مع مرور الزمن، يجد الإنسان نفسه في مواجهة تحديات وفرص جديدة تتجدد باستمرار. هذه التحديات لا تنبع فقط من التغيرات الاجتماعية الاقتصادية أو السياسية، بل أيضاً من التطور التكنولوجي السريع، والابتكارات العلمية المتلاحقة التي تعيد تشكيل وجه العالم بشكل متزايد. من هذا المنطلق، يبرز تساؤل جوهري: هل يمكننا القول إن المستقبل هو من سيحكم العالم ؟
في حقب زمنية ماضية، كانت السيطرة العالمية تعتمد بشكل أساسي على القوة العسكرية المدعومة باقتصاد قوي.
بالعودة إلى التساؤل عن الجهة التي تحكم العالم، نجد أن هذا السؤال لطالما شغل المفكرين والفلاسفة والعلماء على مر العصور. لكن في عصرنا الحديث، تبدو الإجابة أكثر وضوحاً: التكنولوجيا هي المحرِّك الأساسي للتحكم في مصير الكون سواء رمزياً أو عملياً. فالتكنولوجيا لم تعد مجرد وسيلة لتحسين الحياة ، بل أصبحت القوة المحورية التي تقود التحولات الكبرى في العالم .
التكنولوجيا اليوم هي القوة الدافعة لتأسيس الشركات العملاقة مثل مايكروسوفت وجوجل وأمازون وعلي بابا التي تُعتبر أبرز اللاعبين المسيطرين على البنية التحتية الرقمية للعالم. مع تصاعد هيمنة التكنولوجيا، تواجه الحكومات تحديات غير مسبوقة تتطلب استراتيجيات بعيدة المدى للتكيُّف مع هذا الواقع الجديد. من بين هذه التحديات، الاستثمار في التكنولوجيا الحيوية، والشرائح الإلكترونية، والروبوتات المدعومة بالذكاء الاصطناعي التي أصبحت من أبرز أدوات العصر الحديث .
هذا ولا يمكن إغفال التأثير العميق للتكنولوجيا على المتغيرات الاجتماعية والثقافية. الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي غيّرت الطريقة التي يتفاعل بها الناس، ما أوجد ديناميكيات جديدة في التفكير والثقافة وسلوكيات الأفراد والمجتمعات.
وأخيراً، يمكننا القول إن من يتحكم في العالم اليوم وغداً هي التكنولوجيا المتطورة، التي تمتلك القدرة على التفكير والإبداع والابتكار. إنها ليست مجرد أداة لتحسين الحياة، بل هي وسيلة للسيطرة والقيادة. التطور السريع في مجالات الذكاء الإصطناعي، والإبتكارات العلمية، واستخدام التكنولوجيا في شتّى نواحي الحياة، يجعلها القوة الحاسمة التي تشكِّل مستقبل البشرية.
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
تايم: هكذا أصبحت الملكة فيكتوريا أكبر تاجر مخدرات على الإطلاق
من هو أشهر تاجر مخدرات على الإطلاق؟ قد تظن أنه بابلو إسكوبار، أو ربما إل تشابو، لكنك ستكون مخطئاً. وفقا لمقال بمجلة تايم الأميركية، إذ إنه قبل أكثر من 100 عام من مولد هذين البارونين، كانت هناك امرأة قوية للغاية تسيطر على إمبراطورية مخدرات واسعة للغاية ومربحة بشكل لا يتصور لدرجة أنها جعلت إسكوبار وإل تشابو يبدوان كتجار مخدرات من مستوى منخفض ومجرد مروجين لها بالشوارع.
وهكذا بدأت المجلة مقالها، المثير للدهشة بقدر ما هو مثير للاهتمام، حيث ينظر الخبير سام كيلي، مؤلف كتاب "تاريخ البشرية مع المخدرات" (الذي نشرته دار بنغوين راندوم هاوس) إلى التجارة الضخمة التي أقامتها بريطانيا منتصف القرن الـ19 مع الصين لبيع الأفيون المنتج بكميات كبيرة في الهند مستعمرة صاحبة الجلالة.
ويقول كيلي إن فيكتوريا، عند توليها للسلطة عام 1837، وجدت الاقتصاد البريطاني يعاني عجزًا هائلًا مع الصين، المورد الوحيد للشاي الذي تشتد الحاجة إليه.
