فى ندوة "سوريا ومستقبل المنطقة".. الزناتى: الدول العربية تعيش على صفيح ساخن
تاريخ النشر: 25th, December 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد حسين الزناتى وكيل نقابة الصحفيين رئيس لجنة الشئون العربية والخارجية أن منطقتنا العربية أصبحت وكأنها قدر مكتوب عليها أن تبقى ومعها حياة شعوبها على صفيح ساخن طوال الوقت، فلا يمضى عام تلو الآخر إلا ونرى المزيد من التحديات فى مواجهتها ، والكثير من الصراعات مستمرة عليها، والمزيد من التوترات والانتهاكات التى وصلت إلى حد سفك الدماء من دولة الاحتلال ضد الأبرياء العرب،فى فلسطين ولبنان وغيرها تحولت أمام العالم وكأنه أمر عادى ومعتاد .
وقال الزناتى على هامش ندوة " سوريا.. ومستقبل المنطقة " التى نظمتها لجنة الشئون العربية والخارجية بنقابة الصحفيين : كل هذا يأتى فى ظل مجتمع دولى يعيش وكأنه لايسمع ولايرى، أوأنه يسمع ويرى الحقيقة بعينيه، لكن المشهد اصبح رائقا له، بل ورُبما يحث عليه لتحقيق مصالحه فى المنطقة، التى تسعى دولها أن تعيش فى الأمان الذى يكفله لها المواثيق وأهداف المنظمات الدولية، لكنهاعلى المحك تجد وجهاً آخر ليتحول هذا الأمان إلى خوف، والسلام إلى حرب ، والمستقبل إلى ماض بممارساته المستمرة من الظلم والواقع المرير على دول بسبب دول أخرى لاتترك لها سوى فُتات العيش وأدنى مقوماته.
وأشار إلى أنه فى هذا السياق تأتى ندوة لجنة الشئون العربية عن مستقبل المنطقة العربية ، بعد عام مرير من الأحداث عليها ، أنهت أيامها الأخيرة بما جرى فى سوريا وسقوط نظام بشار الأسد، وصعود قوة جديدة، الكثيرون يبحثون فى ماهية وجودها وتداعيات ذلك ليس على سوريا فقط ، ولكن على المنطقة كلها، بعد هذا الصعود السريع والمفاجئ لها .
فكان هذا اللقاء الذى دعونا فيه قامات كبيرة لتقدم رؤاها وتحليلها، فيما حدث خلال العام التى انتهت بماجرى فى سوريا ، وكيف ترى المستقبل فى المنطقة فيما هو قادم ، وفى مقدمة هذه القامات المفكر والسياسى البارع د. مصطفى الفقى ، الأستاذ الذى تعلم على يديه أجيال وأجيال علوم السياسة، مابين النظريات والتطبيق، وصاحبتها التجربة العملية، التى جعلته دائما قريباً من الأحداث، ودائرة صناعة القرارات وبخبرته وحنكته ووطنيته بقى عطائه إلى الآن فينتظره الكثيرون للاستماع إلى رؤيته فى هذا اللقاء الهام، وهو السياسي المصري، الذى شغل سابقا منصب سكرتير رئيس الجمهورية للمعلومات والمتابعة وكان سفيراً لمصر فى النمسا، وسلوفانيا وكرواتيا، ومستشار السفارة المصرية في «الهند» وأستاذ العلوم السياسية ومدير معهد الدراسات الدبلوماسية ، ورئيس الجامعة البريطانية في مصر وعضو لجنة الشرق الأوسط في اتحاد البرلمان الدولي اللجنة الاستشارية لاتحاد البرلمان الدولي الخاصة بالأمم المتحدة ومدير مكتبة الإسكندرية .
وأيضاً فى هذا اللقاء كانت الدعوة للسفير حازم عهدى خيرت سفير مصر الأسبق بدمشق ، فهو صاحب التجربة العملية هناك على مدار أربع سنوات هناك فى الفترة من 2003 إلى 2007 ، وكان سفيرا لمصر فى تشيلى ودولة الاحتلال الإسرائيلى ، غير عمله فى سفارات مصر فى هولندا وواشنطن، ودوره الدبلوماسى على مدار تاريخه بالخارجية المصرية، وهو الآن مستشار وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية للتعاون الدولى .
