لبنان ٢٤:
2025-12-13@17:05:28 GMT

لبنان بحاجة إليك فلا تتأخر بالمجيء

تاريخ النشر: 25th, December 2024 GMT

عيد الميلاد هذه السنة مختلف عن السنوات الماضية، أقّله بالنسبة إلى اللبنانيين، الذين أفقدتهم الحروب بكل أشكالها فرحة العيد ومعناه الروحي الحقيقي. فمنذ 2024 سنة ولد المسيح في مزود حقير. لم يكن في ذاك الاسطبل الفقير لا نار تبعد عنه برد الشتاء القارس، ولا ثوب يستر عريه، بل أقمطة، تمامًا كما على الصليب. أتاه المجوس حاملين ذهبًا ومرًّا ولبانًا، وهو لم يطلب سوى الرحمة للعالمين.

سجد له الرعاة وهم يسبحّون "المجد لله في العلى". يوسف صفيّه واقف أمام العظمة الألهية مدهوشًا ومعقود اللسان. أمّا مريم ومذ وضعته فلم تكّف عن تسبيح من نظر إلى تواضع أمته، وتحفظ في قلبها ووجدانها ما تراه بعينين وسع الفضاء.    وحده هيرودس كان خائفًا ومرتعدًا من طفل صغير، فأمر أن يبيد جميع أطفال بيت لحم. ومذ ذاك التاريخ بدأت جلجلة فلسطين.    في مثل هذا اليوم ولد المسيح فكان نورًا للأمم، وفي مثل هذا اليوم لم يعد ما بعده كما ما قبله. أصبح ملء التاريخ. معه بدأ التاريخ الجديد، تاريخ الخلاص لمن رأى وآمن، ولمن لم يرَ وآمن أيضًا، وله أعطيت الطوبى. 
في مثل هذا اليوم تعمّ الفرحة ويسود السلام ويُمحّى البغض. في مثل هذا اليوم تُستعاد الذكرى، كل على طريقته، وإن احتلت المظاهر والبهرجات الخارجية مكان معاني العيد الحقيقية. ولكن القاسم المشترك بين الجميع هو الفرح والسرور والبهجة.
فمَن لم يختبر المعنى الخلاصي بحقيقته الايمانية لسر التجسد في حياته اليومية لن يستطيع أن يدرك أهمية هذا الحدث العظيم ببعض من التفسيرات، التي لم تستطع أن تتخطّى محدودية العقل البشري وحتى "الذكاء الاصطناعي". فالميلاد ببعده اللاهوتي والايماني هو أكثر من مجرد حدث زمني عابر مرّ عليه ردح من الزمن، وهو لم يُعطَ لغير الذين يعيشون العمل الخلاصي بعمقه الروحي والإنساني أن يفهموا تلك العلاقة المباشرة بين الله وكلمته والانسان.    بعد الميلاد لم يعد الانسان، أي انسان، في حاجة إلى أي وساطة بينه وبين خالقه بعدما صالح يسوع بتجسدّه الخلاصي الأرض مع السماء. فهو القائل "من رآني فقد رأى الآب". بالميلاد أصبحت علاقة الانسان بربه علاقة محبة. ما حدث قبل 2024 سنة في قرية وادعة من أرض فلسطين المثقلة بالأحزان، والتي تعاني اليوم الأمرّين، بدّل المفهوم الذي كان سائدًا في العهد القديم عن علاقة الانسان بخالقه، وهو الذي كلمه بلسان أنبيائه من إبراهيم إلى موسى، وهو الذي ناصر خائفيه والذين يتقونه، وأقام معهم عهدًا جديدًا عبر نوح بعد الطوفان الأول. 
فالميلاد الذي نعيشه اليوم هو غير الميلاد الحقيقي. فهو لا يشبهه بشيء لا من قريب ولا من بعيد. إنه الميلاد الذي شُوهّت معانيه. لقد أصبح ميلاد الزينة وعجقة الهدايا، ميلاد "بابا نويل".  ميلاد اليوم لا يشبه صاحبه، الذي لم يولد في القصور الدافئة، بل في مغارة باردة. لقد شوهّوا لنا العيد. أفرغوه من معانيه الروحية. جرّدوه مما حمله إلينا طفل المغارة من علامات ملء الأزمنة. فبدلًا من أن نتعمّق في هذا السر الخلاصي، تأملًا وصلاة وصمتًا وخشوعًا كصمت مريم ويوسف، وخشوع الرعاة والمجوس، ننصرف إلى البهرجة والضجيج والصخب. نتعلق بالقشور ونهمل الجوهر. نصرف معظم وقتنا لتزيين شجرة اعتدنا أن نطلق عليها تسمية "شجرة الميلاد". هي جميلة وتدخل الفرح إلى القلوب، ولكنها تبقى مجرد تعبير عن فرح خارجي فيما الفرح الحقيقي هو ذاك النابع من نور المغارة وبما ترمز إليه.    يحاول جميع الذين لم يتلقوا بشارة الخلاص بانفتاح، ومن بينهم حركات معادية للأديان السماوية، "وثننة" معاني عيد الميلاد، وتأطيره بكوادر تجارية بحتة، وقولبته بقوالب تتعارض مع المفاهيم الايمانية لعيد أصبح الحدّ الفاصل بين عهدين، قديم وجديد. فما بعد الميلاد لم يعد ما كان قبله. فالمفاهيم التي كانت سائدة تبدّلت. السلوك الايماني امتزج بأعمال الرحمة والأخوّة والتسامح. سقطت الشريعة وما فيها من فرائض بعدما حلّت مكانها محبة جامعة ومسكونية أوصى بها كلام الانجيل. "فإذا أحببتم من يحبونكم فأي فضل لكم". "أحبوا اعداءكم". "أحب قريبك كحبك لنفسك". "ما من حب أعظم من هذا وهو أن يبذل الانسان نفسه من أجل الذين يحبهم". هو ميلاد المحبة. "وهكذا يعرفونكم إذا كنتم تحبون بعضكم بعضًا كما أنا أحببتكم".
في هذا العيد المبارك لا يطلب اللبنانيون، جميع اللبنانيين، من صاحب العيد سوى أعجوبة واحدة، وهي أن يطرد "الهيروديسيين"، فينجو لبنان، كما نجا هو من "هيروديس"، ولا يكون مصيره كمصير يوحنا مقطوع الرأس.
في هذا العيد المجيد نطلب من طفل المزود ألا ينسى أطفال لبنان، والبائسين والمتعبين. وألا ينسى أن يزور هذا البلد الصغير لتحّل فيه السعادة والطمأنينة.
لبنان ينتظرك يا يسوع فلا تتأخر بالمجيء.     المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: فی مثل هذا الیوم

