محمد الجوهري
من غير المعقول أن تشن شبكة الجزيرة الإخبارية حملة لإسقاط عبدالفتاح السيسي بشكلٍ منظم وممنهج دون حصولها على ضوء أخضر من الأسرة الحاكمة في الدوحة، المعروفة بتبنيها لإسقاط النظام في سورية. ومن هناك، تتوعد بمصير مماثل للرئيس الذي أطاح قبل أكثر من عشر سنوات بأول حكومة إخوانية في التاريخ.
وعلى مدى تلك السنوات، كانت الجزيرة حاضرة بكل طاقاتها لشيطنة الجيش المصري والدعوة إلى إقصائه من الحياة السياسية المصرية بذريعة دعمه للقمع والاستبداد.
ولا ننسى أن تاريخ العداء القطري تجاه الأنظمة العربية ليس جديداً، إذ شهدنا منذ بداية الربيع العربي دعم قطر لجماعة الإخوان في مختلف البلاد العربية، مما أدى إلى توترات مع الأنظمة القائمة، وكان هذا الدعم واضحاً في أحداث مصر وسورية. كما أن قناة الجزيرة في العديد من تقاريرها، تناولت قضايا تتعلق بالجيش المصري بطريقة تُظهره في صورة سلبية، مما أدى إلى تشويه سمعته في عيون الجمهور العربي والدولي.
كما أن تصريحات بعض المسؤولين القطريين التي تُشير إلى دعمهم للمعارضة المصرية تُعزز الفكرة بأن هناك استراتيجية ممنهجة لإسقاط النظام المصري. بالإضافة إلى ذلك يُعتبر التعاون بين قطر و”إسرائيل” في دعم جماعات معينة في سورية مثالا واضحاً على الأهداف المشتركة بين الطرفين، والذي يمكن أن يمتد إلى مصر.
ولعل تدمير الجيش المصري وضرب مخزونه الاستراتيجي من السلاح والعتاد من أبرز الدوافع المشتركة بين قطر و”إسرائيل” في هذه المرحلة بعد النجاح الكبير الذي حققه الطرفان في سورية، وأثبتت جماعة الإخوان هناك بأنها البديل الأنسب للأنظمة العربية، وأنها أقرب للكيان من كل أنظمة التطبيع الحالية. خاصةً وأن “إسرائيل” ترى في الجيوش النظامية في العالم العربي تهديداً وجودياً لها، وليس غير الإخوان أقدر على تفكيكها وتسلميها للكيان.
وحديثنا عن إسقاط السيسي والمؤامرة القطرية ضده، لا يعني تعاطفنا معه، فهو حليف آخر للكيان. لكنَّ “إسرائيل” لا ترعى الجميل ولا تحترم أدواتها، وفي ذلك عبرة كبيرة لسائر الأنظمة العربية العميلة وكان الأجدر بها أن تبادر إلى نصرة الشعب الفلسطيني، وفك الحصار عن غزة والتخفيف من معاناتها، ولو كلفها ذلك السقوط السياسي والعسكري. لكنها تفضل السقوط بثمن، وقبل أن تقدم أي إنجازات فعلية في مواجهة الكيان المؤقت.
أما عن مصير مصر بعد إسقاط السيسي، فهو مصير سورية، تدمير الجيش وسلاحه، وسيطرة “إسرائيل” على مناطق واسعة في سيناء وربما تشمل السيطرة على قناة السويس. ثم يعلن إخوان مصر أن أولويتهم هي بناء الاقتصاد المصري، وليس التصعيد مع الكيان. ويتزامن ذلك مع حملة إبادة لعلماء مصر وقادتها العسكريين، فيما النظام الجديد مشغول بتوافه الأمور. وما نراه في بلاد الشام عينة على مستقبل أرض الكنانة.
وليس أمام السيسي وجيشه أي فرصة للنجاة من هذا المخطط إلا بموقف عدائي صريح ضد الكيان، ونصرة الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة. ولو كلف الأمر تدخلاً عسكرياً في القطاع، وإلا فلا بواكي لهم، ولا قيمة لأي تضحيات بعدها. كما لا أمل بنصرة غزة في ظل حكم الإخوان، فهم أداة من أدوات الصهيونية في العالم الإسلامي، وجرائمهم في سورية خير شاهد على عمالتهم.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: فی سوریة
إقرأ أيضاً:
محمد فايق: إسرائيل كانت تخشى المجتمعات العربية في عهد عبدالناصر
أكد محمد فايق، وزير الإعلام والإرشاد القومي الأسبق، أن ثورة يوليو لم يتوقف تأثيرها عند حدود مصر بل امتد تأثيرها إلى حدودنا العربية والأفريقية وكانت سببا في تحرير الكثير من الدول من قبضة الاستعمار الغربي حيث كانت القاهرة محور دعم الثورات ودافعت عن ثروات الشعوب.
وأضاف فايق، خلال مؤتمر يوليو الفكري الثالث الذي عقد بنقابة الصحفيين بمناسبة الذكرى الثالثة والسبعين لثورة يوليو، أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر اهتم بالتنمية الإنسانية التي تهتم بحياة الناس ورفع شعار العدالة الاجتماعية الذي كان حجر الزاوية في مشروعه السياسي.
وأشار إلى أن الشعب المصري رفض الهزيمة في يونيو 1967 كما رفض تنحي جمال عبدالناصر عن الحكم ليبدأ حرب الاستنزاف التي مهدت لحرب أكتوبر المجيدة، منبها إلى أن القوة العربية الهائلة التي رفضت الهزيمة هي نفسها التي ساندت عبدالناصر في معاركه ضد الاستعمار والتي خاضها الزعيم الراحل بقوة الشعب العربي.
وأردف: "نفتقد اليوم هذه القوة الأساسية التي كانت تخشاها إسرائيل والولايات المتحدة وعندما غابت هذه القوة عن المشهد الحالي الذي تقوم به إسرائيل بحرب إبادة كاملة بحق شعبنا الفلسطيني ارتكبت العديد من جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية مثل حرب التجويع واصطياد الجوعى، كما بتنا نسمع نتنياهو يقول إنه يريد تشكيل الشرق الأوسط وتستهدف إسرائيل اتساع جغرافيتها على حساب فلسطين بالدرجة الأولى وسوريا قلب العروبة النابض".
وتابع: "إسرائيل تحولت اليوم إلى دولة مارقة لا تعترف بأي قانون دولي مع مساندة كاملة من الولايات المتحدة وذلك بسبب غياب القوى المجتمعية في البلدان العربية وهو ما أدى إلى توحش إسرائيل على الأراضي العربية".
وأكد وزير الإعلام والإرشاد القومي الأسبق أن المقاومة الفلسطينية سوف تستمر سواء بحماس أو غيرها بسبب عدم حلحلة الصراع العربي الإسرائيلي، مشيرا إلى أن أحداث السابع من أكتوبر لم تأت من فراغ لكن حدثت بعد انسداد باب الأمل أمام الفلسطينيين باستخدام العنف ضد المدنيين وتبدد الآمال في حل الدولتين.
كما شدد فايق في كلمته على ضرورة التمسك بجامعة الدول العربية لأنها المنظومة العربية الوحيدة الثابتة التي لم تستطع إسرائيل تفكيكها على مدار العقود الماضية.