وكذلك اللواء الدكتور وائل ربيع مستشار مركز الدراسات الاستراتيجية بأكاديمية ناصر العسكرية ، بخبرته العسكرية والعلمية، و رؤاه الاستراتيجية التى نستعين بها فى التحليلات الموضوعية للجانب العسكرى، والمرتبطة بعناصر الأمن القومى ، ونحن فى أشد الاحتياج للإستماع إليها الآن ، فى ظل هذه التوترات العصيبة سياسياً وعسكرياً فى المنطقة.
وأيضاً اللواء أركان حرب أيمن عبد المحسن ، عضو مجلس الشيوخ، المتخصص فى الشأن العسكرى والاستراتيجى بخبرته العلمية والعملية، والسياسية، على الأرض ، لنرى معه تحليله، لواقع الأمن القومى العربى فى ظل هذه التوترات فى سياقه العسكرى.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: نقابة الصحفيين لجنة الشئون العربية والخارجية سوريا ومستقبل المنطقة
إقرأ أيضاً:
سجال مصري وسعودي حول اسم أمين الجامعة العربية.. أجواء متوترة
في الوقت الذي غاب فيه دور الجامعة العربية في ملف الحرب على قطاع غزة التي تعدت 600 يوما، ساد الشارع العربي حالة من الجدل حول اسم الأمين العام القادم المحتمل للجامعة العربية الذي يخلو بانتهاء مدة الأمين الحالي المصري أحمد أبوالغيط في آذار/ مارس المقبل.
وتحدثت تقارير صحفية عن ترشيح مصري محتمل لرئيس الحكومة الحالي مصطفى مدبولي للمنصب المقرر فتح الترشح له في أيلول/ سبتمبر المقبل، وذلك في الوقت الذي تبرز فيه رغبات خليجية وعربية بتغيير العرف السائد منذ نشأة الجامعة العربية عام 1945، بأن يكون الأمين العام من بلد مقر الجامعة، وهي مصر.
أجواء متوترة
إلى ذلك طالبت شخصيات سعودية بنقل مقر الجامعة العربية من مكانها القريب من نيل القاهرة إلى العاصمة السعودية الرياض، وتعيين وزير الخارجية السعودي الأسبق عادل الجبير، وسط أحاديث عن رغبة جزائرية بتقديم مرشح لمنصب الأمين العام للجامعة العربية، إلى جانب رغبات سابقة من قطر، وغيرها من الدول الأعضاء.
ودعا الكاتب السعودي عبيد العايد، إلى ما أسما وقف "احتكار" مصر للأمانة العامة، داعيا إلى إسناد هذا المنصب الذي تستأثر به مصر، إلى "أعلام العرب ودهاة السياسة"، مشيرا لاسم الجبير، ويصنع حالة من الجدل.
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، نقلت صفحات منسوبة للسعودية 15 توصية بإصلاح وتطوير الجامعة العربية، منها: تعديل الميثاق الموضوع عام 1945، وتعيين نائب للأمين العام، وإعادة النظر في مكافأة الأمين العام وهيكل رواتب موظفي الجامعة، ومصروفات بعثات الجامعة، ومراجعة النظام الداخلي والنظام الأساسي للموظفين.
في المقابل، أكد مصريون على رغبة بلادهم على "مواصلة حضورها بتقديم ولأول مرة رئيس وزراء للمنصب وليس وزيرا للخارجية كما كانت العادة منذ الأمين العام الأول عبدالرحمن عزام (22 آذار/ مارس 1945- أيلول/ سبتمبر 1952)".
وأشاروا إلى أن "تفجر الحديث عن منصب الأمين العام ونقل مقر الجامعة يأتي في ظل تأزم واضح في علاقات القاهرة والرياض، خاصة بعد تجاهل دعوة رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، لحضور القمة الأمريكية-الخليجية الشهر الماضي في الرياض، ثم لقاء السيسي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، بالقاهرة الأسبوع الماضي".
وعلى الجانب الآخر، انتقد مراقبون دور الجامعة العربية بقضايا العرب المصيرية، مؤكدين على "غيابها التام في قضايا غزة التي لم تجتمع بشأنها إلا بعد 3 أشهر من حرب الإبادة الدموية الإسرائيلية على 2.3 مليون فلسطيني المستمرة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023".
