الطاقة المتجددة.. فرصة اقتصادية ومساهمة بيئية
تاريخ النشر: 12th, January 2025 GMT
تحتفل سلطنة عمان بمسيرة حافلة من الإنجازات في مجالات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر. هذه الإنجازات التي تسارعت خلال السنوات الماضية تعكس رؤية طموحة لقيادة حكيمة تهدف إلى تحقيق تحول مستدام يعزز مكانة سلطنة عُمان إقليميا وعالميا، ويمهد الطريق نحو اقتصاد أخضر متكامل ومستدام.
يستعرض هذا التقرير الإنجازات الرئيسية التي حققتها سلطنة عُمان في قطاع الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، مع التركيز على المشاريع الكبرى، والشراكات الدولية، والآفاق المستقبلية التي تؤكد التزام سلطنة عُمان بتحقيق التنمية المستدامة.
فمنذ تولي حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- مقاليد الحكم، وضعت سلطنة عمان استراتيجيات شاملة للتحول إلى الطاقة المتجددة. أحد أبرز هذه الاستراتيجيات كان التركيز على تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري والتوسع في استخدام مصادر الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والهيدروجين الأخضر. تمثل هذه الخطوات جزءا من «رؤية عُمان 2040»، التي تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة وضمان أمن الطاقة. وقادت وزارة الطاقة والمعادن هذه التحولات بفاعلية عالية، حيث أطلقت مشاريع عملاقة في الطاقة المتجددة، وأسست تحالفات وطنية ودولية لدعم البحوث والابتكار، وضمان استدامة الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.
مشاريع استراتيجية
شهدت سلطنة عمان تطورا ملحوظا في مجال الطاقة المتجددة، حيث باتت تقود مشاريع استراتيجية تعزز مكانتها الإقليمية كدولة رائدة في إنتاج الطاقة النظيفة. ومن بين أبرز هذه المشاريع، مشروع ظفار لطاقة الرياح، كأول مزرعة رياح ضخمة في دول مجلس التعاون الخليجي. يقع المشروع في جنوب سلطنة عمان بمحافظة ظفار، ويسهم في إنتاج طاقة مستدامة تخدم آلاف المنازل والشركات، مع تقليل الانبعاثات الكربونية ودعم جهود مكافحة تغير المناخ. ويُعد المشروع مثالا حيا على قدرة سلطنة عمان على تسخير مواردها الطبيعية لتحقيق الاستدامة.
وعلى الجانب الآخر، يمثل مشروع أمين للطاقة الشمسية نقلة نوعية في مجال الطاقة النظيفة، ويمتد المشروع على مساحة تعادل 480 ملعب كرة قدم بالقرب من منطقة نمر في محافظة الظاهرة، ويعتمد المشروع على تقنيات متطورة لتحقيق كفاءة إنتاجية عالية للطاقة الشمسية، إضافة إلى فوائده البيئية، ويحقق أيضا مكاسب اقتصادية مهمة من خلال تقليل الاعتماد على استيراد الطاقة التقليدية، مما يعزز الاقتصاد الوطني ويدعم تحقيق أهداف الاستدامة طويلة الأجل.
أما محطة عبري 2 للطاقة الشمسية، التي افتُتحت في يناير 2022، فتُعد نموذجا عالميا للاستدامة، وتلبي المحطة احتياجات عدد كبير من السكان من الطاقة النظيفة، مما يعكس التزام سلطنة عمان بتوفير حلول طاقة مستدامة، إلى جانب ذلك، ساهم المشروع في توفير فرص عمل للشباب العماني، حيث لعب دورا بارزا في بناء قدراتهم التقنية وتطوير مهاراتهم، ما يعزز مشاركة الكوادر المحلية في قطاع الطاقة المتجددة.
ودشنت «عُمان شل» أول محطة في مشروع قبس صحار للطاقة الشمسية بحجم 25 ميجاوات، والتي من شأنها أن تدعم الميناء والمنطقة الحرة في صحار في أهدافها المتعلقة بالاستدامة، إضافة إلى إبراز الفوائد المُحققة من استغلال الطاقة الشمسية في الاستخدامات الصناعية.
