وزير المخابرات الأشهر في جنوب أفريقيا: حماس كانت مهتمة بتجربتنا في الكفاح
تاريخ النشر: 24th, December 2024 GMT
في الحلقة الثالثة من حوار الجزيرة نت مع القيادي الجنوب أفريقي اليهودي روني كاسريلز، أجاب عن سؤال بشأن ما إذا كانت جنوب أفريقيا قد توسطت بين حماس وكل من فتح والسلطة الفلسطينية لتحقيق المصالحة، قائلا: "لم توجد وساطة رسمية، ولكنه بناء للعلاقات وتطويرها، وفى سبيل هذا الهدف، تحدثت طوال الوقت مع قيادات حماس، بمن فيهم إسماعيل هنية في غزة أو خالد مشعل والقيادات في دمشق وآخرين قابلتهم في قطر وجميع أنحاء العالم وفى المؤتمرات الدولية، ناهيك عن استقبالهم في جنوب أفريقيا، وكانوا جميعا مهتمين بما يمكن أن يتعلموه من النضال الجنوب أفريقي، وكيف تعاملنا مع مسألة النضال المسلح".
وكشف وزير المخابرات الأشهر في جنوب أفريقيا عن أن قيادات حماس كانت مهتمة -بالنظر إلى خلفيتي اليهودية- في كيفية نجاحنا في حركة التحرر الأفريقية في تجنيد البيض رغم أقليتهم، إلا أنه كان من الضروري استقطاب بيض من أمثال جو سلوفو وروث فيرست ودينيس غولدبيرغ، بالإضافة إلى البيض واليهود من الجيل الأصغر سنا، إلى صراعنا لدعم ميثاق الحرية والنضال الذي تقوده حركة المؤتمر الوطني الأفريقي.
إعلانوأضاف أن رجال المقاومة في حماس كانوا مهتمين بدراسة كيفية الاستفادة من هذا التنوع البشري في نضال مشترك ضد عدو مشترك، وهو ما انعكس في تضامن ملايين البشر في الغرب بما في ذلك الولايات المتحدة وآلاف من يهودها ضد الصهيونية ومناصرة الشعب الفلسطيني، والشعب العربي بشكل عام في نضالهم ضد الإمبريالية الغربية.
وأعرب كاسريلز عن تفاؤله بأن الفترة القادمة ستشهد مزيدا من الوعي والتنوير، وفي بناء حركة تضامن عالمية تدعم الشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى كل دول المنطقة التي تواجه خطر إسرائيل بدعم من الولايات المتحدة والإمبريالية الغربية، بما في ذلك سوريا واليمن ولبنان والعراق وإيران.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4إيبن بارلو للجزيرة نت: التاريخ سيكون أكثر قسوة على إسرائيل من الفصل العنصريlist 2 of 4إيبن بارلو للجزيرة نت: نعم كان هناك تعاون بين الموساد واستخبارات جنوب أفريقياlist 3 of 4أشهر وزير يهودي بجنوب أفريقيا: إسرائيل تخطط لمحو الوجود الفلسطينيlist 4 of 4روني كاسريلز: بايدن منافق وكاذب بادعائه أن السلطات بجنوب أفريقيا اعتقلته لدعمه السودend of listوحول علاقته بوزير المخابرات الأشهر في مصر اللواء عمر سليمان، وما إذا كان قد وظفها لصالح الفلسطينيين المحاصرين في غزة منذ عام 2006، قال كاسريلز إنه لم يثق بسليمان، ولكنه كان نظيره في مصر وكان يجب إقامة علاقة عمل ضرورية بين الجانبين.
وأضاف أنه كان متحمسا لفتح مصر معبرها لشعب غزة وأنها كانت قضيته الرئيسية بالتعاون مع جورج غالاوي، النائب الشهير في مجلس العموم البريطاني، الذي كان ينظم قوافل مساعدات لغزة، وكان يجد صعوبة شديدة لإدخالها.
وأشار كاسريلز إلى أنه اجتمع كثيرا مع سليمان، لإيجاد سبيل لتحقيق ذلك، إلا أنه -حسب وصفه- وجد في سليمان شخصا عنيدا، بل مستحيلا. وكشف عن أنه في كل مرة اجتمع فيها مع اللواء سليمان كان الأخير يقول له: "سيد روني، إذا كنت ترغب في دخول غزة من مصر، فالأبواب مفتوحة لك، ادخل واخرج كما شئت".
