شكوك في جدوى طريق التنمية: الواقع أقوى من الطموحات
تاريخ النشر: 12th, January 2025 GMT
12 يناير، 2025
بغداد/المسلة: في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة العراقية لتحقيق رؤيتها عبر مشاريع ضخمة مثل “طريق التنمية”، تظل هذه المبادرة محاطة بالعديد من التساؤلات حول جدواها الحقيقية في السياق الاقتصادي والجيوسياسي الحالي.
و من المعروف أن العراق يمتلك موقعًا جغرافيًا مهمًا في الشرق الأوسط، لكن هذا الموقع، رغم أهميته الإقليمية، لا يمنحه ميزة كبيرة على الساحة العالمية.
دور محدود في التجارة العالمية
تشير الإحصائيات إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا تمثل سوى 3.2% من صادرات و2.8% من واردات السلع العالمية. في هذا السياق، يبرز النفط كعامل رئيسي، حيث يشكل نحو 53% من صادرات المنطقة. هذا يعني أن المنطقة ما زالت تعتمد بشكل كبير على صادرات الموارد الطبيعية، فيما تبقى مساهمتها في التجارة غير النفطية منخفضة. وبالتالي، حتى لو تحقق المشروع في العراق، فإن تأثيره على التجارة العالمية سيكون محدودًا جدًا.
و الحديث عن مشروع “طريق التنمية” يعيد طرح الأسئلة حول قدرة العراق على المنافسة مع جيرانه الأكثر استقرارًا اقتصاديًا وسياسيًا مثل الإمارات والسعودية. فهذان البلدان لديهما قدرات مالية ضخمة وأطر سياسية مستقرة، مما يجعل جذب الاستثمارات الكبرى أكثر احتمالًا.
وفي هذا السياق، يصعب على العراق أن يلعب دورًا محوريًا في مبادرة الحزام والطريق الصينية، حيث إن الممرات البرية التي يقترحها البعض لا تبدو ذات أهمية حقيقية في استراتيجية الصين الإقليمية والعالمية.
التحولات الجيوسياسية وأثرها على المشروع
الأوضاع الجيوسياسية في الشرق الأوسط تلعب دورًا محوريًا في تشكيل فرص أو تهديدات لمشاريع مثل “طريق التنمية”. فالعراق، في ظل بيئته الجيوسياسية المضطربة، قد يتأثر بشكل كبير بأي تغيرات في المعادلات الإقليمية. التأثيرات المحتملة لهذه الديناميكيات يمكن أن تكون غير متوقعة، مثلما أظهرت الأحداث الأخيرة في 7 أكتوبر، والتي كان لها تأثيرات خطيرة على ممرات التجارة الدولية. هذه التحديات تجعل من المشروع مسعى داخليًا أكثر منه مسعى إقليميًا أو عالميًا.
الهدف الأساسي: تطوير البنية التحتية
إن “طريق التنمية” في العراق ليس مجرد مشروع ممرات تجارية، بل هو في المقام الأول محاولة لتعزيز البنية التحتية وتحقيق ارتباط لوجستي واقتصادي مع تركيا. في هذا السياق، يبدو أن المشروع يعكس أولويات الحكومة العراقية في تعزيز قدراتها الداخلية قبل أن يتمكن من لعب دور إقليمي أو دولي كبير. قد يعزز المشروع من رأس المال السياسي والاجتماعي للعراق،
لكن لا ينبغي أن يُتوقع منه أكثر من مجرد تحسينات في الشبكة اللوجستية الداخلية.
دور إيران في المشروع
رغم التحديات التي قد تواجه المشروع، يرى البعض في إيران أنه يمكن أن يعزز من حصتها في شبكة النقل الإقليمية عبر ربط العراق وإيران بخطوط السكك الحديدية. هذه الرؤية قد توفر فرصًا لإيران لزيادة الترانزيت وتحقيق مكاسب اقتصادية، لكن المخاوف حول تقليص حصتها في التجارة الإقليمية قد تظل قائمة.
