سودانايل:
2025-06-16@11:49:39 GMT

نقوش على جدار الزمن والرحلة …!!

تاريخ النشر: 4th, January 2025 GMT

بقلم - صديق السيد البشير *

siddigelbashir3@gmail.com

(1)
أثارت إنتباهي منذ رأيتها أول مرة داخل قاعة بروفيسور علي شمو بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الإمام المهدي في السودان، أما شمو فهو خبير إعلامي سوداني، أما هي فيبدو أن ولوجها للقاعة كانت بدافع المحبة للإعلام، دراسة آنية، وممارسة مستقبلية، هكذا كانت شموخ مبارك تثير إهتمامي، تجمعنا محبة الصحافة والثقافة والفنون، فنون الأداء الصوتي، حين طلبت من طلاب وطالبات السنة الثالثة إعلام لذات الجامعة المذكورة آنفا، نماذج عملية لما درسوه من فنون الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني، ضمن ثلاث دفعات متراكمة بفعل الحرب في السودان، كانت تقدم لي مادة صوتية، فكرة وكتابة وتحريرا وأداء بهاتفها النقال، كانت تطبق معارف أساسية لما يعرف بصحافة الموبايل، لصناعة محتوي، قدمت لي بودكاست، اسمته (تفاؤل)، بهدف تقديم رسائل توعوية.


