سودانايل:
2025-06-14@00:59:19 GMT

الحرب السودانية: لماذا غابت عن الإعلام العالمي؟

تاريخ النشر: 10th, December 2024 GMT

وسط زحمة الأنباء عن الصراعات المسلحة في الشرق الأوسط وأفريقيا، توارت الحرب السودانية عن المشهد الإعلامي العالمي والإقليمي، متراجعة إلى ذيل الأخبار. على الرغم من أن هذه الحرب تعد من أكثر النزاعات تأثيراً في المنطقة، فإن الاهتمام الإعلامي بها يبدو محدوداً وغير متناسب مع حجم الكارثة الإنسانية والتهديدات السياسية والأمنية التي تمثلها.


المشهد الإعلامي الراهن يعكس تجاهلاً معقد الأسباب. فمنذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، تراجع تسليط الضوء على معارك السودان لصالح أزمات أخرى مثل الحرب الإسرائيلية على غزة، والصراعات المسلحة في لبنان وسوريا. وعلى الرغم من التحركات الدبلوماسية الإقليمية والدولية لإيجاد حلول، مثل اجتماع روما الأخير الذي جمع قوى دولية وإقليمية، لا تزال الحرب السودانية بعيدة عن دائرة الأولوية الإعلامية.
المعضلة الأولى التي تفسر هذا الغياب الإعلامي هي غياب العدو الواضح.
في الحروب الأخرى التي تستقطب الاهتمام العالمي، مثل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يكون هناك طرف محدد يمكن تصويره كـ"عدو"، ما يسهل صياغة السرديات الإعلامية. في السودان، تتواجه أطراف كانت حليفة في وقت قريب، مما يجعل المشهد معقداً وغير قابل للاختزال في سرديات تقليدية. هذا الالتباس في تعريف أطراف النزاع يُضعف إمكانية تضامن الرأي العام العالمي مع قضية محددة.
عامل آخر مرتبط بهذا الغياب الإعلامي هو ضعف الطرح الإعلامي المحلي.
الإعلام السوداني، سواء التقليدي أو الرقمي، يعاني من غياب منصات قوية ومستقلة قادرة على التأثير في الرأي العام الدولي. الإعلام المحلي بات مسيساً إلى حد كبير، ويخضع للاستقطاب بين الأطراف المتنازعة. أما وسائل التواصل الاجتماعي، التي يفترض أن تشكل بديلاً، فتغلب عليها العشوائية والتركيز على "التريند" بدلاً من تقديم روايات موضوعية.
إلى جانب ذلك، يلعب الخوف من الاعتقال أو التصفية دوراً مهماً في صمت الكثير من الإعلاميين المحليين.
الحرب الحالية خلقت بيئة عدائية للصحافة، حيث يخشى الكثير من الصحفيين والإعلاميين السودانيين التعبير عن آرائهم أو تبني موقف داعم لأي طرف. هذا الصمت الإجباري يجعل من الصعب توفير تغطية إعلامية متوازنة وشفافة، ما يزيد من عزلة القضية السودانية. الخوف لا يقتصر على الصحفيين في الداخل، بل يمتد إلى الإعلاميين في الخارج الذين يعملون في بيئات تدعم أو تناصر أحد الأطراف المتحاربة.
أما على المستوى الدولي، فإن تعقيد الحرب السودانية يساهم أيضاً في إضعاف التغطية الإعلامية.
فالحرب ليست نزاعاً جديداً؛ بل هي امتداد لصراعات طويلة الأمد بين المركز والهامش، وبين المكونات القبلية والعرقية المختلفة. هذا التعقيد التاريخي يجعل من الصعب على وسائل الإعلام الغربية أو العربية تناول القضية بعمق ودقة. كما أن الدول الكبرى غالباً ما توجه تغطيتها الإعلامية بناءً على أولوياتها ومصالحها، وليس بالضرورة بناءً على حجم الكارثة الإنسانية.
الخوف من عودة النظام السابق يزيد الموقف ضبابية.
هذا السيناريو يثير قلقاً واسعاً، حيث يمكن أن يستغل النظام القديم حالة الفوضى وضعف الحكومة الحالية، ليعود إلى السلطة بقوة جديدة. هذا الاحتمال يعزز الصمت الإعلامي الداخلي، إذ يخشى الإعلاميون من أن يعاقبوا مستقبلاً على تغطيتهم الحالية، بغض النظر عن انتماءاتهم.
الأوضاع الإنسانية المتفاقمة، على الرغم من جسامتها، لم تحظَ باهتمام كافٍ.
على الرغم من وصول المجاعة إلى مستويات حرجة تهدد حياة الملايين، وتفاقم أزمة اللاجئين والنازحين، إلا أن العالم الخارجي يبدو منشغلاً بأزمات أخرى. في السودان، باتت الكارثة الإنسانية مجرد رقم في تقارير إخبارية مقتضبة، دون أي حراك جدي لتحفيز المجتمع الدولي على التدخل.
ما العمل؟
لإعادة السودان إلى دائرة الضوء الإعلامي، لا بد من اتخاذ خطوات جريئة وفعالة. من الضروري تأسيس منصة إعلامية مستقلة تعمل بمهنية وحياد، تركز على إيصال صوت السودانيين للعالم. هذه المنصة يجب أن تُموَّل من جهات سودانية، مثل رجال الأعمال الكبار، وأن تمثل كافة المكونات السودانية لتعكس التنوع والتحديات الواقعية.
كما يجب استثمار الجهود الدبلوماسية لخلق زخم دولي، وتوجيه الأنظار إلى الكارثة الإنسانية والسياسية التي يعيشها السودان. لكن الأهم من ذلك كله هو بناء خطاب إعلامي يوحد السودانيين حول هدف مشترك: إنهاء الحرب وبناء مستقبل مستقر. بدون هذه الخطوات، ستظل الحرب السودانية حرباً منسية، على الرغم من كونها واحدة من أعقد وأشد الحروب تأثيراً في المنطقة.

