من الصين إلى إيران.. كيف يستعد العالم لإدارة ترامب الثانية؟
تاريخ النشر: 2nd, December 2024 GMT
بعد فوزه بالانتخابات، يستعد العالم لعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وسط مخاوف من تغييرات جذرية في السياسة الخارجية الأمريكية. بحشب تقرير أعدته هيئة تحرير «واشنطن بوست »، فإن ترامب، الذي ركز حملته على شعار «أمريكا أولاً»، أرسل إشارات متباينة بشأن تعامله مع القضايا العالمية. رغم تعيينه شخصيات مثل السيناتور ماركو روبيو كوزير للخارجية والنائب مايكل والتز كمستشار للأمن القومي، وهما ليسا من دعاة العزلة، إلا أن تجربة ولايته الأولى تشير إلى ميله لاتخاذ قرارات براجماتية، حتى لو تعارضت مع نصائح مستشاريه.
من المتوقع أن يتراجع ملف تعزيز الديمقراطية عن قائمة الأولويات الأمريكية في ظل إدارة ترامب الثانية. حيث يفضل الرئيس المنتخب الصفقات السياسية التي تحقق مكاسب مباشرة، بدلاً من الالتزام بالترويج لقيم الديمقراطية. ورغم ذلك، ظلت الولايات المتحدة خلال الفترات السابقة منارة أمل للنضال من أجل الحرية، حتى عندما كانت تتردد في دعم الديمقراطية بسبب الاعتبارات الجيوسياسية.
يجب على مستشاري ترامب، مثل ماركو روبيو، العمل على الحفاظ على هذا الدور الرمزي للولايات المتحدة وعدم إطفاء هذه المنارة بالكامل، خصوصًا أن العالم ينظر إليها كقوة أخلاقية رغم التحديات.
أوروبا.. التحدي الأكبرمن المتوقع أن تواجه أوروبا آثارًا كبيرة جراء التغيرات في السياسات الأمريكية. مع عودة ترامب وسياساته الانعزالية، أصبح من الضروري على القادة الأوروبيين تسريع خططهم لتحقيق «الاستقلال الاستراتيجي» وتقليل اعتمادهم على الولايات المتحدة في المجال الأمني.
منذ عام 2022، زادت معظم دول الناتو من إنفاقها الدفاعي، مدفوعة بالتهديدات الروسية بعد غزو أوكرانيا. ومع ذلك، بقيت الجهود لتحقيق استقلال أمني أوروبي في إطار النظريات. عودة ترامب قد تُلزم أوروبا باتخاذ خطوات أكثر جدية لتحقيق هذا الهدف، خاصة مع شكوك ترامب بشأن تمويل الحرب الدفاعية لأوكرانيا.
ترامب أشار إلى نيته إنهاء الحرب سريعًا، وهو ما قد يعني تقديم تنازلات إقليمية لروسيا. إذا توقفت المساعدات الأمريكية لكييف، ستواجه أوروبا صعوبة في سد الفجوة بسبب محدودية ميزانياتها وإمداداتها العسكرية.
إيران والشرق الأوسط.. تصعيد محتملقد تشهد العلاقات مع إيران توترًا متزايدًا، خصوصًا مع تقارير عن مؤامرة إيرانية لاغتيال ترامب. من المتوقع أن يعزز الرئيس المنتخب العقوبات على إيران، خاصة في قطاع النفط، مع منح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حرية أكبر للتعامل مع التهديد الإيراني. هذه السياسات قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي أو خلق تحالفات جديدة بين الأطراف المتنازعة.
الصين وتايوان.. مواجهة اقتصادية وعسكريةقد يتصاعد التوتر مع الصين خلال ولاية ترامب الثانية، حيث اقترح فرض تعريفات جمركية تصل إلى 60% على السلع الصينية. قد تكون هذه الخطوة جزءًا من استراتيجية لتعزيز موقف الولايات المتحدة في المفاوضات التجارية، لكنها قد تضر بالمستهلكين والمصدرين الأمريكيين.
