تعاون بين مكتب أبوظبي للاستثمار و”بارتانا” المتخصصة في تقنيات المناخ
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
أعلن مكتب أبوظبي للاستثمار، توقيع اتفاقية شراكة مع شركة “بارتانا”، المتخصصة في مجال تطوير التقنيات المناخية المبتكرة وإحدى الشركات الناشئة في Hub71، منظومة التكنولوجيا العالمية في أبوظبي، بهدف تأسيس مقرها الإقليمي وتأسيس منشأة تصنيع أسمنت متطورة في أبوظبي .
وسيساهم هذا التعاون في ترسيخ مكانة أبوظبي مركزا إقليميا رائدا في تصنيع مواد البناء منخفضة الكربون، بما يعزز جهود أبوظبي في مجال الاستدامة.
تدعم الاتفاقية، التي تم توقيعها ضمن فعاليات النسخة الافتتاحية من “أسبوع أبوظبي للأعمال” الذي اختتمت أعماله، خطط “بارتانا” في خفض البصمة الكربونية لقطاع الأسمنت والخرسانة العالمي، والذي تبلغ قيمته نحو 400 مليار دولار ويساهم فيما يقرب من 9% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عالميًا.
وتعد أساليب التصنيع التقليدية من بين أكثر العوامل المؤثرة في تفاقم تحديات التغير المناخي.
وفي إطار الاتفاقية، ستنتج بارتانا أرصدة كربون معتمدة من “فيرا”، الهيئة المتخصصة في معايير تعويض الكربون، مما يدعم جهود الحد من انبعاثات الكربون ويسهم في تحقيق أهداف أبوظبي المناخية.
وطورت شركة “بارتانا” حلًا مبتكرًا وقابلًا للتطبيق على مستوى واسع سيسهم في إعادة صياغة قطاع صناعة الخرسانة.
ويعتمد ابتكار “بارتانا” الجديد على استبدال مادة “الكلنكر الأسمنتي”، التي تحتوي على كميات كبيرة من الكربون، بمركبات المغنيسيوم المستخرجة من المحلول الملحي الناتج عن عملية تحلية المياه، لتساهم في تعزيز الاستفادة من عمليات تحلية المياه عبر تحويل نواتجها إلى مادة أساسية في تصنيع منتج تنافسي من حيث التكلفة، والمساهمة في خفض انبعاثات الكربون الناتجة عن عملية تصنيع الاسمنت.
وبموجب الاتفاقية، ستقوم منشأة “بارتانا” في أبوظبي بتحويل المحاليل الملحية من النفايات إلى أسمنت مما يقلل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ويساهم في امتصاصها من الغلاف الجوي، مما يحول الخرسانة إلى مادة قادرة على احتجاز الكربون.
ويتوافق أسمنت “بارتانا” مع معايير البناء الدولية، ويمكن استخدامه في الخرسانة المدعمة بالفولاذ. وقد أظهر أسمنت “بارتانا” كفاءة وفاعلية عالية عند مزجه بالمياه المالحة. وستنتج منشأة “بارتانا” الجديدة في أبوظبي ما يصل إلى 3 ملايين طن من الأسمنت سنويًا، بما يعادل 10% من سوق الأسمنت في دولة الإمارات، مع خطط لتعزيز انتاجها والتوسع في جميع أنحاء الدولة وخارجها.
وبفضل تقنيتها المبتكرة، سيساهم إنتاج “بارتانا” السنوي الحالي في خفض انبعاثات الكربون بما يصل إلى 7,98 مليون طن متري من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، وهو ما يعادل التأثير الإيجابي الذي تحققه غابات بورنيو الاستوائية المطيرة.
وستكون المنشأة الجديدة في أبوظبي، المقر الرئيسي والإقليمي لشركة “بارتانا”، وسيتم تأسيسها وفق نموذج يمكّنها من منح الامتياز الحصري لهذه التقنية لجميع أنحاء العالم، بما يتيح إمكانية تبنيها سريعًا في مواقع أخرى.
ومن خلال الاستفادة من البنية التحتية المتقدمة في أبوظبي، وموارد المياه المالحة الهائلة، وشبكة مكتب أبوظبي للاستثمار التي تضم العديد من الأطراف المعنية بهذا القطاع، وقربها من الأسواق الإقليمية، ستساهم الشراكة الجديدة في الارتقاء بمعايير استدامة صناعة الأسمنت والخرسانة في المنطقة.
وقال سعادة بدر سليم سلطان العلماء، مدير عام مكتب أبوظبي للاستثمار،بهذه المناسبة، إن الابتكار يعد ركيزة أساسية من ركائز التحول الاقتصادي في أبوظبي ومن خلال الشراكات الإستراتيجية مع شركات رائدة مثل “بارتانا”، نؤكد أن تحقيق النمو الاقتصادي لا يتعارض مع تبني أعلى معايير المسؤولية البيئية، لافتا إلى أن هذا التعاون يعكس التزام المكتب الراسخ بريادة صناعات المستقبل، وتسريع الابتكار الصناعي.
وتعد “بارتانا”، التي شارك في تأسيسها “ريك فوكس”، الحائز على بطولة الدوري الأميركي للمحترفين في كرة السلة ثلاث مرات، من الشركات الداعمة لجهود مكافحة تغير المناخ، وقد حظيت بدعم أبوظبي من خلال مشاركتها في منظومة التكنولوجيا المناخية في Hub71.