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الکارثة الإنسانیة الحرب السودانیة على الرغم من

إقرأ أيضاً:

الإعلام الدولي والحرب على غزة.. مؤتمر علمي للجزيرة للدراسات وجامعة حمد

يُنظِّم مركز الجزيرة للدراسات وقسم اللغة والثقافة والاتصال بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة حمد بن خليفة، مؤتمرًا علميًّا بعنوان "الإعلام الدولي والحرب على غزة: مُوجِّهات الخطاب وصراع السرديات"، ويدعو الباحثين والمهتمين للمساهمة فيه بأوراق بحثية تتناول موضوعه وتحقق أهدافه وتعالج إشكالياته.

ويهدف المؤتمر -الذي سيعقد بين 29 نوفمبر/تشرين الثاني والأول من ديسمبر/كانون الأول 2025 في الدوحة- إلى دراسة الآليات الدلالية ذات الطابع الوظيفي التي تعمل على كشف مضمرات الخطاب في تغطية الإعلام الدولي للحرب على غزة. ويبحث في الواسمات التي تُبيِّن وجهة نظر مُنْتِج هذا الخطاب إزاء الذات الفلسطينية والإسرائيلية، وتكشف أيضًا رؤيته وموقفه من مسارات الحرب وانعطافها نحو الإبادة الجماعية. كما يسعى المؤتمر إلى دراسة أنماط النماذج الإخبارية وسماتها في تغطية الحرب، ورصد أشكال الدعاية وتزييف الحقائق للتلاعب بالرأي العام الدولي، وتحليل دور الإعلام الإسرائيلي والمؤسسات الإعلامية والشبكات الدولية في إذكاء الإبادة الجماعية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الصراع الجيوسياسي في جنوب القوقاز: تحالفات ثلاثية بين الهند وأرمينيا وإيران مقابل تركيا وأذربيجان وباكستانlist 2 of 2خسرت قاذفات نووية بـ7 مليارات في دقائق.. هل روسيا قادرة على التعافي؟end of list

ويتنزَّل هذا المؤتمر في سياق الصراع الرمزي وصناعة سرديات جماهيرية وثقافية كبرى للفوز بمعركة الرواية قبل معركة الميدان، من أجل الهيمنة على الخطاب العام ومن ثم الرأي العام الدولي. فقد كانت الروايات -التي يُنْتِجُها الإعلام الإسرائيلي وكذلك جزء كبير من الإعلام الغربي- تتلوَّن بأبعاد الصراع وتخضع لتأثير موقع المؤسسات الصحفية والشبكات الإعلامية ومالكيها إزاء الفاعلين المشاركين في الحرب. ولذلك ظلَّ معظم الإعلام الغربي، وحتى بعض وسائل الإعلام العربي، ولا سيما في الشهور الأولى من مراحل الحرب، يُروِّج لأطروحات السردية الإسرائيلية وأخبارها الزائفة عن "حرق الأطفال"، و"اغتصاب النساء الإسرائيليات"، خلال عملية 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على مستوطنات إسرائيلية في غلاف قطاع غزة، وتبرير "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، وشَرْعَنَة الحرب على ما يُسمِّيه "إرهاب حماس".

