محاكمة كوشيب: انتصار للعدالة وأمل للناجين
تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT
وصف مواطنون من ضحايا نزاع دارفور، وحقوقيون إنعقاد المرافعات النهائية لمحاكمة قائد المليشيا السابق في دارفور، علي عبد الرحمن، المعروف بـ"كوشيب"، بأنها إنتصار للضحايا، وأسرهم وتأكيد على مبدأ عدم الإفلات من العقاب، رغم إنتظارهم للعدالة قرابة 20 عامًا. ومن المقرر أن تُعقد هذه المرافعات يومي 11 و13 ديسمبر الجاري في مقر المحكمة في لاهاي، يعقبها مداولات القضاة، ثم إصدار الحكم خلال عشرة أشهر، مع إمكانية الطعن في الحكم بعد 30 يومًا.
شهادات 56 شاهدًا تكشف الفظائع
بدأت محاكمة كوشيب أمام الدائرة الابتدائية الأولى في 5 أبريل 2022، وخلال تقديم قضية الادعاء، استمعت المحكمة إلى شهادات 56 شاهدًا. يواجه كوشيب 31 تهمة تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور بين أغسطس 2003 وأبريل 2004. ترأس الدائرة الابتدائية القاضية جوانا كورنر، وشاركها القاضيتان راين ألابيني غانسو وألتيا فيوليت أليكسيس-ويندسور.
في 5 يونيو 2023، قدم الممثلون القانونيون للضحايا بيانهم الافتتاحي، كما أدلى شاهد واحد وعدد من الضحايا بشهاداتهم بين يونيو وأكتوبر 2023. من جانبه، استدعى الدفاع 17 شاهدًا وأكمل تقديم أدلته. تعود القضية إلى مذكرة توقيف أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق كوشيب في 2007، متهمةً إياه بإصدار أوامر بالقتل والاغتصاب والنهب.
وفي 9 يونيو 2020، سلم كوشيب نفسه طوعًا للمحكمة في جمهورية إفريقيا الوسطى. يُذكر أن مجلس الأمن الدولي أحال قضية دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية بقراره رقم 1593 في 31 مارس 2005، ما أدى إلى بدء التحقيقات في يونيو من العام نفسه.
صوت الناجين: أمل رغم المعاناة
خديجة آدم يعقوب، إحدى المتضررات من نزاع دارفور، وصفت حياتها بأنها سلسلة من الحروب والمعاناة. بعد فقدان غالبية أسرتها في 2004، عاشت النزوح والتنقل المتكرر بين الخرطوم، الجزيرة، سنار، والقضارف بسبب النزاعات المستمرة. رغم خيبة أملها في انتظار العدالة لعشرين عامًا، تعتبر محاكمة كوشيب انتصارًا يبعث الأمل في محاسبة مرتكبي الجرائم ومنع الإفلات من العقاب.
شاب آخر من ضحايا دارفور، يقيم حاليًا في أوروبا، أكد أن المحاكمة فرصة لتحقيق العدالة لأول مرة منذ عقدين، معتبرًا أنها سابقة تُظهر إمكانية محاسبة مرتكبي الجرائم حتى بعد مرور الزمن، ما يعزز الأمل في العدالة لضحايا النزاعات.
المحامي عبد الباسط الحاج: منع ثقافة الإفلات من العقاب المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان عبد الباسط الحاج أشار إلى أن محاكمة كوشيب تمثل نقطة تحول كبرى لضحايا منطقة وادي صالح بدارفور، حيث ارتُكبت المجازر. بعد انتظار 20 عامًا في معسكرات النزوح داخل وخارج السودان، أصبح الملاذ الأخير لتحقيق العدالة هو المحكمة الجنائية الدولية، خاصةً مع تعذر المحاكم الوطنية.
وأوضح أن مثول كوشيب أمام المحكمة أعاد الأمل للضحايا، متوقعًا أن تكشف المحاكمة عن تفاصيل وأسرار توثق تورط مسؤولين في النظام السابق في الجرائم المرتكبة بدارفور. وأضاف أن هذه المحاكمة تفتح الباب أمام محاكمة الآخرين وتُعد نموذجًا يمكن أن تستفيد منه الأنظمة القضائية الوطنية والإقليمية.
عدم التعاون الحكومي مع المحكمة الجنائية الدولية تحت حكم الرئيس المخلوع عمر البشير، رفضت الحكومة السودانية التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، مما دفع المحكمة لإحالة حالات عدم التعاون إلى مجلس الأمن. رغم ذلك، وبعد ثورة ديسمبر، بدأت الحكومة الانتقالية في 2019 بالتعاون مع المحكمة، ووقّعت اتفاقية بشأن قضية كوشيب في فبراير 2021.
بعد انقلاب الفريق عبد الفتاح البرهان في أكتوبر 2021، استمر المدعي العام كريم خان في حث السودان على التعاون لضمان تحقيق العدالة لضحايا دارفور. وأكد خان أن محاكمة كوشيب هي أول خطوة حقيقية لتحقيق العدالة في قضية دارفور، وأعطت أملًا كبيرًا للناجين الذين ما زالوا يعانون آثار الجرائم في حياتهم اليومية.