وقال ريك فوكس، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة “بارتانا”، إن أبوظبي تعد الوجهة المثالية لتوسيع نطاق أعمال الشركة، والمساهمة في بناء مستقبل أفضل للجميع، مضيفا أن دعم مكتب أبوظبي للاستثمار سيمكن الشركة من نشر حلولها المبتكرة عالميًا، وإثبات أن قطاع الإنشاءات المستدام يمكنه أن يساهم في تحقيق أرباح عالية للشركات التي ترغب في تبني مبادئ الاستدامة في هذا القطاع.وام
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: مکتب أبوظبی للاستثمار فی أبوظبی
إقرأ أيضاً:
مادة تأكل ثاني أكسيد الكربون.. هل نبني بها بيوتنا قريبا؟
لو سألت أي مهندس عمّا يبقي المدن واقفة، فستسمع كلمة واحدة تتكرر، إنها الخرسانة، المادة الأكثر استخدامًا في البناء على الكوكب، لكنها تحمل "فاتورة كربون" ثقيلة؛ إذ ترتبط صناعة الخرسانة والأسمنت بانبعاثات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون.
بل ويقدّر نصيب الخرسانة من انبعاثات هذا الغاز الضارة، بنحو قرابة 8% من الانبعاثات العالمية، وفق ما ورد في تصريحات فريق بحثي بجامعة ووستر بوليتكنك الأميركية.
وأخيرا، قدّم هؤلاء الباحثون مادة إنشائية جديدة اسمها "المادة الإنشائية الإنزيمية"، لا تَعِد فقط بتقليل الانبعاثات، بل تمتص ثاني أكسيد الكربون أثناء التصنيع وتحبسه على هيئة معادن صلبة، وتتماسك خلال ساعات بدلا من أسابيع.
الجوهر الكيميائي للفكرة مستوحى من الطبيعة، فكثير من الكائنات تبني أصدافها بتحويل الكربون الذائب إلى كربونات الكالسيوم (حجر جيري).
استعار فريق جامعة ووستر بوليتكنك المبدأ نفسه، لكن بدلا من النشاط الحيوي يستخدم إنزيما يسرّع تفاعلًا معروفًا في الكيمياء الحيوية، وهو تحويل ثاني أكسيد الكربون المذاب في الماء إلى "بيكربونات" أو "كربونات"، اللبنات التي تُسهِّل تكوين كربونات الكالسيوم كبلّورات صلبة.
الإنزيم المذكور في هذه الحالة هو "أنهيدراز الكربونيك"، وهو إنزيم يعتمد على الزنك ويشتهر بقدرته على تسريع ترطيب ثاني أكسيد الكربون في الماء.
وتُظهر الاختبارات، التي أورد الباحثون نتائجها في دراستهم التي نشرت بدورية "ماتر"، على ملاطّات جيرية أن هذا الإنزيم يمكنه فعلا رفع سرعة تكوّن بلورات من كربونات الكالسيوم وتحسين القوة المبكرة لأن التفاعل يسير أسرع.
إعلانبعد ذلك، يستخدم الفريق تقنية تسمى "المعلّقات الشعرية"، وتتمثل في نظام ثلاثي (سائل-سائل-صلب) تُضاف إليه نُقطة من مادة غير ممتزجة لتكوين جسور شعرية بين الحبيبات، فتتشابك تلقائيا في شبكة قوية تشبه الجل.
وبحسب الدراسة، فإن كل متر مكعب من المادة الإنشائية الإنزيمية يمكن أن يحجز أكثر من 6 كيلوغرامات من ثاني أكسيد الكربون، في حين أن مترا مكعبا من الخرسانة التقليدية قد يرتبط بانبعاث نحو 330 كيلوغراما من ثاني أكسيد الكربون.
ومن ناحية القوة الميكانيكية، فإن المادة الإنشائية الإنزيمية حققت قوة ضغط في نطاق 25-28 ميغاباسكال، أي قريبة من الحد الأدنى لبعض خرسانات الاستخدام الإنشائي، مع امكانية مقاومة الماء.
تحديات ليست سهلةهذه الأرقام واعدة، لكنها لا تُغلق النقاش، فالفرق بين "نموذج واعد" و"مادة تدخل كود البناء" يمر باختبارات طويلة للعمر التشغيلي، والتشققات، والدورات الحرارية، والتآكل الكيميائي، وسلوك المادة تحت أحمال متكررة، وهي خطوات عادة ما تكون أطول بكثير، وتطلب المزيد من البحث العلمي.
كما أن التحدي ليس علميًا فقط، بل اقتصادي وتنظيمي أيضا، فما تكلفة الإنزيم؟ وما مدى استقراره في خطوط إنتاج كبيرة؟ وكيف سيندمج في أكواد البناء الحالية؟ يتطلب ذلك أيضا المزيد من البحث.
لكن في النهاية، فإن البحث العلمي في هذا النطاق يسرّع الخطى، لحل واحدة من أكبر مشكلات الكوكب كله، وهي نفث ثاني أكسيد الكربون، والذي يتسبب في الاحتباس الحراري، بما له من أثر ضارب في العالم.