تؤدي الفتوى دورًا محوريًا في إرساء دعائم الأمن المجتمعي، حيث تمثل حلقة وصل بين القيم الدينية والممارسات المجتمعية التي تكفل تحقيق السلام والاستقرار، هذا الدور ينبع من قدرة الفتوى على توجيه الأفراد والمجتمعات نحو الفكر المعتدل ومواجهة التطرف والخلل الفكري الذي يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن بجميع صوره.

الأمن الفكري أساس الأمن المجتمعي

يُعد الأمن الفكري المدخل الرئيسي لتحقيق أنواع الأمن الأخرى، سواء كان اجتماعيًا، أو اقتصاديًا، أو حتى سياسيًا.

فحين يتعرض التفكير للخلل، يُصبح الإنسان عُرضة للتأثر بالأفكار التي تدفعه إلى العدوان على الآخرين سواء بالقول أو الفعل. هذا الخلل لا يقتصر على الجوانب الفردية فحسب، بل قد يتحول إلى تهديد للسلم العام من خلال نشر أفكار مغلوطة أو دعوات تثير الفتن والانقسامات.

وأكدت دار الإفتاء المصرية في تصريحات سابقة أن الفتوى لا تتعامل فقط مع الأحكام الشرعية المجردة، بل تأخذ بعين الاعتبار الواقع المجتمعي، وما يحيط به من تغيرات ثقافية وفكرية. فالمجتمع يتغير من زمن إلى زمن، ومن بيئة إلى أخرى، وهو ما يضع على الفتوى مسؤولية التكيف مع هذه التحولات، دون الإخلال بالثوابت الدينية.

كيف تساهم الفتوى في تحقيق الأمن؟

التصدي للأفكار المتطرفة:
تقوم الفتوى بتفنيد الشبهات التي تروج لها الجماعات المتطرفة، وتوضح الموقف الشرعي الصحيح المبني على وسطية الإسلام.

تعزيز السلم الاجتماعي:
تعالج الفتوى النزاعات المجتمعية من خلال تقديم حلول شرعية تنسجم مع القيم الأخلاقية، وتدعو للتسامح ونبذ العنف والعدوان.

بناء الوعي الديني الصحيح:
تسهم الفتاوى في تنوير العقول، عبر تقديم تفسيرات واضحة وميسرة للنصوص الدينية، مما يقي الأفراد من الوقوع في براثن التفسير الخاطئ أو المتعمد.

تعزيز المسؤولية المجتمعية:
من خلال بيان أهمية احترام القوانين والنظم العامة، تحث الفتوى على التكاتف لتحقيق المصالح العامة.

التحديات التي تواجه الفتوى

في ظل التغيرات السريعة التي يشهدها العالم، تواجه الفتوى تحديات كبيرة، من أبرزها ظهور الفتاوى الفردية غير المؤسسية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي قد تحمل توجهات متشددة أو خاطئة.

وهنا يظهر دور المؤسسات الرسمية، مثل دار الإفتاء المصرية، في التصدي لهذه الظاهرة من خلال تقديم فتاوى موثوقة ومتوازنة، تستند إلى فهم عميق للشريعة الإسلامية وواقع العصر.

الفتوى.. أداة لتحقيق الاستقرار

من خلال مواجهة الفكر المتطرف، ونشر الوعي الديني الوسطي، وتعزيز مفاهيم التعايش السلمي، تظل الفتوى أداة فعالة في تحقيق الأمن المجتمعي. إنها ليست مجرد أحكام فقهية، بل وسيلة لتحقيق التكافل والطمأنينة، والتصدي لكل ما يهدد سلامة الأفراد والمجتمعات.

ختامًا، يؤكد الخبراء أن تكامل جهود الإفتاء مع الجهات التربوية والإعلامية والقانونية يضمن استدامة الأمن الفكري، الذي هو مفتاح تحقيق مجتمع آمن ومستقر.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الفتوى الأمن الفكري الأمن المجتمعي الديني الاجتماعى الأمن الفکری من خلال

إقرأ أيضاً:

في لقاء يوليو الفكري .. خبراء: التعليم الناصري صنع طبقة وسطى واعية

شهدت فعاليات ملتقى يوليو الفكري جلسة ثرية بعنوان "جمال عبدالناصر والحراك الاجتماعي"، شارك فيها نخبة من المفكرين والخبراء، الذين ناقشوا الدور الذي لعبه التعليم في حقبة ثورة يوليو، وتأثيره على تشكيل الطبقة الوسطى.


من جانبه، أوضح الدكتور أحمد الصاوي، أن التعليم في عصر محمد علي لم يكن موجها لتحقيق حراك اجتماعي، بل خُصص لخدمة احتياجات الجيش، من خلال افتتاح المدارس العليا والمصانع، مشيراً إلى أن التعليم الحقيقي الدافع للحراك الاجتماعي بدأ في عهد عبدالناصر.

فيما روت الكاتبة سلوى بكر تجربتها الشخصية، قائلة إن منى عبدالناصر كانت زميلتها في مدرسة كوبري القبة، مؤكدة أن التعليم في العهد الناصري ساهم في توسيع الطبقة الوسطى وخلق حالة من الاستنارة، بينما أصبحت تحويلات المصريين في الخارج أحد مصادر الدخل القومي آنذاك. وانتقدت بكر النخبوية التعليمية التي تسببت لاحقاً في "قهر الشعب بالتعليم".

من جانبه، قال المفكر محمد السعيد إدريس إن ثورة يوليو نجحت في إلغاء الفوارق الطبقية بالتعليم، إلا أن الوضع الراهن يشهد تحول التعليم إلى حالة من "الطبقية"، حيث أصبح التعليم الخاص متفوقًا على الحكومي، مشدداً على تهميش اللغة العربية والتعليم الإسلامي.

أما الدكتور طارق فهمي حسين، فلفت إلى أن توجهات يوليو انتهت فعلياً مع بداية سبعينيات القرن الماضي.

من ناحيته، أكد السفير محمد عبدالمنعم وجود حملة ممنهجة لتشويه ثورة يوليو وزعيمها جمال عبدالناصر، في مقابل محاولات لتجميل عصر أسرة محمد علي، مبرزًا أن التعليم يظل مدخلاً رئيسيًا للحراك الاجتماعي، لكنه لا يتحقق دون وعي مجتمعي حقيقي بقيمته.

طباعة شارك ملتقى يوليو الفكري حقبة ثورة يوليو عبدالناصر

مقالات مشابهة

  • جوتيريش يؤكد أن حل الدولتين هو المسار الموثوق به لتحقيق سلام عادل ودائم
  • وزير  الخارجية: تحقيق الأمن والسلام بالمنطقة يبدأ من إنصاف الشعب الفلسطيني
  • جابر: العامل الأساسي في تحقيق النمو هو الاستقرار
  • محافظ الغربية يهنئ مدير الأمن الجديد: التكامل سر استقرار الشارع في عروس الدلتا
  • البرامج الصيفية الرياضية تحتضن الناشئة وترفع الوعي المجتمعي
  • الشرع وماكرون يبحثان القضايا الإقليمية ومستجدات الأوضاع في سوريا
  • إعلان الحكومة الانتقالية خطوة لتحقيق الاستقرار في السودان
  • البطالة وأثرها على الاستقرار المجتمعي
  • في لقاء يوليو الفكري .. خبراء: التعليم الناصري صنع طبقة وسطى واعية
  • تحقيق إسرائيلي: ما هي شركات الطيران التي لا تزال تحلق فوق اليمن وإيران؟ (ترجمة خاصة)