خلاصة
مشروع “طريق التنمية” في العراق هو أكثر من مجرد ممر تجاري، بل هو مشروع بنية تحتية يهدف إلى ربط العراق بتركيا وتعزيز استقراره الداخلي. ومع ذلك، لا يبدو أن للعراق دورًا كبيرًا في الخريطة الجيوسياسية الكبرى لمبادرة الحزام والطريق الصينية. في ضوء هذه المعطيات، يبقى هذا المشروع ذا طابع محلي وإقليمي أكثر منه مشروعًا عالميًا، ويحتاج العراق إلى أن يعزز استقراره الداخلي ويمتلك القدرة على جذب الاستثمارات قبل أن يأمل في تأثير أوسع.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: طریق التنمیة أکثر من
إقرأ أيضاً:
بدء تنفيذ طريق الشصر ـ بيثنه - الحشمان بولاية ثمريت بطول 86 كيلومترًا
العُمانية: بدأت وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات أعمال تنفيذ مشروع إنشاء طريق (الشصر – بيثنة - الحشمان) في ولاية ثمريت بمحافظة ظفار بطول يقارب 86 كيلومترًا، وبتكلفة إجمالية تبلغ نحو 9.5 مليون ريال عُماني.
ويأتي تنفيذ المشروع ضمن جهود الوزارة الرامية إلى تعزيز شبكة الطرق وتنمية الجوانب السياحية والاقتصادية والاجتماعية في مختلف ولايات محافظة ظفار، ودعم حركة النقل والخدمات في منطقة النجد الزراعية.
وقال المهندس سعيد بن محمد تبوك، مدير عام المديرية العامة للطرق والنقل البري بمحافظة ظفار لوكالة الأنباء العُمانية: إنّ الطريق يُعد من المشروعات الحيوية التي ستسهم في تحسين انسيابية الحركة المرورية، وخدمة المزارع المنتشرة في المنطقة، إضافة إلى دوره في دعم التنمية الشاملة وتعزيز الربط بين التجمعات السكانية.
وأوضح أن الطريق يمتد لمسافة 85.75 كيلومتر عبر منطقة منبسطة، ويربط بين نيابة الشصر ومنطقة بيثنه وصولًا إلى نيابة الحشمان، بما يحقق تقليلًا في زمن الرحلات وتنشيطًا للحركة الاقتصادية والسياحية والاجتماعية، فضلاً عن رفع مستويات السلامة المرورية.
وبيّن أن مسار المشروع يتكون من جزأين أساسيين؛ الأول يمتد من نيابة الشصر إلى منطقة بيثنه بطول 45.35 كيلومتر، في حين يشمل الجزء الثاني مسار "بيثنه – نيابة الحشمان" بطول 40.40 كيلومتر، مشيرًا إلى أن مدة تنفيذ المشروع تبلغ 24 شهرًا، ومن المقرر الانتهاء منه في أكتوبر 2027.
وأضاف تبوك: إن تنفيذ الطريق يجري وفق مواصفات فنية تشمل طريقًا بحارتين بعرض 7 أمتار، وأكتافًا أسفلتية بعرض نصف متر من الجانبين، وأكتافا ترابية بعرض 1.5 متر، إلى جانب تنفيذ منشآت لتصريف مياه الأمطار، وحمايات جانبية، وحواجز خرسانية، وتركيب العلامات الإرشادية.
الجدير بالذكر أن وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات تعمل على تنفيذ المشروع وفق معايير فنية وهندسية عالية، بما يسهم في توفير شبكة طرق آمنة وذات كفاءة، تتوافق مع متطلبات التنمية العمرانية والاجتماعية، وتدعم مستهدفات "رؤية عُمان 2040" في تعزيز البنية الأساسية وتطوير منظومة النقل المستدام.