أمنيات ودعوات بالريادة والتميز مع جديد المشروعات في قادم السنوات.
(2)
جمعتني به محبة اليراع ولاقط الصوت وسحر العدسة منذ سنوات خلت، هذا إلى جانب العشق الخاص للإنتاج الحديث للموجات والشاشات والمنصات، تخرج أحمد يوسف دياب في قسم الموسيقى بجامعة جوبا عام ألفين وسبعة، لكن شغفه بمهنة الصحافة، دفعه للعودة مجددا لقاعات العلم والمعرفة، دارسا للإعلام بجامعة الإمام المهدي، ليصل للسنة الثالثة متفوقا في المواد النظرية والعملية، جاءنا ناضجا، محبا للثقافة السودانية في بعديها المحلي والكوني، ليسهم في قراءة نشرات الأخبار بإذاعة النيل الأبيض، مع إعداد وتقديم برنامجه الموسوم أوراق أدبية، الذي بث على ذات الإذاعة ومنصات أخرى، أنجز أحمد يوسف دياب لي بصوت عذب مادة بصرية، قمت بكتابة نصها، تلخص هي الأخرى مشروعا تدريبيا للقسم قبل أسابيع، ضمن آخرين من طلاب وطالبات القسم، اتسموا بالتميز ومحبة الإنتاج، مشاركين في إنتاج المادة المرئية، من فكرة، فتخطيط وتصوير بهواتفهم، وتسجيل المقابلات، في تطبيق عملي لصحافة الموبايل، وإنتاج البودكاست، مع شكري وتقديري للأستاذ عيسى آدم مدير إعلام وأستاذ الإعلام بالجامعة، الذي أشرف على كل عمليات الإنتاج، مع أمنيات ودعوات، ببلوغ الأهداف، وتحقيق الغايات، عملا، علما ومعرفة.
(3)
نلتقيها أول مرة لتصافح العيون بإبتسامة تتحدى الزمن والرحلة، رحلة تمتد من محطة كادوقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان ، الراسخة في الذاكرة السودانية، تاريخا وجغرافيا، سهام عوض، بنت الجبال الشامخة، جبال تستند على ماض عريق وغد أجمل، جمال الإنسان والبساتين اليانعة بالخير الوفير قمحا ووعدا وتمني، يممت سهام عوض وجهها شطر جامعة الإمام المهدي لدراسة الإعلام الذي أحبته حبا جما، عرفتها عن قرب، حين طلبت من طلاب وطالبات السنة الثالثة إنتاج مواد سمعية وبصرية، وذلك ضمن البرنامج العملي لقسم الإعلام بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الإمام المهدي في السودان، أنجزت سهام رفقة مجموعتها نشرات رياضية إذاعية تلفزيونية، وجدت الرضا والقبول من مدير الجامعة بروفيسور محمد المهدي بخاري وكل منسوبي الجامعة الذين حضروا ختام فعاليات المشروع التدريبي لطلاب القسم، أتوقع لها وطلاب وطالبات القسم مستقبلا زاخر المنجزات على مختلف الصعد.
(4)
هذه الأرض لنا، وعلى هذه الأرض ما يستحق الاحتفاء، احتفاء بماض سحيق، وحاضر مأزوم، لنستشرف غد أفضل تصمت فيه أزيز المدافع وأنات الثكلى والجرحى، وتمسح فيه دموع الأيتام والأرامل والفقراء والمساكين والذين أخرجوا من ديارهم بغير حق، اللهم أنعم على السودان أرض السمر والنيل بنعمة الأمن والوفاق والسلام والتنمية والتطور والإستقرار.
(5)
تتسم بهدوء عجيب، ورزانة بائنة، وعقل متقد، وذهن صاف، وبصيرة متوهجة نحو نشاط معرفي، ترنو نحو غد أفضل بخطى واثقة، تحاول إنجاز الكثير في مجال الصوتيات والمرئيات، بعلم ومعرفة ومحبة وعذوبة، عذوبة الصوت والأداء، أنتجت عملا صوتيا خاص باللغتين العربية والإنجليزية، قدمت لنا ضمن مشروعات طلابية عملية في مجال الإعلام، ضمن برنامج تطبيقي لمنسوبي قسم الإعلام بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الإمام المهدي في السودان، هي الطالبة بالسنة الثالثة سماح جالي، التي كانت ضمن المميزات والمميزين الذين تشرفت بتدريسها، رفقة آخرين من علماء القسم بذات الجامعة، لها وللجميع، دعوات خالصات بتحقيق الأمنيات على مختلف الصعد.
(6)
الحمد لله رب العالمين، نلت اليوم شهادة خبرة، عن عامين أنفقتهما أستاذا متعاونا لمجموعة من مواد، قمت بتدريسها لطلاب وطالبات قسم الإعلام بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الإمام المهدي في السودان، حاولت خلالها تقديمها نظريا وتطبيقيا، حيث أثمرت عن إنتاج باقة منتقاة من أعمال سمعية وبصرية، تبقى راسخة في العقل والقلب والوجدان، شكراً لكل منسوبي الجامعة، على العامين اللذين قضيتهما هناك بين القاعات والمعامل والمكاتب والاستراحات، إمتاعا ومؤانسة، عملا، علما ومعرفة.
