الثورة نت:
2025-10-22@19:44:26 GMT

فواجعُ محرم .. وثوراته الخالدة

تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT

 

 

حين يتمادى الباطلُ، ويخفت الحق ويسكت النّاس خوفاً، وتضيع قيم الدين وتتبدد أواصر الشريعية الإسلامية ، وتتركز الأنظار والأهداف لمحو كل قيمة سنّها الدين وكل فضيلة شّرعها في الحياة، فيابى عباد الله المتقين إلا أن يقفوا حاجزاً أمام تلك الأهداف الشيطانية؛ فيخرجوا مجابهين جحافل الباطل؛ وذلك لاستصلاح الواقع المظلم ورفع الظلم عن كاهل المظلومين وإرساء كلمة الله، وفي نفس الشهر وعلى نفس الطريق تتكرر الأحداث والمآسي وتتجدد معها الغيرة على دين الله فما بين ثورة زيد بن علي وثورة جده الحسين بن علي – عليهم السلام – سِوى وقت ضئيل ازدهر فيه الباطل أكثر حتى بلغ أوجه ! .


“لم أخرج أشراً ولا بطراً وإنما خرجت للإصلاح في أمة جدي” وما بين ” والله ما كره قوما قط حر السيوف إلا ذُلوا” هنا علّنا نربط الحديث بين المقولتين لعظماءٍ كرهوا واقع يهان فيه المسلمون، ويتجبر فيه الجبابرة والظالمون الذين جعلوا من ظواهر الأمور وبواطنها سبيلا لتنفيذ ما استهوته أنفسهم النتنة ! فحولوا واقع جسد فيه رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – أروع صور البناء والإصلاح للأفراد والمجتمع والحياة إلى واقع تنهار فيه كل صور القيم والفضيلة وحتى الإنسانية، وتهان فيه كرامة الإنسان المسلم وفي زمنٍ لم يكن على عهد رسول الله ببعيد هنا تكمُن المأساة، وتلتهب قلوب الشرفاء غيرة على ما وصل إليه واقع المسلمين، فهل سيسكت من في قلبهِ ذرة من غيرة على ذلك الوضع ؟! خرج الإمامان عليهما السلام للإصلاح بفارق بسيط في الزمن، فكان الخيار إذا لم ينتهِ الظالمون بالنصيحة والبيان والتوضيح فليس هناك سبيل سوى حد السيوف وسيلة لردعهم ، وحيث أن الظالمين في كلِ زمانٍ ومكانٍ معروفون بأن لهم آذان صم وقلوب غلف وعيون عمي، ولن يفقهوا بقدر ما سيتمادوا ويتجبروا ،وبالمقابل الثلة المؤمنة في واقع مهين كهذا لا شك أنها قد كرهت الحياة وفضّلت الموت فلا شيء يدعو لأن يعيش الإنسان تحت وطأة الاستعباد والخنوع وفي عروقه تجري ينابيع من الفطرة السليمة، وفي ظل ذلك لم يحسبوا للفارق بين إمكانية الظالمين وعتادتهم وبطشهم وبينهم هم ورؤيتهم السامية وتوجههم العظيم لنصرة الله والمستضعفين، وهنا يتجلى نموذج مختلف لقلة مؤمنة وإمكانيات بسيطة وإيمان راسخ واستشعار للمسؤولية في تغير ما يجري هذا هو زاد الحسين – وزيد عليهم السلام – في ثوراتهم الخالدة ..
أن تراق دماء نسل رسول الله وتهان كرامة العواتق من بيت النبوة وتتمزق أجساد أطفالهن ويُمثل بالعظماء – الحسين وزيد عليهم السلام – وتُرفع رؤوسهم على أسنة الرماح ويجول بأجسادهم الطاهرة بين شوارع المدن وأزقتها ومن ثم تنبش القبور وتحرق الجثث ثم تذر في الهواء وكل ذلك مِن مَن أتى؟! ليس من الروم ولا من الفرس ولا من أي عدو خارجي ! بل من قومٍ حسبوا أنفسهم على الإسلام وعامة منافقون ! فمنهم الساكتون ومنهم المعاونون للفسقة من الحُكام والسلاطين وكلهم أيضا يُحسبون على الإسلام ! يالها من فواجعٍ ذرفت لها العيون دماء؛ وتقطعت من هولها قلوب المؤمنين سواء من عاش عهدهم أو من قرأ تاريخهم إلى اليوم! فكيف بحال آل بيت رسول الله من كانوا هم قلب الحدث والضحية! لكن تظل الحكمة هنا أكبر من أن يفقهها من عميت بصائرهم وعاثوا في الأرض فسادا، وظنوا أنهم بقتلهم نسل رسول الله وعظماء الأمة انتصروا! نعم قضوا على أجسادهم لكن دعوتهم قائمة فينا وفي الأرض إلى قيام الساعة وإنما حفرا الحسين وزيد -عليهم السلام – في الأمة معنى الإباء والتضحية لأجل كرامة الدين أولا وكرامة المسلمين ثانيا فكانوا دروس عظيمة للأمة في مواجهة الظالمين والمستكبرين وعدم الخوف منهم أو الخنوع لهم، فأوصلوا لنا رسالة مفادها أن الحياة لا قيمة لها في ظل واقع يغزوه الباطل والتيه والانحراف، وهذه هي المنهجية التي يجب أن نسير عليها ونستنشق عبير عظمتها ونقف بها في عصر لطالما هو بحاجة لمثل هذه الثورات والتضحيات ! عل مد الظالمون يتوقف بها فتنهار قواهم ..
من مدرسة الحسين وزيد – عليهم السلام – تعلمنا أن المنافقين أشد خطراً من الأعداء الكفار والمشركون، وأن الضربة القاضية على الإسلام والمسلمين قد تأتي مِن مَن يحسبون أنفسهم على الإسلام، وإن الجهاد أولا يجب أن يكون على من يتعنونون بالإسلام والواقع يشهد بخرابهم وفسادهم وظلمهم وضلالهم، فما أكثر تلك المفاهيم التي استسلم لها الناس في عصرنا رغم ما يرون من الحقيقة فسلاطين العرب وحكامهم من استباحوا دماء الأبرياء في اليمن وسوريا وأعطوا الشارة الخضراء لليهود باستباحة دماء الفلسطينيين هم مسلمون ويُحسبون على الإسلام، ويزيد بن معاوية وهشام بن عبدالملك من استحلوا واستباحوا حرمات آل بيت رسول الله رجالا ونساء وأطفالا ومثلوا بأجسادهم الطاهرة بل وحّرقوها وذروها في صورة يستهجنها حتى عّباد الوثنية فضلا عن عامة الناس من يدينون غير الإسلام ! أي وحشية تلك وتعد على الله وحُرم رسوله والأئمة الطاهرين ورثة النبوة، نعم وهؤلاء الظالمون كانوا أيضا يُحسبون على الإسلام !.
وهذه الأحداث كلها تجعلنا نميز الحق من الباطل حتى ولو كان أهل الباطل مسلمون، ونعي أن المعركة بين يزيد والحسين – عليه السلام – وبين هشام وزيد – عليه السلام- قائمة إلى قيام الساعة وإن اختلفت الشخصيات إلا أن الأحداث والقضية هي نفسها ! إنها قضية الدفاع عن الإسلام وحدود الله ، ومن عمق تلك الثورات نستنشق معني الإيمان الحقيقي العملي والإباء والتضحية في سبيل الحق ومن مدرسة الحسين وزيد وثوراتهم الخالدة سنتعلم ، وعلى نهجهم سنمضي، فبمثل هذه الثورات سنقتدي وسنسير .
وأخيرا مات الظالمون وبقي الحسين وزيد يرتل ذكراهم الأحرار ويصدح ببطولتهم التاريخ، وصدق الله القائل: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} فقصتهم الخالدة ونهجهم الحق ودفاعهم المستميت وتضحياتهم العظمى ونهجهم وسيرتهم التي تركوها لنا هي النصر بحد ذاته .
#اتحاد كاتبات اليمن

