وكيل الأزهر: العناية بصحة الإنسان وعافيته فريضة دينية
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، إن الرعاية الصحية قضية ذات أهمية قصوى؛ لأنها تتعلق بالإنسان الذي يتوقف عطاؤه على عافيته البدنية والنفسية والعقلية، ومتى توفرت هذه العافية كان الإنسان أساسا للعمران والبناء والتقدم، مؤكدا أن علماء الإسلام لم يدخروا جهدا عبر التاريخ في تقديم ما يمكنهم من تحقيق الرعاية الصحية الكاملة فأقاموا المستشفيات على أسس علمية قدر الاستطاعة، وألفوا العديد من الكتب الطبية، وترجموا ما يحتاجون إليه من معارف طبية من أمم أخرى، وغير ذلك من جهود.
وأضاف وكيل الأزهر، خلال كلمته أمس السبت بالمؤتمر الدولي الرابع المشترك بين كليتي طب البنين والبنات بجامعة الأزهر في القاهرة، تحت عنوان «الرعاية الصحية بين الواقع والمأمول».
أضاف أنَّ العناية بصحة الإنسان وعافيته ليست توصية طبية، ولا ضرورة مجتمعية، بل هي فريضة دينية، أوجب الإسلام في القرآن والسُّنَّةِ أن نحافظ عليها أفرادا ومؤسسات ومجتمعات؛ حتى نستطيع أن نقوم بمهام التكليف وأعباء الخلافة.
وكشف وكيل الأزهر أن مصادر التشريع وضعت إطارًا عامًا يصل بالإنسان إلى عافية تامة وكاملة، ومن ذلك أنها شدَّدت في أمر النظافة والطهارة على مستوى الفرد والمجتمع، وهما أساس الوقاية من كثير من الأمراض، بل سبيل العلاج من كثير منها، ومنها أنها عنيت بالتغذية السليمة، وتناول الطعامِ الطَّيِّبِ، كما أنها شجعت على الرياضة البدنية، وحذرت من مخالطة المرضى، وأمرت بالتداوي، وطلب العلاج في حال المرض، وغير ذلك كثير.
وبيّن الدكتور الضويني، أن عناية الشريعة ورجالها بصحة الإنسان لم تتوقف عند هذه التوجيهات المهمة، وإنما كان لعلماء الشريعة إسهامات طبية راقية، فلم يتوقفوا بعلومهم عند الفقه والحديث والتفسير والسيرة، وإنَّما جمعوا كذلك إلى جنب هذه العلوم علوم التشريح والطب والصيدلة.
وأكد الدكتور الضويني أن الأزهر الشريف فهم رسالة الإسلام حق الفهم، ولم يقف بها عند الدعوة النظرية، ولم يقف بها عند معالجة الروح والعقل بل نقلها إلى دعوة عملية تعالج القلب والبدن معا، موضحا أن هذا ناتج من أن الأزهر الشريف يدرك أن الإنسان مركب من مادة وروح، وأن المجتمع كما يحتاج إلى عالم بالشريعة ينطق بالأحكام حلالا وحراما، فإنه يحتاج كذلك إلى طبيب ماهر ينطق بالأحوال صحة ومرضا، فإذا انضم علم الأديان وعلم الأبدان في إنسان فتلك غاية غالية، موضحا أنه في ضوء هذه الرؤية الأزهرية المشرقة كان أبناء الأزهر متفردين فكانوا الأطباء الشيوخ، أو الشيوخ الأطباء.
وأشار وكيل الأزهر إلى وجود نماذج أزهرية تستحق الإشادة، جمعت بين علوم الشريعة وعلوم الحياة، منها الشيخ أحمد بن عبد المنعم بن يوسف بن صيام الدمنهوري»، الذي كان عالما بمذاهب أئمة الفقه الأربعة، حَتَّى لقب ب المذاهبي»، وقد وصفه معاصروه بأنه كانَ عَالَمًا فَذَا، وَمُؤلِّفًا عَظِيمًا، كما أنه تَرَقَّى في مناصبه بالأزهر إلى أن أصبح شيخا للجامع الأزهر لمدة عشر سنوات، ليكون أول طبيب فقيه محقق يتولى المشيخة، كما كان واحدا من علماء الأزهر الذين عرفوا بالثقافة الواسعة التي شملت الرياضيات والهندسة والفلك.
وكيل الأزهر يشيد بالجهود المبذولة لتحسين الرعاية الصحية في مصروأشاد وكيل الأزهر بالجهود المبذولة لتحسين الرعاية الصحية في مصر، ومنها المبادرات الرئاسية، والحملات التي استهدفت تقديم خدمة متميزة عادلة، وآخرها مبادرة 100 مليون صحة، مؤكدا أن الرعاية الصحية من أهم حقوق الإنسان، وهي ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة،.
