قال تقرير بصحيفة لوفيغارو الفرنسية، إن سقوط حكومة البعث المفاجئ في سوريا وتخلي روسيا عن الرئيس المخلوع بشار الأسد، أثار قلقا في عدة عواصم أفريقية حول مدى مصداقية روسيا كحليف إستراتيجي، وقد يهدد نفوذها في المنطقة.

وأوضح  الكاتب والصحفي تانغي بيرثيميه أن عواقب الحدث لا تزال صعبة التقدير، إلا أنه أثار تساؤلات يتعين على السلطات الروسية الإجابة عنها، وإلا فإن نفوذها في أفريقيا سيتعرض لتراجع خطير.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2صحف أميركية: أميركا بحاجة إلى مزيد من الرؤساء أمثال كارترlist 2 of 2عام كامل على متابعة إسرائيل أمام العدل الدولية.. ما الذي تحقق؟end of list

وأشار إلى أن أولى هذه التساؤلات تتعلق بالجوانب اللوجستية، إذ إن مستقبل المواقع العسكرية الروسية في سوريا، مثل القاعدة البحرية في طرطوس على البحر المتوسط وقاعدة حميميم الجوية، ليس مضمونا على الإطلاق، نظرا لتعامل روسيا "العدائي" مع حكومة تصريف الأعمال السورية.

وأكد أن الجيش الروسي، المنتشر في سوريا منذ 2015، استخدم قواعده هناك لعملياته في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل وأفريقيا الوسطى، ذلك لأن الطائرات الروسية الكبيرة لا تستطيع إجراء رحلات مباشرة بين روسيا وأفريقيا بسبب محدودية مدى طيرانها.

عقبة في طريق النفوذ الروسي

وشدد الكاتب على أن خسارة قاعدة طرطوس في سوريا ستعرقل خطوط الإمدادات لوحدات فاغنر والفيلق الأفريقي، ما قد يضعف الوجود العسكري الروسي، ويؤثر على نفوذ ومصداقية روسيا.

إعلان

ولفت الكاتب إلى أن  المجلس العسكري الحاكم في مالي يعتمد بشكل كبير على هاتين الشركتين العسكريتين الخاصتين في صراعه السياسي والعسكري مع مقاتلي أزواد شمال البلاد.

وفي النيجر و بوركينا فاسو، قد تعيق التعقيدات اللوجستية خطط توسيع الانتشار العسكري الروسي، وسيؤثر الأمر كذلك على جمهورية أفريقيا الوسطى، حيث تُعتبر قوات فاغنر جزءا أساسيا من مقومات البلاد العسكرية، وتحمي الحكومة وتدعمها ضد التهديدات الأمنية.

وأوضح الكاتب أن المجموعات العسكرية الروسية -التي يبلغ عدد مقاتليها 3 آلاف- تحتاج إلى خطوط إمداد لوجستية آمنة ومستدامة، وإذا تعذر تحقيق ذلك عبر القواعد في سوريا، فقد تضطر موسكو إلى إعادة نشر قواتها في شرق ليبيا، وهي منطقة أقل ملاءمة من الناحية اللوجستية، إذ يفتقر ميناء بنغازي إلى التسهيلات والبنية التحتية الموجودة في ميناء طرطوس السوري.

وإذا تعذر ذلك، يعتقد الكاتب أن موسكو قد تسعى لتسريع مفاوضاتها مع السودان، والتي استؤنفت في 2019، بهدف تحقيق "حلمها القديم" بإنشاء قاعدة بحرية على البحر الأحمر.

ولكن ذكَر الكاتب أن حكومة الجنرال عبد الفتاح البرهان رفضت طلبات موسكو حتى الآن خشية ردة فعل الولايات المتحدة، على الرغم من وعود روسية بتزويد السودان بأنظمة صواريخ إس-400 وتوفير النفط.

مصداقية موسكو تحت التهديد

وأشار الكاتب إلى أن انهيار نظام الأسد يعزى إلى فشل جيشه وغياب "حليفه التقليدي" حزب الله اللبناني، بسبب انشغاله بالحرب مع إسرائيل، ولكنه يعزى أيضا إلى غياب التدخل الجوي الروسي، الذي "أنقذ" النظام السوري في 2015.

وأكد أن هذا "التقاعس" أثار ردود فعل متباينة وغاضبة في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، حيث تساءلت الأنظمة العسكرية الحاكمة هناك عن سبب تخلي موسكو عن "صديقها"، "فهل كان الجيش الروسي، المنشغل بحربه في أوكرانيا، غير قادر على تقديم المساعدة؟ أم أنه سئم الأسد ورفضه تقديم أية تنازلات؟".

إعلان

ووفقا للتقرير، زعزع تصرف روسيا مصداقية ولائها لحلفائها في أفريقيا، خصوصا مع وجود توترات بالفعل، ففي أفريقيا الوسطى أثار تمرد رئيس شركة "فاغنر" الأمنية يفغيني بريغوجين عام 2023 تساؤلات حول علاقة فاغنر بالكرملين، أما في  باماكو، فقد أدى الهجوم الذي وقع الصيف الماضي شمال مالي، حيث قُتل نحو 60 من الجنود الماليين ومقاتلي فاغنر، إلى توترات شديدة بين الطرفين.

