مهووس بالنساء ولا يعير لكرامتي أي إعتبار
تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT
مهووس بالنساء ولا يعير لكرامتي أي إعتبار.
ما العمل مع زوج ليس منه أمل؟
سيدتي، أقدر فيك روح المسؤولية وحبك لبسط السكينة في القلوب والدليل فضاء ادم وحواء الراقي الذي يزين موقع النهار اونلاين ويبعث في قرائه من التائهين كبير الأمل. ولا أخفيك أنني واحدة ممن فقدوا اللذة في الحياة ولم يعد لديهم أدنى رغبة في الإستمرار خاصة وأن ما أتوق إليه يسير في تيار أخر.
سيدتي، أنا على حافة الإنهيار، فما أمر به لا يخطر على بال لأن زوجي و رفيق دربي يعيش حياته يخونني . مع نساء أقلّ شأنا ومستوى وهو
واجهته وطالبته على الأقل أن يحترم كياني ويتفهم أنني أحبه، إلا أنني وجدت منه الصد والنكران. ولا أخفيك سيدتي أنني لا أعاب في شيء،
فأنا إمرأة جميلة ، أنيقة وليس لي من السلبيات ما يجعل زوجي ينصرف عني و يهرع نحو أحضان من هب ودبّ. صدت الأبواب في وجهي ولست أدري إن كان من الواجب علي أن أبقى على ذمته أم لا؟وأنا من خلال هذا الفضاء ألأتمس منك سيدتي ردا يريح قلبي ومهجتي.
ش. نسيبة من الشرق الجزائري.
الرد:
أكبر سهم يوجه إلى القلب المحب والصادق : الخيانة، فهي تدميه وتحطمه وتجعله قاب قوسين أو أدنى من أن يتذوق طعم الراحة. أحسّ بما تكابدينه أختاه وأعلم أنك في موقف لا تحسدين عليه ، فأن تجدي نفسك وأنت الكاملة المكملة -والكمال لله وحده-في الحضيض بسبب أهواء زوجك وأنت التي لم تتواني يوما أن تمنحيه الحب والحنان والصدق والوفاء أمر يجعلك حقا تفكّرين في هجره والإبتعاد عنه وأنت تؤثرين على نفسك أن تحيي بكرامة. حاولت مرارا وتكرارا وأردت أن تضعي يدك على الهوة التي جعلت من زوج لا ينقصه شيء يهوى بمستواه نحو الحضيض. ومن هذا المنطلق أنصحك أختاه أن تصبري وتمنحي زوجك على الأقل فرصة أخيرة تذكريه من خلالها بما بينك وبينه من معروف،وماض جميل وحتى يكون على بينة أيضا بما سيخسره إن أنت هجرته وقابلت إساءته إليك بالهروب منه إلى حرية تحفظ لك كرامتك وكيانك.
حاولي أختاه أن تحثي زوجك على الصلاة والتقرب من الله بالعبادات، وأخبريه على الاقل أنه إن كان يهوى إنسانة معينة فله أن يرتبط بها ويتزوجها على سنة الله ورسوله ، فذلك أحسن ألف مرة من أن يهين نفسك وكيانه بين نساء قد تكنّ من بائعات الهوى أو الساقطات اللواتي ستجعل حاضره أسوأ من ماضيه، ولتذكريه أن ما يقترفه يدخل في أبواب الزنا، وقد حذّر الله وتوعد الزّاني بخراب بيته ولو بعد حين.
إن وجدت أختاه ان دار لقمان لازالت على حالها بعد مدة من الزمن فلك أن تختاري الطلاق وتحفظي كرامتك وسيعوضك الله لا محالة بمن سيجبر خاطرك ويحسن إليك.
ردت: س.بوزيدي.
المصدر: النهار أونلاين
إقرأ أيضاً:
خمسُ كاملاتٍ أوقفتْ المعجزات
في صباحٍ هادئ، كنتُ أقرأ مع ابني سورة النمل، فتوقّفتُ طويلا أمام مشاهدها العجيبة: سليمان عليه السلام يرى ما لا نرى، ويسمع دبيب النملة وهي تخشى على قومها، ويفهم خطاب الهدهد وهو يحلّق فوق مملكة سبأ. عالمٌ كبيرٌ من المعجزات الحسيّة التي رافقت الأنبياء، من موسى وعصاه، إلى عيسى وشفائه للمرضى، إلى صالح وناقته التي خرجت من الصخر.
معظم الأنبياء الذين ورد ذكرهم في القرآن جاؤوا بآياتٍ كونية، خارقة، محسوسة، تراها العيون وتلمسها الأيدي. لكنني عندما تأمّلتُ تاريخ الوحي بعد بعثة محمد ﷺ وجدتُ شيئا لافتا: توقّفت المعجزات المادية الكبرى، وانتهى عهد الآيات الكونية التي كانت تباغت الأقوام، وتحسم الموقف بين الإيمان والتكذيب حسّا لا جدال فيه.
لماذا تغيّر هذا النظام الكوني؟ لماذا اختفى نمط المعجزات الحسية تماما بعد البعثة الخاتمة؟ وجدتُ الجواب في سورة الإسراء، في قوله تعالى: "وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ.. وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفا". ومع هذا التأمل، كان الحوار الذي دار بيني وبين ابني سببا في إدراك عددٍ من المعاني العميقة، المستفادة من كتاب الله، حول سرّ توقّف المعجزات الحسية بمجيء رسول الله ﷺ.