أما تايوان، فقد تشعر بالقلق بشأن التزام الولايات المتحدة بالدفاع عنها، خاصة بعد تصريحات ترامب حول “سرقة” تايوان لصناعة الرقائق الأمريكية وتهديده بفرض تعريفات على منتجاتها. على مستشاري ترامب إدراك أهمية تعميق العلاقات مع الدول الآسيوية لمواجهة النفوذ الصيني.
إدارة ترامب.. دروس من الماضيفي ولايته الأولى، تفاوتت قدرة القادة العالميين ومستشاريه في التعامل معه. الآن، مع عودته إلى البيت الأبيض، يجب على الجميع الاستعداد لتكيف سريع مع سياسات ترامب المتغيرة، بهدف الحفاظ على الاستقرار العالمي والحد من تداعيات إعادة تشكيل العلاقات الدولية
وزير الخارجية يلتقي نائب وزير خارجية استراليا
تعزيز التعاون العسكري بين مصر ومالي.. توقيع مذكرة تفاهم بين وزيري دفاع البلدين |فيديو
مفتي الجمهورية: ما يحدث في سوريا وفلسطين يؤكد أننا بحاجة إلى أصوات إعلامية تكشف تزييف الحقائق
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: واشنطن مقالات تايوان واشنطن بوست الواشنطن بوست ترمب النيتو الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
أوروبا والولايات المتحدة وسؤال القِيَم
في مناسبتين مختلفتين خلال الأسابيع القليلة الماضية سمعتُ مسؤولين كبار سابقين في إدارة بايدن وهم يوجهون نداء مفاجئا لأوروبا جاء فيه «أمريكا في محنة وجاء دورك للدفاع عن الديمقراطية».
يقينا سيكون ذلك عين الإنصاف على الرغم من أن ثمة مفارقة في رغبة الأمريكيين في مساعدة خارجية بدلا من تنظيم مقاومة في الداخل. فالحزب الديمقراطي ليس ميتا أو محظورا بموجب القانون.
لكن ربما ستجد أوروبا صعوبة في المسارعة إلى النجدة نظرا إلى أنها هي نفسها هدفٌ لهجوم دونالد ترامب على الديمقراطية الليبرالية كما اتضح في الحملات الانتخابية الأخيرة في رومانيا وبولندا.
قبل ثلاثة أسابيع أو نحو ذلك من انعقاد قمة الناتو لعام 2025 تنطلق كل الأحاديث التي تدور وسط المسؤولين الأوروبيين من هاجس الخوف من فك أمريكا ارتباطها بالقارة. ويطرح هؤلاء المسؤولون أسئلة من شاكلة هل يسحب ترامب الجنود الأمريكيين من أوروبا؟ وكم سيكون عددهم؟ ومتى؟ ومن أي بلد؟ وهل تعهُّدُ الدولِ الأعضاء بإنفاق 5% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع (والذي من الواضح أنه سيفيد صناعة الأسلحة الأمريكية) سيُرضِي هذه القوة المهيمنة ويُبقي التحالف عبر الأطلنطي (الناتو) على قيد الحياة؟
هذه الأسئلة مشروعة على خلفية حرب أوكرانيا. لكنها تخطئ المسألة الحقيقية. فالتهديد الأكبر الذي يشكله رئيس الولايات المتحدة على أوروبا ليس سحبَ الجنود أو المعدات. إنه تغيير الأنظمة، ترامب لن يتخلى عن حلف الناتو، بل المحصلة المعقولة هي تفكيكه والقضاء عليه بسلسلة من الإجراءات المؤلمة، حسب مسؤول دبلوماسي أمريكي سابق.
ما يفعله الرئيس ترامب وأتباعُه للديمقراطية الأمريكية من تقويض لمؤسساتها وتطبيعٍ للفساد وبث للخوف في نفوس النخب الفكرية ومطاردة للمهاجرين وتهديد للقضاة والإساءة إلى القادة الأجانب في المكتب البيضاوي أخطر بكثير. وكما تقول عالمة السياسة الإيطالية ناتالي توتشِّي «الصدمة الترامبية الحقيقية ليست التخلي (عن أوروبا). إنها الخيانة».
