هذه قيمة وشروط المساعدات المُنتظرة للجيش
تاريخ النشر: 2nd, December 2024 GMT
كتب جاسم عجاقة في" الديار": من الظاهر أن المُجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة، سيعمد إلى تقديم أنواع مختلفة من المساعدات العسكرية للجيش ، مع الأخذ بعين الاعتبار التعقيدات الجيوسياسية في المنطقة. وبحسب إتفاق وقف إطلاق النار، تهدف هذه المساعدات بشكل أساسي إلى تعزيز فرض سلطة الجيش على كامل الأراضي اللبنانية، وزيادة قدراته في مكافحة الإرهاب، وأمن الحدود، دون أن تُساهم هذه المساعدات في تصعيد التوترات الإقليمية ، ومع الحفاظ بالطبع على المصالح الأميركية:
- أولا – المساعدات المالية: من خلال توفير أموال لشراء معدات وخدمات وتدريب دفاعية (أميركية وفرنسية الصنع) في مجال مكافحة الإرهاب وأمن الحدود.
- ثانيا – المُعدّات والأسلحة: بالدرجة الأولى ستكون دفاعية (مركبات، وأنظمة إتصالات، وتقنيات المراقبة، ودرونات مراقبة) لتحسين قدرات الجيش في تأمين الحدود والحفاظ على الإستقرار الداخلي. أيضا ستشمل الأسلحة الصغيرة والذخائر وأنظمة المدفعية القصيرة المدى، ونظارات للرؤية الليلية، ومعدات طبية، ودروع واقية، ومعدات هندسية، ومروحيات للمراقبة والدعم الجوي والنقل، وقوارب دورية صغيرة لتعزيز الأمن البحري اللبناني.
- ثالثا – التدريب وبناء القدرات: من خلال التدريب المتخصص وتدريب الضباط اللبنانيين في الأكاديميات العسكرية الأميركية والفرنسية، لتعزيز القيادة وتوثيق العلاقات بين الجيوش، ودعم صيانة وتشغيل المعدات المقدمة.
- رابعا – تبادل المعلومات الإستخباراتية وبالتحديد حول الجماعات الإرهابية لدعم عمليات مكافحة الإرهاب، وتوفير أدوات للإتصالات الآمنة والمراقبة لتحسين الوعي الميداني.
- خامسا – مكافحة الإرهاب وأمن الحدود: تقديم أنظمة رادار، وطائرات بدون طيار، وتقنيات مراقبة متقدمة لمراقبة وتأمين الحدود اللبنانية مع سوريا وإسرائيل، وتقنيات مكافحة العبوات الناسفة لمواجهة الأجهزة المتفجرة خاصة في المناطق المتضررة من الحرب.
لكن هذه المساعدات المُتوقّع وصولها في الأيام والأسابيع القادمة، ستأخذ بعين الإعتبار بعض المُعطيات الجيوسياسية وعلى رأسها: تجنّب التصعيد مع «إسرائيل»، ومواجهة النفوذ الإقليمي في لبنان، والتصدّي للنفوذ الروسي والصيني في لبنان. والأهم في كل هذا الحفاظ على توازن بين إحتياجات الجيش الفعلية وبين بعض الحساسيات الجيوسياسية، التي قد تظهر جراء تقوية الجيش.
ولكن أيضا هناك ديناميكية سياسية داخلية يأمل المُجتمع الدولي حصولها في لبنان من خلال دعم الجيش ، مما سيُساعد في تعزيز المؤسسات الحكومية اللبنانية التي تطغى عليها الإنقسامات الطائفية وتأثير الأحزاب، خاصة أن الجيش أظهر بالقول والفعل وعلى الرغم من كل ما حصل من إنقسامات في المجتمع اللبناني، أنه مؤسسة توحيدية وغير طائفية في مشهد لبناني منقسم عموديا وأفقيا.
حجم المساعدات
التقديرات المالية لحجم المساعدات المُتوقّع وصولها إلى الجيش ، تعتمد على نطاق ونوع الدعم المُقدّم، والذي سيُحدّدها تطوّر الأمور خلال الستين يوما القادمة. ولكن تاريخيا، قدمت الولايات المتحدة دعما للجيش يراعي الحساسية الجيوسياسية في المنطقة، وخصصت دعما خلال العقد الماضي قُدّر بـ 100 مليون دولار أميركي سنويا ،ذهبت بشكل أساسي لتمويل شراء معدات دفاعية أميركية الصنع، وخدمات للصيانة، وبرامج التدريب. وبالتالي ونظرا للواقع الحالي، يُمكن أن يتراوح حجم المساعدات المُتوقّعة ما بين 120 و250 مليون دولار أميركي سنويا ، بحسب نطاق ونوع الدعم كما سبق وذكرنا، ستذهب بالدرجة الأولى لحفظ الأمن داخليا وأمن الحدود، مع مراعاة المصالح الإستراتيجية الأميركية.
