مفتي الجمهورية: القيم القرآنية هي الطريق لإعادة الإنسان إلى إنسانيته وتوجيه المجتمع نحو السلام
تاريخ النشر: 7th, December 2024 GMT
أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الديار المصرية، أن المسابقة العالمية للقرآن الكريم هي فرصة هامة لاستخلاص تلك القيم القرآنية العميقة التي تسهم في بناء مجتمع يسير على النهج القويم، داعيًا الجميع إلى الاجتهاد في تطبيق ما يتعلمونه من كتاب الله تعالى في حياتهم اليومية.
وتقدّم الدكتور نظير عياد، خلال حواره لقناة الناس، بالتهنئة لوزارة الأوقاف المصرية، وعلى رأسها وزير الأوقاف الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري، بمناسبة افتتاح الدورة الحادية والثلاثين من المسابقة العالمية للقرآن الكريم، متمنيًا لهم دوام التوفيق والنجاح في هذا العمل المتميز.
وقال المفتي إن هذه المسابقة تُعد من المسابقات المهمة التي تتعلق بالقرآن الكريم، هذا الكتاب الخالد الذي نحن في أشد الحاجة إلى استجلاء قيمه وكشف كنوزه، لا سيما في ظل العالم المضطرب والمتغير، الذي يركز على المصالح الفردية ويعتدي على حقوق الفقراء، في وقت نحن فيه في أمس الحاجة إلى العودة إلى المنهج الصحيح والصراط المستقيم، الذي جاءنا به القرآن الكريم".
وأوضح أن القرآن الكريم هو الكتاب الذي يُظهر لنا المنهج الصحيح في الحياة، ويساعدنا على تجاوز التشرذم والاختلاف، لافتًا إلى أن القيم التي حملها القرآن الكريم، سواء كانت حضارية أو علمية أو فكرية أو إنسانية، هي الطريق لإعادة الإنسان إلى إنسانيته، وتوجيه المجتمع نحو التفاهم والسلام.
وأضاف المفتي أن القرآن الكريم ليس مجرد كتاب للحفظ والتلاوة فقط، بل هو «حبل الله المتين» و«الذكر المبين» الذي يجب أن يُعاش ويُفهم من خلال التدبر والتطبيق العملي، مضيفا: «نريد أن ننتقل من الجانب النظري، وهو مجرد الحفظ، إلى التطبيق العملي الذي يتطلب كثرة التلاوة والتأمل في معاني القرآن، بالإضافة إلى ملازمة العلماء والبحث عن الإجابات الصحيحة للأسئلة الشرعية».
وأشار المفتي إلى أن المجتمع القرآني، كما كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، هو المثال الأوضح في تطبيق قيم القرآن الكريم في الحياة اليومية، حيث كان الصحابة الكرام يتبعون ما حفظوه من القرآن الكريم ويطبقونه في واقعهم، مما أوجد مجتمعًا فاضلاً.
اقرأ أيضاًالمفتي: التدين يبدأ من العقيدة الراسخة التي ينطلق منها المؤمن في كافة جوانب حياته
لاتهامهما بقتل شاب.. محكمة جنايات الزقازيق تحيل أوراق متهمان لفضيلة المفتي والنطق بالحكم 9 ديسمبر القادم
المفتي يهنئ السيسي بذكرى نصر أكتوبر: ستظل درسا عظيما يستفيد منه المحبون ويرتدع به من يريد الكيد للوطن
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: القرآن الكريم مفتي الديار المصرية المفتي المسابقة العالمية للقرآن الكريم قناة الناس القرآن الکریم
إقرأ أيضاً:
فتاوى: يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عُمان
في سورة النمل ذكر الله تعالى قصة ثمود بعد قصة سليمان، ولم تُذكر قصة عاد قبلها على المعتاد من نسق القرآن الكريم، فما دلالة ذلك؟
في سورة النمل، بعدما حكى الله تبارك وتعالى قصة سليمان عليه السلام مع ملكة سبأ، انتقل إلى ثمود قوم صالح، بعض المفسرين أشار إلى الحكمة من ذلك، وذكر هذه القضية التي يذكرها السائل، وهي أنه لم يُذكر عاد على خلاف العادة من مراعاة الترتيب الزمني، فقال: إن السبب يرجع إلى مراعاة الجوار المكاني، لأن مدائن صالح قوم ثمود على تخوم مملكة سليمان عليه السلام.
