بوابة الوفد:
2025-06-04@14:14:44 GMT

عهد جديد!

تاريخ النشر: 16th, December 2024 GMT

«الثامن من ديسمبر 2024»، كان يومًا استثنائيًّا في تاريخ سوريا، بعد فرار «الأسد»، وسقوط النظام سريعًا، ثم دخول قوات المعارضة المسلحة إلى دمشق، إيذانًا ببدء «عهد جديد»، وإعلان وفاة حُكم «البعث» الذي استمر لأكثر من نصف قرن.
من حقّ الشعب السوري أن يعيش نشوة الفرح ولذة الانتصار، بعد عقود دامية ومريرة، لكن الحذر واجب ومطلوب خلال الفترة المقبلة، حتى يتعافى ويبرأ من مخلَّفات الماضي الأليم، وألا يطمئن أو يثق في أيِّ طرفٍ إقليمي أو دولي، قبل أن تنجلي ملامح الواقع الجديد.


ورغم أن انهيار وسقوط النظام بهذا الشكل الغامض والمفاجئ والسريع، لم يكن متوقَّعًا على هذا النحو «الهوليوودي»، إلا أنه طرح أكثر من علامة استفهام، أهمها: هل كان «تحرير الشام» جزءًا من صراع الدول الكبرى، أم «شاميًّا» وطنيًا خالصًا.. وكيف استطاع هؤلاء المقاتلون ـ الذين كانوا حتى وقت قريب مجرد فصائل متناحرة ـ أن يحققوا ذلك «النصر المبين» في غضون أيام؟
لاشك أن أي مخلص غيور على دينه وعروبته، يرجو لسوريا أن تجتاز محنتها وآلامها، فيكفي هذا الشعب الأصيل ما عاناه من كوابيس جماعية وتجربة قاسية لعقود طويلة، أن يحيا حياة كريمة، تليق بأصالته وعراقته، والتعافي من أمراض وجائحات استمرت لأكثر من نصف قرن.
مع سقوط النظام، وفرار «الأسد»، نرجو أن يطوي السوريون صفحات من الألم والدمار، وألا يجدوا أنفسهم أمام مشهد معقد، تتداخل فيه أبعادٌ داخلية وإقليمية ودولية بشكلٍ فج، قد يؤدي إلى اتساع تشظِّي الوطن جغرافيًّا وديمغرافيًّا، واتساع نزيف الخسائر، بشريًّا واقتصاديًّا.
يجب على السوريين استغلال تلك الفرصة التاريخية لإعادة وطنهم إلى مكانته التي يستحقها، من خلال التعلم من تراكمات وأخطاء الماضي، وعدم الاعتماد على «الوصاية» الخارجية، التي تفقدهم استقلالية القرار السياسي والاقتصادي، حتى لا يكون الأمر مجرد استبدال «تبعية» بأخرى.
نتصور أن السوريين الآن أمام فرصة تاريخية حقيقية، لطي صفحة الماضي، وبدء صفحة جديدة، عنوانها توحيد الصفوف وإعادة اللُّحمة الوطنية وتجاوز الانقسامات الطائفية والإثنية، وطرح رؤية واقعية للمستقبل، لتجنب الفراغ السياسي، أو "بعث" الدولة العميقة والثورة المضادة.
نتصور أن التحدي الأكبر يكمن في إعادة الإعمار وبناء سوريا من تحت الركام، وذلك بالطبع يتطلب تعاونًا دوليًّا صادقًا، والتزامًا بتقديم الدعم الإنساني والإغاثي الفوري، بعيدًا عن أي أجندات سياسية.. وقبلها وجود إرادة داخلية قوية لدى السوريين أنفسهم. 
أخيرًا.. إن سقوط النظام وفرار «الأسد» ليس كلمة النهاية، بل إنها بداية فصل جديد مليء بالآمال والمخاطر، يتطلب قراءة دقيقة ومتأنيّة، بعيدًا عن التناقضات الأيديولوجية والسياسية والطائفية، فالحفاظ على سوريا موحدة ومستقرة، لا يقتصر على كونه واجبًا وطنيًّا، بل ضرورة إنسانية وأخلاقية وإسلامية وعروبية.

