واشنطن بوست: على أميركا المساعدة في بناء سوريا الجديدة
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
دعت صحيفة واشنطن بوست الأميركية الولايات المتحدة إلى المساعدة في بناء سوريا الجديدة، قائلة إن الشرق الأوسط بحاجة لقصة نجاح متجسدة في بلد عربي تعددي وديمقراطي ملتزم بحقوق الإنسان، بالإضافة إلى أن ذلك يعود بفوائد لأميركا وأوروبا والدول المجاورة.
وأضافت الصحيفة في افتتاحية لها أنه ومن خلال الدبلوماسية المنخرطة، يمكن للولايات المتحدة أن تساعد في كتابة فصل تال أكثر إشراقا لهذا البلد "الذي يتمتع بموقع إستراتيجي، والذي طالت معاناته".
وأشارت إلى أن المعارضة المسلحة التي سيطرت على دمشق أعلنت أنها تريد دولة تعددية تسع الجميع، رغم أن خلفيتها تشير إلى غير ذلك.
واستمرت الصحيفة تقول إن الحياة مليئة بالمفاجآت، والحياة في الشرق الأوسط مليئة بالصدمات، مشيرة إلى عدم توقع العالم سقوط حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد بهذه السرعة التي وصفتها بـ "المذهلة".
ما بعد السقوطوقالت إنه بالنسبة للسوريين فقد انتهى أخيرا كابوس سوء حكم الأسد، لكن نشوة الإطاحة به يجب أن تخفف بالأسئلة حول ما يأتي بعد ذلك.
وأوردت أن الطريقة التي يتعامل بها زعيم المعارضة أحمد الشرع (الجولاني) مع الانتقال الفوري بعد الإطاحة بالأسد ستعطي أدلة على توجهات المعارضة.
إعلانوقالت إن على الشرع الالتزام علنا بدعم قرار مجلس الأمن رقم 2254، الذي صدر في عام 2015، والذي يدعو إلى وقف إطلاق النار، وإنشاء سلطة انتقالية تضم جميع الفصائل المتحاربة السورية باستثناء الجماعات "الإرهابية"، وإجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة بعد 18 شهرا.
وأشارت إلى أن الاقتصاد السوري أصبح حطاما، ويحتاج إلى مساعدة دولية لإعادة البناء. وينبغي أن تتوقف تلك المساعدة على التزام الشرع بسورية شاملة وتعددية.
الانتقال السلس
وفي معرض تناولها لكيفية الانتقال السلس للحكم في سوريا، قالت الصحيفة يجب ألا يكون هناك عقاب شامل ضد مسؤولي النظام القديم أو الجيش. فإذا عاد الأسد ومساعدوه الأكثر تواطؤا إلى البلاد مرة أخرى، فسيكون من المعقول تماما أن تحاسبهم الحكومة الجديدة على جرائم حكمهم الذي دام 24 عاما، لكن الجنود كانوا في الغالب مجندين، كما ستكون هناك حاجة إلى بعض موظفي الخدمة المدنية من النظام القديم لمساعدة مؤسسات الدولة الضرورية على الاستمرار في العمل.
وأضافت أن رئيس وزراء بشار الأسد السابق الذي لا يزال في منصبه عرض بالفعل غصن زيتون، قائلا: "نحن مستعدون للتعاون مع أي قيادة يختارها الشعب". ودعت الصحيفة الشرع وهيئة تحرير الشام إلى قبول العرض.
المصالح الأميركية والأوروبية ودول الجواروعن المصالح الأميركية في سوريا التي تقتضي انخراط واشنطن، أشارت "واشنطن بوست"، إلى وجود نحو 900 جندي أميركي وعدد لم يكشف عنه من المتعاقدين العسكريين في شمال شرق البلاد قرب العراق ويقاتلون تنظيم الدولة الإسلامية ويدعمون القوات الكردية التي تقاتل نظام الأسد.
كذلك قالت إن نظام بشار الأسد كان يمتلك أسلحة كيميائية محظورة، استخدمها ضد المعارضين ومعظمهم من المدنيين، وإن تأمين هذا المخزون وإبعاده عن الأيدي الخطأ هو مصدر قلق بالغ للولايات المتحدة.
وعن المصالح الأوروبية والدول الأخرى، قالت إن الاضطرابات السورية خلقت أكبر أزمة لاجئين هناك، حيث يعيش ما يقرب من 6 ملايين نازح سوري في البلدان المجاورة وأوروبا، وتسببت هذه الأزمة في مشاكل سياسية لهذه البلدان.