وتحدثوا عن "سلسلة إخفاقات للجامعة بقضايا حرب السودان (15 نيسان/ أبريل 2023 وحتى اليوم)، والأزمة الممتدة في ليبيا واليمن منذ أكثر من 10 سنوات، وأزمة الحصار على قطر (2017- 2021) والخلاف الجزائري المغربي، والمغربي الموريتاني".
ويعتقدون أن "ما يجري من سجال، يأتي في ظل التغييرات الإقليمية الحادثة بالشرق الأوسط، وتعاظم الأدوار الخليجية للسعودية والإمارات بشكل خاص على حساب دور مصر التي غابت عن الخريطة وتعاني أزمات سياسية واقتصادية تفاقمت بشدة خلال حكم السيسي".
ومع تصاعد السجال المصري السعودي، تحدث خبراء وأكاديميون من مصر والعراق والسودان، لـ"عربي21"، مجيبين على التساؤلات: "هل يستحق اسم أمين الجامعة العربية كل هذا الضجيج؟"، و"بعد غياب الجامعة عن الأزمات العربية هل يجب إغلاقها أم إصلاحها؟".
"الفاعيلة هي المعيار"
وفي قراءته، قال رئيس "أكاديمية العلاقات الدولية" المصري الدكتور عصام عبدالشافي: "من المنظور العام فقدت الجامعة في العقود الأخيرة الكثير من قيمتها ببعض الملفات، وتحديدا منذ الغزو العراقي للكويت 2 آب/ أغسطس 1990، فقبل ذلك التاريخ كانت هناك بعض أدوار للجامعة، وكان هناك تنسيق عربي مشترك ببعض الملفات".
أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بعدة جامعات عربية وغربية، أكد لـ"عربي21"، أن "يبقى وجود الجامعة رمزيا أمر في غاية الأهمية؛ لأن هناك إطار تنظيمي يجتمع فيه العرب يناقشون بعض الأفكار، قد تكون قضية الفاعلية هي الإشكالية الكبيرة بهذه المرحلة ولكن في الأخير وجود إطار تنظيمي أفضل كثيرا من عدم وجوده، حتى لو كان محدود الدور ومحدود الفاعلية بهذه المرحلة".
وأضاف: "وبالتالي إشكالية الفاعيلة هي المعيار، وليس وجود المنظمة من عدمه؛ فيبقى وجود الكيانات والمؤسسات مهم، ولكن الإشكالية الأساسية في قضية تفعيل الفاعلية والتأثير وتحديد الدور وإعادة ضبطه".
البعد الثاني، بحسب الأكاديمي المصري في هذا الجدل المثار حاليا يرى أنه "مرتبط بخلافات سياسية أو عدم توافق سياسي في بعض الأحيان"، مستدركا: "لكن من وجهة نظري الشخصية وبالمطلق ليس عندي أي إشكال أو مانع في أن يكون الأمين العام للجامعة غير مصري، لأنه في الأخير مصر دولة مقر، وليس هناك ما ينص في الميثاق المنشئ للجامعة أن يكون الأمين العام مصريا".
ولفت إلى أن "العرف السياسي أو الدبلوماسي استقر على أن يكون الأمين العام من مصر؛ ولكن كانت هناك مرحلة أزمة بعد توقيع مصر اتفاقية السلام مع الكيان الإسرائيلي، ونقل المقر لتونس وأصبح الأمين العام تونسي (الشاذلي القليبي 1979- 1990) لفترة استثنائية 11 عاما، ولكن من وجهة نظري لا أرى أن هناك إشكال طالما أن الأمر يخضع لقرار الأغلبية عبر تصويت على أسماء مرشحين، فمن حق كل دولة أن تطرح مرشحها".
"الإصلاح وإعادة التموضع"
ويعتقد عبدالشافي، أن للأمر بعد ثالث ومهم، وهو "فكرة الميثاق المنشئ للجامعة نفسه، وإصلاح منظومة الجامعة، وإعادة النظر في الميثاق، ومحاولة تعديله بما يتوافق".
