زايد وراشد.. والاتحاد
لا يمكن الحديث عن اتحاد دولة الإمارات؛ خاصة في مثل هذه الأيام من كل عام دون ذكر اسمي المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه” والمغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم “رحمه الله”، فدورهما في قيام هذه التجربة الوحدوية الفريدة، وأفكارهما الملهمة هما الأساس الذي نتزود منها نحن في مسيرتنا التنموية المبهرة.
ومع كل حديث سياسي أو اجتماعي أو مداخلة تجد اسمهما موجودين في قلوب وعقول شعب الإمارات الصغار قبل الكبار.
فعلى مدى أسبوع، أو يزيد عاشت دولة الإمارات “عيد اتحادها الـ53” بفعاليات احتفالية مختلفة وهي ما تزال مستمرة مع نشر هذه المقالة إلى السابع من شهر ديسمبر الذي شهد مولد “اتحاد الإمارات” النموذجي وفريد من نوعه وذلك في العام 1971.
هذا “الاتحاد” الذي يكاد يتفوق بمعيار “عمر الدول” على العديد من التجارب الاتحادية في العالم بعضها انهارت مثل تجربة الاتحاد السوفيتي، وبعضها مستمر مثل الاتحاد الفيدرالي الأمريكي الذي يعتبر النموذج العالمي حتى الآن ولكن بالمقارنة مع الإنجازات التي تحققت في دولة الإمارات “بمعيار العمر” لا يكاد يقل عن الإنجازات الأمريكية وهو ما يحق لنا نحن في دولة الإمارات أن نشعر الفخر والاعتزاز باتحادنا وبقيادتنا السياسية التي تتسم بالرؤية الحكيمة.
إن الاحتفال بـ”عيد الاتحاد” أصبح عرفاً مجتمعياً في الإمارات يقام في بداية شهر ديسمبر من كل عام؛ بل يتم التخطيط له بما يليق بالإنجازات، بل الأكثر من ذلك، هو حدث وطني مهم نستذكر فيه القيم الإنسانية الإماراتية التي أفرزتها هذه التجربة التنموية ونستعيد الدروس في كيفية تجاوز التحديات دون التأثر في المسيرة التنموية ليس فقط من أجل ترسيخها وتعزيزها بين أفراد المجتمع الإماراتي من مواطنين ومقيمين، وإنما الأهم من كل ذلك إظهارها لباقي دول العالم ولإقليمنا العربي: بأن وجود قيادات سياسية لديها رؤية تهتم بالإنسان فإن الأمر يسهل في شأن تحقيق كل الإنجازات وفي التغلب على كل التحديات التي يمكن أن تواجها المجتمعات.
قد تبدو الاحتفالات الرسمية التي تقيمها المؤسسات الاتحادية أمراً مفهوماً أو باعتباره تكليفاً مهنياً بطبيعة إبراز الإنجاز الذي تحقق على مدى الثلاث والخمسين عاماً الماضية؛ ولكن الذي ينبغي أن يلفت انتباهنا حالة التعبير من قبل المواطنين والمقيمين بمختلف الأجيال، وأقول “بمختلف الأجيال”؛ لأن أحياناً عدم العيش في زمن البدايات الأولى للاتحاد لا يمكن للفرد تخيل ما وصلت له الدولة ولكن أن تشترك كل الأجيال في الاحتفال بهذا الحدث وبهذا الزخم والروح فهذا دليل على حالة الإدراك الواعي لما حققته دولتنا وبالتالي وجب الاحتفال والفرح في “عيد اتحادها”.
وبجانب اسمي “زايد وراشد” أيقونتي الاتحاد وإنجازاته والتي طبعت في أماكن كثيرة من الإمارات والتي تعني أنها إشارة امتنان من شعب الإمارات لهما بهذه الجائزة الكبيرة المتمثلة في الاتحاد، فإن النشيد الوطني لدولة الإمارات وعلمها المرفوع عالياً خفاقاً أو الذي حمله الكثيرون على صدورهم هو أبرز وأسمى تعبير عن الفرح في هذا اليوم الذي يُجدد فيه الشعب الإماراتي ولاءه لقيادته، ويؤكد فيه انتماءه لهذا الوطن الغالي ويبدي استعداده للدفاع عنه بكل ما هو نفيس وغال.
إن اقتران يوم الشهيد الذي يوافق 30 من نوفمبر الذي نتذكر فيه من قدموا أرواحهم فداءً للوطن وفي مع أيام الاحتفال بـ”عيد الاتحاد” يؤكدان أن الأوطان تفدى بالأرواح، فكيف إذا كان الوطن هو: دولة الإمارات.
ما نراه ليس جديداً على الإماراتيين ولكن هو تأكيد على أن هذا الاتحاد يترسخ كل يوم في نفوس هذا الشعب، وأن تبادل التهاني بين أفراد المجتمع هو دليل على حجم الفرحة التي تسيطر عليهم في يوم “عيد الاتحاد” فكل عام والإمارات وشعبها بأمان واستقرار.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: دولة الإمارات
إقرأ أيضاً:
بمناسبة اليوم العالمي لصون النظم البيئية للقرم.. ريادة إماراتية في حماية غابات القرم
هالة الخياط (أبوظبي)
حققت دولة الإمارات العربية المتحدة إنجازات ملموسة في مجال حماية واستعادة النظم البيئية الساحلية، وفي مقدمتها أشجار القرم، التي تُعد من أهم عناصر البنية الطبيعية لمواجهة تغير المناخ. وبفضل رؤية بيئية طموحة، مدعومة من القيادة الرشيدة، تبنّت الدولة مجموعة واسعة من المبادرات النوعية والبرامج البحثية والميدانية، التي أسهمت في توسيع الرقعة الخضراء على السواحل، وتعزيز التنوع البيولوجي البحري.