الجدير ذكره أن التوقّعات تُشير بأنه لن يكون هناك مساعدات مالية للسلطة السياسية، قبل أن تعمد هذه الأخيرة إلى القيام بإصلاحات، وعلى رأسها مُكافحة الفساد والحوكمة الرشيدة. لكن سيكون هناك فقط مساعدات مالية للجيش ، لتطويع عناصر جدد ودعم الحالية.
في الختام، يُعتبر دعم الجيش أهمّ وسيلة لمنع الإنهيار الكامل للبنان والذي إذا حصل، يمكن أن يؤدي (أو سيؤدّي؟) إلى زعزعة إستقرار المنطقة بشكل أكبر، وهو أمرٌ لا تُريده لا الولايات المُتحدة الأميركية ولا المُجتمع الدولي.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: مکافحة الإرهاب المساعدات الم وأمن الحدود
إقرأ أيضاً:
الجيش الإسرائيلي اعترف بقتلهم.. الموت جوعا يتكرر في غزة
غزة – تحتضن طفلة جثمان والدتها الشهيدة بعدما أعدمها جنود الاحتلال الإسرائيلي أثناء محاولتها الحصول على طعام لصغارها من مركز توزيع المساعدات الأميركي الإسرائيلي غربي مدينة رفح في قطاع غزة.
ومن شوق للطعام المنتظر، تحولت فرحة الطفلة إلى مأساة بعدما أصيبت بحالة انهيار لفقدان والدتها، وراحت تقول "منذ أسبوع ما أكلنا خبزا، وأمي راحت تدور (تبحث) عن طحين تسد جوعنا، فقتلوها".
تكرر مشهد الطفلة مع عشرات الجثث المنتشرة داخل ثلاجات الموتى في مجمع ناصر الطبي، التي تهافت عليها عشرات الفلسطينيين بحثا عن أبنائهم الذين فقدوا الاتصال بهم بعدما ذهبوا للحصول على مساعدات غذائية فباغتتهم قوات الاحتلال بالرصاص والقنابل القاتلة.
ويدل الاستهداف اليومي للفلسطينيين المترددين على مراكز المساعدات على إصرار جيش الاحتلال الإسرائيلي على تحويلها إلى كمائن لقتل الجوعى.
كمائن للجوعىيغطي الغبار جسد شاب عشريني نجا من المجزرة بعدما اضطر للزحف هربا من النيران عقب سقوط مسن كان بجانبه بشكل مفاجئ إثر إصابته بطلق ناري في الرأس.
وبحسب شهادة الشاب للجزيرة نت، فإن الاحتلال أطلق النار من عدة اتجاهات نحو آلاف الموجودين في المنطقة القريبة من مركز المساعدات، مما أدى إلى تساقط العشرات من الضحايا بين شهيد ومصاب.
إعلانووصف الشاب -الذي لم يكشف هويته- المشهد بالمرعب بعدما لم يجد المحاصرون بالنار أماكن للهرب من كثافة الرصاص، وقال إنه ذهب لأخذ المساعدات من المركز الأميركي بناء على رسالة من شركة التوزيع، لكنه اكتشف أن المكان تحوّل إلى كمين لقتلهم وهم جوعى.
وحاول الاحتلال على مدى الأيام الماضية التنصل من جرائمه بحق الجوعى، رغم أن الأدلة تثبت تورطهم بها، خاصة أن أماكن توزيع المساعدات تقع داخل المناطق التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي داخل قطاع غزة.
ونقلت القناة 11 العبرية عن جيش الاحتلال أنه تم إطلاق النار قرب مجموعة من الفلسطينيين عند أحد مراكز توزيع المساعدات بعدما ادعت أنها انحرفت عن المسار المخصص لها، وأشارت القناة إلى أن الجيش على علم بالأنباء التي تحدثت عن وقوع مصابين، وزعم أنه يفحصها.
ومنذ فجر اليوم الثلاثاء وصل إلى مستشفيات جنوبي قطاع غزة 27 شهيدا وأكثر من 90 مصابا، بينهم حالات خطيرة، بعد استهداف الفلسطينيين غرب رفح، وفق آخر إحصائية لوزارة الصحة في غزة.
وحول ذلك، قال المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة إن الاحتلال الإسرائيلي حوّل مراكز توزيع المساعدات الأميركية الإسرائيلية إلى مصايد للموت الجماعي.
وأكد الثوابتة، في حديث خاص للجزيرة نت، أن الاحتلال يقتل يوميا الجوعى في إطار مشروع مشبوه يُروّج له تحت مسمى الاستجابة الإنسانية.
وأوضح أنه لم يمض 48 ساعة على المجزرة التي ارتكبها الاحتلال في المكان ذاته، ليكرر جريمته مرة أخرى وبالأدوات نفسها، مما يؤكد أن مراكز توزيع المساعدات المقامة في مناطق حمراء مكشوفة وخطيرة وخاضعة لسيطرة جيش الاحتلال باتت مكانا لاستدراج المدنيين الجائعين، حيث يطلق الاحتلال النار عليهم عمدا وبدم بارد، في مشهد يُعرِّي أهداف المشروع الحقيقية.
