اتجاهات مستقبلية
المؤثّرون ونشر المعرفة
انطلقت في دبي قمة المليار متابع، في نسختها الثالثة على مدى يومين، في الفترة من 11 إلى 13 يناير 2025، وهي أول قمة متخصصة بتشكيل اقتصاد صناعة المحتوى، والأكبر من نوعها عالميًا، وتقام برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وينظمها المكتب الإعلامي لحكومة دولة الإمارات على مدى ثلاثة أيام في أبراج الإمارات، ومركز دبي المالي العالمي، ومتحف المستقبل بدبي، تحت شعار “المحتوى الهادف”.
يُعرّف الوعي في اللغة عادةً بأنه إدراك الإنسان وفهمه لِما يحدث حوله، سواء كان ذلك في محيطه المباشر، أو على مستوى أوسع من الحياة والوجود. ويُستخدم المصطلح في سياقات متعددة للإشارة إلى قدرة الإنسان على التفكير والتفاعل مع الواقع المحيط بشكل واعٍ ومدرك.
تُعد عملية تشكيل الوعي عملية معقدة تتداخل فيها طرق وأدوات عدة تهدف إلى تطوير فهم الأفراد لمحيطهم، وتعزيز قدرتهم على التفكير النقدي، واتخاذ القرارات المستنيرة، تاريخيًا، يُعد التعليم ووسائل الإعلام إحدى الطرائق الرئيسية في تشكيل الوعي.
بيد أن ذلك شهد تحولًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، حيث انتقل من وسائل الإعلام التقليدية، مثل التلفزيون والصحف، إلى المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي. في السابق، كانت وسائل الإعلام التقليدية هي المصدر الرئيسي للمعلومات والآراء العامة، وقد لعبت دورًا محوريًا في تشكيل الوعي الجمعي من خلال الأخبار والبرامج والمقالات، التي كانت تخضع لإشراف صارم من الهيئات التنظيمية. لكن مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح لدى الأفراد القدرة على الوصول إلى المعلومات بسرعة وبتنوع أكبر من خلال المؤثرين، الذين يمتلكون جماهير ضخمة على منصات مثل “يوتيوب”، و”إنستغرام”، و”تويتر”. هؤلاء المؤثرون أصبحوا مصدرًا رئيسيًا للمحتوى الذي يوجّه الوعي حول مواضيع متنوعة، بدءًا من القضايا الاجتماعية والسياسية، وصولًا إلى الصحة والترفيه.
لكن هذا التحول يثير العديد من المخاوف والتحديات. أولاً، قد تكون المعلومات التي يقدمها المؤثرون غير دقيقة أو مشوهة؛ نظرًا لأنهم غالبًا ما يعبرون عن آراء شخصية، أو يتبنَّون أجندات معينة قد لا تكون موضوعية، فضلًا عن أن غياب الرقابة والتنظيم على المحتوى المنشور يسهم في انتشار الأخبار الكاذبة والشائعات. ثانيًا، قد يؤدي التركيز على المؤثرين إلى تعزيز الاستهلاك السطحي للمعلومات؛ ما يقلل من قدرة الأفراد على التفكير النقدي وفحص الحقائق. ثالثًا، يطرح هذا التحول تساؤلات حول تأثير المؤثرين في السلوكيات الجماعية، خاصة لدى الشباب، الذين قد يتأثرون بشكل كبير بما يروج له هؤلاء الأشخاص؛ ما يؤدي إلى تشكيل وعي قد يكون بعيدًا عن الواقع أو قد يشوهه.
