"ماذا بقي لنا؟".. هكذا ينظر الغزّيون إلى اتفاق وقف إطلاق النار
تاريخ النشر: 17th, January 2025 GMT
بينما يعاني الفلسطينيون في غزة من آثار الحرب المدمرة، التي استمرت أكثر من 15 شهراً بين إسرائيل وحركة حماس، تظل آمالهم في وقف إطلاق النار، الذي أُعلن عنه يوم الأربعاء الماضي، متواضعة. فهم يريدون فقط العودة إلى منازلهم التي دُمرت، والنوم ليلة واحدة بلا خوف، وإيجاد مساحة للحزن على من فقدوهم، كما أوردت صحيفة "واشنطن بوست".
محمد أبو القَس، مدير تسويق يبلغ من العمر 32 عاماً، يعيش الآن في منزل متضرر بشدة مع 33 شخصاً آخرين في مدينة النصيرات بوسط غزة. عبّر عن مشاعره المختلطة للصحيفة وهو يشاهد الناس يحتفلون بالاتفاق الذي توسطت فيه الولايات المتحدة وقطر ومصر. وقال: "فرحتهم تكسر قلبي، لأننا ماذا بقي لدينا؟".
إذا دخل الاتفاق حيز التنفيذ يوم بعد غد الأحد كما هو مخطط، فإن وقف إطلاق النار الذي يستمر 42 يوماً سيمنح سكان غزة البالغ عددهم مليوني نسمة بعض الراحة من حرب، وصفتها السلطات الصحية الفلسطينية بأنها أودت بحياة أكثر من 46 ألف و600 شخص. وفي المقابل، وافقت حماس على الإفراج عن 33 رهينة من الذين اختطفتهم خلال هجومها على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
Israel and Hamas agree to a deal that will pause fighting in Gaza and lead to the phased release of hostages and Palestinian prisoners, source says https://t.co/0EdS87dQil
— CNN International (@cnni) January 15, 2025 آثار الحرب المستمرةومنذ ذلك الهجوم، دُمرت أجزاء كبيرة من غزة بالكامل، وتحولت أحياء بأكملها إلى أنقاض. إلى جانب ذلك، انتشرت الأمراض بشكل واسع في القطاع الذي يعاني من الجوع، ويقف على شفا الكارثة الإنسانية. ووفقاً للأمم المتحدة، أكثر من 90% من الناجين هم نازحون، وكثير منهم نزحوا أكثر من مرة.
ويروي أبو القَس معاناته الشخصية، قائلاً إنه ما زال يرتدي نفس البنطال الذي كان عليه عندما بدأت الحرب، وقد أصبح الآن ممزقاً. تعرض للإصابة مع والدته خلال غارة جوية، وخلال الأسبوع الأخير، أصاب صاروخ منزلاً مجاوراً فتناثرت أشلاء الجثث في منزله، مما جعله يشعر وكأن الموت يلاحقهم حتى اللحظة الأخيرة.
وعلى الرغم من إعلان الاتفاق، إلا أن القصف استمر يوم أمس الخميس. وفقاً لمحمود البسّال، المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة، قُتل 77 شخصاً على الأقل، من بينهم 25 امرأة و21 طفلاً، في غارات إسرائيلية. عبر السكان عن خشيتهم من تصاعد الهجمات قبل بدء الهدنة.
وصرح الجيش الإسرائيلي بأنه استهدف حوالي 50 "هدفاً إرهابياً" في غزة، وأكد اتخاذ "خطوات عديدة" لتجنب الإضرار بالمدنيين.
Hamas and Israel reached a deal for a ceasefire in Gaza that mediators said would take effect on Sunday and include a release of hostages https://t.co/sYNIOKsQcb pic.twitter.com/3rM3zDfV19
— Reuters (@Reuters) January 16, 2025 ما بعد الاتفاقوبحسب الصحيفة، فإنه خلال المرحلة الأولى من الاتفاق الذي يتكون من 3 مراحل، سيُسمح للسكان النازحين بالعودة إلى منازلهم، أو ما تبقى منها.. ويقول أبو القَس: "نريد فقط أن ينتهي كل شيء، حتى نستطيع البكاء ونضع خيمة فوق أنقاض منزلنا".
وأما محمد الجمال، الذي يعيش الآن في خيمة مساحتها 22 متراً مربعاً، مع 10 أفراد من عائلته في منطقة المواصي جنوب غزة، فيخطط للعودة إلى منزله في رفح يوم بعد غد الأحد، رغم أنه لا يعلم ما إذا كان لا يزال قائماً. ويقول: "حتى لو كان مدمراً، أريد أن أعيش فوق أنقاضه".