أولا: لأن الرسالة الخاتمة جاءت رحمة للعالمين
المعجزات الحسية لم تكن مجرد آيات، بل كانت -في كثير من الأحيان- مقدّمات لعذابٍ عام إذا أصرّ القوم على التكذيب. قوم ثمود كُذِّبوا ثم طُحِنوا، وقوم عاد قُضي عليهم بالريح، وقوم لوط بالصّيحة، وقوم نوح بالطوفان.. كان نظام الكون قبل بعثة محمد ﷺ قائما على الآية ثم العذاب.
لكن الله قال عن نبيه الخاتم: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَة لِلْعَالَمِينَ"، ومن تمام هذه الرحمة رفع العذاب الاستئصالي عن البشرية، فلم يعد الكافر يُهلك بالخسف، أو الصيحة أو الريح أو النار، بل أُرجئ الحساب إلى يوم القيامة.
ولو استمرت المعجزات الحسية كما كانت، لكان تكذيبها يستوجب العذاب، ولما بقي على وجه الأرض كافر. فكانت الحكمة الإلهية أن يُرفع نظام المعجزة المادية، وأن يُترك البشر لرحمة الله في الدنيا، وعدله الكامل في الآخرة.
ثانيا: لأن التاريخ أثبت أن المعجزات لم تغيّر قلوب المعاندين
في سجلّ الإنسانية، لم يكن الجاحدون ينتفعون بالمعجزات، بل كانت تصبح -كما قال العلماء- "وبالا عليهم"، لأنهم يشاهدون الحقّ ثم يعاندون فيزدادون بُعدا وهلاكا. المعجزة لم تكن تُنتج إيمانا للقلوب المغلقة، بل تُنتج حُجّة عليهم. ولهذا قال تعالى: "وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ". فجاء الإسلام بنمطٍ جديد: ليس المطلوب أن تُجبَر البشرية على الإيمان الصادق عبر الظواهر الخارقة، بل أن تختار الحقيقة بعقلها وفطرتها. معجزة تُرى بالعين قد تُرعب، لكنها لا تهذّب، أما كلمة تُفهم بالعقل فقد تهزّ الإنسان من داخله.
ثالثا: لأن معجزة الإسلام هي معجزة عقلية ـ خالدة تتجاوز حدود الزمن
المعجزة الحسية يشاهدها قوم ثم تُصبح قصة، أما القرآن فهو معجزة تُشاهد بالعقل، وتتكرر كل يوم، ومفتوحة لكل جيل إلى قيام الساعة. القرآن ليس معجزة واحدة، بل هو منظومة من الإبداع والإعجاز: عمق لغوي، منظور تشريعي، تناسق كوني، دلائل غيبية، منهج إصلاحي، إشراق روحي.
وهو المعجزة الوحيدة في التاريخ التي يمكن لأي إنسان -عالما كان أو عاميا- أن يتذوقها، ويُعيد اكتشافها في كل عصر. لذلك تغيّر النظام الكوني في عهد الرسول ﷺ: لم يعد البشر بحاجة إلى معجزات حسية تأتي وتختفي، لأن بين أيديهم معجزة خالدة، لا تنتهي، ولا تشيخ، ولا تتعطّل.
رابعا: لأن البشرية نضجت.. وأصبحت قادرة على الاقتناع لا الإكراه
من معاني الحكمة الربانية أن الإنسان قد وصل -في عصر الرسالة الخاتمة- إلى مستوى من الوعي يسمح له أن يتعامل مع القرآن بالعقل والقلب، لا بالخوف من العذاب المادي. البشرية أصبحت مستعدة: أن تُقنع وتُحاور، أن تبحث وتستدل، أن تُؤمن عن اقتناع لا عن قهر.
وأصبح الأصل هو التدافع الإنساني، والاختبار، والاجتهاد، والإحسان في العمل: "وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا". إنه إعلان إلهي بأن مرحلة الطفولة البشرية -التي كانت تحتاج الآيات الخارقة- قد انتهت، وأن الإنسان اليوم قادر على أن يُقبل على الله من باب الفطرة والعقل والحوار. لم تعد الحاجة إلى الخسف، ولا الصاعقة، ولا الناقة التي تخرج من الصخر؛ بل أصبحت حاجة الإنسان إلى آيةٍ تهدي العقل قبل العين، وتُصلح القلب قبل الجسد.
خامسا: لأن الرحمة الإلهية اقتضت أن يُترك البشر لصناعة مستقبلهم
بعد الرسالة الخاتمة، لم يعد الله يُظهر آيات حسية لفرض الإيمان، ولا يُهلك الأقوام استئصالا؛ بل ترك الإنسان في ميدان الاختيار، يعمل، ويتنافس، ويجتهد، ويبحث، ويتحاور: "قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ". ومن يُحسن عملا، تتنزل عليه الرعاية الربانية، والنصر، والتوفيق. ومن يُعرِض، يُمهَل إلى يومٍ لا ريب فيه. هذه هي السنة الجديدة التي بدأت بنزول الوحي على محمد ﷺ: سنة الإقناع بدل الإكراه.. وسنة رحمة بدل الاستئصال.. وسنة العقل بدل المعجزة الحسية.
خاتمة: ارتفاع مستوى الخطاب الإلهي.. وارتقاء الإنسان
توقّف المعجزات الحسية ليس نقصا في عصر الرسالة الخاتمة، بل هو ارتقاء للبشرية وتكريم لها من الله سبحانه وتعالى، ونقلة من مرحلة المعجزات إلى مرحلة الهداية المباشرة بالقرآن.
لقد أراد الله أن يدخل الإنسان عصر النضج، عصر الإيمان الحرّ، عصر الإقناع لا القمع، عصر الرحمة لا الهلاك، عصر الكلمة التي تبني، لا الصاعقة التي تهدم.