تعز بين الفوضى والأمن المفقود.. جريمة قتل تفضح عجز السلطات المحلية
تاريخ النشر: 7th, January 2025 GMT
تواجه السلطة المحلية في المناطق المحررة بمحافظة تعز انتقادات شديدة بسبب فشلها المتكرر منذ اندلاع الحرب إثر انقلاب مليشيا الحوثي الإرهابية في سبتمبر/أيلول 2017. ويبرز هذا الفشل بشكل خاص في الجانب الأمني، حيث تصاعدت معدلات الجريمة، وعلى رأسها جرائم القتل، التي غالباً ما يتمتع منفذوها بحماية السلطة، أو يكونون جزءاً منها.
وقد أصبحت المناطق المحررة في تعز نموذجاً سلبياً في إدارة الأمن مقارنة ببقية المناطق المحررة، مما أدى إلى تآكل الثقة بين المواطنين والسلطات المحلية. يأتي ذلك في ظل استمرار عجز الحكومة عن استكمال تحرير المحافظة التي لا تزال بعض مديرياتها تحت سيطرة ميليشيا الحوثي.
جريمة منظمة
من أبرز الحوادث التي تعكس تدهور الوضع الأمني، مقتل المواطن سيف محمود الشرعبي على يد الجندي في محور تعز، وليد كامل عبد الرقيب، المعروف بـ"وليد شعلة".
الحادثة التي وصفها حقوقيون بأنها "جريمة منظمة" تكشف إخفاق السلطة المحلية والقيادات العسكرية في معالجة القضايا الأمنية.
وقعت الجريمة مساء الإثنين 30 ديسمبر/كانون الأول 2024، حين أقدم الجندي على اقتحام منزل الضحية في حي المسبح بمدينة تعز، وقتله أمام عائلته، بعد مشادة بشأن سلوك الجاني الذي كان يجلس لساعات طويلة بجوار جدار منزل الضخية، يمضغ القات ويطلق أعيرة نارية عشوائية، مروعاً النساء.
ورغم مناشدات ابنة الضحية، الصحفية غدير الشرعبي، للأجهزة الأمنية بالقبض على الجاني وتقديمه للعدالة، إلا أن الأخير لا يزال طليقاً بعد مرور عشرة أيام على ارتكاب الجريمة.
قيادة السلطة المحلية، ممثلة بمحافظ المحافظة، أعلنت عن ضبط 13 شخصاً يشتبه في تورطهم بالتستر على الجاني، مشيرة إلى استمرار الحملة الأمنية لضبط الجاني. لكن مصادر حقوقية وصفت هذه التصريحات بأنها مجرد محاولات لامتصاص غضب الشارع، خاصة مع تحول القضية إلى "رأي عام".
وأشارت المصادر في حديثها لوكالة "خبر" إلى أن عجز السلطات عن القبض على الجاني -أو تواطؤها معه- يعكس فشلها المستمر في حماية المواطنين، الذين يعانون منذ سنوات من الانتهاكات، بما في ذلك السطو على الأراضي، والاغتيالات، والاغتصاب، والقتل المباشر.
دعوات للتغيير
من جانبها، اتهمت الكاتبة والناشطة الحقوقية، ألفت الدبعي، الأجهزة الأمنية بالتواطؤ في الجريمة، معتبرة أن استمرار إفلات الجاني من العقاب دليل على ضعف القيادات الأمنية والعسكرية، وطالبت بإقالتهم فوراً.
الناشط رامز المقطري ذهب إلى أبعد من ذلك، متهماً قيادة محور تعز بالتورط المباشر في الجريمة. وطالب بتسليم القائد العسكري محمد الجعشني، المتورط في التستر على الجاني، إلى السلطات الأمنية.
وبحسب مصادر حقوقية، فإن هذه الجريمة ليست سوى حلقة في سلسلة طويلة من الجرائم التي تشهدها المحافظة منذ بدء الحرب في 2015.
وتؤكد المصادر أن هذا الواقع يعكس فشلاً حكومياً في إدارة السلطة المحلية، ويؤدي إلى زيادة الفوضى التي يتحمل المواطنون وحدهم تبعاتها.
وغالباً ما تبرر السلطة المحلية فشلها بحالة الحرب، متجاهلة أن العديد من المناطق المحررة الأخرى تشهد استقراراً نسبياً. وبذلك، تجد السلطة نفسها في موضع إدانة بسبب تقصيرها المستمر.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
كلمات دلالية: المناطق المحررة السلطة المحلیة على الجانی
إقرأ أيضاً:
أسواق غزة تفضح رواية الاحتلال: مجاعةٌ تتفاقم وغلاءٌ ينهك السكان
#سواليف
يعيش أهالي #غزة واقعًا مريرًا في ظل تفشي #المجاعة، والنقص الحاد في السلع الأساسية، وسط ارتفاع جنوني للأسعار. أجساد هزيلة أنهكها #الجوع، ووجوه شاحبة تخفي آلام العوز، بينما يواصل #الاحتلال عبر إعلامه الترويج لمزاعم إدخال ” #مساعدات_إنسانية ” إلى القطاع.