ولدى سؤاله عما إذا كانت هناك عمليات استخباراتية قام بها -أو حاول القيام بها- الموساد تستهدف النشطاء الفلسطينيين أو كياناتهم في جنوب أفريقيا خلال فترة ولايته وزيرا للمخابرات، أجاب كاسريلز بحسم أنه أبقى الموساد على مسافة بعيدة، وأنه عندما تولى الوزارة اكتشف أن العلاقات بين الجهازين منخفضة، فزادها انخفاضا، وهو ما سبب إزعاجا للجانب الإسرائيلي، كما لم يكن هناك تبادل للمعلومات الاستخبارية حول الفلسطينيين سواء القادة منهم أو الأفراد العاديين.
وعما إذا كان الموساد سعى إلى جنوب أفريقيا لتلعب دورا مباشرا أو غير مباشر في مواجهة المشروع النووي الإيراني، أكد كاسريلز أنهم حاولوا ذلك مع نائب وزير الخارجية الراحل عزيز بهاد وفشلوا، إذ كان بهاد "مناصرا عظيما للفلسطينيين، وذلك قبل أن يحاولوا معي رغم علاقتي الجيدة مع إيران، وتعلمت كثيرا منهم وتعلموا منا".
وكشف الرجل عن قيام الموساد بإيفاد اثنين من قياداته للقاء الرئيس الجنوب أفريقي تابو مبيكي لمحاولة التأثير عليه فيما يتعلق بادعائهما أن إيران على مشارف امتلاك أسلحة نووية، و"لكنهما فوجئا بأن الرئيس دعاني للاجتماع". وأضاف كاسريلز قائلا: "جلست مع الرئيس تابو مبيكي، واستمعنا بأدب إلى ادعاءاتهما وكان أمرا سخيفا".
إعلانوأشار إلى أن "ادعاءاتهم على مستوى عروض نتنياهو السخيفة التي يقدمها هذا الأبله المجرم المتكبر في الأمم المتحدة وظهوره برسومات للقنبلة التي ستتحول إلى سلاح نووي، كانت محاولة هذين العضوين في الموساد على شاكلة رئيس وزرائهما نفسها، ولم يؤثرا فينا مطلقا. كان الأمر سخيفا، كنا نستطيع أن نرى حقيقة أنه مزيف. أعطيناهما 45 دقيقة للعرض، ثم طرحنا أسئلة عليهما وانتهى الأمر في غضون ساعة، وذلك قبل أن يرحل الرجلان تصحبهما ضحكاتنا ونحن مندهشون من الطريقة العنصرية التي اعتقدا بها أنهما يمكنهما بسهولة التأثير في رئيس أفريقي أسود".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فی جنوب أفریقیا وزیر المخابرات الجنوب أفریقی إذا کان
إقرأ أيضاً:
إبراهيم شقلاوي يكتب: السودان.. معادلات الأمن والنفوذ
من واقع التحولات التي يشهدها السودان، ومع تراجع وتيرة الحرب ، تزايدت المؤشرات على أن مسار إعادة تشكيل الدولة بدأ يُدار بتوازنات ذكية، وبأن غرف العمليات السودانية باتت تمسك أكثر من أي وقت مضى بخيوط مستقبل البلاد. في هذا السياق، برزت تحركات غير تقليدية تقودها أجهزة المخابرات في دول الجوار، في محاولة لإعادة تعريف الأمن والسلطة في السودان. بعيدًا عن السرديات الملتبسة التي اختزلت حرب 15 أبريل 2023 في صراع بين جنرالين.
بدأت هذه التحركات الأمنية بزيارة خافتة إعلاميًا، لكنها مثّلت إشارة مبكرة لتغير المزاج الإقليمي، زيارة مدير المخابرات في إفريقيا الوسطى، هنري وانزيت، إلى بورتسودان الذي نقل رسالة شفاهية من الرئيس فوستين أركانج تواديرا، إلى الرئيس البرهان، تتعلق بتعزيز العلاقات الثنائية، وسبل دعمها، وتطويرها. حرص الوفد الزائر على التعبير عن دعم مباشر من رئيس إفريقيا الوسطى، حيث عكست الزيارة اهتمامًا غير عادي بترتيب التفاعلات الأمنية في السودان، خاصة في ظل حدود مفتوحة ومشحونة بإرث الصراعات واللاجئين.