فصل الخطاب:

يقول المفكر الجزائري «مالك بن نبي»: «لا يمكننا أن نصنع التاريخ بتقليد خُطا الآخرين في سائر الدروب التي طرقوها».

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أحمد الشرع سقوط النظام السوري فرار بشار الاسد سوريا الجديدة محمود زاهر سجن صيدنايا

إقرأ أيضاً:

سوريا في قبضة التوازنات .. صعود الشرع كواجهة ’’أمريكية_صهيونية’’ وتحجيم السيادة

يمانيون / تقرير خاص

في تحول جذري يعيد رسم المشهد السياسي السوري، صعد أحمد الشرع إلى رأس السلطة خلفًا لبشار الأسد، بدعم إقليمي ودولي غير مسبوق. هذا التحول لا يمكن عزله عن التغيرات المتسارعة في خارطة النفوذ داخل سوريا، حيث تتقاطع إرادات الولايات المتحدة وإسرائيل مع مصالح تركية وخليجية سعت إلى إنهاء عهد بشار الأسد، والتخلّص من الحضور الإيراني الذي يُنظر إليه كعدو استراتيجي دائم لواشنطن وتل أبيب.

الشرع يظهر اليوم كخيار لإعادة تعويم النظام من بوابة عربية وغربية. غير أن هذا الصعود لا يبدو مستقلاً، بل يأتي في سياق مشروع متكامل يهدف إلى إعادة صياغة النظام السوري على مقاس المصالح الأمريكية-الإسرائيلية، تحت غطاء تفاهمات إقليمية، تركية وخليجية، تزداد وضوحاً.

وفي ظل هذا التموضع الجديد، تبدو سوريا أمام مرحلة دقيقة انتقال ظاهري للسلطة، لكنه في جوهره انتقال من دولة ذات سيادة، إلى كيان سياسي خاضع لتوجيهات الخارج، تحكمه معادلات النفوذ والتي ستقوده رغماً عنه قريباً نحو التطبيع

 الخلفية السياسية لصعود أحمد الشرع
برز اسم أحمد الشرع سريعًا  بعد سنوات من الجمود العسكري والدبلوماسي في سوريا. يشير مراقبون إلى أن صعوده لم يكن وليد الداخل السوري فقط، بل ثمرة مفاوضات طويلة قادتها واشنطن مع تل أبيب، وأنقرة، والرياض، والدوحة، لإعادة هيكلة النظام بطريقة “غير ثورية”، تُنهي سطوة النظام القديم وتحفظ مصالح اللاعبين الكبار.

 الدور الأمريكي – الصهيوني في إدارة التحول
الولايات المتحدة تبنّت دورًا مركزيًا في إدارة الانتقال السياسي، من خلال خطة تضمن الحد من النفوذ الإيراني، وحماية أمن إسرائيل، وفتح الباب لتسوية “مقبولة” دوليًا.
العدو الإسرائيلي ، من جانبه، أبدى ارتياحًا غير معلن تجاه النهج الجديد للشرع، خاصة بعد تسريبات عن وجود قنوات خلفية للتواصل الأمني، وضمانات بعدم المساس بالجولان، بل واحتمال فتح مسارات اقتصادية مستقبلية عبر وساطات خليجية.

الدعم التركي والخليجي .. حسابات النفوذ والاقتصاد
أنقرة، التي ظلت طوال العقد الماضي تحتفظ بدور عسكري واستخباراتي مؤثر شمال سوريا، تعتبر أن صعود الشرع يمثل فرصة لتكريس نفوذها دون صدام مباشر مع دمشق، خصوصًا في ما يتعلق بمسألة “المنطقة الآمنة” وضبط الحدود مع الأكراد.
أما دول الخليج، وعلى رأسها السعودية وقطر، فقد سارعت لإعادة علاقاتها الاقتصادية والدبلوماسية مع دمشق، باعتبار أن النظام الجديد قد يشكّل حاجزًا أمام تمدد المشروع الإيراني في بلاد الشام، مع احتمالات استثمار كبيرة في ملف إعادة الإعمار.