وفي ختام كلمته، قدم وكيل الأزهر للمؤتمر بعض التوصيات الإسلامية التي يمكن أن تسهم في رفع الرعاية الصحية المعاصرة، ومنها :
الاهتمام بالوقاية، من خلال نشر وتشجيع العادات الصحية السليمة، والتوعية بأهمية الفحوصات الطبية الدورية، وذلك خير من العلاج.
المساواة بين النَّاسِ في تقديم الرعاية الصحية، بغض النظر عن قدراتهم المادية، أو أماكن وجودهم، وذلك بتعزيز التغطية الصحية الشاملة لتشمل جميع السكان.
دعم البحث العلمي، في مجال تطوير الأدوية والعلاجات، وتقوية النظم الصحية بحيث تكون قادرة على مواجهة التحديات المستقبلية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الأزهر وكيل الأزهر محمد الضويني علماء الإسلام المستشفيات طب البنين والبنات الرعاية الصحية الرعایة الصحیة وکیل الأزهر
إقرأ أيضاً:
فريضة
قبل عشر سنوات أو أكثر، توفي صديق لي. ووقعت تركته في يدي لكي أبلغها إلى مستحقيها وهم أخت وثلاثة أولاد أخ. وكان نصيب الأخت النصف والباقي يقسم بالتساوي على أولاد الأخ الثلاثة. ولكن أحد هؤلاء واسمه جبل رفض استلام المبلغ زاعما أنه مال مشبوه. وهو مخطئ في ذلك تماما. وحتى لو قبلنا كلام جبل، فإن الميت يتحمل الإثم ولا دخل للوارث في مكسب المرحوم عمه من حلال أو حرام. وقد أبلغناه أن هذه المبلغ أصبح ملكا لك شئت أم أبيت. وبعد أن تتسلمه فأنت حر في أن تتصرف فيه أو تتصدق به. وانتهى بي التفكير إلى حل مناسب وهو إعطاء المبلغ لعمته وهي تتولى إقناع جبل باستلامه. هداك الله يا جبل.
إن علم الفرائض ليس سهلا وقد ورد أنه أول علم يرفع من الأرض. قال صاحب الرحبية:
بأنه أول علم يُفقدُ حتى لا يكاد يوجدُ
ومع أنه جاء في ست آيات من سورة النساء، إلا أنه متشعب جدا.
وقبل بضع سنوات، زرت مكتبة الحرم المدني بالمدينة المنورة وهي عامرة بعشرات الألوف من الكتب في مختلف المجالات والتخصصات. فإذا لم يكن على بالك كتاب معين، فسوف تقع في حيرة شديدة. لكني صممت على الاستفادة من الوقت دون تضييعه في المفاضلة، فاخترت أقرب كتاب وكان عنوانه “سير أعلام النبلاء” للذهبي وفيه طالعت قصة الفقيه التابعي عامر الشعبي الذي خرج على الحجاج الثقفي والي العراق، وانتهى به الأمر أسيرا في معسكر الحجاج.
ولما مثل الشعبي بين يدي الحجاج عاتبه عتابا شديدا. وقص الشعبي ما دار بينه وبين الحجاج. قال: أحتاج إلى فريضة. قلت: سل. قال: ما تقول في أخت وأم وجد؟ قلت: اختلف فيها خمسة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان وزيد وابن مسعود وعلي وابن عباس. قال: فما قال فيها ابن عباس إن كان لمنقبا؟ قلت: جعل الجد أبا وأعطى الأم الثلث ولم يعط الأخت شيئا. قال: فما قال فيها أمير المؤمنين؟ يقصد عثمان. قلت: جعلها أثلاثا. قال: فما قال فيها زيد؟ قلت: جعلها من تسعة فأعطى الأم ثلاثا وأعطى الجد أربعا وأعطى الأخت سهمين. قال: فما قال فيها ابن مسعود. قلت: جعلها من ستة أعطى الأخت ثلاثا وأعطى الأم سهما وأعطى الجد سهمين. قال: فما قال فيها أبو تراب؟ قلت: جعلها من ستة فأعطى الأخت ثلاثا والأم سهمين والجد سهما. قال: مُر القاضي فليُمضها على ما أمضاها أمير المؤمنين عثمان.
هذا مثال من علم الفرائض. كلهم اجتهدوا وكلهم رضي الله عنهم على صواب.