تصريحات قوية للحكومة الشرعية تهدد باستخدام القوة وانتزاع ميناء الحديدة من سيطرة الحوثيين
تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT
حذرت الحكومة اليمنية من إستمرار ميليشيا الحوثي الإرهابية في مسارها التصعيدي الذي يفاقم من المعاناة الإنسانية، وينذر بانهيار الأوضاع الاقتصادية ويتعارض مع جهود ودعوات التهدئة.
وقالت في بيانها إلى الجلسة المفتوحة لمجلس الأمن الدولي حول اليمن، اليوم في مدينة نيويورك الأمريكية، والذي القاه مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير عبدالله علي السعدي، أن فرض هذه الميليشيات جبايات مضاعفة على حركة السلع والبضائع في المنافذ الرابطة بين المناطق المحررة والمناطق الخاضعة لسيطرتها، خطوة تصعيدية جديدة تندرج ضمن الحرب الاقتصادية المعلنة التي تشنها على الحكومة اليمنية والشعب اليمني.
وأكدت الحكومة أنها لن تقف مكتوفة الايدي امام هذا التصعيد الخطير وستضطر لإعادة النظر في التسهيلات المتصلة بتشغيل ميناء الحديدة واتخاذ الإجراءات والتدابير التي تحفظ مصالح ومقدرات الشعب اليمني.
ودعت مجلس الامن والمجتمع الدولي لإعادة النظر في التعامل والتعاطي مع سلوك الميليشيات الحوثية وممارسة ضغوط حقيقية عليها للانخراط بجدية في جهود التهدئة وإحلال السلام.
اقرأ أيضاً بعد عودتها إلى عدن.. جماعة الحوثي تهدد باستهداف الحكومة الشرعية عسكريا وتفجير الوضع في المحافظات المحررة أول تعليق لجماعة الحوثي على وصف وزير خارجية الشرعية السابق ”خالد اليماني” لثورة 26 سبتمبر بالانقلاب المرتبات تشعل خلافات داخل ميليشيات الحوثي محلل عسكري يدعو لثورة تصحيح عاجلة في الشرعية بعد وقوع مسؤولين في شراك ‘‘أفعال مخلة’’ تصريحات صادمة لوزير خارجية الشرعية الأسبق ”خالد اليماني” تصف ثورة 26 سبتمبر بـ”الانقلاب الذي فتح أبواب جهنم لليمنيين” برلماني مقرب من طارق صالح يكشف عن سبب تعطيل مجلس نواب الشرعية ويثني على برلمان صنعاء من سينفذ الضربة الاستباقية الوقائية..السعودية أم المليشيا؟ وصلنا إلى طريق مسدود .. الشرعية تعلن فشل المفاوصات مع مليشيا الحوثي بعد وضع شروط جديدة لم تعد السعودية من تمنع.. محمد الحوثي يفجر مفاجأة: الشرعية وافقت على صرف المرتبات لكن رفضنا ”شفقة بالإصلاح”! الشرعية تحجب الدعم الأمريكي عن القوات الجنوبية! خلال خطبتي الجمعة .. خطباء جماعة الحوثي يحملون النساء المتبرجات مسؤولية فقر ازواجهن ويحملون الشرعية مسؤولية نهب المرتبات !! خبير عسكري يكشف عن دولتين أوقفت معارك الشرعية على تخوم صنعاء وأعادت الجيش من أبواب إب والحديدةكما دعت إلى "دفع هذه الميليشيات للوفاء بالتزاماتها وفي مقدمتها رفع الحصار الجائر على مدينة تعز والمدن الأخرى، وتسهيل التدفق السلس ودون عوائق للأفراد والسلع الأساسية وإطلاق سراح الاسرى والمعتقلين وفق مبدأ الكل مقابل الكل، والضغط على المليشيا لوقف الحرب الاقتصادية الممنهجة، والتي تُهدد بنسف فرص السلام، وجر الاوضاع لمزيد من التعقيد".
