صحيفة الخليج:
2025-12-12@11:01:06 GMT

«دبي للإنترنت».. رهان التكنولوجيا والمعرفة

تاريخ النشر: 3rd, January 2025 GMT

قبل 25 عاماً رأى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، أن التقنية ستكون هي أساس الاقتصاد.. وأساس الإعلام.. وأساس المعرفة.. وأساس التنمية والتطور، فأطلق سموه مشروعاً تحولياً للتقنية والتكنولوجيا والتجارة الإلكترونية في المنطقة، ألا وهو مدينة دبي للإنترنت.


كانت بداية رحلة تحول وطنية نحو اقتصاد المعرفة، ويقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «اليوم نعيش هذا الواقع.. ونقطف ثمرة التحول.. وتستفيد الأجيال الجديدة من استعدادنا قبل 25 عاماً لهذه التحولات.. الأمم التي تستشرف المستقبل قبل حدوثه وتستعد له قبل الآخرين.. هي الأمم التي تصنع ذلك المستقبل».
في أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2024، احتفت دبي بمرور 25 عاماً على انطلاق مدينة دبي للإنترنت وجهةً عالميةً مفضّلةً لأهم وأبرز صُناع التكنولوجيا حول العالم، واضطلاعها بدور بارز في دفع عجلة الاقتصاد الرقمي على مستوى المنطقة.
يوم 29 أكتوبر/تشرين الأول 1999، بادر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، إلى الإعلان عن مدينة دبي للإنترنت، التي شكلت خطوة أولى نحو تأسيس 10 مجمّعات للأعمال المتخصّصة تحت مظلة مجموعة «تيكوم».
كان الهدف تطويع الإمكانات الواعدة للتكنولوجيا الناشئة، وتعزيز اقتصاد المعرفة في دولة الإمارات.
ولا يقف الموضوع عند حدود الإمارات، ففي العام 2023، أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، أنّ منظمة اليونسكو اعتمدت مقترحاً إماراتياً، بأن يكون 29 أكتوبر من كل عام يوماً عالمياً للبرمجة.
قائمة الشركات
رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، قادت نجاحات «دبي للإنترنت» لتصبح وجهة رئيسية لانطلاق أجيال من المبتكرين في عالم التكنولوجيا، ولاعباً مهماً في مجال الاقتصاد الرقمي على مستوى المنطقة.
اليوم، وبعد 25 عاماً من العمل الدؤوب والسجل الحافل بالإنجازات والنجاحات في تمكين خبراء التكنولوجيا العالميين من قيادة مساعي التحوّل الاجتماعي والاقتصادي، باتت «دبي للإنترنت» مقراً يضمّ مجموعة واسعة من الشركات العالمية والناشئة والتي تستقطب ألمع العقول من كافة أنحاء العالم للعمل والتواصل والابتكار.
يتجاوز عدد عملاء دبي للإنترنت ال4 آلاف من أبرز الشركات العالمية والإقليمية، بموازاة نمو قاعدة المواهب، التي تضمّ اليوم أكثر من 31 ألف موظف متخصّص، بما يعكس مكانة دبي وجهة عالمية جاذبة لأبرز الخبراء والعقول والمبتكرين في التكنولوجيا من حول العالم.
وتُعدّ دبي للإنترنت مقرّاً إقليمياً بارزاً للشركات المبتكرة، ضمن قطاعات التكنولوجيا المالية وتقنية البلوك تشين والذكاء الاصطناعي والجيل الثالث للويب، بما في ذلك أبرز الشركات المصنّفة ضمن قائمة «فورتشن 500» في البرمجيات مثل «أوراكل» و«ساب»، وفي مجال الأجهزة مثل «ديل» و«إتش بي».
وتضمّ كذلك، نخبة من الشركات العاملة في تكنولوجيا السحابة، على غرار «أمازون» و«جوجل»، وشبكات التواصل الاجتماعي مثل «لينكد إن» و«سناب شات»، ونخبة من شركات الألعاب الإلكترونية الشهيرة مثل «سوني» و«تينسنت»، إلى جانب الشركات العاملة في تصنيع الأجهزة الإلكترونية مثل «هواوي» و«موتورولا» وفي التكنولوجيا المالية مثل «ماستركارد» و«فيزا» و«سترايب».
مصنع «اليونيكورن»
يعود نجاح «دبي للإنترنت» في دعم روّاد الأعمال، وتعزيز أثر أعمالهم إلى استحواذ شركة «ياهو!» على شركة «مكتوب»، عام 2009، وهي الصفقة التي حظيت باهتمام ملحوظ على نطاق واسع، وشكلت إنجازاً بارزاً سلّط الضوء على روّاد الأعمال العرب.