من هنا، تأتي أهمية التوافق العالمي على استمرار النقاش العام العالمي حول “المحتوى الهادف”، وهو ما تتبناه قمة المليار متابع في نسختها الثالثة.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
أبرز خمس اتجاهات تدفع الحقبة القادمة من الذكاء الاصطناعي الوكيل في جميع أنحاء المنطقة
يواصل الذكاء الاصطناعي الوكيل التطور، فقد أصبح أكثر من أداة دعم بل زميل عمل قادر على التفكير والتصرف وتنفيذ مجموعة من المهام متعددة الخطوات. تتمتع منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمكانة فريدة لدفع عجلة هذا التحول وذلك بفضل معايير الخدمة العالية وأجندات التحول الرقمي الوطنية. سجّلت دولة الإمارات العربية المتحدة أحد أعلى معدلات تبني الذكاء الاصطناعي في العالم، في هذه البيئة المشجعة، تعمل يانغو تك على تشكيل الأطر التي تعمل بها أنظمة الذكاء الاصطناعي الوكيل وكيفية عملها في بيئات المؤسسات، مما يُمهد الطريق لخمس اتجاهات ستُحدد مشهد الذكاء الاصطناعي الوكيل في عام 2026.
1. الصوت يُصبح البوابة الرئيسية للخدمات
يكتسب الصوت أهمية بالغة خاصة وأنه يعكس الصوت كيفية تواصل الناس بشكل طبيعي ويُقلل من الاحتكاك في البيئات التي تعتمد على الخدمات بشكل كبير. هذا الأمر مهم بشكل خاص في دولة الإمارات العربية المتحدة لما تتمتع به من مزيج لغوي فريد، حيث ينتقل العملاء بين اللغتين العربية والإنجليزية ويتوقعون الدقة الثقافية للهجات والتفاعلات الرسمية. تبادر المؤسسات بتبني أنظمة الذكاء الاصطناعي الوكيل القادرة على تفسير هذه الإشارات وتعديل اللغة واللهجة في الوقت الفعلي. تشهد قطاعات الخدمات المصرفية والطيران والضيافة والخدمات الحكومية والتأمين إقبالاً مبكّراً على هذا التبني، حيث تُعدّ الثقة والسرعة أكثر أهمية. وبما أن الصوت أصبح الواجهة الأساسية، سيتم التعامل مع جودة المحادثة باعتبارها عنصراً أساسياً في تجربة العملاء.
2. الحكومات تُرسّخ الذكاء الاصطناعي في صميم عملياتها
تدفع استراتيجية الحكومة الرقمية لدولة الإمارات العربية المتحدة الخدمات العامة نحو تحقيق سرعة ودقة أكبر وتمكين الوصول لها بسلاسة أكثر، مما يُسرّع الحاجة إلى تفعيل أطر عمل أتمتة من الجيل التالي. يُدير الذكاء الاصطناعي الوكيل مهام سير عمل متعددة الخطوات كانت تتطلب في السابق مشاركة الفِرَق الكبيرة، بدءً من استفسارات المواطنين ومراجعة الوثائق إلى تحليل السياسات وتبسيط الوصول إلى البيانات والمعارف المؤسسية. يُقلّص البحث المُدار بالذكاء الاصطناعي وقت استرجاع الوثائق بما يصل إلى ثلاثة أضعاف، بينما تُقلّل أنظمة المراجعة الآلية المعالجة من أيام إلى دقائق. ومع تزايد حجم التصاريح والتراخيص والخدمات الاجتماعية، تُعطي الحكومات الأولوية للأنظمة الدقيقة القابلة للتطوير. يُمثّل كل ما سبق تحوّلاً جذرياً من تقديم الخدمات التفاعلية إلى عمليات استباقية قائمة على البيانات، وتتنبّأ باحتياجات المواطنين لتلبيتها على أفضل وجه.
