سعيد عبدالحافظ يكتب.. الخيال السياسي في الاستعراض الدوري الشامل
تاريخ النشر: 12th, December 2024 GMT
رغم أنّ آلية الاستعراض الدوري الشامل (UPR) التابعة لمجلس حقوق الإنسان تعد أحد أهم الأدوات لتعزيز وحماية حقوق الإنسان على المستوى الدولي، إلا أنّ البعض خاصة من السياسيين والمعارضين يحاولوا قسرا تغيير بوصلة تلك الأداة لاستخدامها في مكايدة الأنظمة السياسية بعيدا عن الهدف الذي أنشئت من أجله آلية الاستعراض الدوري، وليس من قبيل الفلسفة التأكيد على أنّ عدد التوصيات في الاستعراض الدوري الشامل لا يعكس بالضرورة واقع حقوق الإنسان في الدولة، ولذلك أسباب عديده لعل أهمها:
أنّ الدول تختلف في أولوياتها بشأن حقوق الإنسان بناءً على سياقاتها الاجتماعية والسياسية، وبالتالي، قد تحصل بعض الدول على عدد كبير من التوصيات لأنها تحتل مكانة بارزة في النقاش الدولي حول قضايا معينة، وليس بالضرورة لأن لديها انتهاكات جسيمة وكذلك قد تحصل بعض الدول على عدد كبير من التوصيات بسبب التعددية والتكرار في التوصيات فكثير من التوصيات تكون مكررة أو متقاربة في مضمونها، حيث تقدمها دول متعددة بأساليب مختلفة كما أن بعض التوصيات قد تكون من أجل التركيز على مسائل سياسية ودبلوماسية أكثر منها حقوقية وذلك بهدف توجيه رسائل سياسية أو تحسين العلاقات بين الدول، بل على العكس قد تكون المشاركة الواسعة من الدول وتسليط الضوء على قضايا بعينها أحد اهم طرق زيادة عدد التوصيات التي تتلقاها الدولة ومعنى ذلك أنّ عدد التوصيات ليس معيارًا كميًا أو نوعيًا لتقييم حالة حقوق الإنسان في أي بلد ولكنها أداة تساعد الدول على تحسين حالة حقوق الإنسان لمواطنيها.
والدليل على ذلك أنّ دولا يعتبرها البعض أبراجا شاهقة في تمتع مواطنيها بحقوق الإنسان حصلت على عدد هائل من التوصيات فما تفسير ذلك؟ ومن بين هذه الدول الدنمارك 2021 بلغ عدد التوصيات التي حصلت عليها (288) توصية وحصلت ألمانيا على عدد توصيات بلغ (346) توصية حصلت عليها في نوفمبر 2023 وكذلك حصلت فرنسا على (355) توصية في عام 2023.
وغيرهم من الدول الرائدة في مجال حقوق الإنسان كالنرويج التي حصلت على توصيات بلغت (241) توصية.
مجمل القول يجب أن تظل قيمة وتأثير هذه الآلية في إطارها الأممي ويكون المرجع الأساسي فيها التزامات الحكومات بالاتفاقيات الدولية التى وقعتها وأن نبذل جهدا اكبر في متابعة بل ومساعدة الدولة في تنفيذ هذه التوصيات اما محاولة بعض السياسيين استخدام تلك الآلية في صراعها السياسي مع النظام السياسي سيضر السياسة وحقوق الإنسان.
كتب: سعيد عبدالحافظ، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: حقوق الإنسان المراجعة الدورية الشاملة الاستعراض الدوري الشامل مجلس حقوق الإنسان الاستعراض الدوری عدد التوصیات حقوق الإنسان من التوصیات على عدد
إقرأ أيضاً:
في اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. ما هو وضعها في تونس؟
حذر حقوقيون تونسيون، من الوضع "الخطير" الذي باتت تشهده الحقوق والحريات في تونس، خلال السنوات الأخيرة وذلك بالنظر للاستهداف الكبير للمعارضين والصحفيين والمدونيين، وتسليط المرسوم عدد 54 على رقاب كل من يتكلم ويعبر عن موقفه بحرية وخاصة من يخالف السلطة.
واعتبر الحقوقيون، في ندوة صحفية الأربعاء، بالتزامن مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أن الحقوق تعيش "وضعا صعبا للغاية" ما يستوجب الدفاع عنها بكل قوة مهما كلف الأمر، مطالبين السلطات بالبلاد باحترام الحقوق وفتح حوار جدي لأن في ذلك ضمانة للجميع دون استثناء.
وضع صعب
وقال عميد المحامين التونسيين بوبكر بالثابت: "وضع حقوق الإنسان صعب جدا في تونس، وهو بعيد عما يخطه الإعلان العالمي وما تسنه النصوص الوطنية والقوانين وحتى التراتيب".
وأكد بالثابت في تصريح لـ "عربي21"،"ضمانات الدفاع والمحاكمة العادلة غائبة، هناك عديد الممارسات التي تنسف عناصر المحاكمة العادلة ونحن نعيشها تقريبا يوميا كمحامين وخاصة في القضايا التي يحاكم فيها عدد من منظورينا".
ويقبع بالسجون عدد بارز من المحامين من ذلك عبير موسي ،نور الدين البحيري، رضا بالحاج، غازي الشواشي، عصام الشابي، نجيب الشابي والعياشي الهمامي..
وشدد على "إن إحالة حقوقيين و إعلاميين وسياسيين على معنى قانون الإرهاب، أمام محاكم غير مختصة، أمر ترفضه معايير حقوق الإنسان والقانون" لافتا إلى أن "هناك أحكام قاسية تصدر ومخالفة لما نتدارسه اليوم وهو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان".
يشار إلى أنه وخلال الأشهر الأخيرة، قد تواترت الأحكام القضائية بتونس ضد عدد من المعارضين السياسيين في ملفات مختلفة أبرزها "التآمر1"،"التآمر2" وتراوح مجموع أحكام كل قضية مئات السنين ما شكل صدمة عند الرأي العام وخاصة الحقوقي.
وأضاف"هناك تضييق على عدد من المساجين خلال الزيارات ونقلتهم من السجون بعيدا عن المحاكم التي يحاكمون فيها"مشددا"كل هذا فيه مس من الحقوق الأساسية والإنسانية التي نص عليها القانون ولذلك نحن نقول إن حقوق الإنسان بتونس تعيش ظروفا خاصة جدا".
وأكد "المحاماة تناضل من أجل القانون وأبدا ومطلقا لن تسكت عن مخالفة القانون كلفنا ذلك ما كلفنا" مطالبا، "نحن نتابع الأوضاع وندعو السلطة إلى فتح حوار حقيقي حول ما نطالب به لأن سيادة القانون فيه سلامة لجميع الأطراف بما في ذلك السلطة الموجودة".
المرسوم السيف
بدوره قال نقيب الصحفيين التونسيين زياد الدبار: "واقع الحقوق صعب للغاية وخاصة على مستوى الحريات الصحفية وفي ظل المرسوم عدد 54 الناسف لكل الحقوق".
وفسر في تصريح خاص لـ "عربي21"،"المرسوم تسبب في سجن عديد الصحفيين وحتى مواطنيين،اليوم عندما نتكلم عن الحرية الصحفية نتكلم عن ممارستها فهي باتت صعبة بالنظر لإقصاء الصحفيين من تغطية الندوات الكبرى وكذلك التفريق بين من هو صحفي في القطاع العام والخاص".
وتابع أن "كل صحفي ناقد للسلطة ولا يعجبها موقفه يتم منعه من التغطية بالمحاكم وهو تضييق ممنهج"، مؤكدا أن "الخطاب الرسمي يتبنى الحقوق والحريات والواقع بعيد البعد عن ذلك".
جدير بالذكر أن عددا من الصحفيين يقبعون بالسجون منذ سنوات ومحالون طبقا للمرسوم عدد 54،كما يحاكم عدد من السياسيين طبقا لنفس المرسوم.
وتنص المادة 24 من المرسوم عدد 54 لسنة 2022 الصادر في 13 سبتمبر/ أيلول ،على عقوبة "السجن مدة 5 أعوام وبغرامة قدرها 50 ألف دينار (نحو 16 ألف دولار) كل من يتعمّد استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتّصال لإنتاج، أو ترويج، أو نشر، أو إرسال، أو إعداد أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو وثائق مصطنعة أو مزوّرة أو منسوبة كذبا للغير بهدف الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني أو بث الرعب بين السكان".