من المفترض أن يكون التحالف عبر الأطلسي مرتكزا على قيم مشتركة.
وإذا أعادت أمريكا تعريف هذه القيم ووجهتها ضد حلفائها فمن الحتمي أن يشعروا بالخيانة. هذا ما حدث عندما اتهم نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس أوروبا في فبراير بالتراجع «عن أهم قيمها الأساسية» بما في ذلك حرية الكلام، وألقى مواعظ على قادتها عن هذا «التهديد من الداخل».
هذا أيضا ما حدث في الأسبوع الماضي (تاريخ المقال 5 يونيو) عندما نشرت وزارة الخارجية التي يقودها ماركو روبيو ورقةً تحت عنوان «الحاجة إلى حلفاء حضاريين في أوروبا» عبر مكتبها المسؤول عن شؤون الديمقراطية. (يقصد بحلفاء حضاريين حلفاء يشاطرون الولايات المتحدة قيمها وهويتها الحضارية- المترجم).
حذرت الورقة من أن «التقهقر الديمقراطي لأوروبا ... يؤثر باطراد على الأمن الأمريكي»، وجاء فيها أيضا «على كلا جانبي المحيط الأطلسي، يجب علينا الحفاظ على قِيَم ثقافتنا المشتركة وضمان بقاء الحضارة الغربية مصدرا للفضيلة والحرية وازدهار البشر».
وهكذا فجأة صارت للمبادئ التي ترتكز عليها الحضارة الغربية معانٍ ودلالات مختلفة في أمريكا وأوروبا. فما يدعوه روبيو «طغيانا مستترا» هو في نظر الحكومة الألمانية «ديمقراطية» خالصة. وفي حين يرى فانس «تهديدا من الداخل» يرى العديد من قادة أوروبا تهديدا من الولايات المتحدة. هذه مشكلة في «تحالف يرتكز على قيم».
قد يشير المؤرخون إلى أن الأوروبيين والأمريكيين كانت لديهم خلافات حول القيم من قبل. وما هو مختلف هذه المرة ليس فقط المدى الذي تسعى إدارة ترامب في الذهاب إليه لتغيير النظام السياسي الأمريكي ولكن أيضا حقيقة أن فريق ترامب وتحديدا نائبه فانس يريد من أوروبا اتباع نفس المسار.
يُشَن هذا الهجوم في وقت تشعر فيه حكومات عديدة في أوروبا بضعف وضعها بسبب صعود أحزاب أقصى اليمين. ويعد هذا الصعود التهديدَ الذي تتعرض له «من الداخل» في حين يمثل لأعوان ترامب أداة قوية للدفع بأجندة ماغا (شعار لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى) في أوروبا.
يقول مسؤول إسباني متحسرا: « الآن زعيم هذه الحركة يوجد في البيت الأبيض. بالنسبة لنا هذا عامل مغيّر لقواعد اللعبة».
في بولندا شاهدت حكومةُ يمين الوسط في أسى واشنطن وهي تولي اهتماما شديدا لانتخاباتها. فقد استضاف ترامب المرشح القومي للرئاسة كارول ناوروتسكي في المكتب البيضاوي قبل أسبوعين من الجولة الأولى للانتخابات في الشهر الماضي. ثم قبل خمسة أيام فقط من الجولة الثانية وبعدما أوضحت استطلاعات الرأي أن المنافسة ستكون حامية الوطيس حضرت كريستي نويم وزيرة الأمن الداخلي الأمريكية فعالية في بولندا لدعم ناوروسكي الذي فاز بفارق ضئيل يوم الأحد 1 يونيو.
لكن النجاح غير مضمون. ففي رومانيا فشل المرشح الذي يؤيده ترامب في الفوز بالانتخابات الشهر الماضي، ويشعر بعض الساسة الأوروبيين من أقصى اليمين بعدم الارتياح من ربطهم برئيس أمريكي غير محبوب.
لدى الديمقراطيين الأوروبيين المحاصرين بالمشاكل الكثير الذي ينبغي لهم عمله، نعم أمريكا في محنة، لكن قبل أن يكون بمقدورهم المساعدة عليهم إصلاح حالهم أولا.