وفي الوقت الحالي، تعيش عائلة الجمال مع القليل من المأوى ضد الرياح والأمطار، وتفصلهم قطعة قماش مهترئة عن جيرانهم. وأضاف أن "منطقة المواصي، التي تم الإعلان عنها كمنطقة إنسانية من قبل إسرائيل، لا توفر الأمان من القصف. في الواقع، هي غير صالحة للعيش تماماً".
The first phase of the agreement, brokered by the U.S., Qatar and Egypt will halt, for now, a 15-month war that changed the Middle East. It includes plans for a limited withdrawal of Israeli troops from Gaza and a surge in humanitarian aid to the enclave. https://t.co/1vRA7T1Nep
— The Washington Post (@washingtonpost) January 15, 2025 الاحتياجات العاجلةويتضمن الاتفاق زيادة كبيرة في المساعدات خلال فترة الهدنة الأولى، حيث يُتوقع دخول أكثر من 500 شاحنة يومياً، وفقاً لوزارة الخارجية الأمريكية.
ووصف جمال الحرب بأنها "كابوس من الموت والخوف يطاردنا على مدار الساعة".
وتقول الصحيفة إن المستقبل في غزة لا يزال غير واضح. فمن المتوقع أن تبدأ مفاوضات حول المرحلة الثانية من الاتفاق، حيث سيتم الإفراج عن باقي الرهائن مقابل انسحاب كامل للقوات الإسرائيلية. لكن خطط إعادة الإعمار ومن سيدير القطاع تظل غامضة.
وقال محمد جمال إنه "لا يريد عودة حكم حماس"، محملاً إياها مسؤولية تدمير غزة. وأضاف "إذا لم يكن بالإمكان عودة السلطة الفلسطينية، فلتحكمنا أي قوة عربية".
كما أن هناك بعض الشكوك حول ما إذا كان وقف إطلاق النار سينجح، أو حتى إذا كان سيدخل حيز التنفيذ. وقال خالد وليد، البالغ من العمر 31 عاماً، والذي يعيش مع أسرته في منزل مدمر في دير البلح، إنه يفكر في مغادرة غزة إذا فُتح المعبر مع مصر خلال الهدنة.
وأضاف "أريد أن أعطي عائلتي فرصة جديدة للحياة. لقد فقدنا كل شيء. أريد أن أبني مستقبلاً لأطفالي بعيداً عن الموت والقتل".
وأما عبير ماهر، وهي أم لـ 3 أطفال نازحة من غزة إلى دير البلح، فقالت إنها تشكر الله على وقف إطلاق النار، لكنها لا تستطيع أن تشعر بالسعادة، مضيفة "الآن يبدأ العذاب الحقيقي وإدراك ما حدث. لم يبقَ شيء.. فقط الآن يمكنني أن أبدأ في الحزن على أقاربي وأصدقائي".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: اتفاق غزة سقوط الأسد عودة ترامب إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية بالاتفاق إسرائيل اتفاق غزة إسرائيل وقف إطلاق النار أکثر من فی غزة
إقرأ أيضاً:
مأزق الحرب في غزة.. هدنة إسرائيل المؤقتة لتخفيف حدة الانتقادات الدولية .. نتنياهو سيقبل اتفاق وقف إطلاق النار فى هذه الحالة
بين نيران الحرب والضغوط الدولية المتصاعدة، وجدت إسرائيل نفسها مضطرة لاتخاذ خطوة مفاجئة تمثلت في تعليق مؤقت ومحدود لعملياتها العسكرية في قطاع غزة.
خطوة وُصفت بـ"التكتيكية"، لكنها تعكس، في جوهرها، حجم المأزق الذي تواجهه الحكومة الإسرائيلية داخليًا وخارجيًا، لا سيما في ظل موجة الغضب الدولي العارم التي فجرها الانتشار الواسع لصور الأطفال الجائعين في غزة على صدر الصفحات الأولى للصحف والمجلات العالمية، خصوصًا الأوروبية والأمريكية.
وهذا التقرير يرصد تفاصيل التحركات الإسرائيلية الأخيرة، وسياقاتها الإنسانية والسياسية، والتداعيات المحتملة لها داخليًا وخارجيًا.
رغم تعثر مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، أعلنت إسرائيل بشكل مفاجئ تعليقًا تكتيكيًا مؤقتًا ومحدودًا للعمليات العسكرية في بعض مناطق القطاع، وهو ما فتح الباب أمام تساؤلات واسعة حول الأسباب الكامنة وراء هذا التحول المفاجئ في الموقف الإسرائيلي، رغم استمرار العمليات الميدانية.
وتزامنت هذه الخطوة مع موجة غضب عالمي غير مسبوقة، أشعلتها صور الأطفال الفلسطينيين الذين يعانون من الجوع والمرض، وقد تصدرت هذه الصور الصفحات الأولى للصحف والمجلات العالمية، لا سيما في أوروبا والولايات المتحدة. الأمر الذي استدعى تدخلًا دبلوماسيًا عاجلًا وواسع النطاق للحد من تداعيات هذه الكارثة الإنسانية.