وتُعد هذه المحطة، المملوكة بشكل كامل من قِبل «عُمان شل»، أول مشروع للطاقة الشمسية لشل مصمم للنطاق الصناعي على مستوى الشرق الأوسط وسلطنة عمان. وتقع المحطة على مساحة 50 هكتارا داخل منطقة صحار الحرة في شمال سلطنة عمان، وتتكون من أكثر من 88.000 وحدة للطاقة الشمسية. ويتم نقل، ومن ثم استخدام، 100% من الطاقة المولدة من هذه المحطة من قِبل مصنع كبير لإنتاج سبائك الفيروكروم، مما يقلل من استخدام الطاقة الكهربائية المنتجة من حرق الغاز الطبيعي، ويُقلل أيضا من انبعاثات أكثر من 25 ألف طن من غاز ثاني أكسيد الكربون سنويا.
الحد من الأثر الكربوني
يمثّل مشروعا منح 1 ومنح 2 للطاقة الشمسية، اللذان تنفذهما شركة نماء لشراء الطاقة والمياه بولاية منح بمحافظة الداخلية، أكبر مشروع للطاقة الشمسية في سلطنة عمان، بتكلفة إجمالية بلغت حوالي 800 مليون دولار. وهو من المشروعات المهمة في قطاع الكهرباء، ويهدف إلى الحد من الأثر الكربوني وخفض الطلب على الغاز الطبيعي.
وتبلغ الطاقة الإنتاجية لمشروعي «منح 1» و«منح 2» للطاقة الشمسية حوالي ألف ميجاوات، عبر استخدام تقنية الطاقة الشمسية الكهروضوئية، وتصل مساحتهما الإجمالية إلى 14.5 مليون متر مربع وأكثر من مليوني لوح شمسي، كما يبلغ إجمالي طول الكابلات أكثر من 3000 كم، وستغذي أكثر من 120 ألف منزل. ومن المتوقع التشغيل التجاري لمشروع «منح 1» خلال الربع الأول من 2025، ومشروع «منح 2» في الربع الثاني من نفس العام.
وتُعد هذه المشاريع من المبادرات الرائدة في مجال الطاقة المتجددة، تأكيدا على التزام عُمان بالتحول إلى اقتصاد مستدام. ومن خلال هذه الجهود، لا تقتصر سلطنة عمان على تحقيق أهدافها البيئية فحسب، بل تسهم أيضا في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مما يجعلها في طليعة الدول التي تتبنى حلول الطاقة النظيفة على مستوى المنطقة.
الهيدروجين الأخضر
أسهمت الطاقة المتجددة في التركيز على اقتصاد الهيدروجين الأخضر، فالاقتصاد الهيدروجيني قادر على تعويض القيود التي تفرضها مصادر الطاقة المتجددة، لأن الهيدروجين يجعل الانتقال الطاقي الكامل ممكنا.
وتهدف سلطنة عمان لتأمين أكثر من ٥٠ ألف كيلومتر مربع من الأراضي المخصصة للاستثمارات في الهيدروجين الأخضر، والتي ستكون قادرة على توليد أكثر من عشرة أضعاف الطلب المحلي على الطاقة بحلول عام ٢٠٥٠.
وتتمثل الأهداف الاستراتيجية للانتقال نحو الهيدروجين في ضمان أمن الطاقة، وتنويع الاقتصاد، وربط الصناعات وخلق وظائف جديدة، والتخلص من الانبعاثات الكربونية للحفاظ على مستقبل مستدام، وإنشاء قطاعات هيدروجين أخضر ذات تكلفة تنافسية لأسواق التصدير، ودعم الابتكار وتطوير القدرات.
