لبنان أمام مفترق طرق...هذا ما سيحصل إن لم يُنتخب رئيس للجمهورية
تاريخ النشر: 8th, January 2025 GMT
قد يكون هذا اليوم الذي يسبق الجلسة الانتخابية المنتظرة من أهمّ التواريخ في الحياة السياسية اللبنانية. فهذا اليوم بساعاته الـ 24 المتواصلة كحلقات متصلة بالمصير الرئاسي هو نقطة فاصلة بين الماضي والحاضر والمستقبل. عليه يتوقف ما ستؤول إليه اتصالات الربع الساعة الأخير قبل أن يتواجه نواب الأمة مع ضمائرهم أمام صندوقة الاقتراع.
في هذا النهار ستُرسم خارطة الطريق، التي تبدأ بخطوة أولى ستليها حتمًا خطوات مكمّلة. ومن خلال المسار الذي ستسلكه هذه الجلسة يتقرّر ما يمكن أن يكون عليه الوضع في لبنان. فإمّا أن يتصاعد الدخان الأبيض من مدخنة البرلمان فيؤذن لخطوات استلحاقية، وإمّا تدور صندوقة الاقتراع من دون أن تحمل أوراقها اسم الرئيس المنتظر، والذي ستلقى على كتفيه أعباء ومسؤوليات كثيرة. ولأن هذه المسؤوليات هي بثقل الجبال فإنه من المفترض أن تكون كتفا الرئيس الموعود عريضتين، وذلك لكي يستطيع أن يتحمّل ثقل ما سيُلقى عليهما.
وعليه، فإن من ليس له قوة تحمّل سيسقط اسمه تلقائيًا من خانة المرشحين المحتملين والقادرين على انتشال البلاد مما تتخبط به، وإن على مراحل، بالتعاون بالطبع مع رئيس لحكومة انقاذ حقيقية يستطيع أن يشكّل حكومته بسرعة صاروخية. وكما أن المطلوب أن تكون كتفا رئيس الجمهورية قادرتين على تحمّل ما تعجز على حمله الجبال فإن المطلوب أكثر أن يكون رئيس السلطة التنفيذية المقبل في مستوى المرحلة الصعبة والخطيرة، وذلك استنادًا إلى ما مرّ به لبنان خلال هاتين السنتين، وهما الأصعب في تاريخ لبنان الحديث والقديم. وقد أثبتت التجربة أن من استطاع أن يفعّل الوزنات المعطاة له ويستثمرها في مكانها الصحيح على رغم هذا الكمّ الهائل من الصعوبات والمشاكل والأزمات مقدّر له أن يكون في طليعة الذين يقدرون على تحمّل مسؤولية الإنقاذ بالتفاهم مع الرئيس الجديد للجمهورية، وبالتنسيق التام مع مجلس النواب ورئيسه.
فإذا كان المطلوب أن يُنتخب رئيس على مستوى التطورات الداخلية والإقليمية، وبالأخص بالاستناد إلى خبرته الميدانية في التعاطي الإيجابي والحاسم بالسهر على تنفيذ اتفاق وقف النار في الجنوب والتعامل مع ما يجري في سوريا من متغيرات بحكمة، فإن المطلوب أكثر أن يكلف رئيس الحكومة، الذي ستوكل إليه مهمة استكمال تذليل صعوبات السنتين الأخيرتين. فمن نجح في تحمّل المسؤولية بكل جرأة واقدام يوم تخّلى عنها كثيرون رفضوا أن يحرقوا أصابعهم بكرة النار، التي تلقفها من استطاع أن "يحارب" على أكثر من جبهة في آن، يستطيع أن يتشارك في تحمّل مسؤوليات المرحلة المقبلة مع رئيس للجمهورية، الذي سينتخب حتمًا إن لم يكن في جلسة الغد ففي أي جلسة أخرى.
فالسيناريوهات لجلسة الغد باتت جاهزة بحيث أن ما كان يُعمل له من تحت الطاولة سيظهر إلى العلن بعد أن يكشف الجميع أوراقهم المستورة، فتتحوّل الجلسة إلى "لعبة" مكشوفة. فما كان مضمورًا ستكشفه أوراق الصندوقة الانتخابية، التي ستحمل اسم الرئيس العتيد. وإذا كان ثمة من يراهن على عامل الوقت فإن الظرف الحالي لا يسمح بمثل هذه المناورات، خصوصًا أن الأفرقاء الذين لا يزالون يحاولون "الرقص" على حافة الهاوية قد أصبحوا مكشوفين أمام المجتمع الدولي.