إعلانوختمت الصحيفة افتتاحيتها بدعوة السياسيين الأوروبيين، الذين يتطلعون -قبل الأوان- إلى إعلان انتهاء الصراع السوري حتى يتمكنوا من إجبار اللاجئين على العودة إلى ديارهم، بألا يتصرفوا بسرعة كبيرة الآن حتى يتضح الوضع في سوريا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات بشار الأسد فی سوریا
إقرأ أيضاً:
العدالة تعود بعد طول انتظار: سوريا تعيد حقوق الموظفين المفصولين في عهد الأسد
شمسان بوست / متابعات:
القرار الذي انتظره آلاف الموظفين السوريين المفصولين من مؤسسات الدولة السورية أيام حكم الرئيس السابق بشار الأسد صار واقعا ملموسا.
والحزن الذي انطوت عليه نفوس هؤلاء الموظفين بعدما اعتقدوا أنهم قد سجلوا “مواقف مشرفة” عقب إنطلاق الثورة السورية ولم يجازوا بالإنصاف بددت آلامه المبادرة التي قامت بها وزارة الإدارة المحلية والبيئة السورية حين أعلنت عن بدء إجراء مقابلات لإعادة هؤلاء إلى وظائفهم.
حزن أعقبه الأمل:
كان الإحباط قد بلغ حسن مداه، فالشاب الذي هجر وظيفته عشية ثورة كان انتصارها لا يزال بذرة في رحم الغيب لم يستطع أن يستوعب حالة التجاهل التي طالته مع زملائه المنشقين عن نظام الأسد طوال الشهور الخمسة التي قضاها في البلاد مذ قرر العودة من الأردن عقب وصول طلائع قوات المعارضة إلى القصر الجمهوري في دمشق.
وفي حديث يؤكد حسن أنه انشق من عمله في وزارة الإدارة المحلية في العام 2013 كخطوة لم يكن يريد من خلالها سوى تسجيل استنكار معنوي على ما يحدث حينها في البلاد من ” قمع ومصادرة لإرادة الشعب”.
وأشار إلى أنه كان يعلم أن الخطوة رمزية لكنها كانت تنطوي على رسالة إلى العالم المتحضر بأن يتدخل لإنقاذ سوريا من الإستبداد وهي خطوة تستحق أن يخسر وظيفته من أجلها كما يقول.
وأضاف حسن بأنه لم يندم يوما على قراره بترك وظيفة ومغادرة البلاد، حتى في أحلك لحظات اليأس من غياب العدل والإنصاف لقراره المصيري، لافتاً إلى أنه ومنذ عودته من الأردن في بداية العام الحالي توقع أن يتواصل معه المسؤولون في الوزارة خصوصا وأنه قد بادر إلى مراجعتهم في حينه وإبلاغهم بأنه قد عاد للتو إلى البلاد، لكنهم تأخروا كثيرا في التواصل معه إلى أن رن هاتفه منذ أيام عن صوت لصديق قديم في العمل أخبره بأنه على إطلاع بوجود خطة من الوزارة مبنية على رؤية تقوم على إعادة الموظفين المفصولين والمنشقين في نظام الأسد نتيجة لـ”مواقفهم المشرفة” وذلك في إطار إنصافهم وإعادة تقييم ملفاتهم الوظيفية.
وفهم حسن من تسريبات صديقه التي صدرت بعد أيام قليلة على شكل قرار رسمي، أن اسمه من بين الأسماء المسجلة للعودة وأن الوزارة عازمة على “إنصاف الكوادر التي تعرضت للفصل المجحف والعمل على إعادة دمجهم في المؤسسات وفقا للإجراءات القانونية والمعايير الإدارية “.
وختم حسن حديثه لموقعنا بالإشارة إلى أن العودة إلى الوظيفة قد لا تكون قراره النهائي لأنه يفكر بشكل جدي في السفر مجددا خارج البلاد، وبناء حياة جديدة هناك غير أن هذا القرار جاء بمثابة التعويض المعنوي عن كل سنوات القهر والحسرة التي قضاها بعيدا عن وطنه وكأن خطوته بالإنشقاق في حينه لم تذهب أدراج الرياح.
خطة شاملة:
خطوة وزارة الإدارة المحلية والبيئة لم تكن يتيمة، بل جاءت في سياق رؤية عامة شملت عديد الوزارات والمؤسسات الحكومية ومنها وزارة التنمية الإدارية والتربية والتعليم والداخلية والصحة والهيئة العامة للطيران المدني، ونصت على إجراء المقابلات وعمليات التقييم لإعادة الموظفين المفصولين إلى العمل.