إعلان

وفي هذا السياق، يَبْرُز البعد الدعائي والتضليل المعلوماتي في الخطاب الإعلامي وصناعة سرديات منافسة للرواية الفلسطينية، وهو ما يُشير إلى "قوة السرد" في بناء المعاني وتشكيل الواقع وتوجيه الرأي العام، بحسب قوة الوسيلة واختياراتها التحريرية وامتداداتها السياسية والأيديولوجية. لذلك برزت نماذج إخبارية مختلفة في تغطية الحرب على غزة تنطلق من محددات وأطر مخصوصة في تمثُّلاتها للذات الفلسطينية والإسرائيلية، وفي فهم حالة الصراع وجذوره وسياقاته التاريخية.

وكانت شبكات التواصل الاجتماعي جزءًا من الحالة الإعلامية الدولية الـمُستقطَبة؛ إذ أفسحت الشركات الكبرى في المجال لعسكرة فضاء هذه المنصات، وسمحت سياساتها في إدارة المحتوى بالتمييز الرقمي ضد المحتوى الفلسطيني ومحاولة إبادة آثاره الرقمية. لكن هذه السياسات لم تؤثر كثيرًا في فاعلية دور الصحفيين والمواطنين الصحفيين في توثيق الحرب، وكشف الانتهاكات التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي، وهو ما أسهم في تدفق التغطية التقليدية وتعديل مزاج الرأي العام الدولي تجاه الحرب، وأعاد طرح السؤال حول الجدوى من الإعلام ودوره في تحقيق العدالة وصناعة السلام.

جنازة الصحفي أحمد منصور الذي استشهد في أبريل الماضي بقصف إسرائيلي لخيمة في غزة تؤوي الصحفيين (الفرنسية) محاور المؤتمر

وستتناول جلسات المؤتمر الذي سيعقد في المدينة التعليمية بالدوحة، القضايا الإشكالية التي تبرزها المحاور الآتية، وغيرها:

1. مُوجِّهات الخطاب وصراع السرديات في الإعلام الدولي: سيرورة التأطير الإخباري للحرب على غزة في الخطاب الإعلامي الغربي. صناعة السرديات وصراع الروايات خلال الحرب على غزة: الأساليب والأهداف. تفكيك الرؤية الاستعمارية في دراسات الاتصال والإعلام. التحرير الترجمي ودوره في تعزيز الروايات وطمسها. البنية المعجمية والدلالية للخطاب في المواقع الإخبارية الأجنبية باللغة العربية للحرب. 2. نماذج إخبارية في تغطية الحرب على غزة: محددات التغطية الإخبارية للحرب في الصحافة الدولية والشبكات الإعلامية (دراسة حالة الإعلام الغربي). بناء المفاهيم والمعاني في السرديات الكبرى لوسائل الإعلام (دراسة مقارنة لحالة الإعلام الدولي). تأثير البيئة السياسية في اتجاهات المعالجة الإعلامية للحرب على غزة (دراسة حالة الإعلام الإسرائيلي). أنماط النماذج الإخبارية في تغطية الإبادة الجماعية بغزة (دراسة مقارنة لوسائل الإعلام الدولي). إعلان 3. الخطاب الدعائي وتأثيره في الرأي العام العالمي: أنماط الدعاية في الإعلام الإسرائيلي والغربي خلال الحرب على غزة. تأثير الخطاب الدعائي في تشكيل الرأي العام الدولي. الأخبار الزائفة والتضليل الإعلامي في الحرب على غزة. الخطاب الإعلامي للمقاومة الفلسطينية وتأثيره في الرأي العام الدولي. 4. الشبكات الاجتماعية وإستراتيجيات إنتاج المحتوى خلال الحرب: دور الشبكات الاجتماعية في توثيق مسارات الحرب على غزة. الشبكات الاجتماعية وتأثير السرديات المجالية (الكبرى) في الرأي العام. أساليب عَسْكَرَة شبكات التواصل الاجتماعي خلال الحرب. سياسات الشبكات الاجتماعية والإبادة الرقمية للمحتوى الفلسطيني. 5. دور وسائل الإعلام في الإبادة الجماعية: إستراتيجيات الخطاب وأطروحاته بنية خطاب الكراهية في الإعلام الإسرائيلي والدولي. خطاب إعلام الإبادة الجماعية في الحرب على غزة: آليات اشتغاله وأطروحاته. دور الإعلام في مَأْسَسَة الإبادة الجماعية في الخطاب العام والممارسة الصحفية. مقارنة إعلام الإبادة في تجارب معاصرة (رواندا، كمبوديا) مع إعلام الإبادة في الحرب على غزة. 6. المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام خلال الحروب والأزمات الأخلاقيات المهنية في تغطية الحروب والنزاعات. دور الإعلام في توثيق جرائم الحرب وتأثيره في تنفيذ القانون الدولي. دور وسائل الإعلام في حماية حقوق الإنسان وتحقيق العدالة وصناعة السلام. وسائل الإعلام وحل النزاعات: الاتجاهات المنهجية والنظرية.