فإذا لم ينتج عن جلسة الغد انتخاب رئيس جديد للجمهورية فإن المفاجآت التي تنتظر اللبنانيين ستكون كثيرة، ومن بينها إبقاء لبنان في دائرة الخطر، مع استمرار ما يقوم به جيش العدو من استفزازات عبر خرقه المتواصل لاتفاق الهدنة قد تفضي إلى إعادة عقارب الساعة إلى ما وراء 27 تشرين الثاني الماضي.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
هدوء ما قبل العاصفة: الاقتصاد العالمي على مفترق طرق..!
شمسان بوست / متابعات:
في تحذير غير مسبوق، خفّض البنك الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي لعام 2025 إلى 2.3 بالمئة، وهو أدنى مستوى منذ 17 عاماً باستثناء فترات الركود، متوقعاً أن يشهد الاقتصاد العالمي أضعف أداء خلال السنوات السبع المقبلة منذ ستة عقود.
وجاءت الرسالة التحذيرية وسط احتدام الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، الولايات المتحدة والصين، والتي وصفها البنك بأنها تهدد بتكبيد الاقتصاد العالمي خسائر تصل إلى 1.5 تريليون دولار هذا العام.
وفي ظل هذه المعطيات القاتمة، أعلنت واشنطن وبكين عن هدنة تجارية مؤقتة تمتد حتى أغسطس المقبل، في محاولة لتخفيف حدة التوترات وإعادة ضخ بعض الأوكسجين في شرايين التجارة العالمية المختنقة. وتتضمن الهدنة تخفيف الولايات المتحدة لقيود تصدير أشباه الموصلات، مقابل استئناف الصين تصدير المعادن النادرة.
Nuveen: لا ركود عالمي في 2025 رغم التوترات التجارية لا ركود مرتقب ولكن التباطؤ مؤكد
وفي هذا السياق، قال فادي خوري، المدير العام ورئيس منطقة الشرق الأوسط في شركة Nuveen لإدارة الأصول، في حديث إلى برنامج “بزنس مع لبنى” على “سكاي نيوز عربية”، إن العالم يشهد “تلبكاً اقتصادياً مقلقاً”، لكن لا مؤشرات على ركود شامل حتى اللحظة. وأضاف:
“نتوقع في Nuveen أن يكون هناك تباطؤ اقتصادي، لكن لا نرجح حصول ركود عالمي. النمو في 2025 قد يقترب من 1 بالمئة فقط”.
ويرى خوري أن الحرب التجارية تبقى من أبرز العوامل الضاغطة على الأسواق، بالإضافة إلى التضخم المتسارع، وارتفاع عوائد السندات الأميركية طويلة الأجل التي بلغت 5 بالمئة، مما يزيد الضغط على الدين الأميركي ويخلق حالة من عدم اليقين في الأسواق.
الحرب التجارية تترك ندوباً على الاقتصاد العالمي
بحسب البنك الدولي، فإن 34 مليار دولار هي قيمة الخسائر التي تكبدتها الشركات العالمية خلال شهرين فقط من التصعيد التجاري بين بكين وواشنطن. كما ارتفعت تكاليف استيراد الألمنيوم والصلب في الولايات المتحدة بأكثر من 100 مليار دولار، بينما عانى قطاع السيارات الأوروبي من انهيار غير مسبوق في الطلب والإنتاج.
ويضيف خوري: “ارتفاع الرسوم الجمركية ينعكس بشكل مباشر على أسعار السلع والمواد الأولية المستوردة، ويؤدي إلى تآكل هوامش أرباح الشركات ويضعف الطلب”.
البيئة الحالية جعلت المستثمرين أكثر حذراً. فالعوائد المرتفعة على السندات تقابلها تقلبات حادة في أسواق الأسهم، حيث قال خوري: “الأسواق المدرجة أصبحت مرآة يومية للتقلبات، وأي خبر سلبي ينعكس فوراً على الأسعار”.