وتعزز سلطنة عمان مكانتها كوجهة عالمية رائدة في إنتاج الهيدروجين الأخضر، والوقود المستدام الذي يُعتبر محورًا رئيسيًا للتحول العالمي نحو الطاقة النظيفة. وفي ١٢ أغسطس ٢٠٢١، أطلقت وزارة الطاقة والمعادن تحالف «هاي فلاي»، وهو تحالف وطني يضم ١٣ مؤسسة من القطاعين العام والخاص، مثل شركات النفط والغاز والهيئات الأكاديمية كجامعة السلطان قابوس. ويهدف التحالف إلى دعم الإنتاج المحلي للهيدروجين النظيف، وتسهيل نقله محليًا وتصديره عالميًا، وتعزيز الابتكار والاستثمار في تقنيات إنتاج الهيدروجين.
ويبرز مشروع هايبورت الدقم كأحد المبادرات البارزة، حيث يقع المشروع في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، ويسهم في إنتاج كميات كبيرة من الهيدروجين الأخضر باستخدام الطاقة المتجددة، ويُعزز المشروع صادرات عُمان من الطاقة النظيفة ويدعم خطط سلطنة عُمان لتُصبح مركزًا إقليميًا للطاقة الخضراء.
ويستهدف مشروع عُمان للطاقة الخضراء إنتاج حوالي 25 جيجاوات من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح المتجددة، ومن المقرر استثمار هذه الطاقة في إنتاج أكثر من 1.5 مليون طن من الهيدروجين الأخضر الخالي من الكربون سنويًا. ويهدف مصنع الأمونيا في ولاية صلالة بمحافظة ظفار إلى إنتاج 1000 طن متري في اليوم من الأمونيا السائلة، وبلغت التكلفة الاستثمارية للمصنع نحو 463 مليون دولار أمريكي.
كما وقعت وزارة الطاقة والمعادن وشركة بي. بي. اتفاقيتي العمل الاستراتيجي وجمع بيانات الطاقة المتجددة لدعم مشروعات تنمية الطاقة المتجددة على مستوى عالمي وتطوير الهيدروجين الأخضر في سلطنة عُمان بحلول عام 2030. يُشار إلى أن شركة هايدروم تأسست في عام 2020 كمُخطط رئيسي لقطاع الهيدروجين الأخضر في سلطنة عُمان، ومنحت الشركة حتى أبريل 2024 ما يزيد على 2300 كيلومتر مربع من الأراضي لمشاريع إنتاج الهيدروجين الأخضر من أصل 50000 كيلومتر مربع. وبإجمالي استثمارات يتجاوز 49 مليار دولار أمريكي، تقود هايدروم استراتيجية الهيدروجين التي تُعد جزءًا من استراتيجية أوسع للطاقة تهدف إلى توفير طاقة مستدامة وآمنة وبتكلفة تنافسية لدفع عجلة النمو الاقتصادي في عُمان من خلال توطين وتنويع القطاع فضلًا عن تمكين البلاد من تحقيق الحياد الصفري الكربوني بحلول عام 2050.
الشراكات الدولية
إدراكًا لأهمية التعاون الدولي في تحقيق أهدافها، أبرمت سلطنة عُمان شراكات استراتيجية مع دول رائدة في مجال الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، ومن أبرز هذه الشراكات، في عام 2022، وقعت سلطنة عُمان مذكرة تفاهم مع نيذرلاند لتطوير مشاريع الطاقة الخضراء، بما يدعم الابتكار وتبادل الخبرات، ويعزز التعاون في مشاريع الطاقة المتجددة، مما يُعزز التكامل بين البلدين في هذا المجال الحيوي، مع المملكة العربية السعودية، والتعاون مع اليابان في تطوير تقنيات الهيدروجين الأخضر ووقود الأمونيا وتدوير الكربون.
وفي عام 2023، تم التعاون مع بلجيكا في دعم مشروع هايبورت الدقم وتعزيز صادرات الهيدروجين الأخضر، ومذكرة تفاهم في مجال التحول الأخضر مع كوريا الجنوبية، والتعاون مع جمهورية المجر في تطوير تقنيات الهيدروجين الأخضر منخفض الكربون، وتوقيع اتفاقية مع سويسرا لتطوير مشاريع الطاقة المستدامة وتبادل الخبرات في مجال الطاقة النظيفة.