(7)
حين نلت درجة الماجستير في الإعلام من جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا عام 202‪0م، كان هاتفي الجوال يستقبل محادثة من الاستاذة فاطمة الطيب جعفر، رغبة منها لإنضمامي لقسم الإعلام بجامعة الإمام المهدي لتدريس الطلاب والطالبات مقررات الإنتاج التلفزيوني في مساقها العملي، أحسست برهبة ورغبة في آن واحد، الخوف من التجربة الجديدة، تبددت تلك المخاوف، لأجد طالبات مميزات، تميز يبدو من شغفهن لتلقي معارف في الإعلام، دراسة وممارسة، كنموذج هالة بشير التي تستند على صوت عذب، عذوبة الكتابة والتحرير والمونتاج بالهاتف، في تطبيق عملي لصحافة الموبايل، أنجزت هالة عشرات الأعمال بذات الهاتف منذ عامين، ذلك ضمن المقررات العملية لقسم الإعلام، قسم يحاول تمليك الدارسين والدارسات المعارف الحديثة في المجال، الذي يشهد تحديثات مستمرة،) أمنيات ودعوات لأسرة الجامعة ولهالة وزملاءها وزميلاتها بالريادة والتميز مع جديد المشروعات في قادم السنوات.
(8)
من خلال تجربة راسخة لشبكة العيادات المجانية للوافدين بولاية النيل الأبيض، تمضي منظمة هيلث كير الطوعية بخطى واثقة، نحو تأسيس نموذج يحتذى به في توفير الرعاية الصحية المتكاملة للذين لا يملكون ثمن الفحص والتشخيص والدواء، إلى حملات التوعية الصحية، تخفيفا لمعاناة المتأثرين بالحرب في السودان، نثمن جهد الشركاء، مع أمنيات ودعوات ببلوغ أعلى مؤشرات الريادة والتميز.
(9)
بخطى واثقة تمضي جامعة الإمام المهدي في توفير بيئة تدريبية مناسبة تمكن طلاب وطالبات قسم الإعلام بكلية الآداب والعلوم الإنسانية من تلقي معارف حديثة في مجال الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني، إلى مفاهيم جديدة في عالم الإخراج الصحفي، ما قد يسهم في تقديم جيل مسلح بالعلم والمعرفة، وقادر على صنع التغيير على مختلف الصعد.
ومن تجهيزات القاعات، إلى استقطاب الكفاءات لإنتاج الصوتيات والمرئيات والرقميات، هكذا يحاول قسم الإعلام في ترتيب الزمان والمكان والأدوات، ما قد يمكن هؤلاء من إنتاج باقة منتقاة من برامج إذاعية وتلفزيونية وتصميمات صحفية، تزين الشاشات والموجات والمنصات.
ونقلا للتجارب العملية لقسم الإعلام، تخطط كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الإمام المهدي للمضي قدما في تنفيذ مشروعات تأهيلية لطلاب الأقسام الأخرى، ربطا للدراسات النظرية بأخرى تدريبية، تمكن الطالبات والطلاب من استيعاب المواد والاستعداد للإنخراط في سوق العمل عقب التخرج.
ومن طرائق حديثة في الإخراج الصحفي ومفاهيم جديدة في إنتاج المحتوى الرقمي وصناعته عبر الهاتف النقال، وصولاً إلى التعرف
على أساسيات إنتاج الرسالة الإعلامية، هكذا يصبح قسم الإعلام بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الإمام المهدي، نموذجا يحتذى به في ربط الإنتاج النظري بالتطبيق العملي، ما قد يسهم في تقديم جيل قادر على صنع التغيير على الصعيدين، الإقليمي والدولي.
وبمثل هذه البرامج المهمة لهؤلاء الطلاب، قد تصبح جامعة الإمام المهدي في قادم السنوات قبلة لمحبي عالم الإعلام، دراسة وممارسة.
(10)
أجتهد في إنتاج مادة مرئية عن مجمل رحلتي مع عالم الإعلام ، دراسة وممارسة، من إنتاج للصوتيات والمرئيات والرقميات، فكتابة محتوى، ثم تدريس جامعي، وتدقيق لغوي، ثم إدارة ملفات الإعلام، لتستمر الرحلة، هو أرشيف سمعي وبصري، لملامح من تجارب صحفية تناهز الربع قرن من الزمان، داخل السودان وخارجه، دراسة وممارسة، نسأل الله تعالى لنا ولكم، التوفيق والتميز، مع جديد المشروعات في قادم السنوات.
*صحافي سوداني  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: لقسم الإعلام طلاب وطالبات

