البطولة: أولمبيك آسفي يقتنص فوزا ثمينا في الهزيع الأخير من مباراته مع المغرب الفاسي
تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT
اقتنص أولمبيك آسفي فوزا ثمينا بهدف نظيف في الدقائق الأخيرة على المغرب الفاسي، في المباراة التي جرت أطوارها اليوم الأحد، على أرضية ملعب الحسن الثاني بفاس، لحساب الجولة 14 من البطولة الاحترافية في قسمها الأول.
ودخل الفريقان المباراة في جولتها الأولى بعزيمة افتتاح التهديف مبكرا، لتسيير اللقاء بالطريقة التي يريدانها، في لقاء عرف حضورا جماهيريا غفيرا من الجماهير الفاسية والمسفيوية، حيث يبحث المغرب الفاسي عن الانتصار، الذي سيرتقي به إلى وصافة البطولة الاحترافية، وتقليص الفارق مع المتصدر نهضة بركان المنقوص من مباراتين إلى نقطتين، فيما يتطلع أولمبيك آسفي إلى كسب النقاط الثلاث، للانعتاق من المراكز الأخيرة المؤدية للقسم الاحترافي الثاني.
وعمل الحارسان صلاح الدين شهاب، وخالد كبيري علوي، على إبقاء شباكهما نظيفة، من خلال التصديات التي قاما بها معا، حيث كانا سدا منيعا لكل المحاولات، ناهيك عن تسرع اللاعبين في بعض الفرص التي أتيحت لهم، سواء أثناء التسديد أو التمرير، بعد الوصول لمربع العمليات أو الاقتراب منه، في حين لم تعرف الدقائق الأخيرة أي جديد من ناحية عداد النتيجة، لتنتهي بذلك الجولة الأولى كما بدأت على وقع البياض.
وكان المغرب الفاسي قريبا من التقدم في النتيجة خلال أطوار الجولة الثانية، من ضربة حرة مباشرة في الدقيقة 77، لولا القائم الذي ناب عن الحارس خالد كبيري علوي في التصدي، لتتواصل المباراة في شد وجذب بين الطرفين بحثا عن الهدف الذي استعصى عليهما في الشوط الأول، إلا أن كل محاولاتهما باءت بالفشل، في ظل تسرع لاعبيهما في اللمسة الأخيرة.
واستمرت الأمور على ماهي عليه فيما تبقى من دقائق، هجمة هنا وهناك بغية افتتاح التهديف، وبالتالي تحقيق الانتصار والنقاط الثلاث، التي ستمكن المغرب الفاسي من الارتقاء إلى الوصافة، وستجعل أولمبيك آسفي يهرب من المراكز المؤدية للقسم الاحترافي الثاني، حيث حاولا معا الوصول إلى الشباك بشتى الطرق الممكنة، دون أن يتمكن أيا منهما من تحقيق مبتغاه، وفي الوقت الذي كان الحكم يستعد لإنهاء المباراة، تمكن القرش المسفيوي من إحراز الهدف عن طريق اللاعب صلاح الدين الرحولي، منهيا اللقاء بانتصار فريقه بهدف نظيف.
ورفع أولمبيك آسفي رصيده إلى 18 نقطة في المركز التاسع فيما تجمد رصيد المغرب الفاسي عند 22 نقطة في المركز الرابع، بنفس عدد نقاط الوداد الرياضي الثلاث، وعلى بعد نقطتين من الوصيف نهضة الزمامرة، وخمس نقاط عن المتصدر نهضة بركان المنقوص من مباراتين.
كلمات دلالية أولمبيك آسفي البطولة الاحترافية المغرب الفاسيالمصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: أولمبيك آسفي البطولة الاحترافية المغرب الفاسي المغرب الفاسی أولمبیک آسفی
إقرأ أيضاً:
رحل زياد.. رحل المتمرّد الأخير
أحمد بن محمد العامري
انطفأ أحد ألمع الأصوات في ذاكرة الفن العربي يوم 26 يوليو 2025، غاب زياد الرحباني الفنان الإنسان الذي لم يكن يشبه أحدًا ولا يشبهه أحد، رحل الرجل الذي جعلنا نضحك من الألم ونفكّر من خلال نكتة، ونتأمل مصيرنا على أنغام الجاز وهدير السياسة، لم يكن زياد مجرّد ملحن أو كاتب مسرحي أو عازف عبقري، بل كان حالة فنية وفكرية مركّبة تنبض بالصدق وتتماوج بين السخرية القاتلة والجدية المؤلمة، بين العبث الظاهري والوعي العميق.
