صحيفة أمريكية: جماعة الحوثي في اليمن ستشكل تحديا مبكرا لترامب (ترجمة خاصة)
تاريخ النشر: 30th, November 2024 GMT
قالت صحيفة أمريكية إن جماعة الحوثي في اليمن ستشكل تحديا مبكرا للرئيس دونالد ترامب خاصة بعد ورود تقارير تفيد انضمام وتحالف روسيا مع إيران في دعم الجماعة التي تهاجم سفن الشحن الدولية والسفن الحربية الغربية في البحر الأحمر منذ نحو عام.
وذكرت صحيفة "نيويورك صن" في تقرير لها ترجم أبرز مضمونه إلى العربية "الموقع بوست" إن روسيا تنضم إلى إيران في دعم الحوثيين، الذين يبرزون كلاعب رئيسي في التحالف المناهض لأميركا في الشرق الأوسط.
وأضافت "مع إعاقة أقوى جيش بالوكالة لإيران، حزب الله، فإن الحوثيين في اليمن ــ بمساعدة طهران وموسكو الآن أيضا ــ يبرزون كخطر متزايد على مصالح أميركا. ومن المؤكد أن المجموعة ستشكل تحديا مبكرا للرئيس المنتخب ترامب".
وتابعت "قد يكون الحوثيون مجرد ترس في تحالف متنامٍ مناهض لأميركا، ولكن مع قيام روسيا بتجنيد مرتزقة يمنيين للقتال في أوكرانيا، فمن المقرر أن تتلقى المجموعة اليمنية أسلحة جديدة ومتطورة قادرة على إحداث الفوضى في اقتصادات أوروبا وأميركا".
وأردفت الصحيفة الأمريكية "بدعم من إيران وروسيا، يمكن أن يصبح شل حركة التجارة في البحر الأحمر، وهو طريق شحن رئيسي، سلاحا قويا لتحالف متنامٍ عازم على إضعاف واستبدال القيادة العالمية لأميركا".
وأكدت أن تكثيف العلاقات بين أجزاء من هذا التحالف قد يتطلب اتخاذ إجراءات حاسمة في أماكن أخرى، من أجل ردع أجزاء أخرى من المحور.
ونقلت الصحيفة عن إنبال نيسيم لوفتون، وهي مراقب لليمن في الجامعة المفتوحة في إسرائيل، قولها إن مساعدة روسيا للحوثيين "معظمها استخباراتية، لكنني أفترض أنها تشمل محادثات حول الأسلحة أيضًا".
وتضيف أنه نظرًا لأن إيران ستستثمر الآن في إعادة بناء حزب الله، فقد ترغب في المشاركة في الصفقة الروسية الحوثية.
وقال مايك والتز، مرشح ترامب لمنصب مستشار الأمن القومي، لشبكة سي إن بي سي هذا الأسبوع إن الشرق الأوسط "عنصر أساسي لحل الصراع بين روسيا وأوكرانيا".
وأضاف والتز أن تجديد سياسة ترامب "للضغط الأقصى" على إيران "لن يساعد فقط في استقرار الشرق الأوسط، بل سيساعد أيضًا في استقرار مسرح روسيا وأوكرانيا، حيث توفر إيران صواريخ باليستية وآلاف وآلاف الطائرات بدون طيار التي تذهب إلى هذا المسرح".
وحسب الصحيفة فإنه عندما وافق حزب الله على وقف إطلاق النار هذا الأسبوع، تخلى عن مطلبه السابق بوقف القتال فقط بعد فوز حماس. لكن الأمر ليس كذلك بالنسبة للحوثيين.
تضيف "في العقد الماضي، حولت إيران جماعة إرهابية يمنية متناثرة إلى جيش مسلح ومدرب تدريبا جيدا، يقاتل المملكة العربية السعودية نيابة عن طهران. والآن، بينما تقوم روسيا بتجنيد مرتزقة يمنيين للقتال في أوكرانيا، تخطط موسكو أيضا لتحديث أنظمة أسلحة الحوثيين، بما في ذلك الصواريخ المضادة للسفن المتطورة.
