إنجاز علمي.. علماء ينجحون في فك الشيفرة الوراثية للإنفلونزا
تاريخ النشر: 20th, December 2024 GMT
بعد ما يقرب من 40 عاما من البحث، قد يكون العلماء أقرب من أي وقت مضى إلى القضاء على الإنفلونزا بشكل دائم.
وكشف باحثون في فرنسا عن نظرة ثاقبة داخل عالم فيروس "الإنفلونزا أيه"، موضحين كيفية تغليف هذا الفيروس المجهري لمادته الجينية وحمايتها.
ولأول مرة، تقدم الدراسة المنشورة في مجلة "Nucleic Acids Research" رؤية لكيفية بناء الفيروس لهيكله الداخلي، مما يفتح آفاقا جديدة لمكافحة العدوى الفيروسية وصنع أدوية أفضل لموسم الإنفلونزا.
وتشتهر فيروسات الإنفلونزا بتسببها في أوبئة موسمية وجوائح عرضية، مع التهديد المستمر لسلالات إنفلونزا الطيور التي قد تنتقل من الحيوانات إلى البشر.
وتعد المادة الجينية أساسا في قدرة الفيروس على الانتشار والبقاء، وهي مغلفة بعناية في غلاف بروتيني مثل لفافة مجهرية.
وباستخدام تقنيات تصوير متقدمة، أنشأ العلماء الخريطة الأكثر تفصيلا حتى الآن لكيفية تجميع الفيروس لمادته الجينية.
وركز البحث الذي أشرف عليه المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي وجامعة غرينوبل الفرنسية، على البروتين النووي، وهو بروتين حيوي يعمل كغلاف واقٍ للحمض النووي الريبوزي الفيروس، أي تعليماته الجينية.
واستخدم الفريق نهجا متقدما لتفكيك وإعادة بناء هيكل البروتين الفيروسي في بيئة مختبرية.
ومن خلال إزالة أجزاء صغيرة من هيكل البروتين، تمكن الباحثون من إنشاء نسخ أكثر استقرارا وأقل مرونة من الحزمة الجينية الأساسية للفيروس.
وسمح ذلك للباحثين بالتقاط صور دقيقة للغاية تكشف كيف تلتف المادة الجينية عبر هيكل البروتين.
وكان أحد الاكتشافات المفاجئة مرونة تغليف الفيروس الجيني، ووجد الباحثون أن البروتين يمكن أن يستوعب بين 20 و24 وحدة بناء جينية، مع جانب واحد من البروتين أكثر تكيفا من الآخر.
وقد تفسر هذه المرونة كيفية قدرة الفيروس على التغيير والتكيف بسرعة، وهو سبب رئيسي لصعوبة الدفاع ضد الإنفلونزا كل عام، وفقما ذكر موقع " studyfinds" العلمي.
ومن النتائج التي كشفت عنها الدراسة أيضا وجود تفاعلات معقدة بين البروتين والمادة الجينية، إذ لا يظل الحمض النووي الريبوزي سلبيا داخل البروتين، بل يساعد بنشاط في تشكيل هيكل الفيروس، مما يساهم في المرونة العامة للجسيم الفيروسي.
وأشار الباحثون إلى أن الأحماض الأمينية الأربعة عشر الأولى للبروتين تلعب دورا حاسما في وظيفتين رئيسيتين هما توفير المرونة للفيروس ومساعدته على التحرك داخل الخلايا المضيفة.
وفي ملخص للدراسة، قال الباحثون: "يمهد هذا الاختراق الطريق لتصميم جزيئات دوائية جديدة قادرة على الارتباط بغلاف البروتين، وإضعاف الحمض النووي الريبوزي الفيروس، ومنع تكاثر فيروس الإنفلونزا، الذي يؤثر على الملايين".
وعلى الرغم من أن الدراسة أجريت في بيئة مختبرية محكمة، إلا أنها تمثل خطوة حاسمة في فك آليات أحد أكثر التهديدات الفيروسية تكيفا واستمرارية في العالم.
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات فرنسا الإنفلونزا إنفلونزا الطيور للفيروس الإنفلونزا لقاح الإنفلونزا موسم الإنفلونزا علاج الإنفلونزا فرنسا الإنفلونزا إنفلونزا الطيور للفيروس صحة
إقرأ أيضاً:
إغناطيوس: البرنامج النووي الإيراني أعيد سنوات إلى الوراء بعد حرب الأيام الـ12
قال الكاتب الأميركي ديفيد إغناطيوس، إن الحرب التي شنها الاحتلال الإسرائيلي ضد إيران واستمرت 12 يومًا، تسببت في أضرار "هائلة" للبرنامج النووي الإيراني، قد تمنعه من استعادة قدراته السابقة لسنوات.
وأضاف إغناطيوس في مقاله بصحيفة واشنطن بوست أن مصادر إسرائيلية مطلعة أبلغته أن إيران لم تعد تُعتبر دولة على عتبة التسلح النووي، وأنها بحاجة الآن لعام أو عامين على الأقل لصنع سلاح نووي قابل للإيصال، إذا تمكنت من إخفاء جهودها. واعتبرت هذه المصادر أن أي محاولة إيرانية لتجربة قنبلة بدائية ستكون على الأرجح مرصودة من قبل إسرائيل، التي قد تبادر عندها إلى تنفيذ ضربة استباقية لتعطيلها.