فقد كانت هذه الوجهة الرائدة منذ تأسيسها قبل 25 عاماً شاهدة على عدد من أبرز صفقات الاستحواذ الإقليمية في مجال التكنولوجيا، مثل صفقة الاستحواذ التاريخية لشركة «أوبر» على شركة «كريم»، عام 2020، مقابل 11.3 مليار درهم، وهي الصفقة الأولى من نوعها للاستحواذ على شركة يونيكورن في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فضلاً عن استحواذ شركة «أمازون» على «سوق.كوم»، عام 2017، والذي أسهم في رسم معالم مستقبل جديد لقطاع التجارة الإلكترونية في المنطقة.
وانطلقت أيضاً من دبي للإنترنت شركة «تابي»، وهي شركة اليونيكورن الأولى في مجال التكنولوجيا المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بما يعكس إسهام هذه الوجهة الملحوظ، في دعم انطلاق الشركات الناشئة والمؤسسات ونموّها، وصولاً إلى الساحة العالمية.
19 مركزاً للابتكار
وتضمّ مدينة دبي للإنترنت 19 مركزاً للابتكار والبحث والتطوير، لها إسهامها الملحوظ في دعم إستراتيجيات حكومة دبي ذات الرؤية المستقبلية الثاقبة، مثل أجندة دبي الاقتصادية D33 وبرنامج دبي للبحث والتطوير.
مجموعة «تيكوم»
تسهم مجموعة تيكوم، العضو في دبي القابضة، في تعزيز اقتصاد دبي القائم على المعرفة والابتكار، وتحويل الإمارة إلى مركز رئيسي للشركات والمواهب في العالم، وبفضل تركيزها على ستة قطاعات حيوية غير نفطية، وهي تكنولوجيا المعلومات والإعلام والعلوم والتعليم والتصميم والصناعة، تشكل مجمعات الأعمال التابعة للمجموعة حجر الأساس في مسيرة تنويع الاقتصاد وترسيخ مكانة الإمارة وجهةً إقليمية للأعمال والابتكار.
مدينة دبي الصناعية
وخلال 2024، احتفت مدينة دبي الصناعية بذكرى مرور 20 عاماً على تأسيسها وجهةً لشركات التصنيع والخدمات اللوجستية في المنطقة، بما يعكس أهمية وفعالية التعاون بين القطاعين العام والخاصّ.
ونجحت المدينة في توفير بيئة عمل صناعية متكاملة، تضمّ مجموعة متنوعة وواسعة من أبرز شركات التصنيع والخدمات اللوجستية، حيث شهدت قاعدة عملاء الوجهة نمواً متواصلاً لتتخطى 1100 عميل من أبرز الشركات العالمية والإقليمية والمحلية، بما فيها «يونيليفر» و«إيه بي مولر ميرسك» و«باتشي» و«تمور البركة».
ويعمل في المدينة ما يزيد على 17 ألف موظف متخصّص، مع العلم انه تم افتتاح 350 مصنعاً جديداً خلال العام 2024.
30 ألف طالب جامعي
تحول مجمّع دبي للمعرفة التابع لمجموعة تيكوم، الذي احتفى خلال 2023 بذكرى مرور 20 عاماً على تأسيسه كمركز بارز للتعلّم المستمر، إلى وجهة مفضّلة لأبرز الخبراء المتخصّصين في مجال التعليم وتنمية المهارات من حول العالم.
المجمّع موطن لما يزيد على 700 عميل من أبرز مؤسسات التعليم العالي ومعاهد تنمية المهارات والتدريب والتطوير المهني، ويشكّل مع مدينة دبي الأكاديمية العالمية، بيئة تعليمية متكاملة تعدّ موطناً لثماني من أفضل 10 مؤسسات للتعليم العالي في دبي، كما تحتضن 15 جامعة مشهورة عالمياً، تظهر في أحدث تصنيفات «كيو إس» للجامعات العالمية.
المجمّع ومدينة دبي الأكاديمية العالمية يضمان ما يقرب من 30 ألف طالب في الجامعات وحدها.
مجمعات متنوعة
تضم «تيكوم» مدينة دبي للإعلام التي تأسست في عام 2001 لتكون حجر الأساس في استراتيجية دبي الطموحة في مجال الإعلام وصناعة المحتوى، وتعد اليوم أكبر تجمّع للمؤسسات الإعلامية في المنطقة، تحتضن 2500 شركة يعمل فيها أكثر من 20 ألف موظف ورائد أعمال.
كذلك، توفر مدينة دبي للاستوديوهات مرافق وخدمات متطورة للشركات في جميع مجالات الإنتاج الإذاعي والسينمائي والتلفزيوني والموسيقي والترفيهي.
أما مدينة دبي للإنتاج التي تأسست في عام 2003، فتسهم بدور رئيسي في تعزيز جهود تنويع الموارد الاقتصادية.
وتضم القائمة مجمّع دبي للعلوم، ومدينة دبي للتعهيد، وحي دبي للتصميم.