وزادت "حتى الآن، كانت أمريكا وحلفاؤها غير فعالين في مواجهة هجوم الحوثيين على حرية الملاحة العالمية. قال رئيس الوزراء نتنياهو يوم الثلاثاء إن إسرائيل "هاجمت ميناء الحديدة بقوة"، في حين أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة "لم يفعل ذلك حتى يومنا هذا".
كما نقلت الصحيفة عن مدير السياسات في منظمة "متحدون ضد إيران النووية"، جيسون برودسكي، قوله "إن الحوثيين سوف يصبحون أكثر أهمية داخل محور المقاومة الإيراني بعد خسائر حزب الله. إنهم هدف جدير بأميركا، وهم أيضاً هدف أسهل من روسيا وأوكرانيا على سبيل المثال".
ويقول برودسكي إن واشنطن تحتاج أيضا إلى "البدء في استهداف الرماة في إيران، وليس فقط السهام في اليمن"، مضيفا أن ترويض الحوثيين يمكن أن يكون بمثابة إشارة عالمية قوية: "إذا كنا مترددين في مواجهة إيران والحوثيين، فماذا يقول هذا عن استعدادنا للدفاع عن مصالحنا فيما يتعلق بروسيا والصين وغيرهما من المسارح؟".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: أمريكا روسيا إيران البحر الأحمر الحوثي حزب الله فی الیمن
إقرأ أيضاً:
اليمن على صفيح ساخن
منذ اندلاع الحرب الكارثية في اليمن عام ٢٠١٥ والفرقاء في صراع الإرادات على تحقيق الأهداف الاستراتيجية المعلن منها وغير المعلن؛ رغم أن هذا الأخير بدأت خيوطه تتكشف، خاصة بعد سيطرة قوات ما يسمى الانتقالي الجنوبي على أكبر المحافظات اليمنية مساحة، وأكثرها ثروة معدنية، وسواحل بحرية ممتدة، وهي محافظة حضرموت، شرق الجمهورية اليمنية.
في علم الأزمات والصراعات تكون الدول التي تتداخل فيها الطموحات الوطنية بالخطط الخارجية ضحية؛ حيث الشعوب تعاني الأمرين من خلال التدخلات الخارجية، واليمن نموذج صارخ على هذه النظرية.
اليمن وشعبه يعاني الأمرّين من خلال حرب استنزاف أسفرت عن تقسيم فعلي للبلاد، حيث تسيطر جماعة أنصار الله الحوثيين على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات الشمالية، في حين تسيطر الحكومة الشرعية على العاصمة الاقتصادية عدن بموقعها الفريد، حيث خليج عدن وبحر العرب؛ ومع ذلك فإن إحدى المشكلات الأساسية للصراع في اليمن هو عدم تمكين الحكومة الشرعية من القيام بدورها في ضرورة الحفاظ على الأمن والاستقرار في المحافظات الجنوبية والشرقية تمهيدًا لانطلاق مفاوضات سياسية جادة مع الفرقاء اليمنيين الآخرين.
عشر سنوات من الحرب الكارثية التي أدت إلى فقدان عشرات الآلاف من المدنيين اليمنيين أرواحهم، ونزوح أعداد كبيرة إلى خارج الوطن اليمني مع تعقد الوضع المعيشي ومشكلات اجتماعية واقتصادية كبيرة.
عندما تترك الأوطان للأهواء والمصالح الشخصية تكون النتيجة كارثية؛ ومن هنا قامت بلادنا سلطنة عمان بدور دبلوماسي وإنساني مشهود على مدى عقد من الزمن حيث الجهود الديبلوماسية مع المبعوث الأممي، ومع الفرقاء اليمنيين، ومع المملكة العربية السعودية. وكانت هناك خارطة السلام التي لو تم التوقيع عليها لتغيرت الأوضاع السياسية في اليمن.