إقرأ أيضاً:

متعهد أمني أميركي يفضح “مؤسسة غزة الإنسانية”

#سواليف

كشف متعهد أمني أميركي -لموقع زيتيو– تفاصيل وخفايا عمل الشركات الأميركية العاملة بتوزيع المساعدات في غزة ضمن برنامج “مؤسسة غزة الإنسانية” وتحدث عن مشاهداته في التعامل غير الإنساني مع الفلسطينيين الساعين للحصول على المساعدات، ودور جيش الاحتلال في الأمر برمته.

وإلى تفاصيل ما تحدث عنه المتعهد والذي أخفى الموقع هويته لتجنيبه المضايقات والاستهداف:

أنا واحد ضمن مئات المتعهدين الأمنِيّين الموجودين في غزة لتوفير الأمن ضمن البرنامج الجديد لمؤسسة غزة الإنسانية المدعومة من الولايات المتحدة. انضممت بسبب عرض لمهمة جيدة بأجر جيد عبر شركة تدعى UG Solutions.

مقالات ذات صلة خبير عسكري: إسرائيل لن تتحمّل استمرار الضربات الإيرانية بهذه القوة 2025/06/14

لم يتم تزويدنا بأية معلومات تقريبًا. وأُخبرت بأني التحقت بالوظيفة قبل يومين فقط من موعد المغادرة. وكان كل شيء في اللحظات الأخيرة.

وعندما وصلت إلى واشنطن في 16 مايو/أيار، تلقّينا عرضًا أكثر تفصيلاً. وكان علينا توفير الأمن لمراكز توزيع المساعدات في غزة. وكان يتم التأكيد على “إذا كان هناك شخص يريد أن يحمل سلاحًا بسبب شغفه بالقتال، فعليه أن يجمع أغراضه ويعود إلى منزله، لأن مهمّتنا هي المساعدة”. وكان هذا التقديم مرضِيًا بالنسبة لي.

وفي اليوم التالي، غادرنا نحو الشرق الأوسط. وكان مجموع أفراد مجموعتنا يقارب 300 شخص من خلفيات مختلفة، أفراد سابقون في القوات الخاصة، عسكريون سابقون في الوحدات القتالية، أفراد لم يخدموا إطلاقًا في الجيش، بالإضافة إلى أفراد عملوا في تطبيق القانون. وكان بعضهم متقدّماً جداً في السن. وكان هناك نقص في الأفراد بالشركة، وكان يتم تجنيد أيّ كان دون تدقيق كافٍ.
إعلان

1:51

يعرض الآن

01:51
تعرف على مؤسسة غزة الإنسانية
تعرف على مؤسسة غزة الإنسانية
التالي
00:23
مباشر على شاشة الجزيرة – انفجار ضخم في تل أبيب
مباشر على شاشة الجزيرة – انفجار ضخم في تل أبيب
42:13
مسار الأحداث (2025/6/12)
مسار الأحداث (2025/6/12)
11:52
النشرة الاقتصادية (2025/6/12)
النشرة الاقتصادية (2025/6/12)

04:27 مداخلة مراسل الجزيرة في طهران نور الدين الدغير مداخلة مراسل الجزيرة في طهران نور الدين الدغير

ولقد كان الحصول على العتاد صعبًا جداً. ولم تكن هناك بدلة عسكرية كافية للجميع. ولم يتم توفير منظار للتسديد على أسلحتهم (مثل النقاط الحمراء التي تساعد على التهديف). وكان السلاح بحدّ ذاته محطّ تساؤل. وتسلم كلٌّ منا سلاحًا هجوميًا (مثل AR) بالإضافة لمسدس صغير. ولكن لم يتم التحقق أبداً ما إذا كان أفراد الأمن يتقنون التعامل مع هذه الأسلحة حتى أن بعضًا منا تسلم أسلحة آلية.

وفي وقت لاحق، تسلم أفراد آخرون أسلحة غير مميتة مثل رذاذ الفلفل والقنابل الصوتية. ولكن لم يتم التحقق أبداً مما إذا كان أفراد الأمن يعرفون كيفية استخدامها بشكل صحيح. وعلى أيّ مسافة يجب أن ترمي القنبلة الصوتية؟ وأين يتمّ رشّ الفلفل؟ ولأيّ مدَّى؟ ولم يخبروا أحدا بهذا إطلاقًا.

ونتحدث هنا عمن يتعامل مع مجموعات مدنية محرومة حتى من الماء، ونحن على أهبة التجهّز لمهاجمتهم برذاذ الفلفل؟ لمَ؟ هؤلاء لم يأتوا إلا لتلقي المساعدات التي كان يجب أن نعطيها لهم. وكان هذا غير منطقي إطلاقًا.

ولم يكن نقص التحقق من استخدام السلاح المشكلة الوحيدة. فقد كان أفراد الأمن المتقدمون للتعاقد يفتقرون للتدريب الثقافي -وهو أمر مهم للتواصل مع السكان المدنيين في مثل هذه الأوضاع- بما في ذلك أولئك الذين لم يسبق لهم أن تم نشرهم عسكريًا.