ورأى الكاتب أن هذه التقديرات تدعم ما تقوله كل من إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والحكومة الإسرائيلية، من أن الحملة حققت أهدافها الاستراتيجية. لكنه لفت إلى أن بعض التفاصيل ما تزال غامضة، مثل احتمال وجود أجهزة طرد مركزي أو مخزونات يورانيوم أو منشآت نووية لم تُدمّر، أو أن تلجأ طهران إلى الرد عبر تنفيذ هجمات ضد الولايات المتحدة أو تل أبيب.
وكشف إغناطيوس، نقلًا عن مصادر إسرائيلية وأمريكية، أن القصف المركّز دمّر جانبًا كبيرًا من البنية التحتية لإنتاج اليورانيوم المخصب، بالإضافة إلى عناصر رئيسية من برنامج التسلح النووي الإيراني، بينها أبحاث تتعلق بقنبلة نووية اندماجية وسلاح نووي تقليدي، وحتى مشروع لتطوير سلاح نبضي كهرومغناطيسي (EMP) كان الحرس الثوري يعتقد أنه لا يتعارض مع فتوى المرشد الأعلى علي خامنئي بتحريم السلاح النووي.
وربما كانت الضربة "الأكثر فتكًا والأقل تناولًا إعلاميًا"، بحسب المقال، هي تلك التي استهدفت العلماء الإيرانيين أنفسهم. إذ قال مصدر إسرائيلي إن الضربات الجوية خلال الساعات الأولى من الحرب قتلت جميع علماء الفيزياء والنوويين الإيرانيين من "الصف الأول والثاني"، بالإضافة إلى معظم "الصف الثالث"، وهو ما وصفه بخسارة بشرية يصعب تعويضها، وقد تردع الأجيال الجديدة عن الانخراط في البرنامج.
وأشار الكاتب إلى أن الاحتلال الإسرائيلي استخدم مزيجًا من التفوق الجوي، والاستخبارات الدقيقة، والتكنولوجيا الحاسوبية المتقدمة، لتنفيذ ضربات شبه متزامنة ضد بنية البرنامج النووي والعسكري الإيراني، واصفًا إياها بأنها كانت "حرب طيران، وحرب تجسس، وحرب خوارزميات" في آن واحد.
أما الضربة الأخيرة، فقد نفذتها القوات الأميركية، وفقًا للمصادر، عبر قاذفات B-2 المحملة بقنابل خارقة للتحصينات، وصواريخ توماهوك أطلقتها السفن الحربية، وهو ما منح ترامب دورًا مباشرًا في الإنجاز، وأظهر القوة العسكرية الأمريكية.
وذكر إغناطيوس أن ترامب منح إسرائيل الضوء الأخضر لبدء الهجوم في 13 حزيران/يونيو، لكنه أوضح أنه كان مستعدًا للتدخل الأميركي فقط إذا سارت العملية بشكل جيد، وهو ما حصل لاحقًا. وبحلول إعلان وقف إطلاق النار، كانت إسرائيل تستعد لمرحلة أخيرة من الهجمات تهدف إلى "إسقاط النظام".
ووفقًا للتقييم الإسرائيلي الذي يتطابق إلى حد كبير مع التقييم الأميركي، فإن الضربات دمّرت منشأة نطنز الرئيسية للتخصيب، وأخرجت عن الخدمة مجمع فوردو المدفون تحت الأرض، إضافة إلى تدمير منشأة تحويل اليورانيوم في أصفهان، وموقع كانت إيران قد خبأت فيه 400 كغم من اليورانيوم عالي التخصيب.
وقالت المصادر الإسرائيلية إن أي كميات مخفية أخرى من هذا اليورانيوم لن تكون كافية لصنع "قنبلة قذرة" (dirty bomb) ذات تأثير إشعاعي واسع، شبيه بكارثة تشرنوبل.
وأضافت بحسب إغناطيوس أن "إسرائيل، وبعد سيطرتها الجوية الكاملة منذ اليوم الثاني من الحرب، نجحت في تدمير نصف الصواريخ البالستية الإيرانية (3,000 صاروخ) و80 بالمئة من منصات الإطلاق (500 منصة)".
وأكدت أن إيران كانت تخطط لمضاعفة ترسانتها الصاروخية إلى 8,000 صاروخ، ما كان سيجعل أي تأخير في الهجوم أكثر كلفة على إسرائيل. كما فوجئت تل أبيب، بحسب المصدر، بحجم الترسانة الإيرانية من الصواريخ العاملة بالوقود الصلب، التي يصعب اعتراضها".
وبالإضافة إلى استهداف العلماء والمنشآت، دمرت إسرائيل البنية اللوجستية للبرنامج النووي، بما يشمل المقرات والأرشيفات والمختبرات وأجهزة الاختبار، ما يجعل من الصعب إعادة تشغيل البرنامج حتى لو وُجدت الإرادة السياسية.
وختم إغناطيوس مقاله بالقول إن الإدارة الأمريكية تواجه الآن معضلة بشأن ما إذا كانت ستسعى لاتفاق نووي جديد يمنع إيران من إعادة بناء برنامجها. لكن طهران، حتى الآن، ترفض مطلبًا أميركيًا رئيسيًا بوقف تخصيب اليورانيوم، ما يجعل إمكانية التوصل لاتفاق "معدومة" على الأرجح.
وفي ظل الركام الذي خلّفته الضربات، تأمل واشنطن وتل أبيب بأن تظل إيران موقعة على معاهدة حظر الانتشار النووي، التي تتيح التفتيش الدولي. لكن عمليًا، معظم المواقع النووية الإيرانية تحولت اليوم إلى "غبار وركام"، كما يقول المقال.