في جولة قصيرة بين الأسواق، تتضح حقيقة #الوضع_المأساوي، وتتكشف زيف الروايات التي يروج لها #الاحتلال. البسطات شبه فارغة، ولم تعد تزخر بما كانت عليه سابقًا؛ إذ تشحّ #البضائع ويتلاشى التنوع.
في سوق “أبو إسكندر” الشعبي بمدينة غزة، بلغ سعر كيلو الدقيق ما بين 10.8 إلى 13.5 دولارًا، بينما قفز سعر كيلو الأرز والبرغل إلى 16.2 دولارًا، وسعر كيلو الفلفل بلغ 21.6 دولارًا، والطماطم (البندورة) وصلت إلى 27 دولارًا، أما السكر فقد اختفى من الأسواق، وإن وُجد، تجاوز سعر الكيلو الواحد 100 دولارًا. هذه #الأسعار تعكس صورة سوداوية، وسط غياب شبه تام للعديد من السلع الأساسية، في مشهد يناقض تمامًا ما يروّج له الاحتلال من مزاعم حول “انفراجة إنسانية”.
مقالات ذات صلةيقول المواطن أحمد سلمان: “أُصبتُ بالصدمة عندما علمت أن سعر كيلو الطحين بلغ 13.5 دولارًا. نسمع يوميًا عن دخول كميات من الطحين، لكننا لا نرى منها شيئًا. كيلو واحد لا يكفي أسرتي ليوم واحد. حتى الخبز لم يعد متوفرًا، ونحن لا نأكل غيره”.
ويضيف : “عندما سمعت عبر الإعلام عن دخول #مساعدات، اعتقدت أن هناك بوادر انفراجة تُمكننا من توفير الدقيق لأطفالنا الجوعى، لكن للأسف، نسمع جعجعة ولا نرى طحينًا”.
سلمان، وهو أب لخمسة أطفال، يروي بحسرة: “الخضروات أصبحت من الكماليات، والفواكه لم نذق طعمها منذ أكثر من ستة أشهر. أطفالي ينامون جوعى، يحلمون برغيف خبز، ونحن نحلم ألا نستيقظ على مزيد من الجوع والعجز”.
ولا يختلف حال أحمد سلمان كثيرًا عن أم أحمد شنن، التي كانت تتجول بين بسطات الخضار والطحين والبقوليات، وتقول: “نزلتُ إلى السوق بعد سماعي عن دخول مساعدات، لكن الواقع كان صادمًا. لم تنخفض الأسعار، بل ارتفعت بشكل جنوني”.
وتضيف: “لا أدري ماذا أشتري لأطفالي. المبلغ الذي أملكه لا يكفي لشراء دقيق وخضار ووجبة تسدّ جوعهم. الخضروات نادرة، وأسعارها خيالية”.
وتتساءل في حديثها مع “قدس برس”: “من يستطيع شراء فواكه في غزة؟ من يملك أن يدفع 54 دولارًا ليشتري كيلو مانجو أو تفاح؟ نحن نكتفي بالنظر إليها وهي معروضة على طاولات الباعة”.
وتؤكد: “نحن لا نستطيع حتى التفكير في شراء ما يُعرض في الأسواق. هذه ليست مساعدات، بل عروض للأثرياء وسط ركام الجوع”.
وبعد شهور من حصار خانق تسبب في كارثة إنسانية، أعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، صباح الأحد الماضي، السماح بدخول مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة عبر عمليات إسقاط جوي وممرات مؤقتة.
لكن على أرض الواقع، المشهد مختلف تمامًا. على بسطة خضار، تقف أم العز الهسي تسأل البائع عن سعر كيلو البطاطا، فيجيب: 17.5 دولارًا، فتتراجع مصدومة وتتمتم: “فقط 17.5؟ على أساس إنها مساعدات، فأين هي؟”.
وتقول: “مع إعلان الاحتلال عن دخول المساعدات، ظننا أن الأسعار ستنخفض، لكنّها ارتفعت أكثر من قبل، وكثير من السلع اختفى كليًا”.
وتضيف: “ما يحدث هو سياسة ممنهجة. الاحتلال لا يسعى لوصول الطعام لكافة شرائح المجتمع، بل يعمل على إبقاء الأسعار مرتفعة. ما نراه هو إدارة مقصودة للمجاعة، خاصة بعد الضجة العالمية حول الجوع في غزة”.