ويضيف أن شركة الهند الشرقية، التي كانت تدير اقتصادات المستعمرات البريطانية، والتي تُقارن بأكبر الشركات متعددة الجنسيات في عصرنا، حاولت -بكل الطرق- موازنة تجارتها مع بكين، دون جدوى: فمع استمرار عجزها، اضطرت إلى الاقتراض من التاج البريطاني كي لا تنهار.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2غارديان: أرقام صادمة عن كراهية الإسلام في بريطانياlist 2 of 2"ممداني الثاني".. مسلم مرشح لمنصب عمدة مينيابوليس وهذا برنامجهend of listويقول المؤرخ "كانت الأسرة اللندنية ذات الدخل المتوسط تنفق ٥% من دخلها على الشاي الصيني، لكن بريطانيا لم يكن لديها ما تتاجر به مع الصين في المقابل".
وفي هذه الظروف، وجد التجار البريطانيون، بتواطؤ من الحكومة، الحل في الأفيون المُنتَج بكميات هائلة في الهند التي كانت آنذاك تحت سيطرة شركة الهند الشرقية التابعة للتاج البريطاني.
وكان هذا المنتج محظورًا بشكل رسمي في الصين، لكن الصينيين كانوا يُقدّرونه. واستمر سعره في الارتفاع تماشيًا مع الطلب المتزايد باستمرار: يا لها من مفاجأة سارة للتاج البريطاني! ويلخص كيلي الأمر قائلًا "بفضل معجزة الأفيون، انعكس اختلال الميزان التجاري بين عشية وضحاها. ومنذ ذلك الحين، أصبحت الصين، وليس بريطانيا العظمى، هي من تُراكم عجزًا تجاريًا مُدمرًا..".
إعلانولم يكن الأمر خافيا على السلطات الصينية، بل إن الإمبراطور داوغوانغ حاول مواجهة هذه التجارة الشاذة بتكليف الحاكم لين زيكسو المعارض الشرس للأفيون، بالتحقيق في الأمر.
وقد كتب هذا الأخير مباشرةً إلى الملكة فيكتوريا طالبًا منها حظر هذه التجارة قائلا "أين ضميركِ؟" لكن توبيخه لها لم تكن له أية جدوى، ثم اتخذ خطوة جذرية بإصلاح الجمارك.
ولم تُكلف الملكة نفسها عناء قراءة الرسالة -وفقا للكاتب- مما يعني أن زيكسو، المُلحّ والمُثابر، كان بحاجة إلى إيجاد طريقة أخرى لجذب انتباهها. وفي ربيع عام 1839، اعترض أسطولًا من السفن البريطانية، وصادر شحنة ضخمة من الأفيون، وأمر جنوده بإلقائها كلها في بحر جنوب الصين.
"لكن الإمبراطورية البريطانية لم تكن مستعدة للتخلي عن تجارة المخدرات المربحة، لأن مبيعات الأفيون كانت تمثل آنذاك ما بين 15 و20% من الإيرادات السنوية للإمبراطورية البريطانية" وفقا لكيلي.
ولهذا، يقول الكاتب، وبعد عدة حوادث، أعلنت الحكومة الفيكتورية الحرب على الصين، وأرسلت عام 1840 أسطولًا من 40 سفينة و19 ألف جندي، لسحق القوات الصينية، ليمثل ذلك أول حرب أفيون في العالم.
وعام 1842، وقّع البريطانيون معاهدة نانكينغ التي منحتهم هونغ كونغ والتجارة الحرة، ووصولاً غير مقيد إلى عدة موانئ، لتكون فيكتوريا بذلك قد أطاحت بحضارة عمرها ألف عام، وأصبحت أقوى بارونة مخدرات على مر العصور.
والأدهى من ذلك -وفق ما جاء في تايم- أن فيكتوريا نفسها كانت مدمنة على المخدرات بمختلف أنواعها، وسارعت إلى استخدام سائل القنب لتخفيف آلام الدورة الشهرية وحالات الحمل الصعبة، كما روّجت لاستنشاق الكلوروفورم للولادة، وهو ما أحدث ثورة حقيقية.
وكانت الملكة تتناول كل صباح وبانتظام مشروبا مُستخلصا من الأفيون، لتخفيف الآلام المتكررة، وكانت تمضغ علكة الكوكايين لتهدئة التهاب اللثة. ويوضح كيلي أن هذه العلكة عززت ثقة الملكة بنفسها.