في يناير عام 1956 وُلد زياد في بيت لا يُنتج إلا الفن، ابن السيدة فيروز وعاصي الرحباني ووريث عبقري لمدرسة الرحابنة، لكنه ما لبث أن تمرّد على تلك المدرسة لا نكرانًا لها، بل بحثًا عن صوته الخاص المختلف، المتفلّت من الإطار، لم يتكئ على مجد العائلة، بل خاض معركته الفنية والفكرية بأسلحته الذاتية: قلمه، وموسيقاه، وصوته الساخر الحزين، كانت بداياته مع والدته في أغنيات لا تُنسى، كتب ولحّن لها أعمالًا حملت توقيعه الخاص، مثل "كيفك إنت؟" و"بكتب اسمك يا حبيبي" و"عودك رنان". لكنه لم يكتفِ بالموسيقى وحدها، بل كانت روحه قلقة تبحث عن مساحات أوسع، فذهب إلى المسرح وهناك خلق لنا عالمًا كاملًا من الشخصيات والمواقف والحوارات التي تُشبهنا تمامًا، وتعرينا أمام التاريخ بلا رحمة، مسرحياته، كـ "بالنسبة لبكرا شو؟"، و"فيلم أمريكي طويل"، و"نزل السرور"، لم تكن مجرد عروض فنية، بل كانت مرآة للشارع اللبناني والعربي، حيث الطائفية، والانهيار السياسي، والحرب، والفقر، والفساد، وكل ذلك مغلف بسخرية مؤلمة.
كان زياد يكتب بالعامية لكنه يُفكر بلغة عالية لا تصطدم بالنخبة فحسب، بل تُخاطب العامة أيضًا بلغة تضحكهم وتؤلمهم في آن.
عبقرية زياد الرحباني لم تكن فقط في قدرته على التأليف الموسيقي أو المزج بين الجاز والمقام الشرقي، بل في جرأته على قول ما لا يُقال، كان لسان حال الناس البسطاء وهو يتحدث عن الجوع والخذلان واليأس والموت دون تجميل ودون خطب رنانة، بل كان يقولها بصوتٍ عادي كأنه يتحدث عن الطقس، لكنها كلمات تغوص فينا كأنها حقيقة قيلت لأول مرة.
من دون ضجيج عاش زياد كما أراد.
كتب، لحّن، عزف، سخِر، وعاش وحيدًا في كثير من الأحيان لكنه لم يتوقف عن التأثير في وجدان أجيال متتالية، لم يكن محبوبًا من الجميع لأنه لم يرد ذلك أصلًا. كان صعبًا، لاذعًا، معقدًا، ساخرًا، حزينًا... لكنه كان صادقًا، وهي العملة الأندر في هذا الزمن.
ورغم قسوة مواقفه السياسية ووضوح انحيازاته الفكرية الناضجة، لم يتحوّل زياد إلى مجرد "ناشط"، بل ظل فنانًا أولًا وأخيرًا، يعرف أن الفن حين يكون صادقًا يكون هو الأبلغ تأثيرًا، كان يحلم بوطن لا يُشبه الخرائط، وطن داخلي يُبنى على العقل والعدل والحرية، لا على الطائفة والسلاح.
رحل زياد، لكنه ترك خلفه مكتبة من الأصوات التي تتحدث عنا، وأرشيفًا من الضحكات التي تخفي دمعًا، ونصوصًا ستُقرأ لأجيال قادمة كلما أرادوا أن يفهموا ما الذي كان يحدث لنا وكيف استطاع فنان واحد أن يُلخّص كل هذا الخراب من دون أن يرفع صوته.
في موته، لا نبكي فقط فنانًا مبدعًا، بل نودّع زمنًا بأكمله، زمن السخرية الشفافة والفن الهادف، والكلمة الثقيلة التي تخرج من فمٍ ساخر، نودّع رجلًا لم يُجامل، لم يُهادن ولم يعش على هوامش الآخرين، زياد لم يكن جزءًا من المشهد، بل كان المشهد كله حين يعتلي المسرح أو يعزف خلف البيانو.
وداعًا يا زياد... صوتك ما زال يضحك ويبكي فينا وألحانك تمشي بيننا خفيفة وثقيلة، جارحة وشافية.. لن ننساك يا زياد... "عودك رنان"، لروحك السلام والرحمة.