وتشكل هذه الشراكات جزءًا من «رؤية عُمان 2040»، التي تسعى إلى تحويل سلطنة عمان إلى مركز عالمي للطاقة المستدامة، ما يجعلها نموذجًا يُحتذى به في المنطقة ويعزز قدرتها على مواجهة التحديات البيئية والاقتصادية.
وتضع سلطنة عمان أهدافا طموحة لتحقيق التحول المستدام، والتي تتمثل في تحقيق الحياد الكربوني عبر تقليل الانبعاثات والتوسع في استخدام الطاقة المتجددة، ورفع نسبة مساهمة الطاقة النظيفة إلى 50% بحلول عام 2050 من خلال مشاريع طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وتعزيز الابتكار من خلال تأسيس مراكز أبحاث متقدمة لدعم تقنيات الطاقة النظيفة، وتمكين الشباب عبر توفير آلاف الوظائف في مجالات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر.
وتمضي سلطنة عمان، مع هذه المشاريع والشراكات والأهداف المستقبلية، بثقة نحو اقتصاد مستدام يعتمد على الطاقة النظيفة، ترسخ جهودها مكانتها كدولة رائدة في تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة، مما يجعلها نموذجا عالميا يُحتذى به في مسيرة التحول الأخضر.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الطاقة المتجددة والهیدروجین الأخضر الهیدروجین الأخضر الطاقة الشمسیة للطاقة الشمسیة الطاقة النظیفة فی مجال الطاقة طاقة الریاح سلطنة عمان من الطاقة بحلول عام رائدة فی فی إنتاج من خلال أکثر من
إقرأ أيضاً:
خسائر اقتصادية واستياء شعبي جراء أزمة الكهرباء في إيران
طهران – تحوّلت أزمة انقطاع الكهرباء في إيران إلى كابوس يطارد المواطنين يوميا، لا سيما مع تسجيل درجات حرارة قياسية تجاوزت 50 درجة مئوية في بعض المحافظات الإيرانية، كما تتكبد القطاعات الصناعية خسائر جسيمة، وسط تساؤلات عن الأسباب وجدوی الحلول المطروحة.
ولدى إيران ثاني أكبر احتياطي غاز على مستوى العالم بعد روسيا، لكنها تعاني عجزا للاستهلاك المنزلي خلال فصل الشتاء، ما يدفع محطات الطاقة لاستخدام المازوت وينعكس سلبا على تلوث الجو، حتى اضطرت الحكومة إلى خفض إنتاجها لحماية البيئة، لكن القرار عمّق أزمة الكهرباء.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الصين تعتزم فتح أسواق السلع الأساسية لجذب الاستثماراتlist 2 of 2بغداد تقاضي "كردستان العراق" بشأن عقود غاز مع شركتين أميركيتينend of listقررت الحكومة، في بادئ الأمر، إغلاق المدارس والجامعات وتقليص ساعات العمل في القطاع الإداري مؤقتا بحثًا عن حل لأزمة عجز الطاقة، وذلك قبل الإعلان عن خطتها لترشيد استهلاك الكهرباء في ربوع البلاد مدّة ساعتين يوميا.
ومع ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الطلب على الطاقة، يأخذ مسار انقطاعات الكهرباء منحى تصاعديا في بعض المناطق، ما تسبب في تزايد الامتعاض الشعبي لتداعياته على الحالة الصحية لشريحة كبار السن والمرضى والرضع، فضلا عن عرقلته دوران عجلة الصناعات، في حين يحذر مراقبون من احتدام الأزمة خلال الفترة المقبلة.