ونقل الكاتب عن دبلوماسي أوروبي قوله "يمكننا أن نفهم لماذا تشعر الأنظمة العسكرية في بوركينا فاسو ومالي بالقلق من رؤية الكرملين يتخلى عن حليفه لأن السبب الرئيسي الذي دفع العسكريين الأفارقة إلى التحالف مع موسكو هو تعزيز سلطتهم اعتمادا على شريك قوي يضمن أمانهم بلا متطلبات كثيرة، وإذا تغير ذلك، فإن التحالف الساري يعتبر منتهيا".

واختتم الكاتب تقريره بالإشارة إلى أن هذه التطورات قد تضعف جاذبية فاغنر، مما قد يدفع الدول التي تسعى روسيا إلى استقطابها لإعادة النظر بعروضها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات فی سوریا إلى أن

إقرأ أيضاً:

روسيا تمدّد نفوذها في إفريقيا: شراكات أمنية "حساسة" تقلق الغرب

أعلنت روسيا عزمها تعزيز حضورها في إفريقيا عبر توسيع التعاون مع دول القارة في مجالات تشمل الدفاع والأمن، إلى جانب الاقتصاد والاستثمار. اعلان

أعلنت الرئاسة الروسية، الاثنين، أن موسكو تعتزم تعزيز تعاونها مع الدول الإفريقية، بما يشمل مجالات "حساسة" مثل الدفاع والأمن، في خطوة تشير إلى تصاعد الحضور الروسي في القارة السمراء.

وقال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إن "الوجود الروسي في إفريقيا آخذ في التوسع، ونحن نعتزم تطوير تعاوننا مع الدول الإفريقية بشكل شامل، مع التركيز بشكل خاص على المجالات الاقتصادية والاستثمارية"، مضيفًا أن ذلك يشمل أيضًا "مجالات حساسة مثل الدفاع والأمن، وستواصل روسيا التعاون الوثيق مع شركائها الأفارقة في هذا الصدد".

Relatedاستمرار التصعيد بين موسكو وكييف... وروسيا تعلن قتل شخص كان يستعد لشنّ هجوم بمسيّرات روسيا تعلن اكتمال المرحلة الأولى من عملية تبادل الأسرى مع أوكرانيابوتين يطرح معادلة السلام: أوكرانيا خارج الناتو وروسيا بلا عقوبات

ويأتي هذا الإعلان بعد أسبوع من إعلان مجموعة "فاغنر" انسحابها من مالي، حيث كانت تدعم المجلس العسكري الحاكم في مواجهة الجماعات الإسلامية المسلحة. في المقابل، أكد "فيلق إفريقيا"، وهو قوة شبه عسكرية خاضعة لإشراف الكرملين، استمراره في التمركز داخل البلاد.

وتثير تنامي الأدوار الأمنية لروسيا في بلدان مثل مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى وغينيا الاستوائية قلق القوى الغربية، ولا سيما فرنسا والولايات المتحدة، التي شهدت تراجعاً لنفوذها لصالح موسكو.

أفراد من شركة فاغنر العسكرية يحرسون منطقةً بينما يُحمّل آخرون دبابتهم على شاحنة، روسيا، 24 يونيو 2023. AP Photo

ويُذكر أن "فيلق إفريقيا" أُنشئ بدعم من وزارة الدفاع الروسية، بعد فشل التمرد المسلح الذي قاده مؤسس "فاغنر"، يفغيني بريغوجين، وقائدها دميتري أوتكين ضد قيادة الجيش الروسي في يونيو 2023، واللذين لقيا حتفهما لاحقاً في حادث تحطم طائرة في أغسطس من العام ذاته.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • قائد أمريكي رفيع يرسم صورة قاتمة للإخفاقات العسكرية في أفريقيا
  • لماذا تنسحب فاغنر من مالي بعد أربع سنوات من الحرب؟
  • عودة أكثر من 425 ألف سوري إلى بلادهم منذ سقوط نظام الأسد
  • موسكو تعتزم توسيع وتعزيز وجودها في أفريقيا
  • رئيس أركان الجيش الجزائري يستقبل السفير الروسي.. رسائل أمنية ودبلوماسية
  • بينهم من العراق.. عودة 425 ألف سوري لبلادهم منذ سقوط الأسد
  • روسيا تمدّد نفوذها في إفريقيا: شراكات أمنية "حساسة" تقلق الغرب
  • قوات فاغنر تنهي عملها في مالي وتنضم إلى "فيلق أفريقيا"
  • سوريا.. أكثر من 7 آلاف قتيل منذ انهيار نظام الأسد
  • المنفى الذهبي لبشار الأسد: رفاهية وعزلة مُترفة وأطنان من الدولارات