بقلم : د. مظهر محمد صالح ..

ما غرابة هذا التوقيت الذي تتولاه مجاميع مسلحة ملونة ، لتستيقظ حلب عاصمة سوريا الاقتصادية الكبرى لتجد نفسها امام سيل من جيش (شرق اوسطي موازي ملون ) يحمل السلاح المتقدم بيد وزيف الدين الاسلامي بيد اخرى ، وهو امر يحدث مباشرة بعد توقف الحرب في جنوب لبنان وخلال الاسبوع الاول من هدنتها.


وهو تكتيك لايفسر الا أمراً واحد و هو انطلاق اذرع الكيان الاسرائيلي من خلايا ارهابية نائمة في شمال سوريا لتكشر عن نفسها كقوة ميدانية مدربة قوامها جيش موازي معولم يحمل شعارات ومسميات هياة تحرير الشام و الجيش السوري الحرّ والفتح المبين ، فهو تكتيك مفضوح لتقسيم سوريا (كانتونيا ) بعد معارك قادمة طاحنة ستضمحل بموجبها هذه المجاميع المسلحة الداعشية وتقتل نفسها في اهداف مجهولة ليظهر الهدف الواضح والنهائي وهو التاسيس للشام الجديد Establishing the New Levant
اذ سيجلس في نهاية المطاف وعلى طاولة التقسيم والتفكيك كل من تركيا وروسيا واميركا وهو امر اشبه (بمؤتمر يالطا ) ولكن في حروب القرن الحادي والعشرين الشرق اوسطية.
فتركيا ستمثل في هذا السيناريو شمال سوريا جيو سياسيا ، واميركا تمثل المتكفل او الضامن لقوات سوريا الحرة ( قسد) وبعض العشائر العربية في شرق الفرات ، وروسيا ستجلس على طاولة المفاوضات لتمثل شتات او بقايا جغرافيا النظام السياسي السوري .
وهو سيناريو ان تحقق سيكون اشبه بمؤتمر يالطا (Yalta Conference) الذي كان اجتماعاً تاريخياً عُقد في شباط 1945 خلال الحرب العالمية الثانية، حيث اجتمع قادة الحلفاء الثلاثة الرئيسيون:
-فرانكلين ديلانو روزفلت (رئيس الولايات المتحدة الأمريكية).
-ونستون تشرشل (رئيس وزراء بريطانيا).
-جوزيف ستالين (زعيم الاتحاد السوفيتي السابق).
يوم عُقد المؤتمر في منتجع يالطا الواقع على ساحل البحر الأسود في شبه جزيرة القرم، بغية تنسيق الجهود العسكرية والسياسية في المرحلة الأخيرة من الحرب الثانية وتحديد معالم النظام الدولي بعد انتهاء الحرب.
ولكن هذه المرة سيتم في (يالطا الجديدة ) لتاسيس نظام ديمقراطي مزيف في سوريا تحت مسمى ( سوريا الكبرى) ولكن في حقيقته تشكيل ( سوريا الكانتونية الصغرى Little Canton Syria) مقسمة بين نفوذ وولاية القوى التي تخضع لسيطرة تركيا واميركيا وروسيا حالياً .
حيث ستقرر خرائط الشرق الاوسط الكبير او الجديد كما ارادها شمعون بيرس قبل اكثر من ثلاثة عقود .
انها الحرب السورية ماهي الا استراحة لاسرائيل بعد حربها في غزة وجنوب لبنان وفشلها عسكريا كي تحصل على المكافأة وهي تشكيل نظام سياسي في سوريا خالي ومجرد من شكلين من الايديولوجيات ودوافع الوجود السوري الراهن ، اولهما الوجود القومي العربي والثاني الوجود الاسلامي للجمهورية الايرانية. وهنا سيتسنى تحويل سوريا الى تشكيل كانتوني يتمتع بمناطق مغلقة من إثنيات وطوائف تحقق مركبات نظام سياسي هجيني عرقو-طائفي يخضع كل كانتون فيه لسياسة دولة كبيرة على حدة وتحديدا ( اميركا وروسيا وتركيا ) .
اذ يطرح الكاتب والمفكر السياسي الكبير ابراهيم العبادي في مقال مهم له بهذا الشان بعنوان : سوريا بعد لبنان التغيرات تتواصل …! مستطرداً القول (( ….لن تكون القراءة دقيقة ما لم يتم ربط الأحداث العسكرية في الشمال السوري بما جرى ويجري في المنطقة. عندما تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن إعادة بناء الشرق الأوسط بعد السابع من تشرين الأول 2023، كان واضحاً أن الخطط تستهدف تغيير سياسة النظام السوري والضغط عليه ليصبح منسجماً مع المتغيرات الناتجة عن حرب غزة-لبنان.
سوريا، التي تُعد مفصلاً ثابتاً في محور المقاومة، والتي صمد نظامها السياسي بفعل دعم عسكري إيراني-روسي-فصائلي، لم تستطع استعادة السيطرة الكاملة على البلاد. كما لم تُبنَ قوة كافية لتستغني عن الدعم الإيراني والجوي الروسي. بقيت خطوط التماس مع قوات المعارضة جامدة منذ اتفاق سوتشي الروسي-التركي-الإيراني عام 2019. منذ ذلك الوقت، لم يحقق النظام مكاسب استراتيجية تُعزّز موقفه، وبقيت التطورات الداخلية والخارجية مرهونة بعلاقات حليفيه الرئيسيين، إيران وروسيا.
كانت محاولات تركيا لتسوية الأوضاع في الشمال السوري تصطدم برفض دمشق واشتراطها انسحاباً تركياً شاملاً من المناطق المحتلة وتخليها عن دعم المعارضة. عندما حاول الرئيس أردوغان مراراً لقاء الرئيس الأسد بوساطة روسية، واجه رفضاً سورياً فُسّر بأنه نتيجة لضغط إيراني خشيةً من خسارة طهران لنفوذها القوي.
مع تعرض إيران وحلفائها في محور المقاومة لهجمات ضارية، وصعوبة الحفاظ على هيكليتهم، استفادت إسرائيل وتركيا من ضعف المحور. جاءت المرحلة الثانية من المشروع للتركيز على قطع خطوط الإمداد بين إيران ولبنان عبر سوريا.
مع انشغال روسيا بحربها في أوكرانيا وانتظارها عودة ترامب إلى البيت الأبيض لتخفيف تداعيات هذه الحرب، بدا واضحاً أن موسكو متفاهمة مع إسرائيل بشأن سوريا، كما تشير المعطيات الميدانية. الأتراك، من جهتهم، يحاولون استثمار الفرصة الراهنة لتعزيز وجودهم في سوريا من بوابة الحل الشامل الذي يدعون إليه وفقاً لقرارات مجلس الأمن.
اللحظة السورية الراهنة ليست لحظة قوة، فقد أضعف انسحاب حزب الله من مواقعه في شمال ووسط سوريا المعنويات بشكل كبير. كانت الضربات الإسرائيلية المتزامنة مع حرب غزة ولبنان مرهقة للفصائل غير السورية، وأدت إلى انسحاب مستشارين إيرانيين ومقتل بعضهم، بينهم قادة كبار.
باتت سوريا مكشوفة أمام مشروع إسرائيلي-أمريكي-تركي يهدف إلى فك ارتباطها بمحور المقاومة، مع قبول عربي وتفهم روسي. ضربة حلب هي مقدمة لمشروع سياسي-عسكري جديد يسعى لتفكيك محور المقاومة كلياً. إذا لم يتماسك الجيش السوري وحلفاؤه، فقد يصل المشروع إلى دمشق، مما يضع النظام أمام خيارين: إما استدارة كبيرة في سياسته أو المخاطرة بخسارة السلطة)).