حتى أن هؤلاء لم يتم إتاحتهم للتأكد من قدراتهم على النوم والراحة. وكان العمل يتم على مناوبة مدّتها 12 ساعة -4 مجموعات عمل يتبعها يومان إجازة- لكنّ في الحقيقة كان يصل العمل في بعض الأوقات إلى 20 ساعة دون توقف ولا إجازات على الإطلاق.

وكان يقال لنا إنّ مهمّتنا تتّبع القانون الدولي، لكن لم يتم أبداً تحديد تلك القوانين أو التفاصيل التنظيمية. وكان التوجيه الواضح يتمثل في أنك اذا شعرت بخطر على نفسك، يحق لك الدفاع الذاتي وهو ما ترك مساحة واسعة للتفسير.
إعلان

وهكذا كان هناك أفراد يفتقرون إلى الفهم الثقافي والخبرات العملياتية، بالإضافة إلى ضعف التحقق من قدراتهم على التعامل مع السلاح في منطقة اليائسين التي يحتاج أبناؤها إلى المساعدات. وكان هناك احتمال أن تسير الأمور إلى أسوأ ما يتصور أحد، وهو ما حدث بالفعل.

فوضى عارمة

في اليوم الأول -وهو اليوم التالي على وصول مجموعتي رسميًا- كان المكان في حالة فوضى كاملة. وكان عند بوابة التقديم صفوف يتضمن أحدها الأطفال والنساء على جهة، وفي الأربع الأخرى كان هناك رجال. وكان يتم إدخال الناس على مجموعات صغيرة (5، 10، 20) حسب ما كان ممكناً في تلك الفوضى. وكان الترتيب سيئًا جداً، وكان الناس يتزاحمون ويسقطون بسبب التدافع. وفي النهاية، كان الازدحام عند البوابات يتزايد حتى انهارت.

وتراجع أفراد الأمن بسبب الفوضى تاركين الناس تتناول موادّ الإغاثة. ولم يبدِ الناس أيَّ عدوان علينا إطلاقًا -كان هدفهم الوحيد أن يصلوا إلى تلك المساعدات التي تتكون في الغالب من الدقيق والأرز والعدس والأكياس الصغيرة للشاي والنودلز- وهي مواد تتطلب الماء. ولكن لم تكن هناك مياه متوفّرة إطلاقًا.

وقد تراجع أفراد الأمن مرة أخرى إلى محيط أبعد. وعند تلك المرحلة، بدأ بعض الأفراد بإطلاق عيارات تحذيرية في الهواء.

ثم تراجعوا مرة أخرى. وبينما كان الجمع يتدفق على المكان، تلقّينا الأوامر بدفع الناس خارج المكان، حتى لو كان هناك أفراد ما زالوا يلتقطون موادَّ إغاثية من الأرض.

واصطففنا في خط واحد ودفعنا الناس للتراجع. وكان هناك نسوة تبكين بسبب محاولتهنَّ أن يلتقطنَ طعامًا لأطفالهنّ دون أن يتمكَّنَّ من ذلك. لقد كان هذا أبشع منظرٍ على الإطلاق.

وكان أحد أفراد الأمن -وهو الأول الذي أطلق طلقة تحذيرية- كذلك الأوَّل في استخدام القوة البدنية مع فلسطينيّ كان يلتقط موادَّ إغاثية على الأرض، فقد دفعه بقوة حتى أسقطه على الأرض.

إن فكرة أنَّ الجيش الإسرائيلي غير متدخل محض هراء. لقد كان متدخلاً بالفعل. وكان له مكاتب ضمن مقارّ شركتنا. وكُنَّا نتقاسم معه التردَّدات اللاسلكية في التواصل. وكان القادة يصرّحون بأنَّ الجيش غير متدخل، لكنه كان في الحقيقة يقف خلف الكواليس. وكان على مقربة منا -على بُعد بضع مئات الأمتار- هناك القناصة التابعون له بالإضافة إلى الدبابات التي تطلق نيرانها على مدار اليوم.

لقد كان ما تبع تلك الفوضى مذهلاً. ولم يتم توزيع طعام على أفراد الأمن ضمن تلك المناوبة التي تستمرّ لساعات طوال. وكان يتم إعطاؤهم بدلاً ماليًا لكي يشتروا ما يريدون في إسرائيل، لكن لم تكن تتسع الأوقات للتسوق ولا النوم. وكان بعض أفراد مجموعتي يتناولون موادَّ إغاثية كان الناس يتركونها على الأرض.

فخ إغاثي؟

لقد علق في ذهني موقف واحد: كنا نرصد موقعًا فارغًا على مدار اليوم. وفي وقت لاحق -بعد حلول الليل- وصلت شاحنات محمَّلة بالمساعدات الإنسانية. ثم أذاع الجيش الإسرائيلي عبر الراديو أنَّ 200-300 مدني يقتربون على بُعد كيلومترين تقريبًا نحو تلك المنطقة.

ولاحقًا، لاحظنا طائرة إسرائيلية دون طيار تتجه نحو المكان. ثمّ تبع ذلك إطلاق مدفعية على تلك المنطقة.

فهل كان التفسير حسن النيَّة؟ ربَّما كان الإسرائيليون يطلقون نيران التحذير لتفادي وصول الناس. ولكن هذا أبعد ما يكون على الأرجح. وفي النهاية، تطلق الدبَّابات نيرانها على مدار اليوم في محيط تلك المواقع. ويطلق القنَّاصة النار من أبنية كان يشغلها في السابق الأطباء في أحد المستشفيات، والنيران والقنابل تتساقط وتتجه نحو الفلسطينيين.

ونعلم أنَّ الجيش الإسرائيلي يفرض بالفعل حظر تجوال في بعض أجزاء غزة. ولا أستبعد أن يتمَّ تسريب تلك المساعدات في الليل على وجه التعمَّد لجذب الناس للخروج لتلقِّي تلك المساعدات، فيعتبرون عندئذٍ مقاتلين ويطلق النار عليهم.

وعلى أيَّ حال، يستغلّ الجيش أيَّ ذريعة للتأكد أنَّ هؤلاء يشكّلون خطراً على أمنه. وفي غياب الوجود الدولي للإعلام في تلك المناطق -وفي ظلّ فقدان مصداقية الإعلام الفلسطيني في عيون الغرب- يتمّ طمس الحقيقة. وفي الأثناء يتواصل إطلاق الدبَّابات والنيران والقنَّاصة دون انقطاع، دون أيّ إطلاق نار في الجهة الثانية.

وفي البداية كان توزيع المساعدات محفّزًا للتفاؤل. وكان بإمكانِي أن أبكي بسبب عبارات الشكر التي كان يطلقها الفلسطينيون “شكراً.. نحبّ أميركا”. ولكن هذا لم يستمر.

وينبغي أن أكون واضحًا: لم تكن عندِي أيّ انحياز. فأنا أبغض المعاناة الإنسانية وأكره استمرارها. وكان كلّ ما أردت أن أفعله هو أن أقدم المساعدة. ولكن ما نفعله -هذه الشركات الأميركية والمتعهدون الأمنيّون- يزيد الألمَ والخراب ويؤدّي إلى المزيد من المعاناة والقتل في صفوف الفلسطينيين في غزة.

مقالات مشابهة

  • كشتة من الزمن الجميل
  • العصائب تنضم للكتائب وتهدد امريكا: ارواحنا فداء لنائب الامام المهدي
  • السجن موضوعًا ثقافيًا
  • أطراف الزمن
  • الزمن
  • وسائل إعلام إيرانية: أضرار كبيرة باستهداف محيط قاعدة الإمام المهدي
  • متعهد أمني أميركي يفضح “مؤسسة غزة الإنسانية”
  • متعهد أمني أميركي يفضح مؤسسة غزة الإنسانية
  • فتح باب التسجيل في المخيم المهني
  • مجلة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية تحقق تقدما ملحوظا فى تصنيف قاعدة سكوبس الدولية