3. اعتماد الرعاية الصحية على الذكاء الاصطناعي الوكيل للارتقاء بالكفاءة
تحتاج أنظمة الرعاية الصحية إلى اتخاذ قرارات أسرع دون المساس بالدقة، ومع ذلك، يُستخدم حوالي 3% فقط من بيانات الرعاية الصحية بفعالية، نظراً لصعوبة معالجة الأنظمة القديمة للبيانات متعددة الوسائط. يساعد الذكاء الاصطناعي الوكيل على سد هذه الفجوة من خلال التحقق من صحة الإحالات، تسجيل الزيارات، تلخيص سجلات المرضى، التحقق من التشخيصات، وإبراز الاتجاهات السريرية مع إمكانية كاملة للتدقيق والتحقق منها. تُقلل هذه الإمكانيات من الحاجة لمعالجة البيانات يدوياً، وتُتيح للأطباء التركيز على الرعاية الطبية. ساهمت أدوات المراجعة القائمة على الذكاء الاصطناعي بتقليص أوقات المعالجة من أيام إلى ساعات، وتعتمد المستشفيات الآن أنظمة متطورة لوكلاء الذكاء الاصطناعي قادرة على العمل المتّسق وقابلة للتطوير على نطاق واسع ووفقاً للظروف.
4. قطاع التجزئة والخدمات اللوجستية يسرّع من وتيرة العمليات الذاتية
مع التوقعات بوصول سوق التجزئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 1.4 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2032، تواجه شركات التجزئة ضغوطاً متزايدة لتسريع عملية تجديد المخزون، وإدارة المخزون بدقة، وضمان فترات تسليم دقيقة. يدعم الذكاء الاصطناعي الوكيل هذه الاحتياجات من خلال التنبؤ بالطلب بشكل ذاتي، تعديل الطلبات، تنسيق جداول التجديد، وتحسين الأسعار. كما تعتمد شركات التجزئة التقليدية الرؤية الحاسوبية لتتبع الرفوف وتقليل نفاد المخزون، بينما تبادر شركات التجارة الإلكترونية بدمج وكلاء الذكاء الاصطناعي في مسارات الميل الأخير وتخطيط المستودعات. أظهر “RouteQ”، الحل الرائد من يانغو تك، كيف يُمكن للذكاء الاصطناعي تحسين استخدام الأسطول بنسبة تصل إلى 20% وتقليل استهلاك الوقود بنسبة 15%. تُشير هذه التحولات إلى ازدهار بيئات التجزئة والخدمات اللوجستية الذاتية التي تتكيف باستمرار مع الظروف بصورة آنية.
5. القطاعات عالية الامتثال تسرّع اعتماد الذكاء الاصطناعي الوكيل
تعمل قطاعات الخدمات المالية والطاقة والمرافق في بيئات تُعدّ فيها الدقة والامتثال أساسيين للأداء الفعال. في مشهد الخدمات المالية، يدعم مساعدو الذكاء الاصطناعي عمليات الإدماج، الامتثال، مراقبة مكافحة الاحتيال، اتخاذ القرارات الائتمانية، وتقديم استشارات مُخصصة للعملاء، مما يُساعد المؤسسات على تلبية التوقعات التنظيمية مع تحسين الكفاءة. في قطاعي الطاقة والمرافق، أصبحت الصيانة التنبؤية، تحسين الشبكة والمراقبة الذاتية معاييراً أساسية، حيث يُحلل وكلاء الذكاء الاصطناعي البيانات بصورة لحظية لتوقع الأعطال، وإدارة الاستهلاك، والحفاظ على موثوقية الخدمة. تُعطي هذه القطاعات الأولوية للأنظمة الوكيلة لتحقيق الاتساق على نطاق واسع، حيث تُعدّ الدقة أمراً لا غنى عنه.
لقد بدأت المؤسسات في جميع أنحاء المنطقة في دمج ميزة التفكير واتخاذ القرار البشري مع التنفيذ القائم على بالذكاء الاصطناعي، مما يُؤدي إلى العمل بصورة أسرع وأكثر مرونة. ومع اقتراب عام 2026، ستضع الشركات التي تُبادر إلى العمل معايير جديدة للارتقاء بجودة الخدمة والكفاءة التشغيلية في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي.