أجرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية قراءة سريعة للأحداث الأخيرة التى تجرى حاليا فى سوريا، وعلى الرغم من توقع حدوث حالة من الفزع لدى الإسرائيليين من إمكانية حدوث تطورات مقلقة، إلا أن توقعات الصحيفة جاءت مغايرة وغير تقليدية، إذ اعتبرت الأحداث الأخيرة تصب فى مصلحة إسرائيل بشكل كبير، مع الحذر من إمكانية حدوث مفاجآت بين اللحظة والأخرى.

فى البداية أوضحت الصحيفة أن الثوار فى سوريا أعلنوا اليوم عن سيطرتهم على إقليم القنيطرة القريب من الحدود مع إسرائيل. وهذه المنطقة مليئة بالقرويين أو المزارعين الذين كانت تربطهم علاقات جيدة بإسرائيل، نظرا لمساعدتهم فى علاج أعداد كبيرة من الجرحى المدنيين أثناء الحرب الأهلية، ورغم ذلك هناك مخاوف من إمكانية احتلال الثوار الجهاديين من حركة هيئة تحرير الشام للمنطقة، ولذلك تستعد إسرائيل بكل قوة لهذا السيناريو بما فى ذلك إجراء مناورة عسكرية كبرى جنوب هضبة الجولان، تحسبا لحدوث أى تغيير فى الوضع.

وفى الماضى كان هؤلاء الجهاديون يعيشون فى هذه المنطقة إلى أن قامت إسرائيل بنزع فتيل خطورتهم بمساعدة الأهالى.

لكن من وراء الكواليس هناك تطورات مفاجئة، فمن يدعم الجماعات الأساسية للثوار هو الجيش التركى ورئيسه رجب طيب أردوغان، ورغم ذلك اتضح أن الولايات المتحدة وإدارة بايدن جندوا أنفسهم لعملية هادئة، نصف سرية، ليس فقط من أجل قمع تطلعات أردوغان الساعى للهيمنة على الجيوب الكردية فى شمال سوريا، ولكن هدفهم الحقيقى وهو الأهم، السيطرة على بؤر الميليشيات الشيعية الحليفة لإيران على نهر الفرات.

نقطة أخرى تصب فى مصلحة إسرائيل وهى وقوع المعسكر الرئيسى للميليشيات الشيعية العراقية والأفغانية الموالية لإيران فى منطقة البو كمال، التى تعتبر أيضا نقطة هامة فى الممر الميدانى الذى يتم من خلاله تدفق التمويل والامدادات الإيرانية عبر العراق إلى سوريا، ومن هناك إلى لبنان، وتمكنت الميليشيا الكردية العربية sdf التى تضم مقاتلين أكرادًا وعربًا من احتلال هذه المنطقة، إضافة إلى منطقة استراتيجية أخرى تقع فى دير الزور، وتعمل هذه الميليشيا تحت رعاية ودعم من ٩٠٠ جندى أمريكى منتشرين فى قواعد تقع شرق نهر الفرات.

وبسيطرة هذه الميليشيا على منطقة البو كمال، ومنطقة دير الزور، سيتم قطع محور التمويل البرى من إيران عبر العراق وسوريا إلى لبنان.

والسؤال هو هل ستتمكن هذه الميليشيا الكردية المدعومة من الولايات المتحدة، من التمسك بالمناطق التى احتلتها، وهناك سؤال آخر هل تمكنت من احتلال معسكر الإمام خومينى الذى أنشأته إيران فى منطقة البو كمال الذى يعتبر القاعدة المركزية للميليشيات الشيعية التابعة لها.

ولذا من المهم حسب الصحيفة أن تضعط إسرائيل على الولايات المتحدة لمواصلة دعمها للأكراد حتى لا يسمح أردوغان للثوار الجهاديين الوصول إلى منطقة الجولان، وعلى الأمريكيين أولا عدم سحب قواتهم ومواصلة دعمهم للأكراد وثانيا عليها التأثير على أردوغان حتى يظل الثوار الجهاديون فى أماكنهم.

وإذا استمر هذا الوضع، فإنه يعتبر من ناحية أمن إسرائيل تطورا استراتيجيا إيجابيا من المقام الأول، وهناك تطور استراتيجى آخر ومهم وفقا لوجهة النظر الإسرائيلية يتعلق بسيطرة الثوار على منطقة درعا جنوب غرب سوريا.

