ثمّن مختصون ومواطنون المكرمة السامية بإنشاء صناديق للزواج في جميع محافظات سلطنة عُمان التي تمثل خطوة مهمة لدعم الشباب الراغب في الزواج، مؤكدين على أثرها الاقتصادي والاجتماعي الكبير في زيادة النشاط التجاري ومعدلات الزواج وتقليل السلوكيات السلبية مثل العزوف عن الزواج والعنوسة، مشيرين إلى أنها خطوة نحو تعزيز الاستقرار الأسري وتقليل التكاليف

وتعزز من قدرة الشباب على تكوين أسر جديدة.

وقال الدكتور حمود بن خميس النوفلي أستاذ مشارك في قسم الاجتماع والعمل الاجتماعي بجامعة السلطان قابوس: المكرمة تأتي بعد مطالب مستمرة منذ أكثر من 15 عامًا، ومن المتوقع أن يكون لها تأثير إيجابي على المجتمع من خلال زيادة معدلات الزواج وتقليل السلوكيات السلبية مثل العزوف عن الزواج والعنوسة.

كما أشار النوفلي إلى أن الصندوق سيسهم في تحسين الظروف المالية للشباب من ذوي الدخل المحدود، الذين يعانون من صعوبة في الزواج بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة، بالإضافة إلى المساعدة في تجنب الاضطرابات المالية التي قد تؤدي إلى المشكلات الزوجية والطلاق، وأكد على ضرورة وضع نظام هيكلي منظم لهذا الصندوق لضمان تحقيق الأثر الإيجابي المرجو، سواء من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية، وتعزيز الروابط الأسرية والمجتمعية في عمان.

الأثر الاقتصادي والاجتماعي

وتطرق الدكتور حمود النوفلي في حديثه إلى الأثر الاقتصادي والاجتماعي الكبير لصندوق الزواج، مشيرًا إلى أن ارتفاع معدلات الزواج سيؤدي إلى زيادة النشاط التجاري في المجتمع، فكلما زادت الأسر، زاد الإنفاق، مما يعزز الحركة التجارية في قطاعات مثل العقارات وغيرها، كما يتوقع أن يسهم في زيادة عدد سكان سلطنة عمان، مما سيكون له تأثير إيجابي على تحريك الاستثمارات وتنمية القطاعات المختلفة. واعتبر أن زيادة عدد السكان يسهم في تزويد السوق بالعمالة الوطنية ويقلل من الاعتماد على العمالة الوافدة، وبالتالي تقليل تحويلات الأموال للخارج، مما يعزز الاقتصاد المحلي.

وعلى الصعيد الاجتماعي أشار النوفلي إلى أهمية تغيير الثقافة الاجتماعية المرتبطة بالزواج، فقد تسببت بعض العادات، مثل المغالاة في المهور والتفاخر بالمناسبات الكبيرة، في إعاقة قدرة الشباب على الزواج، مما رفع من التكاليف وأدى إلى عزوف الكثيرين عن هذه الخطوة، كما تحدث عن ضرورة التركيز على الفحص قبل الزواج، الذي يظل في كثير من الأحيان مهملًا، وهو ما يزيد من احتمالات إصابة الأطفال بأمراض وراثية أو عدوى من الأمراض المنقولة جنسيًا.

وأضاف أن قلة الوعي بالحياة الزوجية قد تؤدي إلى ارتفاع حالات الطلاق، والتي تترتب عليها مشكلات اجتماعية ونفسية خاصة على الأبناء.

أما فيما يتعلق بإدارة الصناديق أكد النوفلي على أهمية وضع نظام هيكلي دقيق وواقعي لإدارتها، مشيرًا إلى ضرورة الاستدامة المالية لهذا المشروع، موضحا أن المبلغ المخصص لكل صندوق ليس سنويًا، ولذلك يجب التفكير في كيفية تدوير هذا المبلغ أو استثماره بشكل يعظم الفائدة. كما أشار إلى أهمية وضع آلية تضمن استرداد المبالغ في حالة الطلاق خلال السنة الأولى من الزواج، وذلك للحد من هذه الظاهرة التي قد تكون ناتجة عن عدم نضج الطرفين في بداية الحياة الزوجية.

جمعية تيسير الزواج

وأوضح الدكتور حمود النوفلي أن هناك جهودًا مستمرة لتأسيس جمعية تيسير الزواج وهي في مرحلة الانتظار للإشهار، حيث تهدف الجمعية إلى تنظيم الصرف من صندوق الزواج وإقامة الأعراس الجماعية، بالإضافة إلى تقديم دورات توعوية وتثقيفية للشباب قبل الزواج، وذلك لتعزيز الاستقرار الأسري والحد من الضغوط المالية على المتزوجين.