ختاما: لننتظر مؤتمر يالطا القادم (الخاص بسوريا الديمقراطية الكانتنونية الجديدة New Cantonal Democratic Syria وتاسيس شرق اوسط جديد وبقوى دولية ثلاثية ستكون اميركا على راسها (ولاسيما بعد الرهان على توقف الحرب الروسية الاوكرانية بمجيء الرئيس ترامب خلال الاسابيع القادمة ) ومن خلفها قوات سوريا الديمقراطية (قسد )وعشائر عربية متحالفة . فقوات سوريا الديمقراطية (قسد) هي تحالف عسكري يتألف من مجموعات مختلفة تعمل بشكل رئيس في شمال وشرق سوريا. تشكلت في العام 2015، وتضم عناصر من الأكراد، والعرب، والسريان/الآشوريين، وغيرهم من المكونات المحلية. اذ تتبع القوات بشكل كبير الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، وهي مدعومة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في إطار الحرب ضد تنظيم “داعش” الارهابي.
وتركيا ومن خلفها مزيج داعشي مناقض تحت عنوان الجيش السوري الحر او هيأة تحرير الشام والفتوح المبين …!!!.
وروسيا ومن خلفها بقايا سوريا ونظامها الوطني الحالي ،لكي تنتهي اللعبة و يرتاح الكيان الاسرائيلي الذي اتعبته حرب 7 اكتوبر ليرقد على جغرافية سياسية جديدة تسمى خارطة الشام الجديد وهي الاساس للشرق الأوسط الكبير ، منهية بذلك لعبة الحرب الداخلية السورية و ليكشر الذئب الامبريالي عن اسنانه وهو يمرح على خرائط شرق اوسطية جديدة.