وقد رسّخت هذه الجهود موقع الإمارات كدولة رائدة في الحفاظ على النظم البيئية لأشجار القرم إقليمياً ودولياً، وجعلت منها نموذجاً يُحتذى به في استخدام الحلول الطبيعية لمواجهة التحديات المناخية. وتتزامن هذه الجهود مع اليوم العالمي لصون النظم البيئية لأشجار القرم، الذي يوافق 26 يوليو من كل عام، وهو مناسبة عالمية تؤكد أهمية تعزيز الوعي البيئي، وتُبرز دور أشجار القرم كدرع طبيعي في مواجهة ارتفاع منسوب مياه البحر، وتآكل السواحل، واختلال التوازن البيئي. وتأتي هذه المناسبة لتجدد التزام دولة الإمارات بمسارها الطموح نحو الحياد المناخي، حيث تضع حماية القرم، وتوسيع نطاقها في قلب استراتيجيتها الوطنية للاستدامة.
وضمن توجهها البيئي الاستراتيجي، أطلقت دولة الإمارات مبادرة زراعة 100 مليون شجرة قرم بحلول عام 2030، وهي من أكبر المبادرات المناخية في المنطقة. وتسعى هذه المبادرة إلى تعزيز قدرة السواحل على مقاومة التغير المناخي، وزيادة امتصاص الكربون، في إطار التزام الدولة بتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050، إلى جانب دعم التنوع البيولوجي عبر توفير بيئة حاضنة للكائنات البحرية. وقد تم حتى منتصف عام 2025 زراعة أكثر من 30 مليون شجرة قرم ضمن هذه المبادرة، باستخدام أساليب مبتكرة مثل الزراعة عبر الطائرات المسيّرة وتقنيات الاستزراع النسيجي.
شريان حياة بيئي
في كلمتها بهذه المناسبة، قالت معالي الدكتورة آمنة بنت عبدالله الضحاك، وزيرة التغير المناخي والبيئة: «إنها لحظة ملهمة لتأمل جمال وعظمة أشجار القرم التي تزين سواحلنا، وتشكل درعاً طبيعياً يحمي من ارتفاع منسوب مياه البحر وتداعيات تغير المناخ». وأكدت معاليها أن أبرز ما يميز هذه الأشجار هو قدرتها العالية على احتجاز ثاني أكسيد الكربون، بواقع أربعة أضعاف قدرة الغابات الاستوائية، إلى جانب دورها في توفير الغذاء والمأوى للكائنات البحرية، ما يجعلها نظاماً بيئياً متكاملاً. وشددت على أهمية الشراكات المجتمعية والمؤسسية في تحقيق رؤية الدولة في هذا المجال، مؤكدة أن «وجودنا يعتمد بشكل مباشر على وجودها».
مبادرات وطنية
تُعد الإمارات من الدول السباقة في إطلاق برامج متقدمة لحماية وتوسيع غابات القرم، ومن أبرز هذه المبادرات، برنامج «إكثار القرم» الذي يركز على تطوير أساليب استزراع شتلات القرم باستخدام التكنولوجيا الحيوية، بما يضمن إنتاج شتلات عالية الجودة قادرة على التكيف مع البيئات الساحلية المختلفة.
ومشروع زراعة القرم باستخدام الطائرات المسيّرة الذي يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي والطائرات من دون طيار لنثر بذور القرم بكفاءة ودقة في المواقع المستهدفة، مما يُسهم في تسريع وتوسيع نطاق عمليات الزراعة.
تحالفات عالمية
وإلى جانب جهودها المحلية، تلعب الإمارات دوراً محورياً في حماية أشجار القرم عالمياً من خلال، تحالف القرم من أجل المناخ الذي يضم 45 عضواً من حكومات ومنظمات غير حكومية، ويهدف إلى دعم التمويل والاستراتيجيات الدولية لحماية القرم، إضافة إلى مركز محمد بن زايد - جوكو ويدودو لأبحاث القرم في جزيرة بالي الإندونيسية، والذي يمثل منصة علمية عالمية لابتكار حلول فعالة في مجال استعادة النظم البيئية الساحلية.
وتواصل دولة الإمارات جهودها العالمية من خلال استضافة المؤتمر العالمي لحماية الطبيعة (IUCN) في أكتوبر المقبل بأبوظبي، حيث سيتم تخصيص محور رئيسي لأهمية القرم، ودورها في تعزيز صمود البيئة عالمياً.
وتؤكد دولة الإمارات أن صون النظم البيئية لأشجار القرم هو ركيزة محورية ضمن مسيرة التنمية المستدامة في دولة الإمارات. وبينما تمضي الدولة بخطى ثابتة نحو تحقيق أهدافها البيئية، تبقى حماية القرم مسؤولية جماعية تتطلب تضافر جهود الأفراد، المؤسسات، والحكومات، فوجود هذه الأشجار لا يحافظ فقط على توازن البيئة، بل يشكل استثماراً مباشراً في مستقبل الأجيال القادمة.