وجدد السفير السعدي التأكيد على إلتزام مجلس القيادة الرئاسي الكامل بنهج وخيار السلام العادل والشامل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وعلى رأسها القرار 2216، ودعم الحكومة للمساعي الحميدة للمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، ولكل الجهود الإقليمية والدولية الرامية الى إحياء الهدنة واستعادة مسار العملية السياسية الشاملة.
وقال "لطالما رحبت الحكومة اليمنية، والتزمت، بكافة المبادرات الإقليمية و الدولية الرامية الى انهاء الحرب التي شنتها الميليشيات الحوثية الإرهابية، وبما يكفل رفع المعاناة عن شعبنا اليمني وتحقيق تطلعاته لإحلال السلام".
وأضاف: "ورغم كل التنازلات والتسهيلات التي قدمتها وتقدمها الحكومة اليمنية، ورغم استمرار الجهود المبذولة لطي صفحة الصراع، الا ان تجاربنا الكثيرة مع هذه الميليشيات وسلوكها العدائي المستمر وحربها الاقتصادية اللاإنسانية في ظل جهود التهدئة، يثبت للعالم وبالدليل القاطع ان هذه الميليشيات لا تمتلك للأسف الرغبة الجادة لتحقيق السلام ولا تعترف بالحلول السياسية، ولا تكترث بالأوضاع الإنسانية والاقتصادية الكارثية في البلاد".
وأوضح: "حيث دأبت هذه الميليشيات منذ انتهاء الهدنة رسمياً في أكتوبر العام الماضي على التصعيد عسكرياً واقتصادياً من خلال استهداف الموانئ النفطية والمنشآت الاقتصادية الحيوية والاستراتيجية، وتواصل انتهاكاتها الجسيمة لحقوق الانسان والقانون الدولي الإنساني ومساومتها بمصالح الشعب اليمني ومكتسباته الوطنية".
واشار إلى أن الميليشيات الحوثية صعدت مؤخرا تهديداتها باستهداف خطوط الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن واعتبارها مناطق عسكرية والتلويح باختبار أسلحة جديدة في الجزر اليمنية واستهداف السفن التجارية وناقلات النفط في ممرات التجارة العالمية، مما يؤكد من جديد سعي هذه الميليشيات ومن خلفها النظام الإيراني الى زعزعة الامن والاستقرار في المنطقة وتهديد خطوط الملاحة الدولية وامن الطاقة العالمي وعصب الاقتصاد العالمي وتقويض جهود التهدئة وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية.
وأضاف أن هذا الامر يستدعي من مجلس الأمن والمجتمع الدولي في سياق سعيه لإحلال السلام، التأمل في السلوك الانتهازي الذي تنتهجه الميليشيا الحوثية في تعاطيها مع جهود السلام وتعنتها المتواصل، موضحاً أن جميع الشواهد تؤكد على أن الحوثيين وقياداتهم يقتاتون على الحرب ويراكمون الثروات في الوقت الذي تتضاعف فيه معاناة الشعب اليمني الإنسانية والمعيشية وهو الأمر الذي يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار من قبل الفاعلين في هذا المجلس و المجتمع الدولي والداعمين لجهود تحقيق السلام في اليمن.
ولفت السفير السعدي إلى إستخدام الميليشيات الحوثية القضاء كأداة لتصفية حساباتها مع مناهضي مشروعها الإنقلابي وتكميم الافواه وقمع حرية الرأي والتعبير في المناطق الخاضعة لسيطرتها، ونهب ومصادرة أموال المواطنين وممتلكاتهم، وشرعنة ممارساتها الاجرامية بحق اليمنيين، مبيناً أن آخرها كان فرض الميليشيات الحوثية معايير ذات طابع طائفي للالتحاق بالمعهد العالي للقضاء تهدف من خلالها لملشنة الاجهزة القضائية وإحلال المئات من عناصرها محل كوادر السلطة القضائية ضمن مخططها لتجريف مؤسسات الدولة وتسخيرها لخدمة أنشطتها وممارساتها الانقلابية.
وأضاف أن الميليشيات في سياق مشابه قامت بفرض المزيد من الإجراءات والقيود المشددة لتضييق الخناق على النساء اليمنيات في مناطق سيطرتها، وتقييد حركتهن وحرمانهن من أبسط حقوقهن الأساسية، موضحاً أنه بعد أن منعت تنقل النساء وسفرهن بين المدن والمحافظات وإلى خارج البلاد دون محرم، قامت المليشيات مؤخراً بالفصل بين الجنسين في المرافق التعليمية والمؤسسات الحكومية وحرمان المرأة من حقها في التعليم الجيد ومزاولة العمل خارج المنزل والمشاركة السياسية والاجتماعية والإسهام في بناء وتنوير المجتمع وفرض القيود على الحريات العامة وأخرها فرض الاجراءات التعسفية بحق الفتيات الملتحقات بالتعليم الاكاديمي في خطوة تهدد السلم الاجتماعي وقيم التعايش والتسامح التي عاشها اليمنيين على مر العصور .
وأشار السفير السعدي إلى إستمرار الميليشيات فرض الحصار الجائر على مدينة تعز وإغلاق الطرق والمعابر في ظل صمت المجتمع الدولي على حصار الملايين من المدنيين في هذه المدنية ذات الكثافة السكانية، وكذا إستمرارها في زراعة الالاف من الألغام والمتفجرات بطرق عشوائية في المزارع والطرق ومداخل المدن.
ودعا في هذا الصدد الأمم المتحدة ممثلة ببرنامج الأمم المتحدة الانمائي إلى مواصلة تقديم الدعم للبرنامج الوطني للتعامل مع الألغام من أجل استمرارية أنشطة تطهير ونزع الألغام وضمان إنقاذ حياة الالاف من المدنيين ومنهم النساء والاطفال.
وعبر السفير السعدي عن تثمين الحكومة عالياً الدعم السياسي والاقتصادي والإنمائي المتواصل الذي يقدمه الأشقاء في المملكة العربية السعودية تنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده صاحب السمو الملكي محمد بن سلمان رئيس مجلس الوزراء كترجمة لعمق ومتانة وخصوصية العلاقات الاستثنائية التي تجمع البلدين والشعبين الشقيقين، واخر هذا الدعم اعلان المملكة تقديم دعم اقتصادي سخي لليمن بمبلغ 1.2مليار دولار لدعم مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية للمساعدة في معالجة العجز في الموازنة العامة واسناد جهود الحكومة في تنفيذ جملة من الاصلاحات الاقتصادية والمالية والنقدية وتمكينها من القيام بمسؤولياتها في استقرار الاوضاع الخدمية والامن الغذائي واستقرار العملة الوطنية.
وأضاف "ترحب الحكومة اليمنية بنجاح جهود الأمم المتحدة والتي توجت بالإعلان عن استكمال عملية تفريغ النفط من خزان الناقلة المتهالكة صافر وتفادي وقوع كارثة بيئية واقتصادية وإنسانية تهدد الامن البحري والاقتصاد العالمي في البحر الأحمر، وفي هذا الصدد نثمّن جهود الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريش والمنسق المقيم للأمم المتحدة في اليمن السيد ديفيد جريسلي وفريقه وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والذين عملوا على تسخير كافة الجهود لمعالجة هذه المشكلة ولم تتردد الحكومة اليمنية في تقديم كل التسهيلات وابدأ المرونة المتناهية لمساندة تنفيذ خطة الانقاذ ولولا هذا الدعم والتعاون الحكومي ما كان لهذا الامر أن يتحقق، وننوه بالدعم المالي السخي من الدول الشقيقة والصديقة والقطاع الخاص لتفادي هذه الكارثة البيئية".