وأكد النوفلي على أهمية وجود ضوابط واشتراطات واضحة لتنظيم استخدام الصندوق، وخاصة فيما يتعلق بالتأهيل والفحص قبل الزواج، والموافقة على المشاركة في الأعراس الجماعية، كما شدد على ضرورة وضع سقف للمهور ليكون مرشدًا للشباب وأسرهم للحد من المغالاة التي قد تعيق عملية الزواج، ويكون بمثابة أداة لتوجيه المجتمع نحو تقليل النفقات.

وأشار إلى أن دراسة أجراها على الشباب أظهرت رغبة قوية من الجنسين في خفض المهور وتقليص تكاليف الزواج، وهو ما يعكس وعي الشباب بأهمية مواجهة الظواهر الاجتماعية التي تسهم في رفع التكاليف، مؤكدا على ضرورة أن يتم وضع استرشادات للمهور لمساعدة المجتمع على مقاومة العادات والتقاليد التي قد تكون أقوى من القناعات الفردية، مما يسهم في تسهيل الزواج ويقلل من الضغط المالي على الأسر.

الفئات المحتاجة

وأوضح الدكتور حمود النوفلي أن صندوق الزواج يجب أن يركز على الشباب ذوي الدخل المحدود؛ لأن توزيع المبلغ على جميع الفئات لن يلبي احتياجات الجميع بشكل فعال، مشيرا إلى أنه في العام الماضي، بلغ عدد حالات الزواج في سلطنة عمان حوالي 17 ألف حالة، وإذا تم توزيع مبلغ 11 مليون ريال عماني على هذا العدد، فلن يحصل الشخص إلا على أقل من 650 ريالا عمانيا، وهو مبلغ غير كافٍ لدعم عملية الزواج بشكل ملائم.

مؤكدًا أن تخصيص الصندوق لفئة الشباب ذوي الدخل المحدود سيكون الخيار الأفضل، حيث إن هذه الفئة هي الأكثر حاجة للدعم المالي سواء لتيسير الزواج أو لتفادي الأعباء المالية التي قد تتسبب في وقوعهم في الديون، مما قد يؤدي إلى مشاكل اجتماعية ونفسية تؤثر على استقرارهم الأسري بعد الزواج.

مجتمع متماسك

من جهتها أكدت عائشة بنت عبدالله الكلبانية باحثة علم الاجتماع وعضوة بجمعية الاجتماعيين العمانية أن صناديق الزواج في سلطنة عمان هي من المبادرات الحكيمة التي تهدف إلى دعم الشباب العماني وتشجيعهم على الزواج وتكوين أسر مستقرة، وأوضحت أن هذه الصناديق تلعب دورًا محوريًا في تحقيق التوازن الاجتماعي والاقتصادي مما يساهم في بناء مجتمع قوي ومتماسك.

وأشارت الكلبانية إلى أن الهدف الرئيس من إنشاء هذه الصناديق هو تسهيل عملية الزواج للشباب العماني وتخفيف العبء المادي الذي يتحملونه عند الزواج، مما يجعل الزواج خيارًا واقعيًا لأكبر شريحة ممكنة منهم. كما بينت أن هذا الإجراء يهدف إلى تعزيز التماسك الأسري والمجتمعي، والحد من المشكلات الاجتماعية المرتبطة بتأخر الزواج مثل العزوف عن الزواج والعنوسة.

وفيما يتعلق بأهمية الصندوق على المستويين الاجتماعي والاقتصادي أكدت الكلبانية أن الصندوق سيساهم في تعزيز التماسك الاجتماعي من خلال تشجيع الزواج وتكوين الأسر، مما يساعد في تقوية الروابط بين أفراد المجتمع. كما سيساهم في الحد من المشكلات الاجتماعية مثل العنف الأسري والجريمة، من خلال تحسين الاستقرار الأسري. وأضافت أن الصندوق سيكون له دور في تنمية المجتمع المحلي عبر دعم الأسر الشابة وتوفير سكن مناسب لها، وبالتالي تحقيق التنمية المستدامة من خلال زيادة عدد المواليد وتوفير القوى العاملة المستقبلية.

كما أشارت إلى الفوائد الاقتصادية العديدة للصندوق مثل تنشيط الاقتصاد المحلي من خلال إنفاق الأموال على الزواج، مما يساهم في تحفيز قطاعات اقتصادية عدة مثل العقارات والمفروشات والحفلات. كما أن الزواج يعزز الإنتاجية حيث يشجع الأفراد على العمل بجد أكبر لتوفير حياة كريمة لأسرهم.

