شارك الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية د. محمد الجندي في الملتقى السادس والعشرين، والذي تنظمه هيئة كبار العلماء بالجامع الأزهر، بعنوان: «اللغة الخالدة بين التراث العلمي والتجديد اللغوي».

وقال الأمين العام خلال كلمته، إن اللغة العربية فكت أعقد الرموز الكونية لفظا ومعنى، قال تعالى: (إِنَّا جَعَلْنَٰهُ قُرْءَٰنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)، حيث فكت اللغة العربية رموز المصطلحات الأعجمية، فقد شهدت الفترة الأولى من ثلاثينيات القرن العشرين تغيرًا في العلاقات بين شعوب العالم الإسلامي والأزهر الشريف؛ حيث بدأ وفود البعثات الرسمية من بعض الدول للدراسة بالأزهر بعد أن كانت الدراسة فيه تتسم بالصفة الفردية أو على المستوى الشخصي، ويرجع تاريخ أول دفعة من طلبة العلم الصينيين درست بالأزهر إلى عام 1931، وكان من بين طلابها على سبيل المثال العالم الكبير المرحوم محمد مكين ما جيان، والعلامة المؤرخ عبد الرحمن نا تشونغ، اللذان قدما إسهامات عظيمة لتعليم اللغة العربية في الصين وللعلاقات الصينية العربية، وغيرهما من كل دول العالم.

وأضاف الأمين العام أنه أصبح للأزهر بعلمائه امتداد لغوي يملأ خريطة الكرة الأرضية؛ ودخل العلامة السفير الأزهري الوافد إلى مصر ليدرس اللغة العربية في الأزهر الشريف ويفك رموز لغته ويفهم المعاني بل غموض الألفاظ في أروقة الأزهر الشريف وقد تميز الأزهر الشريف بكلية عتيقة  اسمها اللغة العربية، لتعلمها سند  متصل من عقد أزاهرة علماء دخل في عقد السند الأزهري المتصل بالعنعنة، وأصبح في سنده العام شيوخ الأزهر وعلماؤه، فنجد فيه على سبيل المثال وليس الحصر العلامةَ الإمام الأكبر الشيخ محمد بن عبد الله الخراشي المالكي، والإمام الأكبر العلامة إبراهيم بن محمد برهان الدين البرماوي الشافعي، ونجد فيه العلامة الإمام سليم البشري الذي تأسست في عهده هيئة كبار العلماء بالأزهر، وعين إمامًا وخطيبًا لمسجد زين العابدين، ووكيلا ثم شيخا للجامع الزينبي بالقاهرة، ثم مدرسا بالأزهر، وكان من أبواب تدريسه باب العربية، إلى أن عين إماما للأزهر، وكان قد تلقى العلم وأجاد العربية والحديث الشريف في الأزهر الشريف على كبار علماء عصره، وكان من أساتذته الشيخ  أبو العباس أحمد بن محمد بن جاد الله بن محمد الخِناني البرهاني تصدر لإقراء الحديث مكانه بالمشهد الحسيني واجتمع عليه الناس وحضره مَن كان ملازماً لحضور شيخه وواظب على الإقراء بالأزهر وانتفع به الطلبة، وكان يخرج لزيارة شيوخه من علماء الأزهر وأوليائه بالمجاورين في كل يوم جمعة قبل الشمس، مات سنة 1207 هـ،1792 م.

وتابع قائلًا أنه كان من شيوخ العلامة البشري أيضا الشيخ الإمام عليش، والعلامة الباجوري وغيرهم. ونجد في السند أيضا الشيخ العلامة عبد الله الشبراوي ؛ ونجد فيه العلامة الإمام عبد الرحمن النواوي، ونجد فيه الإمام الأكبر محمد المهدي العباسي ، ونجد  فيه العلامة شمس الدين الأنبابي، نعم نجد فيه الإمام حسونة  النواوي، نجد فيه العلامة الإمام الأكبر محمد شنن المالكي، نجد فيه العلامة أحمد الدمنهوري الشافعي، نجد فيه العلامة الإمام الأكبر عبد الله الشرقاوي، نجد فيه العلامة أحمد الدمهوجي الشافعي، نجد فيه  العلامة حسن العطار الشافعي، نجد فيه العلامة الإمام حسن القويسني الشافعي، نجد فيه العلامة  إبراهيم الباجوري الشافعي، نجد فيه العلامة الإمام  شمس الدين الأنبابي الشافعي، نجد فيه العلامة علي الببلاوي المالكي، ،نجد فيه العلامة الإمام الأكبر حسونة النواوي الحنفي،  نجد فيه العلامة الإمام الأكبر سليم البشري المالكي، نجد فيه العلامة الإمام الأكبر محمد أبو الفضل الجيزاوي  المالكي/ نجد فيه العلامة الإمام الأكبر محمد مصطفى المراغي الحنفي، نجد فيه العلامة الإمام الأكبر عبد الحليم محمود المالكي، وصولا إلى مولانا الإمام الأكبر فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد محمد أحمد الطيب الحسَاني المالكي.

وأوضح الجندي أن كل هؤلاء الأعلام من شيوخ الأزهر وغيرهم ممن لم نذكر نظرا للوقت نجدهم في سندنا النوراني، ونجد في السند العلامة الأديب اللغوي صاحب المتون ثعيلب الفشني الضرير، والعلامة محمد الأمير الكبير، والعلامة محمد الفضالي، والعلامة البراوي، والعلامة على العدوي، والعلامة أحمد الدردير، والعلامة إبراهيم السقا، والعلامة قش، كل هذا النور في سندك يا أزهري، فحافظ على هيبتك وهيأتك الأزهرية الوزينة الرصينة، فالأزهر الشريف بكل قطاعاته يضخ علومه ومنهجه الوسطي ويعلم العربية على أصولها وفي قنواتها ومساراتها وبين بديعها من خلال فك رموز ألفاظها،  وجدناه في شرح الخريدة البهية للعلامة الدردير وفي بداية المريد للعلامة السباعي، وجدناه في شرح أسماء الله الحسنى للعلامة الشنواني، وفي فرقان القرآن بين صفات الخالق وصفات الأكوان للعلامة سلامة العزامي، موضحًا أنه أصبح للعلوم معاجمٌ عربية لفك رموزها سواء كانت تجريبية أو فلسفية عقلية منطقية أو كونية أو فقهية أو صوفية.

وبين الأمين العام أن المعاجم اللغوية العربية تحتل مكانة خاصة في تاريخ اللغة، حيث ساهمت في حفظها وتوثيق مفرداتها ومعانيها. ومن أهم المعاجم اللغوية: العين للعلامة  الخليل بن أحمد الفراهيدي، تهذيب اللغة (للعلامة الأزهري)، لسان العرب (للعلامة ابن منظور)، تاج العروس (للعلامة الزبيدي)، أساس البلاغة (للزمخشري)، كما فكت الألفاظ اللغوية الرموز الفلكية فكانت معاجم الفلك، ومنها: معجم المصطلحات الفلكية الموحد، معجم المصطلحات الفلكية والكونية، معجم الفيزياء الفلكية (Dictionary of Astrophysics)، معجم الفلك الإسلامي التاريخي، كما فكت الرموز الكونية وعلوم الكون أو الكوزمولوجيا ومنها: معجم الفيزياء الفلكية والكونيات، ومعجم المصطلحات الفلكية الإسلامية، مضيفا أنه هناك أيضًا المعاجم الفقهية ومنها: معجم الفقه المالكي، ومعجم الفقه الحنبلي، ومعجم الفقه الشافعي، ومعجم الفقه الحنفي، ومعجم أصول الفقه، وكذلك هناك معاجم فهم التصوف، والتصوف يعمد  إلى: تفسير النصوص الصوفية، واستخدام الرموز والمصطلحات الصوفية، فاللغة العربية تتيح للمتصوفة التعبير عن تجربتهم الروحية من خلال استخدام رموز ومصطلحات خاصة، مثل "الفناء"، "البقاء"، "الوجد"، و"السكينة". هذه المصطلحات تحمل معاني دقيقة ومتشعبة لا يمكن استيعابها دون الإلمام باللغة العربية، كما نسج الشعر الصوفي ودواوينه: واللغة العربية كانت الوسيلة التي حافظت على التراث الصوفي ونقلته عبر الأجيال، وفهم هذا التراث يتطلب العودة إلى النصوص الأصلية بلغتها الأم، لأن الترجمة قد تعجز عن نقل المعاني الروحية الدقيقة، ومعاجم التصوف تحتل مكانة مهمة في فهم المصطلحات والمفاهيم التي يستخدمها الصوفية للتعبير عن تجاربهم الروحية وأفكارهم الفكرية. هذه المعاجم تساعد الباحث والقارئ على فهم الألفاظ الصوفية الدقيقة والمعاني الرمزية التي تتسم بها كتاباتهم. 

وأضاف الجندي أن معاجم التصوف وتعريفاتها متعددة ومنها: التعريفات (للجُرجاني )، كشف المصطلحات الصوفية (للتَّهَانَوي)، اصطلاحات الصوفية (للسُهروردي)، الرسالة القشيرية (لأبي القاسم القشيري)، معجم مصطلحات الصوفية (لمصطفى غالب)، اللمع (للطوسي)، مصطلحات التصوف الإسلامي (لعبد الرزاق الكاشاني)، حقائق عن التصوف (للنابلسي)، موضحًا دور اللغة العربية في فهم الفلسفة، حيث يتجلى هذا الدور في النقاط الآتية: ترجمة الفلسفات اليونانية والهندية والفارسية، تفسير النصوص الفلسفية، ومن أهم المعاجم الفلسفية: الحدود (لابن سينا)، معجم المصطلحات الفلسفية (لحبيب الشاروني)، المصطلحات الفلسفية والعلمية عند العرب (لإبراهيم مدكور).

وختم الأمين العام كلمته ببيان أهم المعاجم الطبية للطلاب والأطباء والباحثين، ومنها: موسوعة مصطلحات الطب (Medical Terminology Dictionary)، المعجم الطبي الحديث، وكذلك المعاجم المصطلحات الكيميائية: معجم المصطلحات الكيميائية الموحد، معجم المصطلحات الكيميائية والفيزيائية، وكذلك المعاجم التقنية ومنها. معجم المصطلحات الهندسية، ومعجم المصطلحات التقنية في الطاقة المتجددة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: أمين البحوث الإسلامية الجامع الأزهر محمد الجندي المزيد الإمام الأکبر محمد معجم المصطلحات اللغة العربیة الأزهر الشریف الأمین العام

إقرأ أيضاً:

مؤتمر دولي بجامعة ظفار يناقش الخوف من منظور لغوي وثقافي

انطلقت صباح اليوم فعاليات المؤتمر الدولي الثاني الذي ينظمه قسم اللغة العربية وآدابها بكلية الآداب والعلوم التطبيقية بجامعة ظفار، برعاية الأستاذ الدكتور عامر بن علي الرواس رئيس الجامعة، تحت عنوان "الخوف في اللغة والأدب والثقافة"، بمشاركة نخبة من الأكاديميين والباحثين من مختلف الجامعات المحلية والدولية، بهدف استكشاف الأبعاد الإنسانية والثقافية لمفهوم الخوف. ويتميز المؤتمر بمشاركة واسعة من الباحثين الذين يقدمون 33 ورقة علمية تتناول ظاهرة الخوف من منظور لغوي وأدبي وثقافي، وتوزعت الأوراق على محاور متعددة تعكس تنوع المدارس البحثية والمرجعيات الفكرية، حيث تناولت الدراسات قضايا مثل تأثير الخوف على الإبداع الأدبي، وتحليله في النصوص الشعرية والسردية، بالإضافة إلى أبعاده الثقافية والاجتماعية.