لم تمض أيام على هذه الزيارة حتى حطت طائرة الوفد الإثيوبي في بورتسودان، بقيادة مدير جهاز المخابرات رضوان حسين، حاملاً رسالة مباشرة من رئيس الوزراء آبي أحمد إلى الرئيس عبد الفتاح البرهان. بدأ الامر كأنه إعلانًا رسميًا لعودة إثيوبيا إلى ساحة التأثير المباشر في الملف السوداني عبر التنسيق المشترك، بعد شهور من التوترات التي بلغت ذروتها في بدايات الحرب، عندما اقترحت أديس أبابا تدخلًا إفريقيًا لحفظ السلام، وأثارت حينها حفيظة الخرطوم.
الوفد الإثيوبي، الذي ضم أيضًا غيتاتشو رضا القائد السابق في تغيراي والمستشار الحالي لرئيس الوزراء الإثيوبي بحسب” الشرق الأوسط “الواضح أنه جاء لإعادة هندسة العلاقة الأمنية بين البلدين، واستكشاف فرص إعادة التموضع الإثيوبي داخل المسرح السوداني. اللقاءات التي جرت، والتفاهمات التي تسرّبت عنها معلومات لاحقة، أشارت إلى جدول أعمال يتجاوز التنسيق الثنائي ليطال قضايا استراتيجية مثل أمن القرن الإفريقي، وضبط الحدود، واحتواء تدفقات اللاجئين، والتعامل مع ملفات الفاعلين غير الشرعيين داخل السودان .
ما كان لافتًا في هذه المرحلة هو التدرج الواضح في الوزن الأمني والسياسي للزوار، فبين إفريقيا الوسطى وإثيوبيا مسافة في التأثير، لكن الاتجاه واحد، السودان بات ملفًا أمنيًا، تتقدمه أجهزة المخابرات ويتصدر أولوياته معادلات دعم الأمن.
على خلفية هذه التحركات، يبرز اسم صلاح قوش مجددًا، الرجل الذي عرفته العواصم الإفريقية ، وعُرف بقدرته على عقد الصفقات خلف الأبواب. عودة اسمه للتداول، ولو بهدوء، تزامنت مع إعادة رسم خارطة التوازنات الأمنية، لتؤكد أن السودان في طريقه نحو صيغة مؤقتة من “الأمن أولًا “،لترتيب المرحلة القادمة.
المفارقة أن عودة قوش المحتملة، أو حتى مجرد طرح اسمه، تُقرأ في بعض الدوائر الإقليمية والدولية كإشارة إلى نضوج لحظة “ما بعد الحرب”، بمعنى إدارة مخرجاتها. في ظل وجود قيادة مدنية موحدة عقب تعين د. كامل إدريس رئيسا للوزراء، وتفرغ المؤسسة العسكرية لجبهات القتال، تظهر الحاجة إلى شخصية ذات قدرة على إعادة بناء شبكات النفوذ، دون الحاجة إلى مؤسسات انتقالية معقدة.
كل هذا يجري في ظل حركة حثيثة من الإتحاد الإفريقي لإعادة السودان إلى منظومته، ولو عبر بوابة مرنة تتقبل فكرة حكومة انتقالية مدعومة أمنيًا. ترحيب الاتحاد بتعيين كامل إدريس رئيسًا للوزراء فهم على نطاق واسع كإشارة إلى استعداد القارة لغضّ الطرف عن البُعد العسكري للحكم، مقابل ضمان استقرار يسمح بعودة السودان إلى المؤسسات الإفريقية، يعجل بطي ملف الحرب ويدعم الأمن والاستقرار في السودان وفي منطقة القرن الأفريقي والجوار الإقليمي.
أن التقاء الأجهزة الاستخباراتية في بورتسودان، رغم تباين التأثير، يحمل رسالة واحدة بحسب ما نراه من#وجه_الحقيقة مفادها: أن الدولة السودانية تتشكل من جديد، وفقاً لإرادة السودانيين، بجانب موازين المصالح في الإقليم. وهي رسالة جيدة، تراقب وترصد وتنتظر اللحظة المناسبة للانخراط والتأثير. وربما آن الأوان للسودانيين، سياسيين وعسكريين ومدنيين، أن يدركوا أن إعادة بناء الدولة لن تتم عبر استنساخ شعارات الماضي، بل عبر قراءة دقيقة لما يجري من حولهم، واستعادة زمام المبادرة التي توحد النسيج الاجتماعي وتدعم الأمن و استعادة المشروع الوطني الذي يحفظ السيادة ويحجز للسودان مقعدا متقدما بين الشعوب.
دمتم بخير وعافية.
إبراهيم شقلاوي
الأربعاء 4 يونيو 2025 م Shglawi55@gmail.com