فهذه كانت مدائن صالح قوم ثمود على تخوم الشمال الغربي للجزيرة العربية، حيث تبدأ مملكة سليمان عليه السلام في أرض فلسطين وما جاورها، فروعي هذا الجوار المكاني فكان الانتقال حسنًا إلى ذكر قصة ثمود، هذا الذي ذكروه، وقد تكون هناك وجوه أخرى تتعلق بالمعنى، لأن القرآن الكريم أيضًا يشير هنا إلى أن ثمود قوم صالح انقسموا إلى فريقين، ففيه تعريض بأهل مكة، فهناك من قَبِل من أهل مكة وهم الأقل، وهناك من تمنّع وأبى، وهذا الوجه في الشبه في موقفهم من دعوة الحق التي أتاهم بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يذكرهم بما يعهدونه من أمر ثمود وما أصاب قوم ثمود وهم يمرون على ديار ثمود في طريقهم إلى بلاد الشام، فيعرفون، فكان الأَولى بالمخاطبين في المقام الأول وهم أهل مكة، الذين بُعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أن يُذكّروا بما يعرفونه وبما يمرون عليه، وبما هو أقرب إليهم مكانًا، هذا، والله تعالى أعلم.
نذهب أحيانًا إلى مكان مرتفع لتوفّر شبكة الإنترنت نظرًا لضعف أو انعدام الإنترنت في المنطقة التي نعيش فيها، نذهب إلى هناك لتحديث تطبيقات هواتفنا، وللاطلاع على أخبار تتعلّق بدراستنا وغيرها من الأمور، ويكون ذلك في وقت الحاجة صباحًا ومساءً، أحيانًا نذهب قبل المغرب فتجب علينا الصلاة هناك فنتيمم ونصلّي، المكان ليس بالبعيد، ولكن نظرًا لكثرة الصعود والنزول واعتقادنا بجواز التيمم في هذه الحالة، فهل صلاتنا هذه صحيحة؟ وإذا لم تكن صحيحة، فماذا علينا؟
أما فيما مضى، حسب ما يظهر، فإنه نظرًا للمشقة المشار إليها في السؤال، فإنهم إن كانوا قد تيمموا وأدّوا الصلاة فلا حرج عليهم إن شاء الله تعالى، لأنهم فقدوا الماء في الموضع الذي هم فيه، ويشقّ عليهم أن ينزلوا لأجل الوضوء أو لأجل جلب الماء، والمشقة تجلب التيسير، وقد أخذوا بما رخّص الله تبارك وتعالى فيه، وهو أن يعمد المكلّف إلى التيمم عند فقدان الماء أو عدم القدرة على استعمال الماء، فهم أشبه بالصورة الأولى.
لكن فيما يأتي من زمان، لاسيّما إن كانوا قد اعتادوا ويعلمون ذلك من أحوالهم، إما أن يتوضّأوا قبل صعودهم، أو أن يحتاطوا بشيء من الماء لشربهم ولوضوئهم حينما تحين عليهم الصلاة، فيما يُستقبل من زمان، لأنه يبدو أنهم لا يغادرون القرية، يعني في مرتفع أو في جبل في البلدة نفسها، لكن من يعرف صعود الجبال يعرف أن هناك مشقة، وأن المسافة القريبة قد تأخذ وقتًا يفوت معه وقت الصلاة، فغلب على ظنّهم أنه مما يُرخّص لهم فيه، وهذا ليس ببعيد، ولذلك قلتُ بأنه يُرخّص لهم فيما مضى، أما فيما يُستقبل فليحتاطوا بأخذ الماء معهم، والله تعالى أعلم.
هناك فرق رياضية وثقافية تعمل على مستويات مختلفة، منها المستوى الاجتماعي في القرى، ولجان شبابية تنشط في هذا الاتجاه خاصة، وفي وقت الصيف الآن يحتاج منكم كلمة تحث الجميع على القيام بمسؤوليته، خاصة في فترة الإجازة التي يشعر فيها الطلاب بانقطاعهم عن المعرفة؟
كلمتي هي نصيحة أوصي بها نفسي وأوصي بها الجميع، أن ينتفعوا من هذه النعمة التي وهبهم إياها ربهم تبارك وتعالى بانقطاع الدراسة النظامية، سواء كان ذلك في المدارس أو في المؤسسات الجامعية، فالوقت هبة عظيمة من عند الله تبارك وتعالى يُسأل عنها كل واحد منا،
فلئن كان الالتزام الذي يُفرض عليهم يفرضه علينا جميعًا النظام التعليمي، نجد منه فسحة في الصيف، فإن الالتزام الداخلي بطلب النافع المفيد، من علم نافع أو تجديد للهمة، أو ترويح للقلوب، أو تعرّف على آفاق جديدة تعود علينا بالمنافع والفوائد في ديننا ودنيانا، لهو أمر محمود في أمثال هذه المناسبات والفرص.