وتقع منطقة درعا على الحدود مع إسرائيل والأردن، والأمر المهم هو أن الثوار الذين سيطروا عليها هم من أبناء المنطقة أو البلدة من القرويين السنيين أو القرويين الدروز من إقليم السويداء القريب، ووفقا لبعض التقارير الغربية ولما سبق تداوله فى مرات عديدة فإن إسرائيل تربطها بهم علاقات طيبة فى فترة ذروة الحرب الأهلية، حيث قدمت لهم إسرائيل مساعدات إنسانية وعسكرية لفترة طويلة، وأنشأت من أجلهم مستشفيات، ونقلت العديد منهم لمستشفياتها خلال الفترة من أعوام ٢٠١٥ إلى ٢٠١٨، ومن الممكن توقع أن أبناء هذه المنطقة لن يسرعوا للعمل ضد إسرائيل، وربما أيضا العكس.

واضافة إلى ذلك توجد محطات رادار ومنشآت استخباراتية على جبل الدروز، ليس فقط تابعة لسوريا ولكن أيضا لإيران وحزب الله، وإذا ما استمر الدروز وسكان المنطقة فى السيطرة عليها، فمن المتوقع ألا يكون هناك أى تواجد لإيران وحزب الله فى هذه المنطقة مستقبلا.

ويعتبر أبناء الدروز من المسلمين السنة بينما حزب الله وإيران من الشيعة، وتعتبر درعا منطقة سنية قوية، ويعتبر إقليم السويداء الذى يقع شرق إقليم درعا معسكرا للدروز الذين رفضوا من قبل الثورة على نظام بشار الأسد بصورة واضحة ومعلنة، لكنهم تراجعوا وقرروا الثورة على الأسد وقاموا أيضا بطرد الجيش السورى من إقليم السويداء الدرزى، والمثير أن الدروز داخل هذا الإقليم تربطهم علاقات طيبة للغاية مع أشقائهم الدروز فى إسرائيل.

والأهم هو أن الذين سيطروا على هذه المنطقة ليسوا ثوار حركة هيئة تحرير الشام، ولكن السكان المحليين الذين تربطهم أيضا علاقات جيدة بإسرائيل التى قدمت لهم مساعدات كبيرة، ووفقا لبعض التقارير الأجنبية قامت بتسليحهم بالأسلحة الخفيفة للدفاع عن أنفسهم من النظام السورى.

ومع ذلك وبالنسبة لمنطقة درعا، يجب الوضع فى الاعتبار احتمال تدفق رهيب للاجئين نحو الحدود الإسرائيلية، تماما مثلما حدث خلال العقد الماضى عندما توطن عشرات الآلاف من السوريين على الجدار الحدودى مع إسرائيل فى الجولان، واستعدت إسرائيل وقتها لمنعهم من اقتحام الحدود.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: اسرائيل سوريا درعا الجولان القنيطرة هيئة تحرير الشام الاكراد ايران حزب الله دير الزور البو كمال رجب طيب أردوغان الولايات المتحدة الجيش التركي الثوار السوريون المساعدات الإسرائيلية اللاجئون السوريون نهر الفرات التطورات الاستراتيجية الصراع السوري الحرب الاهلية السورية العلاقات الإسرائيلية الأمريكية الدعم العسكري الإسرائيلي هذه المنطقة

إقرأ أيضاً:

سموتريتش يطالب بإنشاء ممر يربط السويداء بـ إسرائيل

دعا وزير مالية الاحتلال الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش، إلى إقامة ما سماه ممرا إنسانيا لإدخال الغذاء والدواء للدروز في السويداء، جنوبي سوريا.

وقال سموتريتش "قمت الآن رفقة رئيس الطائفة الدرزية في إسرائيل الشيخ موفق طريف، ورئيس منتدى السلطات الدرزية ياسر غضبان، بزيارة غرفة العمليات التي أقامتها الطائفة في جولس (شمالي الأراضي المحتلة) للتواصل مع إخوانهم الدروز في السويداء ومتابعة وضعهم".