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

المفتي من ماليزيا: صوت المرأة واسمها ليسا عورة والإسلام برئ من الفتاوى الشاذة

أكد الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن الإسلام أسس لمفهوم الوحدة بين المسلمين وجعلها ركيزة من ركائز الدين ومقصدًا من مقاصده العليا، موضحًا أن الفتوى تمثل وسيلة واعية لترسيخ هذه الوحدة الجامعة من خلال الخطاب الوسطي المعتدل الذي يدعو إلى الرحمة والتعايش والتعاون بين أبناء الأمة دون تفرقة أو انقسام.

وأوضح أن الدين الإسلامي حين نظر إلى المسلمين، رآهم أمة واحدة متماسكة لا جماعات متفرقة، فجعل كلمة التوحيد أساسًا يجمعهم، ووحد عباداتهم من صلاة وصوم وحج في مواعيد وأشكال تعبّر عن معاني التآلف والاصطفاف الإيماني، مؤكدًا أن قوة الأمة تكمن في وحدتها وتماسكها، وأن مظاهر العبادة المختلفة تجسد مشروعًا ربانيًا متكاملًا لبناء أمة قوية شاهدة على الناس كافة.

دعاء للأم بالصحة والعافية.. ردّده يحفظها الله من كل مكروه وسوءدعاء بعد صلاة الليل مفاتيح الجنان .. أدركه بـ 6 كلمات مُستجابة

وشدد المفتي على أن الوحدة هي سر البقاء والعزة، في حين أن الفرقة والخلاف لا يجلبان إلا الضعف والهوان، مشيرًا إلى أن النصوص القرآنية جاءت حاسمة في الدعوة إلى الاعتصام بحبل الله ونبذ التنازع الذي يؤدي إلى ضياع القوة، مستشهدًا بقول الله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا)، وقوله تعالى: (وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم).

