بيروت- بزيارة تعد الأولى من نوعها منذ 15 عاما، وصل رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، اليوم السبت، إلى العاصمة السورية دمشق، والتقى قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع في قصر الشعب، حيث تكتسب هذه الزيارة أهمية كبرى على الصعيدين السياسي والأمني، إذ تمثل بداية عهد جديد في العلاقات بين لبنان وسوريا في ظل تغييرات جذرية شهدتها المنطقة.

وحمل ميقاتي في زيارته ملفا دقيقا يركز على الأمن والإصلاحات الثنائية، ورافقه وفد رسمي ضم وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب، والمدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري، ومدير المخابرات في الجيش العميد طوني قهوجي، ونائب المدير العام لأمن الدولة العميد حسن شقير.

وخلال المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقد بعد اللقاء، قال الشرع إنه "من الضروري أن تكون هناك علاقات إستراتيجية طويلة الأمد مع لبنان، تستند إلى أسس صحيحة وسليمة"، مؤكدًا أن سوريا ستظل ملتزمة بالوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف اللبنانية، وأضاف "هناك العديد من القضايا التي يتم بحثها مع لبنان ومن أبرزها ضبط الحدود".

من جانبه، أكد ميقاتي أن المناقشات تركزت على تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، مبرزًا أهمية الحوار والعلاقات الودية التي تجمع الشعبين اللبناني والسوري، ولفت إلى أن "إعادة النظر في ملف اللاجئين السوريين في لبنان بات أمرًا ملحًا، بالنظر إلى الضغوط التي يشكلها هذا الملف على لبنان"، وأعرب ميقاتي عن ارتياحه لتفهم الشرع هذا الموضوع.

إعلان مرحلة جديدة

يلاحظ الأستاذ الجامعي علي مراد أن زيارة ميقاتي جاءت في توقيت حساس بالنسبة للمشهد اللبناني، إذ تزامنت مع انتخاب رئيس الجمهورية الجديد جوزيف عون، مما أعطى زخما لعجلة إعادة تكوين السلطة في لبنان بعد أكثر من سنتين من الفراغ، وقبل تكليف رئيس الحكومة، وهذا يعكس بداية نوع من الشرعية مع وجود رئيس للجمهورية، بالإضافة إلى أنها زيارة لرئيس مكلف.

وفي حديثه للجزيرة نت، يوضح مراد أن الزيارة تحمل طابعا من محاولات التسويق الدولي والإقليمي لميقاتي في مرحلة ما بعد التكليف، بهدف كسب تأييد النواب في جلسة يوم الاثنين المقبل.

ويضيف "من المهم أن نعلم أن ميقاتي كان يعتبر من الشخصيات القريبة من النظام السوري وحلفائه في لبنان –حركة أمل وحزب الله– لذلك تعتبر الزيارة خطوة نحو تعزيز العلاقات بين مكون سياسي لبناني لم يكن معارضا للنظام السوري السابق، مما يعكس وجود علاقة ثابتة بين البلدين بغض النظر عن من يتولى السلطة في كل منهما".

من ناحية أخرى، اعتبر مراد أن الزيارة التي تمت بالطائرة تحمل دلالة أخرى على عمق العلاقة بين لبنان وسوريا، حيث تكرس هذه الزيارة العلاقة الرسمية بين البلدين.

أما بالنسبة للنتائج المتوقعة، فيشير إلى وجود العديد من القضايا العالقة بين لبنان وسوريا، أبرزها تعزيز الاعتراف المتبادل بسيادة واستقلال كل من البلدين، وعدم التدخل في شؤونهما الداخلية، وقد تجلى ذلك في تأكيد رئيس الجمهورية اللبنانية في خطاب القسم على أهمية العلاقات الندية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول".

كما يشير الأستاذ الجامعي إلى وجود عدة ملفات أخرى مثل قضية المعتقلين، وضبط الحدود، وإعادة النظر في اتفاقيات التعاون بين البلدين، بالإضافة إلى ملف اللاجئين وضمان عودتهم إلى بلادهم، ومسألة ترسيم الحدود البرية والبحرية.

كما تظل قضية مزارع شبعا قضية إشكالية، حيث يعتبر الموقف الرسمي اللبناني أنها أرض لبنانية، رغم بعض الأقاويل غير المؤكدة عن وجود اعتراف ضمني لبناني بالسيادة السورية على هذه المنطقة.

إعلان

ويختتم بقوله إن هذه الملفات تشير إلى "تركة من الالتباسات التاريخية والهواجس المتبادلة بين البلدين على المستويين الشعبي والمؤسساتي، وهي مسؤولية يتحملها بشكل رئيسي النظام السوري السابق".

ويضيف "مع ذلك تمثل هذه الزيارة خطوة نحو فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، حيث إن وجود مسؤولين أمنيين مرافقين لرئيس الحكومة يعكس الأولوية الأمنية التي تحظى بها العلاقة في هذه المرحلة".

زيارة دبلوماسية

ومن جانبه، يربط رئيس تحرير صحيفة "اللواء" صلاح سلام زيارة الرئيس ميقاتي إلى دمشق اليوم بمضمون خطاب القسم للرئيس جوزيف عون، الذي أكد فيه أهمية العلاقة الودية مع سوريا وضرورة معالجة الملفات العالقة بين البلدين، ومن أبرز هذه الملفات، وفقا لسلام:

معرفة مصير اللبنانيين المعتقلين في السجون السورية. عودة النازحين السوريين إلى وطنهم. ترسيم الحدود البرية شرقًا والبحرية شمالًا بين لبنان وسوريا، خاصة في ظل الاهتمام المتزايد بملف الغاز والنفط في البحر الشرقي للمتوسط، والذي يمتد من مرسين في تركيا إلى غزة جنوبا.