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: تسجيل الدخول تسجيل الدخول فيديوهات محمد بن راشد الإمارات صاحب السمو الشیخ محمد بن راشد آل مکتوم مدینة دبی للإنترنت فی المنطقة فی مجال من أبرز

إقرأ أيضاً:

الشركات العائلية.. من بناء الوطن إلى تسريع وتيرة «عُمان 2040»

د. يوسف بن حمد البلوشي -

لم تكن الشركات العائلية يومًا عنصرًا هامشيًا في أي اقتصاد مُنتِج حول العالم، وإنما مثَّلت على مدى العصور أحد الأعمدة الرئيسية إنتاجًا وتمويلًا وتنميةً؛ فمن «المتيلشتاند» (المؤسسات الصغيرة والمتوسطة) في أوروبا، إلى أبطال الصناعة المُثابرين في آسيا، وسلاسل التجارة في الخليج، تضخ الشركات العائلية استثمارات طويلة المدى، وتُوظِّف وتدرِّب العمالة المحلية، وتعمل في قطاعات متعددة لدورات اقتصادية متتالية. وهذه القدرة على الاستمرارية تمثل هدفًا تسعى إليه الدول عند انتقالها من الاقتصاد القائم على الاستهلاك، إلى النمو المُرتكِز على الإنتاج والتصدير وبناء القدرات الوطنية. وتعكس تجربة سلطنة عُمان هذا النموذج؛ فمنذ سبعينيات القرن الماضي أسهمت الشركات العائلية العُمانية في بناء الموانئ والطرق، وتوزيع السلع الأساسية، وإنشاء الورش والأساطيل، والانخراط في شراكة مع الدولة لتوفير البنية الأساسية للحياة الحديثة. أما اليوم فقد اجتازت عُمان هذه المرحلة؛ إذ تنشد «رؤية عُمان 2040» من القطاع الخاص أداء أدوار وطنية أكثر عمقًا وتأثيرًا، وبالتحديد مُضاعَفة التصنيع المحلي وزيادة الصادرات الوطنية للخارج، والتوسع في خلق الوظائف المناسبة للمواطنين. وبفضل علاماتها التجارية، وخطوطها الائتمانية، وشبكات مورديها، وشركائها الدوليين، فإن الاعتماد على الشركات العائلية يمثل الطريق الأسرع نحو تنفيذ المزيد من المشروعات عوضًا عن الارتكان إلى السياسات والأجهزة الحكومية وحدها. وفي هذا المقال، ندعو الى الاهتمام بهذه الشريحة المهمة من شركات القطاع الخاص والذي يمثل من وجهة نظري الحل الاقتصادي الأول لتحقيق التحولات المنشودة لإعادة الهيكلة الاقتصادية والتنويع وتوليد فرص العمل الشركات، فلا يخفى ما تواجه الشركات العائلية من تحديات وحاجتها الملحة لتحقيق 3 تحوّلات حاسمة من أجل تعزيز أدوارها:

التحوُّل الأول: الحوكمة والتعاقب القيادي؛ إذ إنه مع تراجع دور جيل الآباء المؤسسين لهذه الشركات، لم تعد الإجراءات غير الرسمية كافية، ثم فإن وجود ميثاق عائلي مكتوب، واللجوء لمجلسٍ يُعالِج الشؤون العائلية خارج قاعة مجلس الإدارة، بجانب مجلس إدارة مهني يضم أعضاءً مستقلين، وخطة واضحة لتعاقب الرئيس التنفيذي أو المدير المالي، لن تكون مظاهر شكلية؛ لكن ستؤهل هذه الكيانات للحصول على التمويل المصرفي اللازم لتوسعة أعمالها.

والحقيقة تؤكد أن الحوكمة الجيدة تعمل على تخفيض تكلفة رأس المال، وتُسرِّع القرارات، وتَحُول دون نِزاعات تُبدِّد القيمة. وعندما نعكف على تطبيق ذلك عمليًا، فإننا نشير إلى انعقاد دوري لمجلس الإدارة، وتشكيل لجانٍ فاعلة للمراجعة وإدارة المخاطر، وصياغة عقود أداء تُكافئ عمليات تحويل واستلام النقد، والأمن والسلامة وخطط توظيف المواطنين.

التحوُّل الثاني: التركيز الاستراتيجي، من خلال الانتقال من النهج التجاري القائم على تنفيذ مشروعٍ مقابل مشروع آخر، إلى استراتيجية للتصنيع وتقديم خدمات قائمة على «العناقيد القطاعية». ومن الفرص الممكنة في هذا الجانب: الصناعات المعدنية التحويلية، والتصنيع الدقيق للمكوِّنات، ومواد البناء ذات الجودة المُعتمَدة، والصناعات الغذائية وسلاسل التبريد المرتبطة بالمزارع والموانئ، ومنصّات تقديم الرعاية الصحية، ومكوّنات نقل الطاقة وخدمات التشغيل والصيانة. وتُوفِّر المناطق الحرة والمناطق الصناعية البيئة المواتية لقيام هذه الصناعات، وفق نموذج تنفيذي بسيطـ، قائم على الاختيار بين ثلاثة مسارات: (1) شراكة محلية مع شركة عالمية، (2) مُورِّد مكوناتٍ معتمد لجهاتٍ رائدة إقليمية، (3) مُزوِّد خدماتٍ متخصصة (تشغيل وصيانة).

ومن الأفضل إبرام اتفاقيات شراء مُسبقة متى أمكن ذلك، بجانب التوسع في إصدار شهادات الاعتماد، وتطوير المُورِّدين المحليين ضمن دائرة عمل الشركة، بدلًا من منافستهم. وينبغي لكل مشروع رائد أن ينشُر ثلاثة مؤشرات: نسبة المحتوى المحلي، والوظائف المخصصة للعُمانيين، وحصة الصادرات، وذلك لمعرفة مستوى نجاح الشركة وإمكانية تكرار هذا النموذج.

التحوّل الثالث: التمويل للدورة الجديدة؛ إذ كشفت صدمة التدفقات النقدية بين عامي 2020 و2021، هشاشةَ بعض ميزانيات الشركات، ولذا يجب أن يكون رد الفعل الانضباط وليس التراجع، من خلال الالتزام بتوفير احتياطي نقدي كافي، وإعداد برامج لرأس المال العامل للتحكم في إدارة المستحقات والمخزون والديون قصيرة الأجل؛ وعزل الأصول المكتملة المُوَلِّدة للنقد (مثل العقارات المُدِرة للدخل، وخدمات تشغيل المرافق، وامتيازات الخدمات اللوجستية)؛ بهدف إعادة التمويل أو الإدراج الجزئي في البورصة.

