يمانيون/ تقارير

بشكل يومي تطالعنا الصحافة الغربية والعبرية بكم هائل من التحاليل السياسية والتقارير العسكرية عن طبيعة وتداعيات المواجهة مع اليمنيين، يحاول الكتّاب -وغالبيتهم خبراء وقادة سابقين-استشراف مآلات المواجهة ونهايتها، ويجمع الكل – تقريباً على حالة إرباك غير مسبوقة تعيشه دوائر صناعة القرار في أمريكا، وتستعرض انعدام خيارات التعامل وتلاشي الفاعلية وتآكل الأدوات أمام استثنائية التحدي اليمني وصعوبة التغلب عليه.

 

فورين بوليسي: “الحوثيون لا يتراجعون”

نشرت صحيفة فورين بوليسي تحليلاً معمقاً يسلط الضوء على فشل الولايات المتحدة في مواجهة التحدي اليمني، بعنوان “الحوثيون لا يتراجعون”.

التحليل المشترك أعده كل من بيث سانر، وهي نائبة مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية السابقة وجنيفر كافاناج، وهي مديرة التحليل العسكري في مؤسسة أولويات الدفاع. النائبة السابقة لمدير المخابرات الأمريكية وهما شخصيتان وازنتان يقدمان شهادتيهما بعد عام من المواجهة الأعنف التي تخوضها القوات الأمريكية وحلفائها مع القوات المسلحة اليمنية، واستهلتا التحليل بالقول: “إن مهمة الولايات المتحدة لردع الحوثيين وإضعافهم لا تعمل. ولم تتآكل عمليات الحوثيين وطموحاتهم.”

وبحسب الكاتبتين فإن من أسمتهم الحوثيون هم العضو الوحيد في محور المقاومة الذي ظهر منذ 7 أكتوبر أقوى وأكثر جرأة.

ولفت التحليل إلى أن عمليات البحر الأحمر أدت إلى استنزاف الجاهزية من خلال إجبار السفن وحاملات الطائرات التابعة للبحرية الأمريكية على تمديد الانتشار، مما أدى إلى إصلاحات تستغرق وقتًا طويلًا، وتقليص الأسطول المتاح، وتقصير عمر السفن، وقد تنفق واشنطن ما يصل إلى 570 مليون دولار شهريًا على مهمة فشلت في ردع اليمنيين.

وأشار التحليل إلى ان فوائد الأنشطة العسكرية الأمريكية ضد من أسماهم “الحوثيين” غامضة، فالتجارة الأمريكية لا تعتمد بشكل كبير على طرق الخليج، وقد تجنبت السفن التي تحمل العلم الأمريكي البحر الأحمر والمنطقة منذ عام، وأن حملة البحر الأحمر المتعددة الجنسيات فشلت حتى في جذب الدعم من معظم الحلفاء والشركاء أو تحقيق الهدف المعلن المتمثل في حماية حرية الملاحة، وهذا جعل واشنطن تبدو عاجزة في أحسن الأحوال.

ودعت نائبة مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية السابقة إلى دعم مساعي الجماعات اليمنية، خاصة الحكومة المعترف بها دولياً والتي تقف ضد “الحوثيين” حد تعبيرها.

وخلص التحليل إلى أن “الوقت حان لإنهاء حملة الجيش الأميركي في البحر الأحمر، لكن تجاهل ما أسماه بالتهديد “الحوثي” بالكامل سيكون غباءً إستراتيجيً.

 

وول ستريت جورنال: اليمن تحدٍ فريد

من جانبها، أقرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية بأن القوات المسلحة تشكل تحديا أمنيا فريدا ورئيسا بالنسبة للعدو الصهيوني، وأكدت أن العدوان الإسرائيلي، كما العدوان الأمريكي البريطاني لم يؤثر على العمليات اليمنية ولم يضعف اليمنيين، وفشل في وقف العمليات البحرية اليمنية المساندة لغزة.

وتضيف الصحيفة أن “الحوثيين الذين يطلقون الصواريخ بانتظام على إسرائيل، يمثلون مشكلة مستمرة، ولا توجد طرق واضحة للتعامل معهم” -حسب الصحيفة- رغم أن “تل أبيب” استهدفت ما تقول إنه البنية التحتية للطاقة والنقل التي يستخدمونها لأغراض عسكرية.

وتورد الصحيفة آراء بعض المحللين الذين يرون إن أفضل خيار أمام “إسرائيل” لإيجاد حل طويل الأمد للمشكلة التي يفرضها الحوثيون قد يكون التركيز على بناء تحالف إقليمي بقيادة الولايات المتحدة مع دول الخليج التي تتعرض أيضا للتهديد من عدوان الحوثيين المتزايد، مما قد يتطلب تنازلات إسرائيلية صعبة للفلسطينيين.

 

مواجهة اليمن بالنيابة

هذا وكانت وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية أوضحت أن إطلاق الصواريخ اليمنية يشكل تهديدا لاقتصاد العدو، كما أن الهجمات المستمرة تتحدى صورة “تل ابيب” كقوة عسكرية إقليمية مزعومة.

فيما نقلت صحيفة التلغراف البريطانية عن مصدر استخباراتي صهيوني قوله إن اليمن -ذو الانتاج العسكري الخاص- فاجأ “إسرائيل” وليس من السهل تحديد موقعه أو التعامل معه، معتبرة أن أكبر تحد يأتي من كونه ليس في مكان واحد بل منتشر في جميع أنحاءِ اليمن، وكشفت نقلا عن مصدر أمني إسرائيلي عن تعاون استخباراتي بين العدو الإسرائيلي وما اسماها بحكومة عدن المدعومة من السعودية، في إشارة إلى مرتزقة العدوان.

موقع “والا ” العبري دعا لأخذ اليمنيين على محمل الجد، معترفاً بأن كيان العدو يتكتم على تأثير الهجمات الصاروخية اليمنية التي باتت تهدد مواقع استراتيجية. فيما اعتبرت صحيفة “جورزالم بوست” العبرية أن مواجهة اليمنيين تشكل تحديات فريدة لـ “تل أبيب” وواشنطن، وأنهم عصيون على الكسر او التراجع.

وفي هذا السياق، اختصر مركز صوفان الأمريكي للأبحاث والدراسات الأمنية كل استنتاجات التقارير الغربية والصهيونية، بالتأكيد على أنه لا القوى العالمية ولا الإقليمية نجحت في ردع اليمنيين، حيث لا تزال السبل لردعهم بعيدة المنال.

نقلا عن موقع أنصار الله

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: البحر الأحمر

إقرأ أيضاً:

وقف ترامب الحرب ضد الحوثيين.. هل استراحة تكتيكيةٍ في حرب باتت تتجاوز جغرافيا اليمن؟ (ترجمة خاصة)

تساءلت صحيفة "ذا هيل" الأمريكية عن عملية وقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إطلاق النار في اليمن ضد جماعة الحوثي في السادس من مايو الجاري، وإعلانه استسلام الجماعة، لكنه في تناقض وصفته الصحيفة بالغريب حين أشاد بها وقال إنها تمتلك شجاعة وقوة في تحمل الضربات.

 

وقالت الصحيفة في تحليل للكاتب عمران خالد وترجمه للعربية "الموقع بوست" إن هناك أمرٌ مُثيرٌ للصدمة - وإن لم يكن غريبًا تمامًا - في إشادة رئيسٍ أمريكي بشجاعة قوةٍ قضى جيشه أسابيعَ في محاولة سحقها. لكن هذا هو المسرح الدبلوماسي لدونالد ترامب، الذي أشاد في وقتٍ سابقٍ من هذا الشهر بمقاتلي الحوثيين في اليمن لـ"قدرتهم الكبيرة على تحمّل العقاب" حتى مع إعلانه عن اتفاقٍ غير متوقع لوقف إطلاق النار مع الجماعة.

 

وأضافت أن هذا الاتفاق، الذي تم التوصل إليه بوساطةٍ عُمانية، يُوقف التصعيدَ الحادّ للضربات العسكرية الأمريكية وهجمات الحوثيين البحرية في البحر الأحمر. لكن السؤال الأهم هو ما إذا كان هذا وقف إطلاق النار أكثر من مجرد مهلةٍ تكتيكيةٍ في حربٍ تمتد الآن إلى ما وراء حدود اليمن.

 

وتابعت "لما يقرب من عقدٍ من الزمان، لم يكتفِ الحوثيون بالنجاة، بل ترسخت أقدامهم في المرتفعات الشمالية لليمن، ضد حربًا خاطفةً سعوديةً إماراتيةً مشتركةً مدعومةً - عسكريًا وسياسيًا - من واشنطن.

 

تناقض ترامب

 

وأردفت "في هذا الفصل الأخير، كانت عملية "الراكب الخشن"، وهي حملة أمريكية مكلفة بدأت في منتصف مارس، تهدف إلى إبعاد أو على الأقل ردع الحركة المدعومة من إيران عن استهداف الشحن الدولي والأصول البحرية الأمريكية. والنتيجة؟ إسقاط سبع طائرات أمريكية مسيرة، وفقدان طائرتين مقاتلتين، وإهدار أكثر من مليار دولار - دون أي مكسب استراتيجي ملموس".

 

"وهكذا، سحب ترامب كل شيء. ليس برشاقة إعادة التقييم الاستراتيجي، بل بصراحة توضح رؤيته العالمية القائمة على المعاملات بشكل مؤلم. أعلن أن الحوثيين قد حصلوا على فرصة. بمعنى آخر: لقد صمدوا أمام وابل القصف؛ لقد استنفدت خياراتنا. لكن ما يسمى بوقف إطلاق النار هو بالفعل دراسة متناقضة. بادئ ذي بدء، فهو يستبعد إسرائيل بشكل ملحوظ - وهي حقيقة لم تُزعج تل أبيب فحسب، بل كشفت عن صدع في المحور الأمريكي الإسرائيلي التقليدي" وفق التحليل.

 

 

يقول التحليل "من وجهة النظر الإسرائيلية، تفوح مناورة ترامب رائحة الخيانة. لم يكن هناك تشاور، ولا إنذار مسبق. في جوهرها، عندما تتعارض المصالح الأمريكية مع مصالح حلفائها، يصبح هؤلاء الأخيرون غير ضروريين. يجب أن يُثير هذا قلق ليس إسرائيل فحسب، بل الدول العربية أيضًا".

 

تراجع الثقة بواشنطن

 

وقال "قبل جولة ترامب الخليجية الأخيرة - التي شملت توقفًا في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر - أصدر الحوثيون تحذيرًا واضحًا: احذروا الثقة بأمريكا. مستشهدين بنمط واشنطن التاريخي في التخلي عن حلفائها، صيغت الرسالة بخطاب ثوري لكنها غارقة في الواقعية التي اكتسبتها بشق الأنفس. كما نشر محمد علي الحوثي على موقع X: "أمريكا، التي تخلت عن الشاه، ستتخلى عن إسرائيل وعملائها وحلفائها".

 

وحسب التحليل فإنها رسالة تحمل صدىً خاصاً في الرياض وأبو ظبي، اللتين راهنتا بموارد كبيرة - ومصداقية إقليمية - للحد من نفوذ الحوثيين. أما الإمارات، فعلى الرغم من عدائها القديم للحوثيين، فقد ترددت، بحسب التقارير، في دعم تصعيد واشنطن، وتجد نفسها الآن في مواجهة إعادة تقييم دبلوماسية متعثرة. أما قطر، البراغماتية دوماً، فقد رحبت بوقف إطلاق النار، لكن إيمانها بسلام دائم يبدو متردداً في أحسن الأحوال.

 

وزاد "ثم هناك إيران، التي لا يزال دورها في صياغة وقف إطلاق النار هذا غير مدروس. فبينما كانت طهران الراعي الرئيسي للحوثيين، تشير التقارير الآن إلى أن إيران ربما شجعت الجماعة على التفاوض بدلاً من التصعيد. وإذا كان هذا صحيحاً، فإنه يشير إلى حسابات استراتيجية أوسع: فإيران، التي تتأرجح حالياً بين المحادثات النووية وصراعات النفوذ الإقليمية، ربما رأت فائدة في تخفيف التوترات - مؤقتاً على الأقل".

 

بنظر الصحيفة الأمريكية فإن هذا يطرح سؤالاً جوهرياً: هل وافقت طهران على وقف إطلاق النار هذا كجزء من جهد أوسع نطاقاً لعقد صفقة مع واشنطن، أم أنها كانت تكتفي بالمراقبة من بعيد؟ ما لا يمكن إنكاره هو أن إيران تستفيد من إبقاء الحوثيين نشطين، لا سيما في الضغط على إسرائيل وطرق التجارة البحرية المرتبطة بالغرب.

 

وبشكل أعم، وفق التحليل لا يُشير وقف إطلاق النار هذا إلى السلام بقدر ما يُشير إلى الإرهاق. يبدو أن ترامب، المُروج الدائم لشعار "أمريكا أولاً"، قد أدرك أن عوائد الاستثمار العسكري في اليمن معدومة. لم تفشل الحملة الأمريكية في تحييد الحوثيين فحسب، بل ربما عززت مكانتهم - إقليميًا ورمزيًا. من وجهة نظرهم، فإن إجبار أقوى جيش في العالم على هدنة دون التنازل لإسرائيل ليس سوى انقلاب دعائي.

 

"ومع ذلك، قد يكون أي احتفال سابق لأوانه. فهذا ليس وقف إطلاق نار بالمعنى التقليدي، بل هو "ترتيب تكتيكي" - هدنة عابرة قد تنهار عند أول استفزاز. يقول التحليل وقد أوضح الحوثيون أنهم يحتفظون بحق استئناف الهجمات متى شاءوا. في الواقع، لقد صعّدوا بالفعل ضرباتهم ضد إسرائيل، مؤكدين أن اتفاقهم مع الولايات المتحدة مشروط وجزئي.

 

تفكك التحالفات الأمريكية

 

وتساءلت الصحيفة: إذن، أين يترك هذا الشرق الأوسط؟ في حالة من التقلب، كالعادة. قد يُقلل قرار ترامب مؤقتًا من الوجود الأمريكي في البحر الأحمر، لكنه لم يُسهم كثيرًا في دفع تسوية إقليمية أوسع. بل قد يُعمّق، في الواقع، تفكك التحالفات الأمريكية. لدى الدول العربية - التي تُحوط نفسها بالفعل بين واشنطن وبكين - الآن سببٌ أكبر للشك في موثوقية راعيها الأمني. إسرائيل، المعزولة والمُحاصرة بشكل متزايد، تجد مصداقية ردعها على المحك. وماذا عن الحوثيين؟ يخرجون، على الأقل في الوقت الحالي، بسردية مقاومة يتردد صداها أبعد من حدود اليمن".

 

وأفاد "على الطريقة الترامبية المُعتادة، يُسوّق وقف إطلاق النار على أنه انتصار للقوة. لكن وراء هذا التبجح تكمن حقيقة مُزعجة: إنه تراجع مُغلف بالتفاخر، وتوقف مؤقت في صراع لم ينتهِ بعد".

 

وخلصت صحيفة "ذا هيل" في تحلليها إلى القول "كما هو الحال مع العديد من قرارات ترامب في السياسة الخارجية، فإن الأمر لا يتعلق بالسلام بقدر ما يتعلق بالمظهر - يتعلق أكثر بالراحة المؤقتة منه بالحل الاستراتيجي. أما مسألة صمود هذا الترتيب، فهي خارج الموضوع. لقد غيّر وجودها بحد ذاته التضاريس. وفي ظل الحسابات الجيوسياسية المتقلبة للشرق الأوسط، يُعدّ هذا بحد ذاته تطورًا جديرًا بالمتابعة".


مقالات مشابهة

  • الحكومة اليمنية: الحوثيون يغامرون بمقدرات اليمن خدمة لأجندات إيران
  • الحكومة اليمنية: ''ما جرى في مطار صنعاء جريمة متعمدة ونحمل الحوثيين المسئولية''
  • إدانات واسعة لقصف مطار صنعاء وتدمير طائرات مدنية.. ومطالبات بمحاسبة الحوثيين لتعريضهم مصالح اليمنيين للدمار
  • وقف ترامب الحرب ضد الحوثيين.. هل استراحة تكتيكيةٍ في حرب باتت تتجاوز جغرافيا اليمن؟ (ترجمة خاصة)
  • صحيفة صهيونية: لماذا لم تستطع “إسرائيل” ولا الولايات المتحدة هزيمة اليمنيين في اليمن؟
  • وزير الدفاع: الحوثيون حولوا اليمن إلى منصة إطلاق وتجريب للصواريخ الإيرانية
  • الغارديان البريطانية: الضربات الجوية الأمريكية-الإسرائيلية على اليمن لم تضعف قدرات “الحوثيين”
  • هآرتس”: الهجمات “الإسرائيلية” فشلت في اليمن.. ومن الصعب إخضاع اليمنيين
  • مجلة أمريكية: شركات الشحن لن تعود للبحر الأحمر قبل انتهاء العدوان على غزة… والهيمنة الأمريكية تتآكل أمام صمود اليمن
  • الاتحاد العام للطلبة اليمنيين في ماليزيا يُحيي الذكرى الـ35 للوحدة اليمنية بفعالية وطنية مميزة في كوالالمبور