وأكد في ختام البيان أن فرص إنهاء الصراع أصحبت متاحة اليوم، وتتطلب قبل كل شي الإرادة الحقيقية لإنهاء الحرب وإحلال السلام والقبول بالرأي الآخر والتخلي عن مفهوم الحق الإلهي في الحكم والانفراد بالسلطة تظافر وتكامل الجهود الإقليمية والدولية لحل الازمة اليمنية والعودة للعملية السياسية. بحسب وكالة سبأ.
المصدر: المشهد اليمني
كلمات دلالية: المیلیشیات الحوثیة الحکومة الیمنیة هذه المیلیشیات الأمم المتحدة
إقرأ أيضاً:
توسع الانتقالي الجنوبي وتماسك الحوثيين وتراجع الحكومة.. هل يعود اليمن إلى مشهد ما قبل 1990؟
يجد اليمن نفسه اليوم بين خارطتي نفوذ متباينتين، شمال تحكمه جماعة أنصار الله "الحوثيين" وجنوب يوسّع فيه المجلس الانتقالي سيطرته، فيما تتلاشى فعالية الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا. ومع استمرار التباينات الإقليمية وتعثر المسار السياسي، يظل السؤال مفتوحًا: هل تتجه البلاد فعلًا نحو تقسيم جديد؟
أعاد التقدم العسكري الذي حققه المجلس الانتقالي الجنوبي مطلع كانون الأول/ديسمبر 2025 في محافظتي حضرموت والمهرة، بما في ذلك حقول نفطية واسعة قرب الحدود السعودية، فتح النقاش مجددًا حول مستقبل اليمن ووحدته بعد أكثر من ثلاثة عقود من إعلان الدولة الموحدة.
لقد جاءت السيطرة ضمن عملية عسكرية واسعة تحمل اسم "المستقبل الواعد"، لتكشف حجم الانقسام داخل المعسكر المناهض للحوثيين، وتعيد السؤال القديم إلى الواجهة: هل يتجه اليمن إلى العودة لما قبل وحدة 1990 بين شمال وجنوب؟
المشهد تصاعد سريعًا حينما تحدث مسؤول حكومي عن إغلاق المجال الجوي اليمني لساعات، في خطوة فسّرها كثيرون بأنها رسالة سياسية مباشرة من الرياض تجاه التمدد المتسارع للمجلس الانتقالي في المناطق النفطية. وتزامنت هذه التطورات مع مؤشرات على انسحاب قوات سعودية من مواقع حساسة مثل جزيرة بريم في باب المندب والقصر الرئاسي في عدن، في وقت توسّع فيه نفوذ الانتقالي على الأرض بشكل غير مسبوق.
منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء في أيلول/سبتمبر 2014، تحولت الحرب تدريجيًا من مواجهة بين الحكومة اليمنية والجماعة المدعومة من إيران إلى شبكة معقدة من الصراعات المحلية والإقليمية. الحكومة المعترف بها دوليًا تراجعت إلى حضور رمزي محدود، وفقدت قدرتها على إدارة المحافظات الجنوبية التي أصبحت مسرحًا لصراع نفوذ بين أبوظبي والرياض، بينما تواصل جماعة أنصار الله "الحوثيين" ترسيخ حكمها في صنعاء والمناطق الشمالية.
في السنوات الأخيرة، أصبحت عدن نفسها، وهي المدينة التي اتخذتها الحكومة عاصمة مؤقتة، عاجزة عن احتضان مؤسسات الدولة، بعدما غادر رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي ورئيس الوزراء أكثر من مرة تحت ضغط التطورات الأمنية وتوسع نفوذ المجلس الانتقالي. وتزامن ذلك مع إعادة تشكيل البنية العسكرية والأمنية في الجنوب لمصلحة قوات محلية مدعومة من الإمارات، وهو ما ساهم في انهيار المعسكر المناهض للحوثيين وتحوّله إلى كيانات متنافرة ومتصارعة.
Related رحلة العودة تنتهي بمأساة: مصرع 30 شخصاً في حادث سير مروّع جنوب اليمن من اليمن إلى إيلات.. مسيّرات الحوثيين تحرج أنظمة إسرائيل المتقدمةتقرير أممي: اليمن من بين أسوأ الدول في انعدام الأمن الغذائي نفوذ إماراتي متصاعد ورؤية سعودية متناقضةمع مرور السنوات، ظهر بوضوح أن التحالف العربي الذي انطلق عام 2015 لم يعد موحدًا في الرؤية والأهداف. الإمارات انخرطت في مشروع طويل الأمد يقوم على بناء قوة محلية جنوبية قادرة على التحكم بالموانئ والممرات البحرية الاستراتيجية، بما في ذلك خليج عدن وساحل حضرموت وسقطرى. وأنشأت أبوظبي شبكات أمنية وعسكرية غير تابعة للحكومة اليمنية، وشكلت وحدات "الحزام الأمني" والنخب العسكرية في شبوة وحضرموت، إضافة إلى منظومة إعلامية ومؤسسات موازية.
على الجانب الآخر، حافظت السعودية على موقفها التقليدي الداعي إلى الحفاظ على وحدة اليمن، لأنها ترى في قيام دولة حوثية على حدودها تهديدًا مباشرًا لأمنها. سعت الرياض إلى دعم الحكومة الشرعية وتمويل المؤسسة العسكرية الرسمية، لكنها اصطدمت بتآكل نفوذها الميداني في الجنوب وبالتوسع المتسارع للمجلس الانتقالي الذي يحظى بدعم إماراتي سياسي وعسكري واقتصادي.
العلاقة بين الرياض وأبوظبي، رغم أنها ظهرت محكمة في بداية الحرب، كشفت لاحقًا عن تناقض عميق. فقد عملت الإمارات على بناء نفوذ مستقل لا يخضع لاستراتيجيات السعودية، بينما تعاملت الرياض مع الحكومة الشرعية باعتبارها الأداة الوحيدة للحفاظ على وحدة الدولة. ومع كل توسع للمجلس الانتقالي، تراجع حضور القوى السياسية والعسكرية القريبة من السعودية، وازدادت احتمالات تشكل واقع سياسي جديد لا يشبه ما كان قائمًا منذ 2015.
في الشمال، واصلت جماعة أنصار الله "الحوثيين" تثبيت سلطتها كمركز سياسي وعسكري مستقر. وبعد الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ في 2022، استفاد الحوثيون من حالة التفكك داخل الجنوب ومن تراجع زخم العمليات العسكرية للتحالف. وأظهرت الجماعة قدرتها على تطوير أسلحة ومسيرات متقدمة بدعم مباشر من إيران، إضافة إلى قدرتها على استهداف منشآت سعودية حساسة كما حدث في هجمات 2019 على منشآت أرامكو.
إيران بدورها تعاملت مع الحوثيين بوصفهم ورقة استراتيجية فعّالة تمنحها نفوذًا مباشرًا في خاصرة الخليج. ومقارنة بتدخلاتها المكلفة في دول أخرى، مثل سوريا والعراق، بدا النفوذ الإيراني في اليمن أقل تكلفة وأعلى مردودًا من حيث الضغط على السعودية.
مع نهاية عام 2025، يبدو اليمن دولة قائمة بالاسم فقط. السيطرة الفعلية موزعة بين ثلاث قوى رئيسية. الحوثيون يهيمنون على صنعاء ومعظم الشمال، ولديهم مؤسسات كاملة للحكم، من المالية إلى الأمن. المجلس الانتقالي يسيطر على عدن ومعظم المحافظات الجنوبية والشرقية، ويمتلك جيشًا منظمًا ومؤسسات إعلامية وإدارية تعمل كسلطة مستقلة. أما الحكومة الشرعية، فوجودها الفعلي تراجع إلى حد كبير، ولم يعد يتجاوز حضورًا سياسيًا مرتبطًا بتحالفاتها مع الرياض.
هذه الخريطة لا تختلف كثيرًا عن توصيفات مبكرة منذ عام 2016 تحدثت عن "تقسيم بحكم الأمر الواقع". غير أن التطورات الأخيرة جعلت هذا التقسيم أكثر رسوخًا، بعدما تحولت عدن والمناطق المحيطة بها إلى مركز حكم مستقل، مقابل كيان حوثي متماسك في الشمال.
السيناريوهات المحتملة: بين تقسيم رسمي أو استمرار الجمودتشير تحليلات دولية حديثة، بما فيها دراسة للمعهد الإيطالي للعلاقات الدولية في تموز/يوليو 2025، إلى أن الأزمة اليمنية أمام أربعة سيناريوهات. الاحتمال الأول يقوم على تسوية شاملة تشارك فيها الحكومة والمجلس الانتقالي والحوثيون، تؤدي في نهاية المطاف إلى استقلال الجنوب بشكل رسمي.
الاحتمال الثاني يتجه نحو تقسيم متفق عليه بين الأطراف، بحيث يقوم كيانان أحدهما شمالي بيد الحوثيين والآخر جنوبي بقيادة المجلس الانتقالي وقوى مقربة من الرياض.
أما الاحتمال الثالث فهو استمرار الوضع القائم، حيث لا حرب شاملة ولا سلام دائم، مع خريطة نفوذ مجزأة وهدنة هشة قابلة للانهيار في أي وقت.
وبالنسبة للاحتمال الرابع فهو العودة إلى حرب كبرى إذا أعلن المجلس الانتقالي الانفصال من جانب واحد أو حاول الحوثيون التقدم نحو عدن.
مع ذلك، تبدو الدراسة متفقة على أن السيناريو الأكثر ترجيحًا هو استمرار الجمود، لأن الأطراف المحلية والإقليمية لا تظهر استعدادًا حقيقيًا لتسوية شاملة، ولأن مصالحها المتناقضة تجعل أي اتفاق مستقر أمرًا صعبًا.
يقترب اليمن من مرحلة مفصلية تتراجع فيها سلطة الدولة المركزية لصالح قوى محلية تمتلك السلاح والموارد وتفرض وقائع جديدة على الأرض. في الشمال، يرسّخ الحوثيون مؤسسات حكم كاملة تحت سيطرتهم. وفي الجنوب، يوسّع المجلس الانتقالي نفوذه السياسي والعسكري بدعم إماراتي مباشر، ما يمنحه قدرة شبه كاملة على إدارة المحافظات الجنوبية. في المقابل، يتراجع حضور الحكومة المعترف بها دوليًا ويكاد يختفي نفوذها الفعلي.
هذا التفكك الداخلي يتقاطع مع تناقضات إقليمية حادّة: السعودية التي تفضّل يمنًا موحدًا يضمن استقرار حدودها، والإمارات التي تدعم مشروعًا جنوبيًا منفصلًا وتُحكم قبضتها على الموانئ والمواقع الاستراتيجية، فيما تعزز إيران حضورها في صنعاء من خلال دعم الحوثيين. ونتيجة لذلك، يتشكل واقع جديد يقوم على انقسام فعلي بين شمال وجنوب، مع مؤسسات وجيوش وإدارات منفصلة.
لكن في ظل هذه الخارطة المتغيرة، ومع غياب أي مسار سياسي جامع أو تفاهم إقليمي ثابت، يبقى السؤال مفتوحًا: هل يمهّد هذا الواقع المتشظي الطريق لتقسيم رسمي يعيد اليمن إلى ما قبل 1990؟
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة