البحث العلمي :مفتاح النهضة وامل جامعة اليرموك في التقدم
تاريخ النشر: 28th, December 2024 GMT
#سواليف
#البحث_العلمي : #مفتاح_النهضة وامل #جامعة_اليرموك في التقدم
بقلم : ا . د محمد تركي بني سلامة
لا شك أن البحث العلمي يشكل الركيزة الأساسية لأي نهضة تنموية أو تطور معرفي. فهو المحرك الرئيسي الذي يدفع عجلة المجتمعات نحو التقدم والابتكار، والجسر الذي يصل الحاضر بالمستقبل، ويضمن استمرارية البناء والتنمية.
تشير نتائج التقييم الذاتي الذي أُجري في بداية العام الدراسي إلى ضعف ملموس في الإنتاج البحثي، وهو ضعف يؤثر سلبًا على تصنيف الجامعة ومكانتها الأكاديمية، سواء على المستوى المحلي أو الدولي. وعلى الرغم من أن هذا الوضع يدعو للقلق، إلا أنه يحمل في طياته فرصة ذهبية للنهوض مجددًا. فالاعتراف بالمشكلة يُعد الخطوة الأولى نحو الحل، وهو ما يتيح المجال لوضع سياسات مبتكرة وفعالة لتحفيز الباحثين، وبناء بيئة أكاديمية تدعم البحث العلمي بجميع أشكاله.
مقالات ذات صلة الاعلان عن النقاط المحتسبة للطلبة المتقدمين بطلبات المنح والقروض 2024/12/26من هذا المنطلق، لا بد من تبني مجموعة من السياسات والإجراءات التي تهدف إلى تحفيز الباحثين، وتجاوز العقبات التي تواجههم. أولاً، يجب تعديل التعليمات المتعلقة بحوافز البحث العلمي، مثل إلغاء السقف المحدد للمكافآت للباحث المنفرد، الأمر الذي سيسهم في الحد من ظاهرة “الراكب المجاني”، ويعزز إنتاج أبحاث ذات جودة عالية. ثانيًا، ينبغي تعديل معايير تصنيف الجامعات الدولية لتكون أكثر واقعية، عبر التركيز على الجامعات المصنفة ضمن أفضل 500 جامعة بدلاً من أفضل 350 جامعة، مع حذف الشروط المرهقة مثل “التعاون البحثي الدولي للمرة الثالثة”، التي تشكل عائقًا أمام العديد من الباحثين.
لا يمكن إغفال الجانب المالي كعامل رئيسي في تحفيز البحث العلمي. لذا، فإن زيادة المكافآت المالية، خاصة للأبحاث المنشورة من قبل أساتذة الكليات الإنسانية، يُعد ضرورة ملحة لتشجيع الإنتاج البحثي. كما ينبغي دعم رسوم النشر بشكل فوري عند قبول البحث، ورفع قيمتها لتتناسب مع تصنيفات المجلات. من المهم أيضًا زيادة قيمة المكافأة السنوية المخصصة للبحث العلمي للباحث الواحد لتصل إلى 10,000 دينار أردني، مع الأخذ في الاعتبار أن جزءًا كبيرًا من هذه المكافأة يُقتطع كضريبة دخل، مما يحد من الاستفادة المباشرة للباحثين. هذا الدعم المالي يعزز قدرة الباحثين على نشر أبحاثهم في مجلات عالمية مرموقة، مما ينعكس إيجابيًا على تصنيف الجامعة.
إن دعم المجلات الوطنية المصنفة عالميًا، مثل تلك المدرجة ضمن قاعدة بيانات “سكوبس”، هو خطوة ضرورية لتحفيز الإنتاج البحثي محليًا. بالإضافة إلى ذلك، يجب وضع سياسات خاصة لدعم الباحثين في الكليات الإنسانية، التي تعاني نقصًا واضحًا في إنتاج الأبحاث مقارنة بالكليات العلمية. يمكن تحقيق ذلك من خلال تخصيص مكافآت إضافية وتشجيع النشر في الكتب والدوريات العالمية، مما يعزز مكانة الباحثين ويرفع من مستوى الإنتاج البحثي.
إلى جانب الدعم المالي، لا بد من وضع معايير واضحة وشفافة لتكريم الباحثين المتميزين، سواء كانوا أفرادًا أو مجموعات. يشمل ذلك تخصيص جوائز خاصة لأساتذة الشرف والباحثين الذين يسهمون في رفع مكانة الجامعة من خلال إنتاج أبحاث متميزة. كما ينبغي إشراك جميع أعضاء هيئة التدريس في مناقشة هذه السياسات، لضمان العدالة والشفافية، وإيجاد بيئة أكاديمية تدعم التميز والإبداع.
إن عام 2025 يجب أن يكون نقطة تحول في تاريخ جامعة اليرموك، عامًا تُرسي فيه أسس البحث العلمي على قواعد متينة، وتُعتمد فيه سياسات تحفيزية شاملة تحقق تطلعات الباحثين. إذا تم تبني هذه المقترحات، فإن الجامعة لن تكتفي بتعزيز مكانتها الأكاديمية فحسب، بل ستصبح نموذجًا يُحتذى به في المنطقة، وسترسخ مكانتها كمؤسسة علمية رائدة.
إن تطوير البحث العلمي ليس ترفًا، بل ضرورة ملحة لبناء مستقبل أفضل. هذه المقترحات تمثل دعوة لإعادة التفكير في سياسات البحث العلمي الحالية، والعمل بروح الفريق الواحد للنهوض بجامعة اليرموك. فالبحث العلمي هو مفتاح النهضة وأداة التقدم، وعلينا جميعًا أن نكون جزءًا من هذا التحول الإيجابي. نسأل الله أن يوفق الجهود، وأن تبقى جامعة اليرموك منارة للعلم والمعرفة، وركيزة من ركائز الوطن.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف البحث العلمي مفتاح النهضة جامعة اليرموك جامعة الیرموک البحث العلمی
إقرأ أيضاً:
عاشور: رؤية مصر للبحث العلمي تقوم على الإبداع والعدالة والاستدامة والذكاء الاصطناعي المسؤول
شارك الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، في الجلسة الافتتاحية للاجتماع الإقليمي لمجلس البحوث العالمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تحت شعار "العلم والتكنولوجيا والابتكار القائم على العدالة من أجل تنمية بشرية شاملة واستدامة عالمية"، والذي تنظمه أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا بالتعاون مع مؤسسة الكويت للتقدم العلمي ممثلة لدولة الكويت، بحضور الدكتور عمرو عزت سلامة أمين اتحاد الجامعات العربية، والدكتورة جينا الفقي القائم بأعمال رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، ورؤساء وأعضاء الوفود وممثلي مجالس البحوث المشاركين من المنطقة والعالم.
في مستهل كلمته، أكد الدكتور أيمن عاشور أن المشاركة في الاجتماع تأتي امتدادًا لنهج مصر الراسخ في دعم التعليم العالي والبحث العلمي، انطلاقًا من الإيمان بأن المعرفة تمثل الركيزة الأساسية للتنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، مشيرًا إلى حرص الدولة المصرية على تبني سياسات وطنية طموحة تواكب الاتجاهات العالمية الحديثة، وتعتمد على أفضل الممارسات في هذا المجال الحيوي، حيث تستند رؤية مصر في التعليم العالي والبحث العلمي إلى مجموعة من الركائز الجوهرية التي تنسجم بعمق مع مبادئ مجلس البحوث العالمي، ومن أبرزها: (التوطين والإبداع، العلوم المفتوحة، الاستدامة والعدالة، الذكاء الاصطناعي المسؤول).
وأوضح الوزير أن مصر تسعى جاهدة إلى أن تتحول لمركز إقليمي ودولي للبحث العلمي والابتكار، بحيث تواكب الأولويات الوطنية والإقليمية، وتوفر بيئة محفزة لتطوير المواهب ودعم المشروعات البحثية والشراكات الدولية، مسلطًا الضوء على "بنك المعرفة المصري" الذي يُعد نموذجًا فريدًا ورائدًا في نشر مبادئ العلوم المفتوحة، فهو ليس مجرد منصة وطنية تتيح الوصول الحر للموارد العلمية والمعرفية، بل أصبح منصة إقليمية، خاصة بعد اتفاقيات التعاون مع "اتحاد الجامعات العربية" و"اتحاد مجالس البحث العلمي العربية"، مما أسهم في تعزيز تبادل المعرفة وتحقيق السيادة المعرفية في العالم العربي، لافتًا إلى التزام مصر بدمج أدوات الذكاء الاصطناعي وأطر الحوكمة الأخلاقية ضمن منظومتها البحثية، بما يضمن تحقيق الشمولية والعدالة في الاستفادة من هذه التقنيات الحديثة، ويعزز القدرة على التعامل مع التحديات المستقبلية بكفاءة ومرونة.
وأضاف الدكتور أيمن عاشور أنه يتم توجيه البحوث العلمية في مصر نحو معالجة التحديات المجتمعية الملحة، لا سيما في مجال تطوير المدن الجديدة والمجتمعات العمرانية المستدامة، مع الحرص على إشراك المجتمع المحلي وضمان استفادة جميع فئاته من ثمار البحث العلمي، وخاصة الفئات الأكثر احتياجًا، وتبرز في هذا السياق مبادرة "تحالف وتنمية" كمنصة رائدة لتعزيز الشراكات بين المؤسسات البحثية والقطاعين العام والخاص، حيث تعمل على دعم مشاريع التنمية المستدامة، من خلال تبني حلول مبتكرة لبناء قدرات المجتمعات المحلية تلبية احتياجات أقاليم مصر المختلفة.
وسلط الوزير الضوء على أهمية الاجتماع الذي يُعد تتويجًا للجهود والرؤى الطموحة التي تتبناها مصر وسائر دول المنطقة، موضحًا أن اختيار موضوع "إعادة تصور العلوم المفتوحة الشاملة والذكاء الاصطناعي من أجل الإنصاف والعدالة والاستدامة"، يجسّد جوهر رسالة مجلس البحوث العالمي، ويتماشى مع الجهود الوطنية المصرية والمبادرات الرائدة مثل بنك المعرفة المصري، كما أنه يعكس الإدراك الجماعي بأن المعرفة المفتوحة والتقنيات الذكية ليستا غاية في حد ذاتهما، بل أدوات لتحقيق العدالة والتنمية المستدامة في منطقتنا والعالم، مشيرًا إلى أنه تم تدشين الأكاديمية الدولية للعمارة والعمران بالتعاون مع منظمة اليونسكو وعدد من الدول الأوروبية، كمبادرة رائدة تعكس الالتزام بتعزيز المعرفة والابتكار في مجال التخطيط العمراني المستدام، وتطوير الكوادر البشرية القادرة على قيادة التحول الحضري في المنطقة والعالم.
ومن جانبها، استعرضت الدكتورة جينا الفقي أبرز جهود أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا في تنمية ودعم الارتقاء بالبحث العلمي والتكنولوجيا والابتكار، حيث تقدم الأكاديمية العديد من المنح المتنوعة في الدراسات العليا، وتقدم الدعم لشباب الباحثين، وكذلك دعم المرأة وتقديم جوائز خاصة بالمرأة، بالإضافة إلى جهود الأكاديمية في تعزيز التعاون الدولي حيث تتعاون مع 150 مؤسسة دولية وإقليمية، وهي عضو في مختلف الاتحادات الدولية بمختلف العلوم، وتعمل على دعم جهود التنمية والبحث العلمي، مشيرة إلى أن أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا تعد ذراع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في تنفيذ البرامج البحثية المختلفة، مقدمة الشكر لجميع القائمين على تنظيم هذا الاجتماع الهام.