 الموقف الروسي – دعم مشروط وتحفّظ استراتيجي
رغم أن موسكو باركت رسميًا صعود أحمد الشرع وأرسلت رسالة تهنئة من الرئيس بوتين أكد فيها استمرار الدعم الروسي  إلا أن الموقف الفعلي أكثر تعقيدًا. الشرع طلب من موسكو تسليم بشار الأسد وعدد من مساعديه اللاجئين على أراضيها، وهو ما أثار توترًا صامتًا بين الجانبين وفق ’’العربي الجديد’’
موسكو، التي ضمنت قاعدتين عسكريتين دائمتين (طرطوس وحميميم)، ستبقى حريصة على حفظ نفوذها الاستراتيجي، لكنها تراقب بحذر انجراف دمشق نحو واشنطن وتل أبيب.

انعكاسات إقليمية محتملة
انكماش الدور الإيراني  في سوريا نظراً للمتغيرات الداخلية والتي لم تعد تمثل عمقًا استراتيجيًا يمكن أن تعتمد عليه إيران ، ما سيدفعها لإعادة النظر في تموضعها الإقليمي وفي المقابل صعود نفوذ تركيا والخليج ونمو مساحة التفاهم بينها

توازنات جديدة مع إسرائيل عبر واشنطن، تسعى دمشق الجديدة لفرض معادلة “لا حرب ولا مقاومة”، ما يعيد تعريف معادلات الردع في الجبهة الجنوبية.

 سوريا الجديدة على مفترق طرق 
سوريا الشرع  تقف على مفترق طرق، مع وجود محاور متعددة تتنازع التأثير على مستقبلها ، فهي تقف خلف الدعم الأمريكي-الإسرائيلي الذي يهدف إلى إضعاف النفوذ الإيراني في سوريا، وتثبيت (الوضع القائم) الذي يضمن أمن إسرائيل.

الوجود الأمريكي شرق الفرات يعكس اهتمام واشنطن بالسيطرة على مناطق النفط، ودعم قوات “قسد”، وهو ما يشكل حاجزاً بوجه دمشق وحلفائها.

تركيا تغيّر تكتيكها تدريجياً بعد سنوات من دعم المعارضة المسلحة، تنفتح أنقرة تدريجياً على دمشق، بدافع من ملفات اللاجئين، وملف “قسد”.

الخليج (السعودية، الإمارات) عاد بقوة إلى دمشق، في محاولة لتقليص النفوذ الإيراني من داخل النظام نفسه، باستخدام أدوات اقتصادية ودبلوماسية (مثل إعادة سوريا للجامعة العربية).
الرهان الخليجي يقوم على “تعويم النظام مقابل تنازلات”، لكن دون ضمانات بتحقيق تغيير جذري في السياسات السورية.

إلى أين تتجه سوريا؟
السيناريو الأقرب على المدى القصير ، جمود سياسي مستمر، مع بعض الانفتاح العربي التركي التدريجي.
وتقاسم نفوذ فعلي مناطق نفوذ أميركية، إسرائيلية ،روسية، تركية، داخل الأراضي السورية.
تطبيع مشروط، لكنه بطيء ومحدود التأثير بدون إصلاحات داخلية حقيقية.
على المدى البعيد ، سوريا تتحول إلى دولة ذات سيادة شكلية، لكنها عملياً مرهونة لتوازنات إقليمية

مقالات مشابهة

  • سوسن أرشيد تروي تفاصيل هروبها المؤلمة من سوريا.. فيديو
  • تلغراف: داخل وكالة المساعدات التي تزرع الخوف والفوضى في غزة
  • قراءة في تحولات العلاقة: الحوثيون ونظام الأسد.. من دعم تكتيكي إلى تحالف إقليمي .. قراءة تحليلية
  • منذ سقوط الأسد .. آلاف السوريين يواصلون العودة إلى قراهم
  • وثائق تؤكد احتجاز نظام الأسد للصحفي الأمريكي أوستن تايس
  • سوريا تحديات أمنية واقتصادية بعد 6 أشهر من عزل الأسد
  • البورصة السورية تستأنف التداول لأول مرة منذ سقوط النظام
  • هذا مايقوم به النظام السعودي في سوريا
  • بمشاركة سوريا… بدء أعمال الاجتماع الوزاري الإقليمي للتعليم حول عودة اللاجئين السوريين في الدوحة
  • سوريا في قبضة التوازنات .. صعود الشرع كواجهة ’’أمريكية_صهيونية’’ وتحجيم السيادة