وقال الدكتور سعيد بيت مبارك رئيس قسم اللغة العربية: إن المؤتمر يهدف إلى تعزيز الحوار الأكاديمي حول قضايا إنسانية وثقافية معاصرة. وأكد أن المؤتمر يأتي ضمن جهود الجامعة لترسيخ مكانتها كمركز علمي وبحثي رائد على المستويين المحلي والدولي.

من جانبه، قال الأستاذ الدكتور عامر بن علي الرواس رئيس الجامعة: إن دراسة الخوف لا تقتصر على كونه مفهومًا نظريًا، بل تتعمق في فهم دوره كمصدر للإبداع وتشكيل وعي المجتمعات ونحن نسعى إلى بناء جسر بين المعرفة والواقع، حيث تُعد الدراسات البينية التي تربط اللغة والأدب بالعلوم الإنسانية أداة لفهم التحديات التي تواجه الإنسان المعاصر، كما يأتي هذا المؤتمر كمنصة علمية متعددة التخصصات تستهدف مناقشة الخوف بوصفه عنصرًا أساسيًا في التجربة الإنسانية، مسلطة الضوء على تأثيره في تشكيل الهوية والإبداع. ويسعى المشاركون إلى ربط البحث الأكاديمي بقضايا الفرد والمجتمع في العصر الحديث، مما يعكس التزام جامعة ظفار بدورها كمركز للتفاعل الثقافي والعلمي.

شهد اليوم الأول للمؤتمر أربع جلسات حوارية علمية أدارها نخبة من الأكاديميين، بينهم د. شفيق النوباني، ود. أحمد بالخير، ود. عزيزة الطائية، ود. حسين الذيب وتناولت الجلسات قضايا متنوعة، مثل: تحليل تمثلات الخوف في الشعر القديم والمعاصر، ودوره في السرد الأدبي، وتأثيره على اللغة والتركيبات الاجتماعية وأشاد المشاركون بالتنظيم العالي للمؤتمر والمستوى العلمي للأوراق المقدمة، معبرين عن تقديرهم لدور جامعة ظفار وقسم اللغة العربية في تعزيز البحث الأكاديمي حول موضوعات إنسانية مهمة واختُتم اليوم الأول بتوصيات تدعو إلى توسيع الدراسات المتعلقة بظاهرة الخوف، وتعزيز التعاون بين الجامعات العربية لإطلاق مشاريع بحثية مشتركة تخدم الدراسات الإنسانية والأدبية.

مقالات مشابهة

  • أمين البحوث الإسلامية يجتمع بإدارة البعوث ويوجِّه بتطوير ملف الإيفاد
  • أمين البحوث الإسلامية لطلاب جامعة المنصورة: القمار الإلكتروني يحمل أخطارا جسيمة
  • الأمين العام المساعد للدعوة بـ "البحوث الإسلامية" في رحاب جامعة المنصورة
  • أمين البحوث الإسلامية يثمن جهود وعاظ الأزهر بالإسكندرية في برامج التوعية
  • أمين البحوث الإسلامية: الانحراف الفكري هو البوابة الكبرى لتفكيك المجتمعات
  • البحوث الإسلامية: الأزهر لا يقتصر دوره على التوجيه بعد وقوع المشكلات بل يعمل على تحصين الشباب
  • جامعة المنصورة تستضيف ندوة تثقيفية عن القمار الإلكتروني بمشاركة البحوث الإسلامية
  • وفاة الحاجة فتحية.. الابنة الأكبر لـ الشيخ محمد صديق المنشاوي
  • مجلس جامعة الأزهر يكرم الطفل أنس ربيع ووالده تشجيعا له
  • مؤتمر دولي بجامعة ظفار يناقش الخوف من منظور لغوي وثقافي