القطاع الوحيد المتماسك: سوق العمل الأميركي
رغم السحب القاتمة، هناك نقطة مضيئة واحدة في الاقتصاد الأميركي، بحسب خوري، وهي سوق العمل. فقد أضاف الاقتصاد الأميركي نحو 139 ألف وظيفة في مايو، في مؤشر على بقاء المحركات الداخلية في وضع تشغيل، ولو بوتيرة أضعف. كما أن أداء الشركات، وفقاً لنتائج أعمالها الأخيرة، لا يزال جيداً مقارنة بتقلبات الأسواق المالية.
الائتمان الخاص… البديل الصاعد في زمن الضغوط البنكية
وسط هذا المشهد المضطرب، تسلط الأضواء على الائتمان الخاص كبديل متنامٍ خارج قبضة البنوك التقليدية. ويشرح خوري أن حجم سوق الائتمان الخاص تضاعف ست مرات منذ عام 2010 ليصل إلى 2 تريليون دولار عام 2024، ومن المتوقع أن يبلغ 3 تريليونات دولار خلال أربع سنوات فقط.
ويضيف فادي خوري أن: “الائتمان الخاص ليس فئة جديدة، لكنه شهد طلباً متزايداً خلال العقد الأخير بسبب القيود المتزايدة على البنوك بعد أزمة 2008”.
يعتمد هذا النوع من التمويل على تقديم قروض مباشرة للشركات دون المرور عبر النظام المصرفي، وغالباً ما يكون مخصصاً حسب طبيعة المشروع ونموذج العمل، مما يتيح مرونة أكبر. ومن أبرز القطاعات المستفيدة: الرعاية الصحية، التكنولوجيا، البنية التحتية، والخدمات المالية.
المستثمرون الكبار يتجهون للائتمان البديل
وفق خوري، فإن صناديق التقاعد، الصناديق السيادية، وشركات التأمين أصبحت من أبرز المستثمرين في هذا النوع من الأصول، بفضل عوائد سنوية تصل إلى 10 بالمئة مقارنة بعوائد السندات التقليدية التي باتت محدودة نسبياً.
وأوضح أن: “المستثمرون في الشرق الأوسط، خاصة من العائلات الثرية والصناديق الحكومية، باتوا يفضلون الأدوات الاستثمارية البديلة بسبب استقرارها النسبي في فترات الأزمات، ومحدودية تعرضها للتقلبات اليومية”.
العقارات تعود للواجهة… ولكن بحذر
الائتمان الخاص لا يقتصر فقط على الشركات بل يمتد أيضاً إلى المشاريع العقارية. ويكشف خوري أن Nuveen بدأت بتمويل مشاريع عقارية مجدداً، مستفيدة من التراجع الكبير في أسعار العقارات العالمية منذ 2022.
وأكد: “القطاع العقاري دخل في مرحلة جديدة بعد التصحيحات، وهناك فرص جيدة حالياً لتمويل مشاريع نوعية بأسعار معقولة”.
الأسواق تنتظر… والرهان على أغسطس
تبقى الأنظار متجهة نحو أغسطس، حيث تنتهي الهدنة التجارية بين واشنطن وبكين، ومعها يتضح ما إذا كان الاقتصاد العالمي سيتنفس الصعداء أم يدخل دوامة جديدة من التصعيد والانكماش.
لكن فادي خوري يختصر المشهد بالقول: “كل المؤشرات الحالية تدل على تباطؤ لا مفر منه، ولكن لم نصل إلى حافة الهاوية بعد. الأسواق تحتاج إلى استقرار سياسي وتجاري أكثر من أي وقت مضى”.
بين هدنة مؤقتة وتحذيرات مؤسسات كبرى، يجد الاقتصاد العالمي نفسه في مرحلة دقيقة، تتطلب أكثر من مجرد تصريحات تهدئة لتجاوز موجات القلق التي تعصف بالأسواق.
ومع أن خطوة التهدئة بين واشنطن وبكين توفر نافذة صغيرة للأمل، فإن هشاشتها تفرض على المستثمرين وصنّاع القرار الاستعداد لسيناريوهات أكثر تعقيدًا.
وكما أشار فادي خوري بوضوح، فإن المستقبل الاقتصادي لا يمكن بناؤه على توافقات مؤقتة، بل على التزامات راسخة تعيد ضبط ميزان التجارة العالمية وتحصّن الأسواق من الاضطرابات المقبلة. فالعالم ينتظر أفعالًا لا أقوالًا، وخططًا استراتيجية لا توقفًا مؤقتًا لعاصفة تتسع رقعتها يومًا بعد يوم.