د.مظهر محمد صالح

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

وزير الاقتصاد السوري: نعيد بناء الدولة الجديدة بـ«تريليونات الدولارات»

أكد وزير الاقتصاد والصناعة السوري، الدكتور نضال الشعار، أن سوريا تدخل مرحلة اقتصادية نوعية تتجاوز فكرة “إعادة الإعمار”، لتنتقل إلى تأسيس “سوريا جديدة” تقوم على بنية تشريعية واستثمارية متطورة.

وقال إن البلاد مفتوحة الآن أمام استثمارات قد تصل إلى تريليونات الدولارات، في ظل رفع العقوبات الغربية عن الاقتصاد السوري.

وخلال مشاركته في قمة الإعلام العربي 2025، أوضح الشعار أن المرحلة القادمة لا تعتمد على “ترقيع ما كان”، بل على إعادة صياغة شاملة للبنية الاقتصادية، مشيرًا إلى أن الاستثمارات المرتقبة خلال المرحلة الأولى قد تبلغ 100 مليار دولار، مع توقيع اتفاقيات استراتيجية، أبرزها مذكرة تفاهم مع “موانئ دبي العالمية” بقيمة 800 مليون دولار لتطوير محطة متعددة الأغراض في ميناء طرطوس.

وفيما يتعلق بملف الخصخصة، قال الوزير: “الخصخصة مصطلح فضفاض لا يعكس بدقة ما نقوم به. نحن لا نبيع ممتلكات السوريين، بل نديرها بشكل ممنهج لخدمتهم”.

وأوضح أن ما يجري هو إعادة هيكلة للأصول العامة من خلال نماذج مثل B.O.T وP.P.P، ويتم التخلي عن بعض الأصول فقط إذا كانت عبئًا على الدولة وبالتالي على المواطن.

كما كشف عن خطة لعرض عدد من المصانع على المستثمرين عبر آلية المزايدة، ضمن رؤية جديدة تقوم على فكرة “حُسن إدارة أموال الشعب”، وليس بيعها.

وفي جانب آخر، أكد الشعار أن العمل الحكومي يتم بتنسيق مباشر ومستمر مع الرئيس السوري أحمد الشرع، واصفًا الرئيس بأنه “مستمع جيد ومتواضع، ويشارك في القرار دون فرضه”. ولفت إلى أن هذا الأسلوب خلق بيئة مرنة داخل المؤسسات، وساهم في تسريع اتخاذ القرار، خاصة في الملفات الصناعية والاقتصادية الحيوية.

وأضاف: “نتمتع بحرية شبه مطلقة في إصدار وتنفيذ القرارات، وهذا أعطى دفعة قوية للأداء الاقتصادي”.

وكشف الشعار عن إعادة تشغيل أكثر من 300 مصنع حكومي، بعضها يعمل جزئيًا، فيما استأنف أكثر من 400 مصنع خاص في حلب نشاطه، بينها 70 منشأة نقلت معداتها من الشمال السوري إلى داخل المدينة، ما يدل على عودة تدريجية للحياة الصناعية.

وقال الوزير إن الحكومة تعمل حاليًا على إعداد خارطة استثمارية شفافة تشمل قطاعات السياحة والصناعة، مؤكدًا أن السياحة ستكون أحد أعمدة الاقتصاد السوري الجديد. كما أشار إلى التعاون مع خبراء دوليين لإعادة صياغة القطاع بما يتماشى مع الهوية السورية الحضارية، مستشهداً بتجربة دبي كنموذج ناجح.