وأكد الدكتور حسن آل عائض، ممثل مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية (KACST) بالمملكة العربية السعودية، أن الاجتماع يسهم في وضع تصور حول أهمية العلم المفتوح، ويدعم جهود البحث العلمي من أجل الوصول إلى المجتمعات المستدامة، ويسهم في تحقيق العدالة والشمول، والتأكيد على ضرورة إشراك المجتمعات في دعم الابتكار والبحث العلمي وخطة التحول المستدام الشاملة، لافتًا إلى أن الباحثين يمكنهم الاستفادة من الذكاء الاصطناعي والمصادر العلمية المفتوحة المختلفة، مؤكدًا ضرورة تشجيع الاستثمار في الذكاء الاصطناعي وإنشاء منصات علمية مشتركة، بما يعود بالنفع على المنظومة البحثية في المنطقة.
وأشار الدكتور فهد الفاضلي، ممثل مؤسسة الكويت للتقدم العلمي (KFAS) بدولة الكويت، إلى أهمية تقديم الدعم لضمان الوصول إلى اقتصاد المعرفة، من خلال دعم الممارسات العلمية، والتبني المسؤول للذكاء الاصطناعي، والتنمية البشرية الشاملة، وتطبيق هذا المبدأ عمليًا، والتعاون بين مختلف المؤسسات لتحقيق التكامل والتعاون، بما يعود بالنفع على المجتمعات وضمان الاستدامة.
وأكدت الدكتورة منى النعا نائب رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، أن التعاون العلمي العابر للحدود هو السبيل الأضمن لمواجهة التحديات المشتركة، من الذكاء الاصطناعي إلى الاستدامة والعدالة حتى الوصول إلى المعرفة، معربة عن تمنياتها بأن نتائج هذا الاجتماع ستسهم في تعزيز التعاون العلمي الإقليمي والدولي بما يخدم مستقبل العلم والإنسانية.
وتُقام الفعاليات على مدار يومين، حيث يشمل اليوم الأول الجلسة الافتتاحية ثم تقديم مقدمة حول أنشطة مجلس البحوث العالمي، ثم تبدأ أولى الجلسات العلمية بعنوان "إعادة تصور العلوم المفتوحة والذكاء الاصطناعي من أجل العدالة والاستدامة"، يتبعها نقاش بمشاركة نخبة من الخبراء في هذا المجال، ثم يتم عرض نتائج اجتماعات مجموعات العمل الثلاث: (المساواة والتنوع والإدماج، والمشاركة متعددة الأطراف، وتقييم البحوث المسؤول)، ويتضمن اليوم الثاني مواصلة الحوار حول "البحث من أجل مجتمعات مستدامة"، وتعقد عدد من الجلسات حول "مبادرة الأريكا لاتحاد مجالس البحث العلمي العربية"، ومحاضرة حول "حوكمة الذكاء الاصطناعي"، وعرض تجربة مصر الرائدة في التحول الرقمي من خلال بنك المعرفة المصري، ويُختتم اليوم بجلسة عمل مغلقة للوفود الرسمية المشاركة في الحدث.
جدير بالذكر أن مجلس البحوث العالمي هو منتدى دولي يجمع قادة ورؤساء وكالات تمويل البحوث الوطنية من مختلف دول العالم، ويهدف إلى تعزيز التعاون العلمي الدولي، وتبادل أفضل الممارسات في مجالات دعم وتمويل البحث العلمي، وقد تأسس من منطلق الحاجة إلى تنسيق الجهود البحثية على المستوى العالمي وتحقيق أعلى مستويات الكفاءة والجودة في تمويل الأبحاث، ويهدف إلى تعزيز التواصل والتنسيق بين هيئات ومجالس تمويل البحث العلمي، وتبادل أفضل الممارسات والسياسات البحثية بين الدول الأعضاء، وتوفير منتدى سنوي للتشاور بين رؤساء وكالات التمويل، وتطوير إستراتيجيات بحثية عالمية تعالج القضايا المُلحّة، والمساهمة في بناء منظومة بحثية عالمية متكاملة، ودعم جهود بناء القدرات البحثية في الدول الأعضاء.