إعلانوارتفعت حصيلة الضحايا الذين استهدفتهم إسرائيل منذ بدء توزيع المساعدات عبر المراكز الأميركية منذ 27 مايو/أيار الماضي إلى 102 شهيد و490 مصابا.
وشدد الثوابتة على أن الاحتلال يهدف لإحداث الفوضى بقطاع غزة عبر التجويع والقتل، ويرفض عمل المؤسسات الإغاثية الدولية التي تعمل بالقطاع منذ عشرات السنين ولديها بيانات كاملة عن السكان، وآليات توزيع تصل عبرها للجميع وبما يحفظ كرامة الإنسان الفلسطيني.
ودعا الأمم المتحدة ومجلس الأمن للتحرك الفوري والضغط بكل الوسائل المتاحة لفتح المعابر الرسمية دون تدخل أو شروط من الاحتلال.
يذكر أن الأمم المتحدة ترفض الخطة الإسرائيلية، وترى أنها تفرض مزيدا من النزوح وتعرّض آلاف الأشخاص للأذى، وتَقْصر المساعدات على جزء واحد فقط من قطاع غزة ولا تلبي الاحتياجات الماسة الأخرى، وتجعل المساعدات مقترنة بأهداف سياسية وعسكرية، كما تجعل التجويع ورقة مساومة.
سلاح التجويعمن جهته، قال رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد) صلاح عبد العاطي إن قوات الاحتلال تستمر باستخدام سياسة التجويع الممنهج كسلاح حرب عبر تقنين إدخال المساعدات الإنسانية والسماح بما لا يزيد عن 90 شاحنة يوميا، التي تنقل أقل من 10% من الاحتياجات اليومية.
وأكد عبد العاطي للجزيرة نت أن المجاعة دخلت مرحلة الكارثة الكاملة، حيث توفي 326 شخصًا نتيجة سوء التغذية ونقص الأدوية، بينهم 58 وفاة مباشرة بسبب الجوع، و242 وفاة نتيجة نقص الغذاء والدواء، و26 مريضا بالفشل الكلوي.
وشدد على أن نقاط توزيع المساعدات، خاصة تلك التي ترعاها الإدارة الأميركية بالتنسيق مع الاحتلال، تحولت إلى مصايد موت جماعي، حيث يتعرض المدنيون الجائعون الباحثون عن الغذاء للاستهداف المباشر والمتكرر.
ودعا المجتمع الدولي والموقعين على اتفاقيات جنيف واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية إلى التدخل الفوري لوقفها، وضمان إدخال المساعدات الإنسانية والطبية دون قيود ووفقا لخطة وطرق الأمم المتحدة ومؤسساتها، و"إلغاء الآلية الأميركية الإسرائيلية الإجرامية الحالية لتقديم المعونات".
إعلانوطالب عبد العاطي بضرورة التحرك أمام القضاء الأميركي والدولي لملاحقة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة ضد المدنيين خلال توزيع تلك المساعدات الإنسانية.
View this post on InstagramA post shared by ربيع ابو نقيرة (@rabie_noqaira)
عريضة لرفض القتلووجّه 300 شخصية مجتمعية بارزة في قطاع غزة نداءً إنسانيا عاجلًا -عبر عريضة وقَّعوا عليها- إلى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، طالبوا فيه بوقف فوري ونهائي لنشاط نقاط توزيع المساعدات التي تُشرف عليها قوات الاحتلال الإسرائيلي والمنظمات الأميركية، لا سيما في جنوبي القطاع، مؤكدين أن هذه النقاط تحوّلت إلى مصايد موت وإذلال جماعي للفلسطينيين الجوعى.
ودعا الموقعون على العريضة التي اطلعت عليها الجزيرة نت، برنامج الغذاء العالمي ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطنيين (أونروا) لتحمّل مسؤولياتهم، والتدخل الفوري لوقف المجازر المتكررة قرب تلك النقاط، وآخرها جريمة إطلاق النار المباشر على المدنيين فجر اليوم الثلاثاء في محافظة رفح.
وأكدوا أن آلية التوزيع الأميركية تتم إدارتها بأسلوب عسكري يعتمد على القمع والفوضى والتجويع المتعمد، محذرين من استمرار هذا النمط الذي يُحوّل العمل الإغاثي إلى أداة للإذلال والإعدام الجماعي بدلًا من كونه وسيلة لإنقاذ الأرواح.
وشددوا على ضرورة العودة إلى آلية توزيع المساعدات التي كانت تحت إشراف وكالات الأمم المتحدة باعتبارها النموذج الوحيد الذي يضمن الحد الأدنى من النزاهة والحياد والسلامة، ويُبعد ملف الإغاثة عن الحسابات الأمنية والجهات غير الإنسانية.