إبراهيم موظف في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل كان قد تعرض للفصل من وظيفته في أيام النظام السابق بسبب نشاطه السياسي الذي لم يرق لمدرائه في ذلك الوقت، فرفعت به العديد من التقارير التي أوقفته عن العمل قبل أن يترك البلد ويفر إلى تركيا حين شعر بأن الأمور لن تقف عند حد الفصل بل قد تتعداه إلى ما هو أخطر من ذلك بكثير.
ويروي إبراهيم كيف كان من أوائل العائدين إلى سوريا بعد سقوط النظام، وكيف توقع أن تفتح أمامه الأبواب المغلقة وأن تستحضر مواقفه القديمة التي جعلته يحمل كفه على روحه ويرفع من مستوى انتقاده لسياسة القمع المتبعة في ذلك الوقت.
وأشار إلى أن حالة من الغضب واليأس اعترته حين شاهد غيره وخصوصا من الجيل الشاب قليل الخبرة يتبوأ المناصب الرفيعة فيما بقي هو منسيا إلى ما قبل الأسبوع من الآن حين تم التواصل معه وإخباره بأنه شخص مرحب به إذا ما قرر العودة إلى العمل مجددا وعليه فقد التقى بعدد من كوادر المؤسسة الذين وضعوا أمامه مروحة من الخيارات، التي بدت مريحة ومعقولة وفيها من الإنصاف على المستوى المعنوي الشيئ الكثير كما يقول.
فيما أكد له محاوروه بأن مسألة نقص السيولة الحالية ستعالج لاحقا بحيث يكون العائدون إلى وظائفهم مرتاحين لمسألة أنهم سيحصلون على كل ما فاتهم خلال السنوات الماضية التي قضوها خارج الوظيفة وخارج البلاد.
وختم إبراهيم حديثه لموقعنا بالإشارة إلى أن من جملة الخيارات التي طرحت عليه وعلى غيره مسائل تتعلق بإعادتهم إلى وظائفهم السابقة أو توفير وظائف جديدة لهم تنال رضاهم واستحسانهم مع صرف مستحقاتهم المالية على دفعات بسبب من القيود المالية التي لا يطلق القانون اليد حاليا في صرف مستحقات العاملين العائدين دفعة واحدة، لافتا إلى أن الموظفين المفصولين لن يعودوا دفعة واحدة بل على
مراحل بحيث يتقدمهم من يرغب في العودة وهو على أتم الاستعداد لها.
خطوة جيدة.. ولكن.. ؟!
أكد الخبير الإقتصادي حسن ديب أن قرار إعادة الموظفين المفصولين بشكل تعسفي خلال سنوات الحكم السابق إلى عملهم هو قرار جيد ويخدم فكرة رد الإعتبار لهؤلاء وترميم البنية المجتمعية التي اعتراها الكثير من التصدعات والانقسامات.
ووصف ديب القرار وما سيستتبعه من صرف للمستحقات المالية للمفصولين وترتيب مدروس للمكانة الوظيفية المستحقة بأنه مسعى حقيقي لإعادة النظر في بنية القطاع العام المترهلة على مدى عقود طويلة.
لكن الخبير الاقتصادي أكد أن هذا القرار على أهميته يتناقض مع قرارات الفصل التي شملت أعدادا كبيرة من الموظفين والعسكريين السابقين ممن لم يثبت عليهم التورط في جرائم الحرب، وبالتالي فإنهم حوكموا على ذنب لم يقترفوه.
وأشار إلى أن هناك موظفين بارزين في مؤسسات ووزارات حكومية قد قبضوا راتبا واحدا فقط منذ تغيير النظام السابق ثم توقفت رواتبهم وطلب منهم تقديم استقالة مبكرة أو الإنتظار لحين تعيينهم في مؤسسات أخرى قد تكون بعيدة عن اختصاصاتهم، وهذا أمر وفق ديب سيكون له التأثير السلبي على المجتمع بما يفوق التأثير الإيجابي للعودة المباركة للموظفين المفصولين ظلما أيام النظام السابق.
وختم الخبير الاقتصادي حديثه لموقعنا بالإشارة إلى أن الاوطان تبنى بالمحبة وتجاوز الكيدية وأخطاء الماضي والاستفادة القصوى من الطاقة البشرية للإنسان، بصرف النظر عن توجهه السياسي أو الديني وهو أمر وجب على الحكومة الحالية أن تعيه جيدا لأنها كما أكد ديب ستخسر كثيرا إن لم تفعل ذلك.