كما أضاف أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التنازع والاختلاف، وضرب المثل بالمؤمنين في توادهم وتعاطفهم بالجسد الواحد الذي يتألم كله إذا اشتكى منه عضو، مستشهدًا بقوله صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).

وجاءت هذه التصريحات خلال المحاضرة التي ألقاها مفتي الجمهورية بجامعة العلوم الإسلامية في ماليزيا تحت عنوان "دور مؤسسات الفتوى في توحيد الأمة"، حيث أكد أن الوحدة الإسلامية تمثل القلب النابض للأمة، وهي الحارس الأمين الذي يحفظها من المتربصين والماكرين، موضحًا أن الدعوة إلى الوحدة لا تعني الانغلاق على الذات، بل تمثل خطوة نحو تحقيق الوحدة الإنسانية القائمة على البر والعدل والتعاون.

وبيّن الدكتور نظير عياد أن على الأمة الإسلامية أن تدرك أن وحدتها وتماسكها هما الطريق الحقيقي للحفاظ على تراث الإنسانية وخدمة السلام العالمي، مشيرًا إلى أن الوحدة التي دعا إليها الإسلام تتسق مع السنن الكونية والحضارية التي تحفظ بقاء الأمم وازدهارها، وأن التفريط فيها هو تفريط في وجود الأمة ومكانتها بين الشعوب.

وشدد فضيلته على أن هذه الوحدة تجعل كلمة المسلمين مسموعة في العالم ومؤثرة في القرارات الدولية، لافتًا إلى أن قضية فلسطين تبقى أبرز شاهد على ازدواجية المواقف الدولية تجاه قضايا المسلمين، مؤكّدًا أنها تمثل ميزان الحق والعدل في ضمير الإنسانية، ومشيدًا بمواقف الدول العربية والإسلامية، وعلى رأسها مصر وماليزيا، في دعم القضية الفلسطينية وصون حقوق شعبها.

وخلال كلمته، تناول فضيلة المفتي قضية الفتاوى المضللة وخطر انتشارها عبر وسائل التواصل دون رقابة أو علم، موضحًا أن هذا الأمر يؤدي إلى زعزعة الثقة في المرجعيات الدينية الرسمية، وإثارة البلبلة بين الناس، خاصة في القضايا التي تحتاج إلى تأصيل علمي رصين ونظر دقيق.

وأكد أن المؤسسات الدينية مطالبة اليوم بتكثيف جهودها لمراقبة المشهد الإفتائي وتعزيز وجودها في الفضاء الرقمي وتأهيل الكوادر القادرة على التعامل مع المستجدات ومخاطبة العقول بلغة العصر، مع الحفاظ على المنهج الوسطي الذي يجمع بين الأصالة والتجديد.

كما أشار المفتي إلى خطورة بعض الفتاوى الشاذة المتعلقة بالمرأة، والتي تنكر عليها حقوقها الطبيعية والاجتماعية وتمنع ذكر اسمها أو سماع صوتها بحجة العيب أو الفتنة، موضحًا أن هذه التصورات بعيدة كل البعد عن روح الإسلام وسماحته.

واستشهد بأن النبي صلى الله عليه وسلم نادى صفية بنت عبد المطلب عمته، وفاطمة بنت محمد ابنته، بأسمائهما، مؤكدًا أنه لم يقل أحد من الفقهاء إن صوت المرأة أو اسمها عورة.

واعتبر أن مثل هذه الفتاوى المنحرفة أوقعت الناس في الحيرة والاضطراب، وشوهت صورة الإسلام في نظر الآخرين، وأضعفت ثقة الشباب في دينهم، داعيًا إلى تكاتف الجهود لمواجهتها والحد من آثارها المدمرة على الوعي العام.

طباعة شارك المفتي من ماليزيا مفتي الجمهورية نظير عياد الإسلام

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية: الإسلام وضع أسس الوحدة وجعلها من أصول الدين
  • فضل بر الأم.. وكيف يكون البر في الإسلام؟
  • مفتي الجمهورية: الإسلام وضع أسس الوحدة وجعلها أصلًا من أصول الدين
  • المفتي من ماليزيا: صوت المرأة واسمها ليسا عورة والإسلام برئ من الفتاوى الشاذة
  • حكم القرض جبرًا لخاطر الناس في الإسلام
  • حكم قول مدد يا سيدنا الحسين.. الإفتاء توضح
  • سيرة الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
  • بين رضا الله ورضا أعدائه .. آية تقرر مصير أمة
  • من كربلاء للقاهرة.. دليل استقرار رأس الإمام الحسين في مصر
  • الإفتاء: البر والإحسان إلى الوالدين لا يسقط بإساءة أحدهما للآخر