وألمح إلى أن "التخوفات الآن من الجانب المصري أن النظام بمرحلة هشاشة وضعف سياسي وتبعية وعدم استقلالية بسياسته الخارجية؛ وبطبيعة الحال إذا تمت تعديلات سياسية الآن على الميثاق لن تكون إلا من منظور الدولة الأكثر تأثيرا وهي في هذه الحالة السعودية، وهنا ستفرض أجندتها على ميثاق الجامعة".
ويرى أن "كل الأسماء المصرية المرشحة صنيعة النظام وبالتالي لا قيمة لها من وجهة نظري الشخصية، والمنافسة السياسية على المنصب من عدمه في هذا المرحلة أيضا أعتقد أنها من باب المناكفات السياسية، لأن السائد بين الدول هو التوافق السياسي، ولا يجب أن يكون الأمر محصورا بين مصر والسعودية، ولكن من حق أي دولة عربية أن تطرح مرشحها".
وختم بالقول: "المعيار والسؤال الأهم هو إلى أي مدى يستطيع أي مرشح من أي دولة أن يعيد تموضع الجامعة ويعزز من فاعليتها في ظل مرحلة التبعية المطلقة لأمريكا، وأن تكون المخاوف من أن تتحول الجامعة في المراحل القادمة إلى مجرد أداة من أدوات ترسيخ الهيمنة الأمريكية من ناحية، والأسوأ ترسيخ الهيمنة الصهيونية على المنظومة العربية من ناحية ثانية".
"منصب للأكفاء ولكل الدول"
وفي رؤيته قال الأكاديمي العراقي الدكتور حارث قطان: "على الرغم من أن الكثير من ويلات العرب ومآسيهم سببها الجامعة العربية، والتي لا تزال عالقة في الأذهان ومنها الضوء الأخضر في الحرب على العراق، لكن مسالة السجال هنا هي إحدى جوانب الفشل الذي أصاب العرب، ولا يعلم إلا الله متى يزول".
وفي حديثه لـ"عربي21"، من جانب قانوني ودستوري أكد أن "منصب الأمين العام يجب أن يكون لكل الدول العربية، وهنا علينا أن نكون واضحين فالمؤسسات عندما تكون حكرا لدولة دون بقية الدول الأخرى تصبح مؤسسة مكتوب عليها الفشل".
وأضاف: "هذه الأمم المتحدة، والاتحاد الأوربي، وحتى منظمة الوحدة العربية، متى كان أمينها حكرا لدولة دون أخرى أو دون دول أخرى؛ بل هو منصب يتحتم أن يكون للأكفاء بغض النظر عن الجنسية التي يحملها، فهل مصطفى مدبولي أو عادل الجبير، هما الأنسب؟".
وتابع: "أن يكون هذا المنصب دوري بين أعضاء جامعة الدول العربية، فهذه مسألة قانونية ودستورية تقرها قوانين المنظمات الدولية".
ويعتقد أن "الجدال والنقاش حول منصب الأمين العام بين مصر والسعودية المسألة والخلاف هنا لا يخص منصب الأمين وإنما هناك مسائل خلافية في وجهات النظر حول ترتيب أوضاع إقليم الشرق الأوسط وقضية غزة والتطبيع مع العدو الصهيوني".
وختم مشيرا إلى "القشة، التي أظهرت هذه الخلافات، وهي استقبال الرئيس المصري لوزير الخارجية الإيراني بالقاهرة، ما اعتبرته السعودية مد اليد المصرية لإيران في ضوء الضغوط الدولية على طهران، ما ترى فيه الرياض طعنة من الخلف من القاهرة، رغم وقوف السعودية والخليج بجانبها سياسيا واقتصاديا بأوقات عديدة".
"لهذا بات الإصلاح ملحا"
وفي تقديره، قال الأكاديمي المصري الدكتور صبري العدل: "الجامعة العربية منذ عقود وهي كيان إقليمي يعاني الإخفاق، ولدت فكرته من رحم الحرب العالمية الثانية، تحديدا خلال عام 1942، حين اندلعت مظاهرات بالقاهرة متزامنة مع تجهيز القائد الألماني إرفين روميل لحملة على مصر، وكان شعار التظاهرات وقتها (إلى الأمام ياروميل)".
أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف: "وهنا شعرت السلطات البريطانية بالقاهرة أن هناك اتجاه لمساندة النازية، وربما ينتشر ببقية الأقطار العربية، ولمنع هذا التيار رأى البريطانيون أنه لابد للعرب من إنشاء كيان إقليمي لمحاربة النازية، وكانت تلك لحظة ميلاد الجامعة العربية".
"التي ولدت بمعاهدة (سان استيفانو) بالاسكندرية 1944، في ميلاد كان يعبر في الأساس عن الحفاظ على مصالح الغرب المنتصر بالحرب العالمية الثانية، حتى قامت ثورة 1952 وتحررت معظم الدول العربية من الاستعمار"، بحسب العدل.
وتابع: "استمرت الجامعة حتى حقبة السبعينيات تهتم بالقضايا العربية، خاصة الصراع العربي الإسرائيلي، لكن منذ احتلال العراق للكويت 1990، وانهيار الاتحاد السوفيتي، باتت أمريكا القوة العظمى الوحيدة بالكوكب، لهذا كان احتلالها بغداد البداية الحقيقية لسلسلة اخفاقات الجامعة العربية".
ويعتقد أستاذ التاريخ، أن "الجامعة لا تلبي طموحات الشارع العربي ولا تعبر عنه، ولا تأخذ قرارات حاسمة إلا حين يكون هناك طرف عربي لدى بعضهم الرغبة في تدميره مثل (العراق، سوريا، ليبيا، اليمن)".
ولفت إلى أنهم "في المقابل لم يتحدوا على قضاياهم المصيرية، بل فشلوا باتخاذ أي قرارات أمام إبادة إسرائيل لقطاع غزة ولمدة أكثر من عام ونصف، رغم أن شعوب العالم انتفضت لهول المجازر، حتي في إسرائيل نفسها، والجامعة العربية صامتة تماما وغير قادرة على الفعل".
وخلص للقول: "لهذا باتت هناك حاجة ملحة إلى إصلاح الجامعة، فهو خيار ضروري رغم صعوبته؛ ورغم إخفاقات الجامعة، إلا أن إغلاقها يعني التخلي عن آخر مؤسسة جامعة (ولو رمزيا) للدول العربية".
ويعتقد العدل أنه "بالتالي، من الأجدى المطالبة بـإصلاح جذري يتضمن، تعديل ميثاق الجامعة ليتناسب مع التحديات الحالية، وتمكين آليات أكثر فاعلية لحل النزاعات، وتحصين قرارات الجامعة عبر إلزامية تطبيقها، بدلا من أن تظل (توصيات)".
وأشار إلى "ضرورة إشراك منظمات المجتمع المدني والخبراء في السياسات، وعدم حصر القرار في وزارات الخارجية فقط، واعتماد آلية تداول ديمقراطي للرئاسة لضمان عدالة التمثيل"، مبينا أن "الإصلاحات ستكون صعبة، بسبب تناقض مصالح الدول، لكنها السبيل الوحيد لإبقاء الجامعة ذات معنى".
"خيبة أمل واعتراف بالعجز"
ويرى أن "المناداة بإغلاق الجامعة العربية يعكس خيبة أمل، لكنه أيضا اعتراف بالعجز الجماعي، ومن الناحية الواقعية، إغلاقها لن يحل الأزمات، بل قد يزيد تشرذم العالم العربي، وسيُفسح المجال أمام الاختراق الإقليمي والدولي (تركيا، إيران، إسرائيل) ليملأ الفراغ، وستكون رسالة سلبية تاريخية عن فشل العرب في إدارة منظومة تعاونهم الإقليمي".
وعما يثار حول الرغبة في انتقال مقر الجامعة من القاهرة إلى الرياض، أو ترشيح أمين عام من غير مصر أو حتي من مصر، قال العدل، إنه "سجال بدأ يظهر عقب ما يسمى بالربيع العربي، حين طرح اسم وزير الخارجية القطري أمام المرشح وزير الخارجية المصري أحمد أبوالغيط، واليوم يُطرح اسم عادل الجبير مقابل مصطفي مدبولي، ونقل مقر الجامعة للرياض".
