فالقمح بالنسبة للمواطن هو الأمن الغذائى الذى يستمده من رغيف (العيش)، لذلك تجده منتبها لكل جملة يأتى فيها ذكر للقمح، وهو نفس الأمر للمزارع الذى بات يتابع خرائط الطقس وموجات الحر والصقيع والأصناف التى تواجه التغيرات المناخية والتى يعد القمح وغيره من المحاصيل إحدى ضحاياها إذا لم ننتبه إلى كيفية المواجهة والتكيّف مع هذه التغيرات بأصناف تقاوم الظروف وتعطى إنتاجية أكبر.

وبحسب البيانات الرسمية فقد زادت المساحة المزروعة من القمح من 3.4 مليون فدان في عام 2020/2021 إلى 3.65 مليون فدان في عام 2021/2022 ومن المتوقع أن تصل المساحة المزروعة فى 2024/ 2025 إلى 3.5 مليون فدان بإنتاجية تقترب من 5.2 مليون طن بحسب الاحصاءات الرسمية خاصة مع إعلان الحكومة توريد القمح من المزارع بسعر عادل يصل إلى 2200 جنيه للأردب.

والقمح كما يشرح الدكتور عز الدين عبد الرحمن رئيس قسم بحوث القمح بمعهد بحوث المحاصيل الحقلية بمركز البحوث الزراعية منقسم فى زراعته التى تبلغ 3.5 مليون فدان على مسافات طولية من الاسكندرية الى أسوان بمسافة 1200 كم طولى وعلى الشواطئ من رفح للسلوم بحوالى 1500 كم طولى وهذه المسافات يختلف فيها نوع التربة والظروف الجوية.

وهنا يعكف العلماء بالمراكز البحثية على ابتكار حلول لمواجهة التغيرات المناخية ومنها الملوحة والجفاف ودرجة الحرارة والإصابة بالأمراض وأهمها الصدأ الأصفر الذى يأتى للقمح كل عام بسبب التيارات الهوائية الباردة التى تأتى من جنوب أوروبا أو تلك التى تأتى من إثيوبيا والسودان وتنزانيا ولا ننسى محدودية موارد المياه التى تأتينا من نهر النيل وهنا الكلام للدكتور عز والذي أكد أنه لابد أن يحدث توازن بين كل تلك العوامل وبين اختيار نوعية بذرة القمح التى ستتم زراعتها فى كل منطقة فالزراعة فى شمال مصر وعلى السواحل حيث ملوحة التربة تختلف عن الزراعة فى الجنوب وعن وسط الدلتا.

وتابع عز: فى المراكز البحثية نقوم بتوعية المزارع لاختيار الصنف الذى يزرعه ليحقق له إنتاجية عالية تصل فى الوقت الحالى إلى ما يقرب من 30 إلى 33 أردب فى الفدان ولذلك تنوعت الأصناف من جيزة 171 إلى مصر 1 و 2 و3 وحتى مصر 7 كما ركزنا على نوعية حبة القمح المستخدمة فى صناعة المكرونة ومنها مثلا سوهاج 7 الذى يصلح فى الأماكن الحارة لإنتاج السيميولينا.

والسؤال الآن: كيف نواجه تغير المناخ؟ يجيب دكتور عز: القمح وغيره من المحاصيل يحاول المختصون فى البحث العلمى إيجاد طرق أفضل لمواجهة التغيرات المناخية التى غيرت خريطة العالم فى ترتيب الدول المنتجة لذلك المحصول الاستراتيجى فهناك دول تقلصت فيها زراعة القمح بسبب تغير المناخ منها مالاوي وزامبيا وزيمبابوى وأفغانستان واليمن بسبب الجفاف والحروب فيما تغير ترتيب الدول في إنتاج القمح، حيث أصبحت روسيا أكبر منتج للقمح في العالم يليها كندا ثم أستراليا ثم أوكرانيا وإن كان الانتاج تراجع بسبب الحرب ثم الولايات المتحدة، فيما استفادت بعض الدول العربية من تغيرات المناخ بشكل مباشر في زراعة القمح منها السعودية التى زاد إنتاجها من القمح بنسبة 20% ثم المغرب بنسبة 15% وتونس بنسبة 10% بسبب تحسين أنظمة الري والاستثمار في الزراعة الحديثة.