تقرير: حسين سعد
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: المحکمة الجنائیة الدولیة محاکمة کوشیب
إقرأ أيضاً:
تصاعد المعارك بين الجيش و الدعم السريع في دارفور وكردفان
تشهد محاور القتال في إقليمي دارفور وكردفان تصعيداً حاداً في المعارك بين الجيش السوداني وحلفائه من جهة، و”قوات الدعم السريع” من جهة أخرى. وتتزامن هذه التطورات مع عودة القتال في مناطق كانت قد شهدت هدوءاً نسبياً.
الخرطوم ــ التغيير
أعلنت “قوات الدعم السريع”، بالتعاون مع “الحركة الشعبية لتحرير السودان” بقيادة عبد العزيز الحلو، سيطرتها على منطقة “أم دحاليب” الاستراتيجية بولاية جنوب كردفان. وتعد أم دحاليب، وهي رئاسة محلية “قدير”، نقطة وصل حيوية بين جنوب كردفان وحقول النفط في منطقة هجليج، كما تُعد مدخلاً لمدينة كادوقلي عاصمة الولاية، وتبعد نحو 70 كيلومتراً عن منطقة كاودا التي تسيطر عليها “الحركة الشعبية” منذ عام 2011.
وفي المقابل، لم يصدر تعليق رسمي من الجيش السوداني حول هذه التطورات. إلا أن تقارير متداولة عبر وسائط التواصل الاجتماعي الموالية للجيش أفادت بأن الجيش السوداني استرد بلدة أم دحاليب خلال ساعات، وألحق بـ”قوات الدعم السريع” و”الحركة الشعبية” خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، وهو ما تنفيه “الدعم السريع” التي تؤكد استمرار سيطرتها على البلدة.
عودة القتال في غرب كردفان واستهداف الرهدعاد الاقتتال إلى مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان بعد هدوء دام لأكثر من عام. وذكرت تقارير صحفية أن “قوات الدعم السريع” شنت هجمات على المدينة مستهدفة “الفرقة 22” التابعة للجيش، الذي أعلن بدوره عن صد الهجوم. وأشار أنصار الجيش إلى مقتل العشرات من عناصر “الدعم السريع” خلال الهجوم على الفرقة في اليومين الأولين من عيد الأضحى.
وتوقفت المعارك سابقاً حول بابنوسة بموجب اتفاق أهلي، وبقيت المدينة تحت سيطرة الجيش. لكن “قوات الدعم السريع” اعتبرت تحركات الجيش باتجاه مدينة المجلد أواخر الشهر الماضي بمثابة خرق للاتفاق، حتى وإن تراجع الجيش إلى قواعده لاحقاً.
وفي ولاية شمال كردفان، استهدفت مسيرات تابعة لـ”الدعم السريع” مدينة الرهد صباح الأحد، في ثالث أيام عيد الأضحى.
غارات جوية في دارفورو في إقليم دارفور، أفادت مصادر بأن الجيش شن هجمات جوية عنيفة على مراكز تجمع “قوات الدعم السريع” حول مدن الفاشر ومليط بولاية شمال دارفور، مما أسفر عن خسائر كبيرة في العتاد والرجال. وسمع شهود عيان أصوات انفجارات قوية شمال غربي الفاشر.
وقد أفادت “لجان المقاومة” في الفاشر بأن المدينة “أضاءت بصورة غريبة” صباح الأحد، مع سماع انفجارات قوية، لكنها لم تحدد طبيعة الانفجارات أو حجم الأضرار. وتثير هذه الغارات تساؤلات حول ما إذا كان الطيران الحربي التابع للجيش قد استعاد قدراته القتالية بشكل كامل، بعد الخسائر التي ألحقتها به مسيرات “قوات الدعم السريع” في هجماتها على مطار “وادي سيدنا” العسكري وقاعدة “عثمان دقنة” الجوية.
حرب المسيّرات واستراتيجيات الحصار
تستخدم “قوات الدعم السريع” في عملياتها ضد المناطق العسكرية ومحطات الوقود والكهرباء مسيّرات صينية حديثة من طراز “CH-95″، بينما بدأ الجيش مؤخراً في استخدام المسيرات التركية من طراز “بيرقدار – TB2” في هجماته.
وتحاصر “قوات الدعم السريع” مدينة الأبيض من الاتجاهات الغربية والشمالية والشرقية، ولم يعد يربطها بباقي أنحاء البلاد سوى الطريق البري الرابط بينها وبين ولاية النيل الأبيض. وتفيد تحليلات صحفية بأن تهديدات “الدعم السريع” باجتياح الأبيض قد تكون تمويهاً للهدف الفعلي، وهو فرض حصار كلي على المدينة وقطع خط الإمداد المتبقي عنها، من خلال الاستيلاء على مدينتي الرهد وأم روابة، اللتين استردهما الجيش في فبراير الماضي. وقد هاجمت “قوات الدعم السريع” الأسبوع الماضي منطقة “الحقينة الجلابة” غرب الرهد، وشنت هجمات بمسيرات على مواقع للجيش وحلفائه في مدينة الرهد.
الوسومأم دحليب الجيش الحركة الشعبية الدعم السريع بابنوسة تجدد المعارك دارفور غرب كردفان