ولا يتحقّق ذلك بأن يعزل المرء نفسه عن مجتمعه وعن إخوانه وأصحابه، فلا بد من تعاون الجميع على إيجاد برامج نافعة مفيدة تعود عليهم بما يفتح لهم هذه الآفاق، وبما يزيد من ثقافتهم ومعرفتهم، وبما يُحصّنهم من الشبهات المتواردة عليهم، وبما يجدّد فيهم الهمة والنشاط، ويُنفي عنهم السآمة والملل، ويُهيّئهم لمزيد من المعارف والإقبال عليها، ويُهيّئهم للعام الدراسي الجديد بإقبال وبعزيمة وهمّة وطموح.
كل ذلك مما يُحمد وينبغي أن يتعاون عليه الجميع، وهنا ينبغي أيضًا الحذر من التكرار ومن «الطعام البايت»، كما يقول البعض، وهو إعادة تقديم مادة تُكرّر إليهم عامًا بعد عام، لأن المؤثرات اليوم مؤثرات كثيرة، فإن لم تُقدَّم إلى جيل الشباب على وجه الخصوص والناشئة عمومًا ما يجذبهم ويقنعهم، فإن هذه المؤثرات يمكن أن تخطفهم بعيدًا عنه، سيجدون في العالم الإلكتروني وفي الذكاء الاصطناعي، وفي هذا العالم المفتوح، الفضاء المفتوح، ما يستلب ألبابهم ويصرف عقولهم ويستهوي قلوبهم إليه، ولا يلتفتون، فينعزلون شيئًا فشيئًا عن مجتمعهم، عن أسرهم، وعن إخوانهم وأصحابهم.
وإن كانت لهم علاقات، فإنما هي في هذه الألعاب الإلكترونية، أو في هذه المنصات التي يتواصلون فيها مع من لا يعرفون، ومع من يختلفون عنهم دينًا وثقافةً ولغة، ويظنّون أن الأمر لا أثر له في نفوسهم وعقولهم، وليس الأمر كذلك، فمثل هذه الفرص السانحة والنعم العظيمة، مع شيء من الفراغ في الوقت، لا بد أن يُحسن الانتفاع بها، وأن تُستغل خير استغلال، وأن تتعاون الجهات جميعًا من المؤسسات الرسمية والمؤسسات الخاصة، والأفراد، وأيضًا أن يتعاون معهم الناشطون في وسائل التواصل الاجتماعي للتوجيه والتحفيز نحو النافع المفيد.
وكل ما كان عائدًا عليهم بحفظ عقولهم وصيانتها، وبحفظ معارفهم وثقافتهم وهويتهم، وتعزيزها وتأصيلها وترسيخها، وفتح آفاق جديدة لها وتعريفهم بها، فهو محمود ينبغي أن يُتسابق إليه، وكل ما كان يمكن أن يؤثّر عليهم تأثيرًا يعود بالنقص أو يعود بالضرر، والآثار على هويتهم ومعارفهم وثقافتهم، وأخطر من ذلك أيضًا على أخلاقهم وقيمهم، فينبغي أن يُتنبه له، وأن يُتصدّى له، وأن يكون كل ذلك بالوسائل النافعة المفيدة الجاذبة المؤثرة التي تُحقق هذه المقاصد التي يعرفها الجميع.
لكن قد تتباطأ الجهود والخطط والبرامج عن مواكبة هذه المقاصد المطلوبة، والأغراض والغايات التي يُراد الوصول إليها، ولا يصح أن نؤجّل وأن نُسوّف وأن ننتظر فرصة من الخارج، عالم اليوم لا ينتظر، أنت إن لم تفعل ذلك، فإن هناك، كما تَبيّن وكما يعرف الجميع، من الوسائل والقنوات والمنصات ما سيسرق أولادك عنك، وما سيختطف هؤلاء الناشئة عن المسار الصحيح المستقيم.
ولا يُراد من ذلك، كما تقدّم، يعني هذه النقطة أيضًا، لا بد من مراعاة مسألة التجديد في الوسائل، في العلوم والمعارف، في المضمون وفي الشكل، لا بد من التجديد في الوسائل، فلا بد أيضًا من أن تكون هذه الوسائل جاذبة، وأن تكون مؤثرة، وأن تكون مواكبة لهذه المستويات التي نتحدث عنها، هذه وصيّتي، وأسأل الله تبارك وتعالى التوفيق للخير، والهدى، والرشد للجميع، إنه تعالى سميع مجيب.