وزعم أن الوضع في السويداء صعب للغاية، وأن وقف إطلاق النار الحالي "نوع من الهدوء المخادع لمحاصرة الدروز، وتخريب بعض قراهم في المنطقة، والتسبب في أزمة إنسانية خطيرة" وفق تعبيره.



وفي وقت سابق الأربعاء، قال متحدث وزارة الداخلية السورية نور الدين البابا، إن مزاعم حصار الحكومة لمحافظة السويداء، كاذبة وترمي إلى “فتح ممرات بهدف إعادة تجارة المخدرات.

وقال البابا، إن “مزاعم حصار السويداء من قِبل الحكومة السورية محض كذب وتضليل، فالحكومة فتحت ممرات إنسانية لإدخال المساعدات لأهلنا المدنيين داخل المحافظة بالتعاون مع المنظمات الإنسانية المحلية والدولية”.

ومنذ أيام، تعمل الحكومة السورية بوتيرة مستمرة، على إدخال قوافل مساعدات إنسانية بمشاركة منظمات دولية إلى داخل السويداء، لصالح المتضررين في المحافظة من أحداث إطلاق النار.

وادّعى سموتريتش، الذي تعاقبه دول غربية على تطرفه وتصريحاته الوحشية ضد الفلسطينيين في غزة، أن الدروز تعرّضوا لمجزرة في سوريا، متهما العالم الغربي بالنفاق لأنه يواصل الانشغال بغزة ويتجاهل تماما ما يحدث في جنوب سوريا.

وأكد أن "التزام إسرائيل بحماية حياة الدروز وأمنهم في سوريا، هو عمل إنساني وأخلاقي ضروري، ومصلحة أمنية إسرائيلية”.

وأضاف "علينا أن نطالب ونحصل على ممر إنساني فوري يتيح إدخال مساعدات من طعام وأدوية ومعدات ضرورية للدروز المحاصرين، والاستعداد عسكريا للدفاع عنهم، ولتدفيع النظام السوري ثمنا باهظا، وخلق ردع قوي يمنع تجدد الهجوم".

ورغم دعوة سموتريتش إلى ما أسماه "ممرا إنسانيا لإغاثة الدروز، لا تربط إسرائيل حدود برية مشتركة مع محافظة السويداء التي تفصلها عن مرتفعات الجولان السورية المحتلة محافظة كاملة هي درعا".

ومنذ مساء 19 تموز/ يوليو الجاري، تشهد السويداء وقفا لإطلاق النار عقب اشتباكات مسلحة دامت أسبوعا بين مجموعات درزية وعشائر بدوية، خلفت مئات القتلى.

وتحت ذريعة “حماية الدروز” استغلت دولة الاحتلال تلك الأوضاع وصعّدت عدوانها على سوريا، وشنّت في 16 تموز/ يوليو الجاري غارات مكثفة على أربعة محافظات، وقصفت مقر هيئة الأركان ومحيط القصر الرئاسي في العاصمة دمشق.

وأعلنت الحكومة السورية أربعة اتفاقات لوقف إطلاق النار في السويداء، آخرها في 19 تموز/ يوليو.

مقالات مشابهة

  • يديعوت: إسرائيل أمام 3 خيارات للتعامل مع غزة بعد انتهاء "عربات جدعون"
  • سوريا: ولاء الغالبية العظمى من الدروز لدمشق وإسرائيل تدرك ذلك
  • يديعوت أحرونوت: نتنياهو يتحرك عمليا لترحيل سكان غزة وإقامة مستوطنات
  • «يديعوت أحرونوت»: نتنياهو يسعى لتسريع «الهجرة الطوعية» من غزة لإرضاء بن غفير
  • سموتريتش يدعو لفتح ممر بين إسرائيل والسويداء
  • سموتريتش يطالب بإنشاء ممر يربط السويداء بـ إسرائيل
  • يديعوت أحرونوت: تسونامي دبلوماسي يحاصر إسرائيل
  • الصايغ لأبناء جبل العرب: خير الدروز أن يحكموا بحكومة العقل من داخل نفوسهم
  • محمد بن زايد يبحث مع ستارمر التطورات الإقليمية بالمنطقة
  • يديعوت أحرونوت: تأثير تركيا العسكري والسياسي المتزايد بات التهديد الأكبر لإسرائيل