ومضى يؤكد أن "مسألة نقل المقر وتداول الرئاسة، مطالب شرعية، والجدل حول المقر والرئاسة يعكس رغبة دول مثل الجزائر والسعودية في كسر احتكار مصر للمقر والقيادة الرمزية، وجعل الجامعة أكثر تعبيرا عن التنوع العربي، ونقل المقر أو تدوير الرئاسة، ليست مطالب تعسفية بل مطالب مشروعة، لكنها لا تعني بالضرورة تقويض دور مصر، بل يجب أن تُرى كخطوات نحو ديمقراطية مؤسسية داخل الجامعة".
"صراع السيطرة"
من جانبه، يعتقد الباحث السوداني في الشأن العربي وائل نصر الدين، أن "منصب الأمين العام للجامعة العربية يستحق هذا الجدل، فالمنظمة مازال لها بعض بريق، رغم ما طالها وجعلها باهتة، خصوصا بعد عمرو موسى آخر أمين قوي إذ ضعفت كثيرا".
وفي حديثه لـ"عربي21"، قال: "كانت لها أدوار تاريخية منذ 1945، فكانت الحامل الأساسي لقضية فلسطين، ومن أدوارها قمة الخرطوم التاريخية بعد هزيمة 1967، ومن قراراتها ارسال قوات ردع خلال الحرب الأهلية في لبنان، ومنها السماح بالتدخل الأمريكي في العراق 1990، وتدخل الناتو في ليبيا 2011، لذا فاسمها مازال قويا".
وأضاف: "لدي قناعة بضرورة تغيير نظام اختيار الأمين العام، فهناك دول عربية تشتري المنصب ويصبح دوره ترضيتها لا مراعاة مصالح باقي الدول العربية، ولم يقدم أية مبادرة إغاثية أو سياسية لحل أزمات عربية كبيرة: السورية اليمنية الليبية السودانية، فالجامعة لم تقم بأي دور وأوكلت التدخلات للأمم المتحدة".
وحول السبب، أكد الكاتب والمحلل السياسي السوداني، أن "دول خليجية تتحكم بأموالها في الأوضاع العربية لأنها تدفع راتب الأمين العام، ومحزن جدا عندما يقدم السودان شكوى ضد الإمارات تكون بمحكمة العدل الدولية بالأمم المتحدة، في حين تجمع الجامعة البلدين، لكنها لم تتدخل لأن الأمين العام لا يريد إغضاب الإمارات".
ولفت إلى أنه "في الأزمة السورية قدمت الجامعة خطوات وفرضت عقوبات على نظام بشار الأسد، وأرسلت فريق مراقبين، بعدها سلمت الملف السوري للأمم المتحدة والدول الغربية، حتى حدث التغيير بعد 14 عاما".
وألمح إلى أن "الجامعة "لم يكن لها دور بالملف الليبي، ولا باليمن التي تتعرض لقصف أمريكي إسرائيلي ولم يخرج بيان إدانة رغم أنها من الدول المؤسسة للجامعة؛ ناهيك عن فلسطين القضية الأساسية فلم تدع لقمة عاجلة، ولم يقد الأمين العام حملات الإغاثة وحملات الضغط السياسي".
علي، خلص للقول إن "منصب الأمين العام بعد عمرو موسى، باهت ليس له دور؛ بالتالي الكلام عن تغييره من مصري إلى خليجي تحصيل حاصل، لأن دول الخليج أصبحت تسيطر على الجامعة وتحكمها لتنفيذ سياستها".
"مع الإصلاح لا الإغلاق"
ورفض دعوات إغلاق الجامعة العربية، مؤكدا على ضرورة "تعزيزها، وإصلاحها بهذه اللحظة الصعبة"، ملمحا إلى أن "ثورات الربيع العربي شتاء وصيف وخريف 2011 والموجات التالية بالجزائر والسودان، أثبتت أن الجامعة كان لديها دور كبير في أمور أساسية".
وذهب لتبني "الدعوة إلى عودة روح الميثاق، وفكرة جامعة أساسها العمل العربي المشترك، والمصلحة العربية المشتركة، وليس صراع الدول والأنظمة والمصالح الضيقة، والقطرية، وهنا لا تهمنا مسألة جنسية الأمين العام، المهم أن يراعي مصالح الأمة العربية وتتحول الدول العربية لجسد أشبه بالكونفدرالية في الاتحاد الأوروبي؛ لكن للأسف هناك سيطرة من دول تمتلك الأموال وتفرض رأيها".