الإدارة فن وأخلاق قبل أن تكون منصبًا
تاريخ النشر: 17th, December 2024 GMT
راشد الفزاري
الإدارة ليست مجرد أدوار تنفيذية أو مناصب قيادية تتطلب اتخاذ قرارات يومية، بل هي فن وأخلاق تُظهر الجانب الإنساني في التعامل مع الأفراد والفرق. فهي التوازن الدقيق بين تحقيق الأهداف المؤسسية وبين بناء بيئة عمل صحية ومستدامة تحفّز الإبداع والتفاني لدى الموظفين.
في بعض المؤسسات تظهر علامات الإدارة المهترئة التي تفتقد للرؤية والقيادة الحقيقية، فمثلاً عندما تعتمد الإدارة على تدوير المسؤولين غير المؤهلين دون اعتبار لكفاءتهم، فإن ذلك يعرّض المؤسسة للتدهور المستمر، وتجد مثل هذه الإدارات تتعامل مع الموظفين بمنطق التجسس والتصيد، حيث يتم زرع "عيون خفية" بين العاملين لرصد حضورهم وغيابهم، أو نقل كلامهم للإدارة العليا، وهذا السلوك لا يعكس ضعفًا إداريًا فقط، بل يُدمّر الثقة بين أعضاء الفريق، ويدخل المؤسسة في دوامة من الصراعات الداخلية.
كما إن هذه الإدارات غالبًا ما تُغفل الاحتياجات الحقيقية للموظفين، سواء كانت الحوافز المعنوية أو المادية. ويتم اختيار المسؤولين بناءً على الولاءات الشخصية، بدلًا من الكفاءة والخبرة، والنتيجة موظفون يعانون من التهميش، ومؤسسة تفتقد الإنجاز، وقائد لا يثق إلا بنفسه، ولا يتقبل النقد أو النقاش البناء.
على الجانب الآخر، فإن الإدارة الناجحة تتسم بكونها بيئة شاملة ومشجعة، تهتم بالنتائج وتُقدّر الجهود، والقائد الناجح هو من يجيد بناء الثقة داخل فريق العمل، ويؤمن بمبدأ العمل الجماعي لتحقيق الأهداف المؤسسية، فهو ليس فقط مديرًا، بل قائدًا ملهمًا يدفع الموظفين للإبداع، ومن سمات الإدارة الناجحة الشفافية والصدق فالقائد الناجح يتواصل مع فريقه بوضوح، ويناقش الأفكار والقرارات دون تردد، بجانب التقدير والتحفيز ومكافأة الجهود المميزة والإشادة بالنجاحات تعزز روح الفريق، وتشجع الموظفين على تقديم الأفضل، كما ينبغي إلا ننسى أهمية الرعاية الإنسانية وهي فهم الاحتياجات النفسية للموظفين والتعامل معهم بتعاطف يخلق بيئة عمل صحية ومستقرة، كما إن ما نفقده اليوم في كثير من المؤسسات هو الاستماع والانفتاح، وهذا أمر لا ينطبق إلّا على القادة الحقيقيين الذين يستمعون لموظفيهم ويفهمون احتياجاتهم دون مقاطعة.
اليوم يجب أن يعي أي مسؤول بأن الإدارة ليست امتيازًا يُضاف إلى السجل المهني؛ بل هي مسؤولية كبيرة وتكليف يتطلب التفاني لتحقيق المصلحة العامة، والقائد الإداري الحقيقي هو من يدرك أن نجاح المؤسسة يعتمد بالدرجة الأولى على راحة موظفيها وتقدير جهودهم، ويجب أن تتبنى الإدارة فلسفة تحترم الإنسان وتُعلي من قيمته، فعندما يشعر الموظف بالتقدير والاحترام، فإنه يقدم أفضل ما لديه، في المقابل عندما يُستنزف الموظف دون مكافأة أو دعم، فإنه يفقد الدافع مما ينعكس سلبًا على المؤسسة بأكملها.
في الختام.. على جميع من وُضِعوا في أعلى سلم الموظفين أن يدركوا أن الإدارة هي مزيج من الذوق والأخلاق والإنسانية، وهي مفتاح النجاح لأي مؤسسة، والقادة الذين يتركون بصمتهم في مؤسساتهم هم أولئك الذين يدركون أن احترام الموظفين وتحفيزهم ليس مجرد واجب مهني بل رسالة إنسانية سامية، كما أن المؤسسات الناجحة لا تُبنى على الإنجازات فقط؛ بل على العلاقات الإنسانية المتينة التي تصنع بيئة عمل محفزة ومزدهرة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
نقابة الصحفيين تطالب بالإفراج عن الصحفي عبدالجبار باجبير وتوفير بيئة آمنة
دعت نقابة الصحفيين اليمنيين في حضرموت وشبوة والمهرة، الإثنين، إلى سرعة الإفراج عن الصحفي عبدالجبار باجبير وتوفير بيئة آمنة للصحفيين في المحافظة التي تشهد انتهاكات واسعة تطال الصحفيين والعاملين في المجال الإعلامي.
وقالت النقابة في بيان لها، إنها تتابع بقلق بالغ، واقعة احتجاز الزميل عبدالجبار باجبير، ناشر ورئيس تحرير موقع وقناة "عاد TV"، في الساعات الأولى من صباح اليوم الإثنين، 28 يوليو 2025م، أثناء مروره بطريق عقبة عبدالله غريب، حيث تم توقيفه واحتجازه مع سيارته، دون الإفصاح عن الجهة التي اقتيد إليها أو توضيح الأسباب القانونية لذلك.
وعبرت النقابة عن قلقها إزاء استمرار مثل هذه الإجراءات التي تتم خارج إطار القانون، مؤكدة أن تقييد حرية الصحفيين دون مسوغ قانوني واضح يمثل انتهاكاً صريحاً للدستور اليمني، وللحقوق الأساسية المكفولة في المواثيق والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحرية الرأي والتعبير وحق الوصول إلى المعلومات.
ودعت نقابة الصحفيين اليمنيين في حضرموت وشبوة والمهرة للكشف عن مكان احتجاز الصحفي عبدالجبار باجبير، وتوضيح الأسباب القانونية التي استندت إليها الجهة التي قامت بذلك، والإفراج الفوري عنه ما لم توجد أية مسوغات قانونية تستوجب احتجازه.
وطالبت بوقف الممارسات الخارجة عن القانون بحق الصحفيين، والتصدي لأي محاولة لاستخدام السلطة في تقييد الحريات الإعلامية أو إسكات الأصوات المستقلة.
كما دعت النقابة، الجهات الأمنية والقضائية إلى الالتزام بمبدأ سيادة القانون، وضمان سلامة الزميل باجبير، واحترام كافة حقوقه القانونية والإنسانية المكفولة.
وجدد فرع النقابة، دعوته لتوفير بيئة آمنة تمكّن الصحفيين من أداء مهامهم بعيداً عن أي ضغوط أو مضايقات، مؤكدة أن صون كرامة الصحفيين، واحترام حرياتهم وحقوقهم، هو ركيزة أساسية لبناء مجتمع عادل ودولة قانون ومؤسسات، وهو ما تؤكده النصوص الدستورية والمواثيق الدولية التي التزمت بها الجمهورية اليمنية.