وفيما يخص تطوير الثقافة الاجتماعية حول الزواج أكدت الكلبانية أن الصندوق يمكن أن يسهم في تغيير النظرة إلى الزواج من عبء مادي إلى مشروع حياة، وتشجيع الزواج المبكر، بالإضافة إلى تنظيم حملات توعية لتعريف المجتمع بأهمية الزواج وتسهيل الخطوات المتعلقة به.

أهداف الصندوق

وأكَّدت عائشة بنت عبدالله الكلبانية على تطلعها أن يساهم صندوق الزواج في تحقيق عدة أهداف مهمة، من أبرزها توفير مساكن وقروض ميسرة للشباب المتزوجين حديثًا، وتقديم خدمات استشارية للأسر الشابة حول كيفية إدارة شؤون الأسرة. كما طالبت بتطوير برامج تدريبية للشباب المتزوجين حول الحياة الزوجية وتربية الأبناء، مما يعزز من استقرار الأسر ويقلل من المشكلات التي قد تواجهها في السنوات الأولى من الزواج.

وفيما يتعلق بتعزيز الوعي بأهمية الصندوق في المجتمع، أشارت الكلبانية إلى أهمية استخدام وسائل الإعلام المختلفة لنشر التوعية حول أهداف الصندوق وفوائده، كما يمكن الاستفادة من المؤثرين في المجتمع لنشر هذه الرسالة وتعزيز الوعي بين فئات الشباب.

وأضافت أن فكرة الصندوق جاءت لدعم الشباب ذوي الدخل المحدود من خلال تقديم قروض بدون فوائد أو بفوائد مخفضة، إلى جانب تقديم منح دراسية لأبناء الأسر الفقيرة وتوفير فرص عمل للشباب المتزوجين. واعتبرت أن صندوق الزواج يُعتبر استثمارًا في مستقبل الأجيال القادمة، ويساهم في بناء مجتمع عماني أكثر استقرارًا وازدهارًا.

و قدَّمت الكلبانية عدة اقتراحات أبرزها تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص لتوفير المزيد من الخدمات والتخفيضات على المنتجات والخدمات للشباب المتزوجين. كما أكدت على ضرورة تقييم الأثر الاجتماعي والاقتصادي لصندوق الزواج بشكل دوري، بهدف تحديد نقاط القوة والضعف لتحسين الأداء. وأوضحت أهمية أن يكون الصندوق مرنًا وقادرًا على التكيف مع التغيرات في الاحتياجات والظروف الاجتماعية والاقتصادية لضمان استدامته وفعاليته.

فرحة الشباب

وأعرب عدد من الشباب عن فرحتهم وسعادتهم بالمكرمة السامية التي ستسهم في تخفيف العديد من ضغوطات الزواج.

وقال علي بن محمد اليوسفي:"المكرمة السامية بإنشاء صندوق الزواج ستساعد في حل العديد من المشكلات المالية التي كانت تثقل كاهل الشباب، وستسهل لهم بداية حياتهم الزوجية على أسس سليمة، مشيرين إلى أن هذه المكرمة تؤكد حرص واهتمام المقام السامي ودعمه لكل ما يحقق تطلعات المواطنين، حيث كان عدد من الشباب يبدأون حياتهم الزوجية وهم مثقلون بالديون، مما يؤدي إلى شعورهم بالإحباط والضغط النفسي، لكن هذه المكرمة تأتي لتساعد في بناء أسرة سعيدة وتكوين جيل نافع للوطن".

من جانبها عبرت عبير بنت علي الريامية عن فرحتها بإنشاء صندوق الزواج، قائلةً: "سيحقق الصندوق العديد من الفوائد أبرزها الاستقرار النفسي للشباب، وتخفيف العبء المالي عليهم، مما سيشجعهم على الزواج، ولكن يجب أن ندرك أهمية الاستخدام الحكيم لهذه المكرمة، وعدم المبالغة في تكاليف الزواج، حيث إن الزواج هو رابطة اجتماعية ودينية مقدسة، وعلى الجميع المساهمة في تأسيسها على أسس قوية بعيدًا عن الإسراف".

أما راشد بن حميد العامري فقد أكد أن صندوق الزواج سيسهم في تخفيف التكاليف المالية المرتبطة بالزواج، مما يسهل على الشاب إكمال نصفه الديني، ويشجع على زيادة عدد المقبلين على الزواج، وأضاف أن هذه المنحة ستساعد على تحقيق الاستقرار الأسري، بعيدًا عن ديون الزواج التي قد يضطر بعض الشباب للاقتراض لتغطية مصاريف الزواج والمهر.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ذوی الدخل المحدود الاستقرار الأسری صندوق الزواج الدکتور حمود من المشکلات أن الصندوق على الزواج على ضرورة زیادة عدد یسهم فی من خلال التی قد إلى أن

إقرأ أيضاً:

الشباب والرياضة تطلق مركز القيادات الطلابية بجامعة جنوب الوادي

أطلقت وزارة الشباب والرياضة برئاسة الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة ، ومن خلال الإدارة المركزية لتنمية الشباب ـ الإدارة العامة للبرامج والأنشطة الجامعية و بالتعاون مع جامعة جنوب الوادي ،وذلك بقاعة المؤتمرات الكبرى بجامعة جنوب الوادي.