 

شروط الكتابة

ويدعو مركز الجزيرة للدراسات وجامعة حمد بن خليفة، الباحثين والخبراء والأكاديميين للمشاركة بأوراق بحثية في الموضوعات والقضايا التي سيناقشها المؤتمر، وفق الضوابط والشروط الآتية:

أن يُقدِّم الباحث/ة مقترحًا بحثيًّا في صلب موضوعات المؤتمر في حدود 500 كلمة، يتضمن موضوع البحث وإشكاليته وأهدافه وأهميته ومنهجه وبنيته. أن يكون البحث أصيلًا، مُعدًّا على نحو خاص للمؤتمر، وألا يكون مُوَلَّدًا بالذكاء الاصطناعي، أو مجتزًأ من رسالة جامعية، أو نُشِر جزئيًّا أو كليًّا في أية وسيلة نشر ورقية أو إلكترونية، أو عُرِض في أحد المؤتمرات أو قُدِّم للنشر في إحدى الدوريات. تُبَلِّغ اللجنة العلمية أصحاب المقترحات المقبولة للمضي في إعداد أوراقهم البحثية، ولن تتسنَّى المشاركة في المؤتمر إلا لأصحاب الأوراق المجازة من قبل لجنة التحكيم. اعتماد أسلوب "شيكاغو" في توثيق المراجع. لغات المؤتمر: اللغة العربية، واللغة الإنجليزية. تُرْسَل مقترحات المشاركة وكل المراسلات ذات الصلة بالمؤتمر مرفقة بالسيرة الذاتية للباحث/ة على العنوان الإلكتروني الآتي: mediaconference@aljazeera.net إعلان تواريخ ومواعيد مهمة آخر موعد لتلقي ملخصات الأوراق والبحوث: 1 يوليو/تموز 2025. ويكون المقترح في حدود 500 كلمة مرفقًا بالسيرة العلمية للباحث. الرد على أصحاب المقترحات المقبولة بتاريخ: 10 يوليو/تموز 2025. آخر موعد لتسليم الأوراق والبحوث النهائية الأولية (من 6000 إلى 8000 كلمة متضمنة المراجع والهوامش): 1 أكتوبر/تشرين الأول 2025. الرد النهائي على الأوراق والبحوث المقبولة بتاريخ: 20 أكتوبر/تشرين الأول 2025. تاريخ انعقاد المؤتمر: 29-30 نوفمبر/تشرين الثاني، والأول من ديسمبر/كانون الأول 2025 (ثلاثة أيام). علما بأن أوراق المؤتمر وأعماله ستنشر في مجلة الجزيرة لدراسات الاتصال والإعلام، ولاحقًا في كتاب جماعي.

مقالات مشابهة

  • الهيمنة الثقافية وتفاهة الشر، لماذا لم تُقاوِم الخرطوم/المركز مذابح الهامش؟
  • لماذا سقطت منطقة ” المثلث”؟
  • مزيان يُحذر من حملة السطو الممنهجة التي تقودها أطراف معينة للمساس بكينونة الجزائر
  • الإعلام الدولي والحرب على غزة.. مؤتمر علمي للجزيرة للدراسات وجامعة حمد
  • مصر: ملتزمون بإنهاء الحرب والكارثة الإنسانية في غزة
  • الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال (الجبهة الثورية) تدين الاعتداء على الحدود السودانية
  • «العرفج» يشكر «عاجل» ويشيد بمقال «إدارة السعوديين للحج تبهر الإعلام العالمي»
  • خارجية “الوحدة الوطنية” تنفي صلة أي قوة ليبية رسمية بهجمات على الحدود السودانية
  • لصد العدوان.. قرار عاجل من القوات المسلحة السودانية بشأن المثلث الفاصل
  • في يومهم العالمي.. نقابة الصحفيين تطالب بالإفراج عن الصحفيين المختطفين في صنعاء وعدن