وكما يقول الدكتور محمد المليجى خبير الزراعة وأمراض النبات بالولايات المتحدة الأمريكية فإن تغير المناخ له توابع كثيرة على الزراعة وكل محصول له متطلبات من درجات الحرارة وبسبب ارتفاع درجات الحرارة عموماً وشدة البخر واحتياج أكثر للماء وانتشار الأمراض والآفات وضعف المحصول وبتطبيق هذا على القمح فإن ارتفاع درجة الحرارة سيكون له تأثيرات كبيرة على زراعة القمح، نظرًا لحساسية هذا المحصول للتغيرات المناخية منها تقصير موسم النمو مما يقلل من إنتاجية الحبوب وجودتها، ثم الإجهاد الحراري خاصة خلال مرحلة الإزهار وتكوين الحبوب والذى يُضعف جودة البروتين في القمح، مما يؤثر على القيمة الغذائية، كما أن ارتفاع الحرارة يزيد من معدل تبخر المياه وهذه العوامل تمثل تحديًا كبيرًا في مصر التي تعاني من محدودية الموارد المائية بحسب المليجى، كما أن الحرارة المرتفعة تشجع على انتشار الآفات والحشرات وانتشار الأمراض الفطرية مثل الصدأ.

ويحدد المليجى مناطق التأثير الكبرى في مصر ومنها دلتا النيل التى قد تكون الأكثر عرضة لتأثير ارتفاع الحرارة مع تأثير إضافي من ملوحة التربة الناتجة عن ارتفاع منسوب البحر وصعيد مصر حيث الحرارة العالية.

ما يقوله المليجى تؤكده الدراسات العلمية ومنها دراسة أجرتها وحدة بحوث الأرصاد الجوية الزراعية في مصر والتي قالت إن تغيير موعد الزراعة من أول أسبوعين في شهر نوفمبر بمقدار 25 يوماً يؤدى إلى زيادة إنتاجية محصول القمح بنسبة 4% وأن التغيرات المناخية ستؤثر سلباً على إنتاجية العديد من المحاصيل الزراعية المصرية ومنها القمح بنسبة انخفاض 9% إذا ارتفعت الحرارة درجتين مئويتين وتصل الى 18% إذا ارتفعت ثلاث درجات ونصف الدرجة.

والسؤال الآن: كيف يمكن التكيف مع التغيرات المناخية حتى ينجو منها محصول القمح؟

والاجابة كما يحددها الدكتور عز الدين عبد الرحمن فى ابتكار طرق جديدة للزراعة منها زراعة القمح على مصاطب من خلال حملة قومية تم تنفيذها مع وزارة الزراعة والجهات البحثية وذلك لتقليل التكلفة وترشيد استهلاك المياه ويكفى أن نقول إن تلك الطريقة وفرت فى رى الفدان الواحد من 350 إلى 400 م3 من المياه مما يعنى توفير مليار م3 من المياه يمكن استخدامها للرى فى مناطق توشكى وشرق العوينات والوادى الجديد ومشروع غرب المنيا والدلتا الجديدة ووادى المهرة وترعة السلام وكلها أراض يتم فيها العمل على قدم وساق للدخول فى هيكل الإنتاج الزراعى وسد الفجوة الغذائية بين الاستهلاك والانتاج سواء فى القمح أو غيره من المحاصيل.

ويضيف عز أن السوق المحلى مغطى حاليا بـ 60% من انتاج التقاوى لمحصول القمح ومع حملات التوعية للفلاحين واستخدام التقاوى المعتمدة ذات الانتاجية الأعلى ومع السعر العادل سيكون الانتاج أفضل، والأهم هو دور البحث العلمى فى إنتاج تقاوى تواجه التغيرات المناخية وهو ما يتفق معه دكتور المليجى ويضيف عليه بضرورة زراعة أصناف مقاومة للحرارة العالية وتغيير مواعيد الزراعة لتجنب فترات الحرارة المرتفعة.

فيما يشدد الدكتور مجدى علام خبير البيئة العالمى على أهمية رفع الوعي لدى المزارعين ومتابعتهم فى حال حدوث تغيرات مناخية غير متوقعة بالرسائل النصية وبوسائل الاعلام.