وأكد الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة أن هذا المشروع يُعد ثمرة جهود متواصلة بذلتها الوزارة لتمكين الشباب وتعزيز مشاركتهم في بناء المجتمع، إيمانًا منها بأهمية دور الشباب في بناء المجتمع ونهضته،  وسعياً منها في صقل مهارات القيادات الطلابية، وتعزيز قدراتهم على القيادة والتواصل الفعال، وتوعية الطلاب بأهمية المشاركة المجتمعية والسياسية، وغرس قيم المواطنة الصالحة والمسؤولية الاجتماعية لدى الطلاب.

وتمثل مراكز القيادات الطلابية قاعدة من القيادات الطلابية المتميزة في جميع الانشطة الطلابية بالجامعات والمعاهد المصرية تضم كل من البرامج والأنشطة التي تنفذها الوزارة داخل الجامعات والمعاهد المصرية بهدف توعية وإعداد وتأهيل القيادات الطلابية لاستثمار طاقاتهم وتفعيل دورهم في تنمية وتطوير المجتمع وخدمة نظائرهم من الطلاب بما يحقق تكامل أنشطة الوزارة والجامعات والمعاهد المصرية.

ويهدف المشروع القومي " مراكز القيادات الطلابية " إلى بناء شخصية الشباب المصري، توسيع قاعدة المشاركة الطلابية بأنشطة وبرامج وزارة الشباب والرياضة داخل الجامعات ، توعية وتدريب وتأهيل القيادات الطلابية بالجامعات والمعاهد المصرية، استيعاب أفكار الطلاب ومبادراتهم وحثهم على المشاركة في تنمية المجتمع.

و تتضمن خطة مراكز القيادات الطلابية بالجامعات لقاءات مفتوحة وحوارية ونقاشية في عدة موضوعات الانتماء والمواطنة والهوية المصرية، الذكاء الاصطناعي والتكنولوجي،  الصحة النفسية والاضطرابات السلوكية ( مفهوم تنظيم الاسرة - الانتحار الطلاق - الاتحاد - الشذوذ - المثلية - التعاطي والادمان )، التصدي للشائعات والأفكار والمفاهيم المغلوطة، المشاركة في الحياة العامة والسياسية - القيادة وصنع القرار، التنمية المستدامة والتحول للأخضر، يحاضرها علماء الفكر البارزين في المجتمع.

كما تتضمن خطة مراكز القيادات الطلابية بالجامعات ورش عمل متخصصة في مجالات الانشطة الطلابية بالجامعات - اللائحة الطلابية - الإدارة والقيادة - الحوكمة - التحول الرقمي والتسويق الالكتروني - ريادة الاعمال - العمل التطوعي وخدمة المجتمع - الذكاء الاصطناعي والتكنولوجي - الصحة العامة والانماط الغذائية) ويدير ورش العمل أساتذة متخصصين كلا في تخصصه ، بالاضافة إلي مسابقات ثقافية - علمية - فنية - رياضية.
 

طباعة شارك الشباب والرياضة وزارة الشباب والرياضة أشرف صبحي القيادات الطلابية جامعة جنوب الوادي

مقالات مشابهة

  • منع استيراد منتجات زراعية… خطوة نحو تعزيز الاكتفاء الذاتي في سوريا ودعم للمزارعين
  • مسؤول إماراتي: تعزيز التعاون مع شركات التكنولوجيا العالمية خطوة نحو التكامل الرقمي
  • البطالة والشباب وتعاطي المخدرات
  • الشباب والرياضة تطلق مركز القيادات الطلابية بجامعة جنوب الوادي
  • نواب بالبرلمان: مشروعات الطاقة المتجددة خطوة استراتيجية لتحقيق أمن الطاقة وتقليل الأعباء الاقتصادية
  • برلماني: تعزيز العلاقات مع بريطانيا يدعم جهود مصر لحماية الشعب الفلسطيني في غزة
  • حاكم إقليم النيل الأزرق يشيد بدور الإدارة الأهلية في تعزيز الاستقرار
  • الزواج بين مسؤولية الدولة والمجتمع
  • ليبيا وصندوق السكان يتفقان على تطوير برامج مشتركة لخدمة المجتمع
  • بمناسبة اليوم العربي.. ندوة متخصصة حول العمل التطوعي