إقرأ أيضاً:

30 مليون سوداني بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة

شعبان بلال (القاهرة)

أخبار ذات صلة المفوضية السامية لـ«اللاجئين» تشيد بدعم الإمارات للجهود الإنسانية لعام 2026 خبراء لـ«الاتحاد»: تنظيم الإخوان يقف ضد أي مسار حقيقي للسلام في السودان

يشهد السودان انهياراً واسعاً في الخدمات الأساسية، في ظل تعطل المستشفيات والمدارس ومحطات المياه وشبكات الكهرباء في مناطق عدة، جراء تداعيات الحرب الأهلية الدائرة في البلاد منذ أبريل 2023، مما جعل الحصول على الرعاية الصحية والتعليم والخدمات الحيوية شبه مستحيل.
وفي العديد من المناطق والولايات السودانية، انهارت الخدمات الأساسية بشكل غير مسبوق، حيث أصبحت خدمات المياه الصالحة للشرب والغذاء والأدوية والوقود والكهرباء نادرة، وبات النظام الصحي على وشك الانهيار، إذ تم إغلاق ما بين 70 إلى 80% من المرافق الطبية بشكل دائم، وتؤدي المخيمات المكتظة بالنازحين وسوء النظافة المتزايد، إلى ارتفاع الوفيات الناجمة عن الأمراض المعدية، مثل الحصبة والكوليرا.
وتحذر التقارير الصادرة عن منظمات أممية ودولية من ارتفاع خطير في معدلات الجوع وسوء التغذية في السودان، حيث يواجه عدد كبير من السكان مستويات تُصنف في نطاق المجاعة، مع نقص حاد في الغذاء وغياب مسارات آمنة لإيصال المساعدات.
وبحسب برنامج الغذاء العالمي، فإن نحو 5 ملايين شخص في السودان مهددون بالمجاعة بشكل حاد، ويعيش نحو 25 مليون شخص في حالة انعدام الأمن الغذائي، وكل هذا يصيب الأطفال بشكل خاص، حيث أصبح نحو 15 مليون طفل وشاب غير قادرين على الذهاب إلى المدارس، ومن المتوقع أن يتفاقم الوضع الإنساني في البلاد بسبب استمرار القتال. ويؤكد صندوق الأمم المتحدة للسكان أن السودان يشهد واحدة من أكبر موجات النزوح الداخلي في العالم، إذ اضطر ملايين السودانيين إلى ترك منازلهم داخل البلاد، بينما لجأ ملايين آخرون إلى دول الجوار هرباً من العنف وانعدام الأمان.
من جهته، شدد المتحدث الإقليمي باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، سليم عويس، على أن الوضع الإنساني في السودان بلغ مستويات كارثية، في ظل اتساع رقعة الأزمة الإنسانية وازدياد أوضاع المدنيين سوءاً، ويعد الأطفال الفئة الأكثر دفعاً للثمن، موضحاً أن أكثر من 30 مليون سوداني بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، نصفهم من الأطفال. 
وذكر عويس، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن عدد النازحين داخلياً ارتفع إلى 9.6 مليون شخص، كثير منهم اضطروا للنزوح أكثر من مرة، في حين يعيش مئات الآلاف في مناطق شبه محاصرة، تفتقر إلى الغذاء الكافي والرعاية الصحية والمياه النظيفة.