ويشير سلام، في حديثه للجزيرة نت، إلى أن هذه الزيارة تُعدّ ذات أهمية خاصة، كونها أول اتصال رسمي بين بيروت ودمشق، "وليس فقط في عهد النظام اللبناني الجديد، بل منذ سنوات طويلة من القطيعة بين الحكومتين التي سادت خلال حكم الرئيس السابق بشار الأسد".

ويضيف سلام أن الهدف الأول من هذه الزيارة "ليس مراجعة معاهدة التعاون والتنسيق بين لبنان وسوريا، بل هو إلغاؤها، نظرًا لأنها كانت تعتبر مجحفة بحق لبنان، فالمعاهدة وضعت في ظل الهيمنة السورية السابقة على لبنان"، وأضاف "من المتوقع أن تُفتح ملفات عالقة على ضوء هذه الزيارة، حتى وإن كانت النتائج النهائية لن تُنجز خلال لقاء واحد أو في فترة قصيرة".

لكن الأهم -وفقا لسلام- أن تطرح هذه الملفات المعقدة على طاولة البحث بين البلدين، "خاصة أن العلاقات اللبنانية – السورية يجب أن تكون تكاملية، بما يتماشى مع الروابط العميقة والمصالح المشتركة التي تجمع الشعبين".

إعلان

كما يشير سلام إلى ملف مزارع شبعا الذي يعد إستراتيجيا وأمنيا بالغ الأهمية للبنان، "ويتطلب تأكيد السيادة اللبنانية على المزارع لضمان الحق القانوني والدستوري في المطالبة بانسحاب إسرائيل منها".

وذكر سلام أن إسرائيل تعتبر هذه الأراضي سورية إذ احتلتها خلال حرب يونيو/حزيران 1967، وهي تخضع بالتالي للقرار 242 وليس للقرار 425، أو القرارات اللاحقة المتعلقة بالاحتلال الإسرائيلي لأراضٍ لبنانية.

ويخلص سلام إلى أن زيارة ميقاتي تعتبر "خطوة إيجابية، تعكس حرص لبنان على تعزيز أمن واستقرار النظام الجديد في دمشق، وبناء علاقات متوازنة بين البلدين، كما تهدف إلى دعم التعاون المثمر على المستوى الرسمي بما يخدم مصالح الشعبين اللبناني والسوري".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات بین لبنان وسوریا بین البلدین هذه الزیارة إلى أن

إقرأ أيضاً:

العليمي يصدر أول توجيهاته لرئيس حكومة عدن الجديد بشأن هذه القطاعات الهامة

الجديد برس| أصدر رئيس المجلس الرئاسي اليمني الموالي للتحالف، رشاد العليمي، يوم الأحد، توجيهات باستئناف بيع قطاعات نفطية كانت محط خلاف مع رئيس حكومته السابق أحمد بن مبارك، وذلك بعد أيام فقط من إزاحة الأخير من منصبه. وجاءت التعليمات الموجهة لهيئة الاستثمارات النفطية باستئناف صفقة بيع القطاع “إس-5” في شبوة لشركة “جنة هنت” الأمريكية، بدلاً عن شركة “بترومسيلة” الحكومية. وكان بن مبارك قد أوقف هذه الصفقة سابقاً، مما أشعل أكبر أزمة بينه وبين العليمي، الذي يُتهم بالاستفادة من عمولات وامتيازات تقدر بملايين الدولارات. ويُعد القطاع النفطي المذكور أحد أهم القطاعات التي أثارت نزاعات بين العليمي وبن مبارك خلال أشهر إدارة الأخير للحكومة. ويأتي استئناف البيع بالتزامن مع تعيين رئيس حكومة جديد في عدن، وهو سالم بن بريك، المعروف بتوافقه مع خطط العليمي التوسعية. ويشير توقيت معاودة بيع القطاعات النفطية إلى أن قرار تعيين بن بريك كان يهدف بالأساس إلى خدمة مصالح العليمي وحاشيته، في خطوة تثير تساؤلات حول نوايا الإدارة الجديدة ومدى استقلاليتها في صنع القرار.

مقالات مشابهة

  • من السلاح إلى السياسة | تعرف على الحركات التي حلّت نفسها قبل العمال الكردستاني
  • من السلاح إلى السياسة | تعرف إلى الحركات التي حلّت نفسها قبل العمال الكردستاني
  • الرئيس عون أنهى زيارته الرسمية للكويت وعاد إلى بيروت
  • عون للأمير مشعل: أشكركم على الحفاوة التي عكست مدى محبتكم للبنان
  • تنطلق من الرياض.. ما هي الدول والملفات التي تتضمنها زيارة ترامب للخليج؟
  • حساب الخارجية الأمريكية بالعربية يغرّد عن زيارة ترامب للشرق الأوسط وأبرز الملفات التي ستناقش
  • ما حكم الأضحية إذا تبين حملها؟.. الأزهر يوضح
  • العليمي يصدر أول توجيهاته لرئيس حكومة عدن الجديد بشأن هذه القطاعات الهامة
  • حماوة بلدية اليوم في محافظتي الشمال وعكار.. ميقاتي: سأختار الأسماء الأفضل لطرابلس
  • عن زيارته للكويت.. هذا ما أعلنه عون