وأضاف: “نتلقى عروضًا من شركات متعددة لتطوير السياحة، والباب مفتوح للجميع”.

وشدد الشعار على أن دور الدولة لم يعد إنتاجيًا مباشراً، وقال: “لا يجوز أن تنتج الدولة الألبان أو الأحذية، بل عليها تيسير الأمور للقطاع الخاص”.

وأكد أن أكثر من 1200 مصنع حكومي، معظمها في الصناعات الاستهلاكية، سيتم إعادة هيكلتها بالشراكة مع القطاع الخاص، مع ضمان احتفاظ الشعب بحصته.

وكشف عن قرب صدور قانون استثمار جديد يهدف إلى تهيئة بيئة أكثر جاذبية وشفافية للمستثمرين، قائلاً: “نريد بيئة آمنة وفعّالة للاستثمار، ونحرص على أن تكون القوانين عادلة للجميع”.

وحول الوضع المعيشي، أشار الوزير إلى تحسن واضح خلال الأشهر الستة الماضية في توفر السلع الأساسية واستقرار الأسعار، لافتًا إلى أن ذلك يعود لزيادة الإنتاج المحلي، وتشغيل المصانع الصغيرة، وتمكين الورشات الحرفية.

وأضاف: “محاربة الفقر تبدأ من تمكين السوريين من الإنتاج، من أصغر حرفي إلى أكبر مستثمر، وهذا هو جوهر توجيهات الرئيس السوري”.

وختم الوزير حديثه بالقول: “سوريا اليوم تدخل مرحلة ذهبية، ولدينا طاقات محلية هائلة بحاجة فقط إلى من يحررها، الشباب العائدون من الخارج، والمستثمرون الجدد، هم من سيقودون بناء سوريا المستقبل.. وكل من يؤمن بفرصتنا فليأتِ، فالأبواب مفتوحة”.

يذكر أن قمة الإعلام العربي 2025 تُعقد في مركز دبي التجاري العالمي، برعاية محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وبتوجيهات أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الثاني لحاكم دبي ورئيس مجلس دبي للإعلام.

وتُعد القمة منصة استراتيجية تهدف إلى ترسيخ أسس إعلام عربي قادر على التفاعل مع متغيرات العصر، ومؤهل لصياغة محتوى مؤثر يُعبّر عن واقع المنطقة وتطلعاتها المستقبلية.

وتستقطب القمة نحو 8000 مشارك من الإعلاميين وصنّاع المحتوى والمؤثرين وخبراء التكنولوجيا الإعلامية والأكاديميين من داخل الإمارات ومختلف أنحاء الوطن العربي.

وتتضمن فعاليات القمة أكثر من 175 جلسة رئيسية و35 ورشة عمل، بالإضافة إلى إطلاق منتدى الأفلام والألعاب الإلكترونية لأول مرة، وتقديم النسخة المطورة من تقرير “نظرة على الإعلام العربي.. رؤية مستقبلية”.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية يستقبل المبعوث الأمريكي إلى سوريا ويبحثان خطوات الدعم الشعب السوري
  • وزير الاقتصاد السوري: نعيد بناء الدولة الجديدة بـ«تريليونات الدولارات»
  • جولة مفاوضات جديدة بين موسكو وكييف قريبًا.. وروسيا تصر على “حياد كييف”
  • بوتين يطرح معادلة السلام: أوكرانيا خارج الناتو وروسيا بلا عقوبات
  • الكيان الصهيوني وتاريخ النازية
  • الفاتيكان يعرض استضافة محادثات سلام بين أوكرانيا وروسيا
  • تركيا تعتزم إطلاق نظام رقمي لتقييم العقارات.. هل تنتهي فوضى الأسعار؟
  • الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية مؤسسة لكشف انتهاكات النظام السوري المخلوع
  • عقب قطعها العلاقات مع الكيان الإسرائيلي المحتل.. كولومبيا تُعيّن أول سفير لها في فلسطين
  • اللواء أبو قصرة: نتعاون مع وزارة الداخلية في ملاحقة فلول النظام وضبط السلاح وحصره بيد الدولة ومنع أي تعديات أو تجاوزات على الشعب السوري