبيكي على أن كوادر العلوم الصحية، تستحق كل أشكال الدعم، وأن النقابة تسعى إلى تمكينهم من أداء دورهم الحيوي داخل القطاع الصحي، خاصة في ظل التطور السريع للتقنيات الطبية، مشيراً إلى أن الاستثمار في تأهيل المتخصصين بالأشعة، هو استثمار مباشر في التنمية البشرية، وينعكس مباشرة على جودة الخدمة الصحية وسلامة المرضى.

وأكد نقيب العلوم الصحية، على أن النقابة ستواصل العمل لتعظيم دور أبنائها من خلال التدريب، وإتاحة فرص تطوير متقدمة، بما يضمن مواكبة التطورات العالمية، ويضعهم على خريطة التميز المهني محليا وإقليميا ودوليا.

اقرأ أيضاًجولات انتخابيه ناجحه لقائمة أحمد الأحمر في انتخابات النصر

ضبط شخص يوجه الناخبين للتصويت لصالح مرشح بالطالبية

مقالات مشابهة

  • لعبة Hogwarts Legacy المستوحاة من هاري بوتر تصدر مجاناً
  • "تحيا مصر" يطلق قافلة حماية اجتماعية تستهدف 20 ألف أسرة في "بشاير الخير"
  • صندوق تحيا مصر يطلق قافلة حماية اجتماعية تستهدف 20 ألف أسرة | صور
  • تحيا مصر يطلق قافلة حماية اجتماعية تستهدف 20 ألف أسرة في «بشاير الخير»
  • من داخل عالم النمل الأبيض.. باحث مصري يقترب من حل يجمع بين تنقية المياه وإنتاج الوقود الحيوي
  • أدوبي تدخل عالم ChatGPT بأدوات تحرير مدهشة
  • «العلوم الصحية» تدعو أعضاءها للمشاركة في مؤتمر الأشعة بوزارة الصحة..
  • رئيس الوزراء يفتتح اليوم الجمعية العامة للشراكة بين الأكاديميات اليوم
  • المُنتخب الاردني والتغيرات النفس اجتماعية في مجتمعنا الاردني الشاب..
  • إنجاز علمي جديد في جامعة القاهرة لعلاج الفيبروميالجيا