يعتقد الباحث الاقتصادي علي كرطلائي أنه بالنظر إلى مسار انقطاعات الكهرباء في السنوات الأخيرة، ثمة مشكلة عجز الكهرباء في طريقها لتتحول بسرعة من مشكلة قابلة للحل إلى أزمة شاملة.
إعلانوفي مقال بعنوان "انفجار أزمة الانقطاعات على الأبواب" نشره بصحيفة "دنياي اقتصاد"، يسلط الكاتب الضوء على سبب أزمة الطاقة في البلاد ويرى أن تزايد الطلب على الكهرباء نتيجة طبيعية لنمو السكان وتطور التكنولوجيا وانتشار الصناعات الخفيفة والثقيلة في البلاد، لكنه يحذر من مغبة استمرار وتيرة اتساع الفجوة بين تراجع العرض وزيادة الطلب.
ويشير كرطلائي إلى أن وحدات إمداد الكهرباء ومنها محطات الإنتاج ومعدات النقل أمست بالية بسبب انعدام الاستثمارات خلال السنوات الماضية، متوقعًا أن يؤدي استمرار الوضع الحالي ليس فقط إلى اتساع نطاق الانقطاعات وإلحاق أضرار جسيمة بالصناعات الإنتاجية في البلاد، بل إحداث حالة استياء اجتماعي عميقة قابلة للتحول إلى أزمة.
خسائر ومعاناةيتسبب انقطاع التيار الكهربائي بمجموعة من المشكلات الأخرى في القطاع المنزلي، منها انقطاع خدمة الصرف الصحي، والاتصالات وشبكة الإنترنت بسبب الاعتماد على الكهرباء في تشغيل هذه المرافق وغيرها، حتى تحول الحديث عن المعاناة اليومية الناتجة عن أزمة الكهرباء إلى جزء ثابت في منصات التواصل الإيرانية.
ونظرًا إلى التداعيات السلبية لقطع الكهرباء على قطاع الإنتاج أثارت الأزمة الراهنة جدلًا في ما إذا كان القطاع الصناعي له الأولوية في سياسات تقنين الطاقة لمواجهة عدم التوازن، وهل يشكل إغلاق المصانع حلا مناسبا لسد عجز الكهرباء في الظروف الاقتصادية المتدهورة في البلاد؟.
في غضون ذلك، يلقي رئيس لجنة الصناعات والمناجم في البرلمان الإيراني رضا علي زاده، الكرة في ملعب الحكومة بالقول، إن "وعود المجلس الوزاري بعدم شمول المصانع بتقنين الطاقة وقطع الكهرباء لم تتحقق بعد"، معتبرا أن استمرار الوضع الراهن يشكل أحد أخطر التهديدات للاقتصاد الوطني لما يترتب عليه توقف خطوط الإنتاج.
ونقلت صحيفة "جام جم" الناطقة بالفارسية عن علي زاده قوله، إن قطع الكهرباء عن القطاع الصناعي يؤدي إلى إيقاف عجلة الإنتاج، وتقليص فرص العمل، وتراجع الصادرات، وخسارة الأسواق الخارجية وزيادة عجز الموازنة.
إعلان خسائر اقتصاديةمن ناحيته، ينتقد ممثل اتحاد أصحاب العمل في المجلس الوطني الأعلى للعمل، علي أصغر آهني تأثر القطاع الصناعي بالسياسات الحكومية لتقنين الطاقة، موضحا أن العديد من قطع الغيار تُتلف أثناء انقطاع الكهرباء، في حين لا توجد بدائل محلية لها بسبب الاعتماد على الاستيراد، ما يُفاقم معاناة العمال وأصحاب العمل.
ونقلت وكالة أنباء تسنيم عن آهني قوله، إن انقطاع الكهرباء تسبب في تعطيل 50% من طاقة المصانع في المدن والبلدات الصناعية المنتشرة في ربوع البلاد في الوقت الراهن، في حين أن أصحاب العمل يتحملون تكاليف تعادل 5 أشهر من الرواتب خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الإيراني، التي تزامنت وتقنين الكهرباء، بسبب ضرورة دفع المكافآت والرواتب وغيرها.
وفي ظل تضارب التقارير عن حجم الأضرار جراء أزمة الكهرباء، وضع الرئيس مسعود بزشكيان حدا للتقديرات بشأن الخسائر التي تكبدها الاقتصاد الوطني، مؤكدا أنها تجاوزت 3000 تريليون ريال إيراني (3.65 مليارات دولار) خلال العام الإيراني الماضي (انتهی في 21 مارس/آذار 2025).
وفي كلمته في المؤتمر الدولي التاسع للطاقات المتجددة، أوضح الرئيس الإيراني السبت الماضي، أن تركيز الحكومة ينصب على الطاقة النظيفة، مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية والنووية، موضحا أن التوجه المستقبلي هو الاعتماد على الكهرباء بدلا من الغاز للتدفئة والتبريد في المنازل.
وبينما تحدث بزشكيان عن ضرورة تطوير الألواح الشمسية ومعدات تخزين الطاقة، لأن هذه الطاقة لا تنضب ولا تسبب تلوثا، كشف أنه وفق البيانات الرسمية "نستهلك الكهرباء أكثر من 6 أضعاف الدول الأوروبية ويمكننا تصحيح هذا المسار إذا تعاون المواطنون معنا".
وفي ظل معاناة القطاعين المنزلي والصناعي جراء انقطاع الكهرباء، أدت الخطة الحكومية لمعالجة الأزمة إلى انقسام في الأوساط الإيرانية بين من يعتبر أن "الحديث عن استبدال الغاز بالكهرباء في الوضع الراهن ضرب من الخيال!" وآخر يرى في الخطة حلا جذريا للمشكلة.
إعلان خطة للحلمن جانبها، انتقدت صحيفة جوان المقربة من الحرس الثوري، الخطاب الحكومي في إلقاء اللوم على الشعب بسبب "استهلاكه المفرط للكهرباء"، موضحة أنه في ظل العجز الحاد للطاقة -كهرباء وغاز- وترسُّخ أنماط استهلاكية خاطئة، وتكرار انقطاع التيار عن المنازل والصناعات، فإن الحديث عن الاعتماد الكلي على الكهرباء بديلا يبدو غير منطقي في هذه المرحلة.
وكتبت الصحيفة، إن ما يحتاجه الناس اليوم، هو حلول عملية قائمة على معطيات الواقع الراهن، وليس اجترار مقاربات قديمة، ربما كانت مجدية في السابق، لكنها اليوم عاجزة عن حل المشكلة بل قد تكون عبئا إضافيا.
في المقابل، يدافع الخطاب الحكومي عن الفكرة انطلاقا من تفاقم أزمة تلوث الجو في فصل الشتاء بسبب استخدام الطاقة الأحفورية وتمتع البلاد بإمكانات هائلة لإنتاج الطاقة من ضوء الشمس والرياح فضلا عن أن توجيه الغاز إلی محطات إنتاج الكهرباء سيؤدي إلى رفع الإنتاجية وتصدير الفائض.
وبين هذا وذاك يستنتج الأكاديمي هاشم أورعي، أن فكرة استبدال الغاز بالكهرباء صحيحة من الناحية النظرية، لكنها غير عملية في الظروف الحالية بسبب غياب البنية التحتية والتكاليف الباهضة التي يتطلبها المشروع.
وفي تعليق نشره في صحيفة "ستاره صبح" يشير أورعي إلی أنه تم استثمار مليارات الدولارات في شبكة الغاز المنزلي خلال السنوات الماضية، وأن استبدال الأجهزة المنزلية التي تعمل بالغاز يتطلب استثمارات ضخمة ووقتا طويلا موضحا، أنه إذا تحول الاستهلاك المنزلي من الغاز إلى الكهرباء وقمنا بتصدير الغاز أو استخدامه لإنتاج الكهرباء، فسنحقق كفاءة أعلى عموما، لكن هذا غير قابل للتطبيق عمليا.