ويمكن للصكوك والائتمان الخاص وإبرام صفقات مع عائلاتٍ إقليمية وتنفيذ إدراجات انتقائية في البورصة، أن تُعيد تدوير رأس المال لإنشاء مصانع إنتاجية، وعملياتٍ رقمية، ومنصّاتٍ تصديرية، مع الاحتفاظ بحصة تضمن استمرار السيطرة.

ومع تحسّن الحوكمة، تتراجع تكلفة التمويل، وتنخفض تكلفة رأس المال.

ولذلك يمكن؛ بل ويجب، على السياسات العامة للدولة، أن تُسهم في تسريع هذه التحوُّلات، من خلال الدعم القائم على الأداء الذي يُكافئ الإنجاز وليس فقط الاكتفاء بالوعود. 

ويتحقق ذلك من خلال:

أولًا: برنامج «الشراء المُسبق والمشروعات القيادية» في التجمعات الاقتصادية ذات الأولوية، بما يساهم في تخفيف مخاطر الإيرادات على رواد الأعمال الأوائل. وإذا التزم شركة عائلية بإنشاء مصنعٍ معتمدٍ في منطقةٍ حرة مع أهدافٍ مُعلنة عن حجم المحتوى المحلي والتوظيف، فإن عقود شراءٍ محددة المدة أو عقود جماعية يمكن أن تساعد على فتح تمويل مصرفي.

ثانيًا: «المسار السريع للتصاريح» والذي يساعد على توفير الوقت والجهد للشركات. فبينما تلتزم الشركات بتقديم أداء شفاف وإصدار تقارير ربع سنوية، فإن مشاريعها تحظى بتخصيصٍ سريعٍ للأراضي والمرافق والحصول على التصاريح التنظيمية، وفق جداول زمنيةٍ محددة.

ثالثًا: ينبغي للاستثمار المشترك أن يجذب رأس المال الخاص لا أن يُزاحمه؛ حيث إنَّ منح صناديق التنمية حصص الأقلية في المشروع، وخفض الفائدة المشروط بتعيين المواطنين، وتسهيلات رأس المال العامل المضمونة بطلبات التصدير؛ كلها عوامل تُسهم في زيادة الطاقة الإنتاجية دون أي أعباء مالية. ومن الضروري أن تمتد هذه الأدوات إلى سلاسل الإمداد؛ كي تستفيد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عندما تنمو هذه الكيانات القيادية.

وينبغي أن تكون تنمية رأس المال البشري هدفًا أساسيًا لكل قرارٍ استثماري؛ إذ يتعين على كل مصنعٍ أو منصة خدمات إعداد برامج تدريب مقرونة بالتوظيف، وتنظيم معسكراتٍ مكثفة للمشرفين، يمكن تصميمها بالشراكة مع الجمعية العُمانية للموارد البشرية «أوشرم» أو مؤسسات التعليم العالي، مع الالتزام بالإفصاح السنوي عن أعداد المُعينين.

ويمكن للدولة احتساب تخفيضات الرسوم مقابل التوظيف، والدفع مقابل النتائج لا النوايا، وهكذا نحوِّل التدريب إلى أجور، والأجور إلى مساراتٍ مهنية.

ولا ينتقص ذلك من أهمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة؛ فهي عمق اقتصادنا على المدى البعيد. لكن حين يكون عامل الوقت حاسمًا، فإن الشركات العائلية تمثل الخيار الأفضل؛ لأنها تملك بالفعل خطوط التوريد وأنظمة الجودة والعلاقات المصرفية والشركاء الدوليين القادرين على بدء المشروعات في اليوم التالي.

والتعامل مع الشركات العائلية باعتبار أنها من بُناة الوطن لا يعني أبدًا المحاباة؛ بل يعني المساءلة. ويمكن لـ«ميثاق القيمة المحلية المُضافة» أن يساعد على تحقيق ذلك؛ حيث تُفصح العائلات عن حجم إنفاقها على المحتوى المحلي، وعدد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المستفيدة من أعمالها، وبرامج التدريب المخصصة للشباب، وحجم الصادرات، لتحظى في المقابل بالوصول إلى المسارات السريعة، والحصول على الأراضي الصناعية، وتخفيضات جمركية وفق حدودٍ مُعينة.

والواقع يفرض علينا تساؤلًا: وهو كيف سيبدو نجاح مثل هذه الخطط خلال السنوات العشر المقبلة وربما حتى 2040؟

من المتوقع أن نشهد عشرات المشاريع العائلية المشتركة، التي تقودها عائلات تعمل في موانئنا ومناطقنا، بجانب زيادات ملموسة في نسب المحتوى المحلي، وآلاف العُمانيين المؤهلين العاملين في وظائف إشرافية وفنية، ومنصّتين إلى 4 منصّاتٍ عائلية أُعيد تمويلها أو أُدرجت جزئيًا في البورصة لتعميق سوق رأس المال، ومنظومة متكاملة تعتمد على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتوريد مكوناتٍ معتمدة في سلاسل القيمة الإقليمية.

هذه ليست شعارات؛ بل نتائج قابلة للقياس تُعزّز هذه الجهود، وترفع الإنتاجية، وتزيد من النقد الأجنبي عبر بوابة الصادرات.

وأخيرًا.. إنَّ إرث شركاتنا العائلية ليس تجاريًا فحسب؛ بل مدني واجتماعي أيضًا؛ فهي الشركات التي تحافظ على استمرار توظيف الكفاءات المؤهلة في فترات الركود، وتُلبِّي النداء حين يحتاج أي مشروع للدعم، وتوفر الرعاية للمؤسسات المُعزِّزة للتماسك المجتمعي. ومع دخولنا المرحلة الثانية من «رؤية عُمان 2040»، ينبغي أن نتحدّث بصراحة عن التحديات الماثلة أمام الشركات العائلية اليوم؛ بما تتضمنه من فجوات التعاقب القيادي، والإفراط في تنويع الاستثمارات، وهياكل التمويل قصير الأجل وضغوط التدفقات النقدية، وذلك بالتوازي مع التركيز على الفرص المتاحة؛ لأنه عندما تتَّسق جهود الحوكمة والتركيز الاقتصادي والتمويل، تستطيع شركاتنا العائلية أن تُكرر ما أنجزته في «النهضة الأولى»، وأن تنطلق في مسيرة «النهضة المُتجددة»، من خلال تحويل الخطط إلى مشاريع، والمشاريع إلى منتجات، والمنتجات إلى ازدهار.. وهكذا نعتزُ بالماضي ونبني الحاضر لكي نجني ثمار المستقبل.

د. يوسف بن حمد البلوشي مؤسس البوابة الذكية للاستثمار والاستشارات

مقالات مشابهة

  • المساعي الأميركية والفرنسية على حالها فهل من رهان على العرب؟
  • توقيع مذكرة تعاون بين مدينة عبري الصحية والصحة العالمية
  • مدبولي: نؤمن بأن مستقبل الأمم يُبنى بالعلم والمعرفة
  • خبيرة دولية تشيد بجهود مصر فى الشمول المالي والشراكة بين العلم والمعرفة
  • سلاح الأسراب القاتلة.. كيف غيّرت التكنولوجيا قواعد حرب الكرملين بأوكرانيا
  • رئيس الوزراء: إقبال الشركات العالمية على الاستثمار في مصر دليل السير على الطريق الصحيح
  • عمر كمال يطرح أغنيتين من ألبومه الجديد رهان كسبان
  • الشركات العائلية.. من بناء الوطن إلى تسريع وتيرة «عُمان 2040»
  • فاطمة الحمادي لـ«الاتحاد»: «FIDA» يستهدف استقطاب الشركات العالمية للانطلاق من أبوظبي إلى العالم
  • قبول طعن قناة السويس لتوطين التكنولوجيا في نزاعها