«الهليكوبتر».. رحلة استثنائية
تاريخ النشر: 17th, December 2024 GMT
لكبيرة التونسي (أبوظبي)
ضمن بيئة آمنة وفضاء تملؤه البهجة، جمهور «مهرجان الشيخ زايد» على موعد يومي مع الترفيه والتشويق، حيث عناصر الإبهار تحققها مناطقه التي تمتد على مساحة واسعة، لتلبي أذواق مختلف الفئات العمرية، وتتيح خوض تجارب استثنائية في أجواء نابضة.
يشهد «مهرجان الشيخ زايد» المتواصل في منطقة الوثبة بأبوظبي حتى 28 فبراير 2025، استحداث فعاليات وأنشطة تقام للمرة الأولى بهوية جديدة تحت شعار «حياكم»، انطلاقاً من رؤية تهدف إلى تعزيز رسالته كونه ملتقى للثقافات وحضارات العالم، ومنها «فعالية الهليكوبتر» التي تُعد من أكثر الأنشطة استقطاباً للجمهور، وهي من التجارب الفريدة والمغامرات الشائقة التي يقدمها المهرجان لزواره من مختلف الجنسيات، ما يعكس مكانته واحداً من أبرز المهرجانات الثقافية والتراثية والترفيهية في المنطقة.
تجربة افتراضية
«فعالية الهليكوبتر»، تمثِّل طائرة حمراء اللون، تقع أمام مدينة الألعاب الترفيهية، وهي إضافة نوعية توفر مغامرة الطيران المعززة بتقنية الواقع الافتراضي، حيث يعيش الزوار أجواء قيادة الهليكوبتر بتقنية ثلاثية الأبعاد، والقيام بجولة في أنحاء الإمارات، لتبقى هذه التجربة عالقة في الأذهان. وهنا يستمتع الأطفال والشباب رفقة أسرهم بقضاء أجمل الأوقات، إذ يسافرون عبر هذه الطائرة إلى مناطق عدة من الإمارات ويزورون مختلف معالمها المشهورة. وتعزَّز الجولة والمشاهد الطبيعية والمواقع التاريخية بشرح عن كل معلم، ما يجعلها رحلة تثقيفية وسياحية ممتعة بامتياز، لاسيما أن المهرجان يسعى إلى الارتقاء بتجربة زواره، حيث يقدم برنامجاً حافلاً بالفعاليات الجديدة.
السياحة الرقمية
تستقطب فعالية السياحة الرقمية شعبية واسعة لدى زوار المهرجان، لاسيما الشباب والأطفال الذين يأتون رفقة أصدقائهم وعائلاتهم للاستمتاع بأجواء المهرجان وخوض هذه التجربة الممتعة، وتضمن هذه المنصة الوصول إلى مختلف المناطق السياحية الإماراتية من خلال التجول الرقمي والتي يتصدّرها جزيرة ياس، برج العرب، برج خليفة ومشاهد من رأس الخيمة، وغيرها من المناظر الآسرة، وتتيح هذه الخطوة الافتراضية فرصة استكشاف المعالم السياحية البارزة في الإمارات.
جولات افتراضية
تبدأ الرحلة الرقمية بصعود الزائر إلى الطائرة وأخذ مكانه، ووضع النظارة الذكية.
وبعد إعطاء إشارة الانطلاق، يشعر أنه يتحرك، مروراً بمختلف المعالم الشهيرة المعززة بمؤثرات ضوئية وصوتية، مع شرح عن كل معلم، حيث يشعر السائح أنه ضمن تجربة حقيقية، ويستمتع عبر هذه الجولة الافتراضية بجمال المناظر والمعالم من كل زوايا التصوير، ومختلف ساعات الليل والنهار، وإطلالات على أجمل مناظر الصحراء الشاسعة بزاوية 360 درجة.
سياحة سلسة
عبَّر الشباب عن سعادتهم ودهشتهم بهذه التجربة الفريدة، حيث قال سلطان الزعابي: إنها تجربة ممتعة سبق وسمع عنها، وقد أتاح المهرجان له فرصة تجربتها مع أصدقائه، واعتبرها رائعة ومتنوعة وتختصر المسافات بالنسبة للسياح الافتراضيين من مختلف الأذواق، من حيث تقديم الوجهات السياحية والتفاصيل عنها، وتوفير الكثير من المعلومات المفيدة.
استكشاف
قال عبدالله المرزوقي: إنه استمتع بالمناظر الطبيعية، وتعرّف على الكثير من المعالم، مؤكداً أن فكرة تحويل الجولة الافتراضية التفاعلية عبر «الإنترنت» لرؤية معالم الدولة إلى تجربة واقعية، أمر ممتع، حيث يصعد الزوار إلى الطائرة في رحلة استكشافية تعرفهم بالإمارات في انسيابية تامة.
تجربة ممتعة
أشار سعيد طلال إلى أن التجربة منحته الإيحاء بالواقعية بين الأماكن المعروفة في الإمارات بأسلوب يعرض المَشاهد بزاوية 360 درجة، فتكون الصورة معروضة من كل الاتجاهات، وتمنح المرء الشعور بأنه داخل المكان المعروض أمامه.
وتقدم عرضاً مميزاً من حيث الوضوح، وهي طريقة جميلة للتعرف إلى الإمارات، موضحاً أن التجربة المفتوحة أمام جمهور المهرجان استهوته، وسيعود مجدداً لخوضها مع أصدقائه.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: أبوظبي مهرجان الشيخ زايد الإمارات الهليكوبتر الوثبة الواقع الافتراضي تقنية الواقع الافتراضي
إقرأ أيضاً:
رحلة إلى مدينة الذكريات
عدتُ بعد غيابٍ امتدّ لعشرة أعوام، عدتُ لا لأكتشف مدينة جديدة، بل لأستعيد مدينةً قديمة تسكنني، مدينةً لا ترتبط في ذاكرتي بجغرافيتها، ولا بتاريخها، ولا بمعالمها، بل ترتبط بشخصٍ واحدٍ كان فيها، فصار كل ما فيها يُشبهه، ويُحاكيه، ويُعيدني إليه. لم تكن العودة صدفة، ولم تكن رغبةً عابرة في السفر، بل كانت شوقًا متراكمًا، حنينًا دفينًا، بحثًا عن أي شيء يخصه، عن رائحةٍ علقت في زاويةٍ من شارع، عن مقعدٍ جلس عليه، عن طريقٍ مشيناه سويًا، عن لحظةٍ عشتها معه ولم أُدرك حينها أنها ستكون من كنوز العمر. حين وطئتُ أرض المدينة، شعرتُ أنني لا أعود إليها، بل أعود إليه، أعود إلى نفسي القديمة، إلى ذلك الطفل الذي كان يُمسك بيد أبيه ويشعر أن العالم كله آمنٌ ما دام إلى جواره. كل شيء بدا مألوفًا على نحوٍ مؤلم: الأرصفة التي حفظت وقع خطواتنا، الأشجار التي شهدت صمتنا، المقهى الذي جلسنا فيه ذات صباحٍ هادئ، حين كان يُحدثني عن الحياة كمن يُهدي وصاياه الأخيرة دون أن يدري. سرتُ في الطرقات التي عرفناها معًا، وكل زاوية تنطق باسمه، وكل نافذة تُشبه عينيه حين كان يتأمل المكان بهيبة العارف وحكمة المُحب. جلستُ على ذات المقعد المطلّ على النهر، حيث جلسنا ذات مساء، حين كان يُحدّثني عن طفولته، عن أحلامه، عن أشياءٍ لم أفهمها تمامًا حينها، لكنني اليوم أُدركها بكل تفاصيلها، وأشعر بثقلها في قلبي. رأيتُ السياح يلتقطون الصور، فاستعدت تلك اللحظة التي التقط فيها صورة تجمعنا أمام أحد المعالم، وقال لي ممازحًا: «سنعود لالتقاط صورة بالزاوية ذاتها بعد عشرة أعوام.» وها أنا أكتب بعد عشرة أعوام، لكن لم أستطع التقاط الصورة من دونه. المدينة لم تتغيّر كثيرًا، لكنني أنا تغيّرت، لأنني عدتُ إليها لا كما كنت، بل مثقلًا بما لا يُقال، محمّلًا بما لا يُكتب، أبحث عن وجهٍ غاب، وعن صوتٍ خفت، وعن يدٍ كانت تُمسك بي حين أتعثّر. كتبتُ في دفتري: «اخترتُ هذه المدينة من بين مدن الأرض، لا لأنها الأجمل، بل لأنها الوحيدة التي تُشبهه.» ثم أغلقتُ الصفحة، كأنني أُغلق بابًا على وجعٍ لا يُشفى، ووقفتُ عند المدخل، أستجمع ما تبقّى منّي، وأهمس للمكان: «لقد عدتُ، ولكن أبي لم يعد.» رحمك الله يالغالي. كانت هذه المدينة جميلة بك، وما زالت جميلة، لكنها باتت ناقصة، وما أقسى أن يعود الإنسان إلى مكانٍ كان فيه سعيدًا، ليكتشف أن السعادة لم تكن في الشوارع ولا في المناظر، بل في من كان يشاركه اللحظة، ويمنحها معناها، ويملأها دفئًا وطمأنينة. في كل زاويةٍ مررتُ بها، كنتُ أبحث عنك، لا بعيني، بل بروحي، كأنني أرجو من المكان أن يُعيد تشكيلك من الضوء والهواء والحنين. لكنني أدركت، بعد أن مشيتُ كثيرًا، وتأملتُ طويلًا، أن الذكرى، مهما كانت حيّة، لا تُجاري حضورًا كان يملأ الدنيا بهجة، وأن الأماكن، مهما احتفظت بصورنا، لا تستطيع أن تُعيد إلينا من غاب. ومع ذلك، وجدتُ في هذه الرحلة شيئًا من السلوى، شيئًا من العزاء، شيئًا يُشبه اللقاء، وإن كان قد جدد الجرح. وجدتُك في التفاصيل، في الصمت، في الذكرى، في قلبي الذي لا يزال ينبض باسمك. وها أنا أغادر المدينة، لا كما دخلتها، بل مثقلًا وأحمل معي يقينًا واحدًا: أن الحب لا يموت، وأن الأب، وإن غاب جسده، يبقى حيًا في الأماكن التي أحبها، وفي الأبناء الذين أحبهم، وفي اللحظات التي لا تُنسى، ولا تُستعاد. رحمك الله يا أمان السنين.
قطر زهرة حسن