أحداث حضرموت والمهرة في غاية الخطورة؛ خاصة وأن المحافظتين يسودهما الأمن والاستقرار حتى مع اندلاع الحرب عام ٢٠١٥. ومع دخول ميليشيات الانتقالي إلى كل من حضرموت والمهرة، فإن المشهد السياسي في اليمن أصبح أكثر تعقيدًا ويحتاج إلى شيء من الحكمة والحوار لانتشال الوطن اليمني الذي أصبح على صفيح ساخن ـ كما يقال ـ خاصة وأن هدف مليشيات الانتقالي هو فصل اليمن إلى شطرين، كما كان الحال قبل الوحدة اليمنية عام ١٩٩٠.
وإذا حدث الانفصال، فسوف يشهد اليمن كارثة التقسيم لأكثر من محافظة جغرافية وسوف تسود نغمة الانفصال، وهذا أمر يهدد اليمن والسلام والاستقرار الإقليمي. لقد أثبتت الحرب في اليمن التي تواصلت على مدى عشر سنوات أن الخيار العسكري فشل، وليس هناك إمكانية لمثل هذا الحسم العسكري؛ وهذا يعني أن الأزمة اليمنية لا يمكن حلها إلا من خلال الدبلوماسية والحوار؛ وهو الأمر الذي تبذل فيه بلادنا سلطنة عمان جهودًا مضنية، ولا تزال، بهدف استعادة الأمن والاستقرار في الجمهورية اليمنية الشقيقة، والتي ترتبط بسلطنة عمان بعلاقات تاريخية وجوار جغرافي وصلات قبلية واجتماعية راسخة.
وعلى ضوء ذلك، لابد من تحكيم العقل والوصول إلى آليات بين الحكومة الشرعية وبين جماعة أنصار الله الحوثيين للوصول إلى حلول واقعية على ضوء خارطة طريق السلام وإنهاء العبث في مقدرات اليمن، وإنهاء مشروعات التقسيم.
إن النموذج اليمني يتقاطع بشكل كبير مع النموذج السوداني، حيث يعاني البلدان والشعبان الشقيقان من نتائج كارثية للحرب الحالية؛ وأصبحت الأطماع الخارجية واضحة، وهناك انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، كما صدرت تقارير حقوقية مفزعة كما حدث في الفاشر في السودان أثناء اقتحام مليشيا الدعم السريع المتمردة للمدينة.
إن الحروب والصراعات الأهلية تؤدي إلى كوارث حقيقية، وتحول تلك الدول إلى دول فاشلة، وتجعل الشعوب أكثر معاناة. وفي غياب الإرادة السياسية الوطنية في الداخل تكون الأطماع والتدخلات الخارجية أكثر سهولة؛ فالموقع الجغرافي والثروات تكون عوامل جاذبة لتلك الأطماع في ظل الجبهات الوطنية الداخلية الهشة.
ولعل أفريقيا عانت لعقود من التدخلات الخارجية الأجنبية، حيث استُغلت ثروات الدول الأفريقية، خاصة المعادن كالذهب والماس، وأصبح عدد من الشعوب الأفريقية فقيرة تطلب المساعدات الإنسانية من منظمات الأمم المتحدة.
إن إرادة الأوطان وسلامة أمنها واستقرارها تنبع من صلابة الجبهة الداخلية والحرص على الحوار عند حدوث أي خلاف؛ وفي الحالتين اليمنية والسودانية لم ينجح الساسة في تلك الدول في تطويق الخلافات والصراعات بسبب هيمنة المصالح الشخصية.
هنا تضيع الأوطان وتصبح فريسة للمشروعات الاستراتيجية، كما هو الحال في النموذج اليمني والسوداني وحتى الصومالي؛ حيث تتواصل الصراعات والحروب والخلافات ونغمة الانقسام والمناطقية، وهذا أمر يسبب مشكلات كبيرة بين أبناء الوطن الواحد.
أمام المشهد السياسي اليمني والسوداني وحتى الصومالي، لا يمكن استبعاد المشروع الصهيوني العالمي من المعادلة، من خلال خطط استراتيجية تتصاعد أحيانا وتهدأ أحيانًا أخرى. وفي تصوري أن الشرق الأوسط بشكل خاص مستهدف من خلال مشروع تسيطر فيه إسرائيل على المنطقة، ليس من خلال الاحتلال التقليدي، ولكن من خلال السيطرة والنفوذ على المنافذ البحرية في ظل مشروع قناة بن جوريون، الذي يهدف إلى تهميش قناة السويس، خاصة وأن أحداث الملاحة البحرية في البحر الأحمر جعلت المشروع الصهيوني يعود بقوة للسيطرة على المنافذ البحرية لتأمين التجارة الدولية. وحتى يُحقق ذلك، لابد من إشعال الحروب والصراعات الأهلية، وإشغال الدول ذات المواقع الاستراتيجية بمثل تلك المشكلات، لتحقيق الأهداف الاستراتيجية، والتي أصبحت واضحة في أكثر من إقليم.
والسؤال الأهم هنا، هل الولايات المتحدة الأمريكية تتناغم مع هذا المشروع الصهيوني العالمي؟ والإجابة نعم، خاصة وأن إدارة ترامب لها أجندة في قطاع غزة، وترسيخ الاحتلال بصرف النظر عن موضوع السلام؛ حيث لم تتحدث واشنطن عن حل الدولتين بل ظلت داعمة للكيان الإسرائيلي عسكريًا واقتصاديًا، ومنحازة بشكل سافر لحكومة نتنياهو المتطرفة، بل ووقفت ضد مشروعات القوانين في مجلس الأمن، واستخدمت حق النقض الفيتو عدة مرات ضد طموحات الشعب الفلسطيني، وحتى ضد وقف الحرب في قطاع غزة.
إن المنطقة بشكل عام في حالة توتر كبير. ولعل الحالة اليمنية تعكس الوضع المتردي والذي قد يتدحرج إلى ماهو أسوأ من ذلك. وهنا لابد من محاصرة الأوضاع في اليمن خاصة وأن القيادة الشرعية اليمنية غادرت عدن إلى السعودية، بهدف التشاور بعد أحداث حضرموت بشكل خاص. كما أن الأوضاع في البحر الأحمر مرشحة لعدم الاستقرار بعد ضرب إحدى السفن التجارية مؤخرًا.
إن اليمن الشقيق على صفيح ساخن. وفي تصوري أن المشهد السياسي في اليمن أصبح أكثر تعقيدًا على صعيد التشكيلات العسكرية والأمنية المنتشرة في المحافظات.
ومن هنا، فإن أحداث حضرموت تعطي جرس إنذار بضرورة تدخل العقلاء في اليمن أولا، وأن يكون هناك إحساس وطني بأن استمرار هذه الصراعات واقتحام المحافظات سوف يشكل ضربة كبيرة لمشروع السلام الذي تبذل من خلاله سلطنة عمان جهودًا كبيرة ومقدرة من المجتمع الدولي.. تلك الجهود الديبلوماسية تحتاج إلى تجاوب ومرونة سياسية من الفرقاء اليمنيين المطالبين باستشعار المسؤولية الوطنية، وهم القادرون على الوصول إلى تفاهمات وطنية من خلال الحوار.
إن اليمن في مفترق طرق، ويحتاج إلى تدخل من الفاعلين في اليمن، وإلى إدراك حقيقة أن الوطن اليمني هو في وضع معقد وخطير، وأن تقديم الأهداف الوطنية على الأهداف الضيقة هو البوصلة الحقيقية نحو وطن يمني مستقر وآمن، يحقق آمال شعبه في ظل إمكانات كبيرة ومقدرات تجعل من يمن التاريخ والحضارة دولة نموذجية متقدمة تنعم بالتنمية والازدهار، وتسهم مع دول المنطقة في الاستقرار والتعاون الاقتصادي في ظل عوامل موضوعية تجمعه بدول مجلس التعاون الخليجي بشكل خاص، ليس فقط تاريخيًا وجغرافيًا، ولكن عبر نسيج اجتماعي متداخل بين شعوب المنطقة على مدى قرون.