ويضيف علام أن مصطلح الزراعة الذكية مناخياً والذى أصدرت الفاو نموذجا استرشاديا له أصبح الآن الأكثر تداولا ومناسباً بالاعتماد على التكنولوجيا والاستشعار عن بعد لتحليل المعلومات وخريطة الطقس وطرق مكافحة الآفات ومراقبة التربة والمحاصيل خلال مراحل نموه لافتاً إلى أن الزراعة الذكية مناخياً ستساعد فى تحقيق زيادة مستدامة فى انتاج المحاصيل وتحقق التكيف مع تغير المناخ، وتخفض من تأثير الاحتباس الحرارى، والأهم هو التوعية المستمرة للمزارعين وابتكار طرق جديدة ونماذج حقلية يرونها بأعينهم ليكون التأثير فى التغيير أفضل.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: رغيف العيش تأثير التغيرات المناخية السنابل الذهبية المساحة المزروعة التغیرات المناخیة تغیر المناخ من المحاصیل زراعة القمح ملیون فدان

إقرأ أيضاً:

تراجع كبير في المحاصيل الزراعية بألمانيا بسبب أحد أمراض النبات

كارلسروه, "د.ب.أ": أفادت السلطات الزراعية الألمانية بأن مرضا نباتيا يتسبب في خسائر فادحة، قد تصل إلى انهيار المحاصيل تماما لزراعات البطاطس والخضراوات في ألمانيا، مع تأثر بنجر السكر بشكل خاص في بعض المناطق.

وفي جنوب غرب ولاية بادن-فورتمبيرج، تم تسجيل خسائر في كمية المحصول وجودتها لزراعات البنجر والكرفس والملفوف والبصل والجزر، وفقا لما ذكرته وزارة الزراعة في مدينة شتوتجارت.

تأتي هذه الخسائر نتيجة انتشار فطر ستولبور الذي تسببه إحدى الحشرات. ووصف متحدث باسم الوزارة هذا المرض بانه "تهديد خطير" لإنتاج البطاطس والخضروات والسكر في ألمانيا.

أعرب رئيس جمعية المزارعين الألمان، يواكيم روكفيد، عن "قلقه البالغ" إزاء الانتشار السريع لهذا المرض. وقد انتشرت هذه الحشرة المسببة للمرض من بادن-فورتمبيرج مرورا براينلاند-بالاتينات وبافاريا وهيسن، ورصدت الآن في ولايتي ساكسونيا السفلى وساكسونيا أنهالت. ودعا روكفيد إلى اتخاذ تدابير فعالة لمكافحة هذه الحشرات.

وفي العام الماضي وحده، بلغت خسائر المحاصيل الزراعية بسبب هذه الحشرة 25%، مع انخفاض ملحوظ في محتوى السكر، في جميع مناطق زراعة البنجر في بادن-فورتمبيرج، وفقا لإيزابيل بيرجنر، مسؤولة البيئة في جمعية مزارعي بادن-فورتمبيرج.

وفي مزارع البطاطس، بلغت الخسائر 70%. وقال المتحدث باسم الجمعية: "في بعض المزارع، ثمة شكوك حول استمرار الزراعة" نفسها.

ويتحول هذا المرض إلى خطر كبير على مناطق بأكملها. ويحتم هذا الوضع ضرورة الموافقة الرسمية على منتجات وقاية فعالة للنباتات ، بالإضافة إلى دعم كبير لأبحاث المقاومة الزراهية واستراتيجيات المكافحة المستدامة.

أكدت جمعيات المزارعين وسلطات الولايات عدم وجود دليل على أن فطر ستولبور يشكل خطرا صحيا على البشر.

مقالات مشابهة

  • أخبار التوك شو| استقرار الذهب والعملات.. ارتفاع درجات الحرارة.. إقبال المواطنين على الحدائق والمتنزهات
  • المحاصيل الزراعية في مهب الريح.. وهشاشة التسويق العقبة الكبرى
  • تأثير محادثات التجارة بين أمريكا والصين على أسعار الذهب في مصر والعالم
  • تراجع كبير في المحاصيل الزراعية بألمانيا بسبب أحد أمراض النبات
  • وزير الزراعة يبحث مع محافظ سوهاج جهود دعم المزارعين والتصدي للتعديات على الأراضي الزراعية
  • محافظ أسوان : توريد القمح بنسبة تخطت103.7 % من المستهدف
  • وزير الزراعة يبحث مواجهة التعديات ودعم الفلاح بسوهاج
  • انتشار عترة في 4 دول .. زراعة مصر تواجه وباء عابر للحدود بـ فرق ترصد
  • القومي للبحوث: الظواهر المناخية المفاجئة تفرض استعدادا علميا مدعوما بالإنذار المبكر
  • أوروبا تواجه خطر الجفاف بعد موجات حرارة قياسية