وأشار إلى أن مناطق مثل الفاشر وكردفان تشهد انهياراً شبه كامل في الخدمات الأساسية، مع ارتفاع معدلات سوء التغذية وانتشار الأوبئة، ووجود مجاعة فعلية في بعض المناطق، وتهديد كبير في عشرات المواقع الأخرى، منوهاً بأن إيصال المساعدات أصبح بالغ الصعوبة بسبب استمرار القتال وقيود الحركة والهجمات التي تتعرض لها القوافل الإغاثية، مما يترك ملايين الأطفال من دون الحد الأدنى من الخدمات الأساسية اللازمة لبقائهم على قيد الحياة.
وقال المتحدث باسم «اليونيسف»: إن وقف إطلاق النار أصبح ضرورة إنسانية عاجلة؛ لأنه السبيل الوحيد لفتح الممرات الآمنة والوصول إلى المجتمعات المحاصرة، وضمان حماية العاملين في مجال الإغاثة وإعادة تشغيل الخدمات الأساسية التي تعطلت بفعل النزاع.
وأضاف: «وقف القتال هو ما سيسمح بدخول الغذاء والعلاج والمياه للأطفال الذين يعيشون على حافة الجوع والمرض، ويمنح الأسر فرصة للأمان والتنقل، ويمهد لاستعادة التعليم والرعاية الصحية»، موضحاً أنه «من دون وقف شامل لإطلاق النار، ستستمر المجاعة في الانتشار، وسيبقى ملايين المدنيين في خطر مباشر يهدد حياتهم».
ودخل الصراع في السودان عامه الثالث، وسط تصاعد حاد في وتيرة العنف، واتساع رقعة المواجهات بين الأطراف المتحاربة، مما أدى إلى واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، وقد تسبب القتال المستمر في تدمير واسع للبنية التحتية، وانهيار مؤسسات الدولة، في حين لا تزال جهود الوساطة الإقليمية والدولية عاجزة عن تحقيق اختراق ملموس نحو وقف دائم لإطلاق النار، وسط اتهامات متبادلة بعرقلة وصول المساعدات واستهداف المناطق السكنية. ورفضت «سلطة بورتسودان» المبادرات الأخيرة الخاصة بوقف إطلاق النار، رغم الضغوط الدولية المتزايدة التي تحث على القبول بوقف إنساني لإطلاق النار، يتيح وصول المساعدات للملايين من المدنيين المحاصرين.
وتؤكد المنظمات الإنسانية العاملة في السودان أن استمرار العنف يعرقل بشكل كبير وصول المساعدات إلى المناطق المنكوبة، ويزيد من تفاقم الكارثة الإنسانية، مشددة على ضرورة وقف الحرب لتمكين الاستجابة الإنسانية.

مقالات مشابهة

  • إضاءة شجرة الميلاد في كنيسة مار مارون في طرابلس
  • إضاءة شجرة الميلاد في القصر الجمهوري
  • إضاءة شجرة الميلاد في قصر بعبدا (فيديو)
  • ماراثون مصر الخير بالأقصر.. احتفالات العيد القومي تتجمل بروح التطوع
  • فضل الله بعد لقائه سلام: الملف الأساسي الذي ناقشناه يرتبط بإعادة الأعمار
  • الجميل: وعدُنا أن نكمل الطريق الذي استشهد لأجله جبران وبيار وباقي شهداء ثورة الأرز
  • تفاصيل اليوم الذي غيرت فيه القبائل اليمنية كل شيء
  • عيد الميلاد… بـ 35$
  • 30 مليون سوداني بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة
  • جيرارد يدافع عن صلاح بعد أزمته مع ليفربول: النادي بحاجة عودته