حاولت الحكومة الإسرائيلية تبرير حجبها للمساعدات الإنسانية عن سكان قطاع غزة، غير أنها فشلت في إقناع الرأي العام الدولي، ووجدت نفسها مضطرة إلى اتخاذ خطوات تخفف من حدة الانتقادات المتصاعدة.
وبحسب ما كشفه عدد من المسؤولين الإسرائيليين، من بينهم الرئيس إسحاق هرتسوغ، فقد أجرت العديد من الشخصيات العالمية، من قادة وزعماء ودبلوماسيين ومؤسسات إعلامية، اتصالات مكثفة تطالب بوقف ما يجري ووضع حد للكارثة.
رغم محاولاتها تحميل المسؤولية للمؤسسات الأممية والدولية، واتهامها برفض تسلم وتوزيع المساعدات، رفضت هذه المؤسسات هذا الطرح، وأكدت أن العرقلة كانت من جانب الاحتلال.
وصرح الرئيس هرتسوغ، الأحد، قائلًا: "أدعو وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية إلى القيام بدورها وضمان وصول المساعدات إلى المحتاجين دون تأخير، كما طالبت إسرائيل منذ فترة. من غير المقبول أن تظل المساعدات المُقدمة إلى غزة دون توزيع أو أن تستولي عليها حماس، حتى مع اتهامها إسرائيل زورًا بمنعها".
محاولات بديلة فاشلةوكانت إسرائيل سعت سابقًا إلى تأسيس "مؤسسة غزة الإنسانية" لتكون بديلاً عن الوكالات الدولية، مدعومة من الإدارة الأمريكية، لكن المشروع واجه رفضًا دوليًا واسعًا، ولم تنجح إسرائيل في فرضه كأمر واقع.
وواجهت هذه المؤسسة انتقادات حادة من وسائل الإعلام العالمية، ما اضطرها إلى إصدار سلسلة من البيانات التوضيحية في محاولة للدفاع عن شرعيتها وأهدافها.
في مواجهة العاصفة العالميةومع تعثر مفاوضات التهدئة، وجدت إسرائيل نفسها أمام موجة انتقادات لم تعد تُقال في السر، بل تحولت إلى بيانات علنية صادرة عن قادة العالم، خصوصًا في أوروبا، الذين لم يعودوا يكتفون بالتحذيرات خلف الأبواب المغلقة، بل أطلقوا تصريحاتهم على الملأ، الأمر الذي ضاعف الضغوط على حكومة بنيامين نتنياهو.
وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عبّر بدوره عن امتعاضه الشديد من الصور القادمة من غزة، مما زاد من حرج الإدارة الإسرائيلية.
وقال الرئيس الإسرائيلي، السبت: "في الأيام الأخيرة، تلقيت عددًا لا يُحصى من الرسائل من قادة، وأصدقاء لإسرائيل، وشخصيات إعلامية، وزعماء يهود من أنحاء العالم حول هذا الموضوع، والرد الصحيح هو تحرك عملي مسؤول".
التناقض الداخلي في إسرائيلرغم ما تعلنه إسرائيل رسميًا من نفي وجود مجاعة في غزة، إلا أنها تقر بوجود "أوضاع إنسانية صعبة ومعقدة"، وهو ما يتناقض مع مواقف عدد من وزراء الحكومة اليمينية المتطرفة، كوزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، اللذين يطالبان صراحة بوقف دخول أي مساعدات إنسانية إلى القطاع.
وقد اتخذ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قرارًا بتخفيف الأوضاع الإنسانية في غزة في غياب هذين الوزيرين، مستغلًا فترة السبت التي لا تُعقد خلالها اجتماعات حكومية رسمية.
النتائج المحتملةرغم أن التعليق التكتيكي المؤقت للعمليات العسكرية والسماح بالإنزال الجوي للمساعدات قد يمنح نتنياهو بعض الوقت لتخفيف حدة الانتقادات الدولية، إلا أن هذه الخطوات تواجه رفضًا داخليًا شديدًا من شركائه في الائتلاف الحكومي.
وتُرجّح التقديرات الإسرائيلية أن يؤدي الضغط الدولي والمحلي المتزايد إلى دفع حكومة نتنياهو نحو قبول اتفاق لوقف إطلاق النار، خاصة إذا تضمن الاتفاق استعادة رهائن إسرائيليين، وهو ما قد يساهم في تهدئة الشارع الإسرائيلي الساخط.
ولم يكن التعليق التكتيكي الإسرائيلي للعمليات العسكرية مجرد خطوة ميدانية، بل كان انعكاسًا مباشرًا لحجم الحرج السياسي والإنساني الذي تواجهه تل أبيب في مواجهة الرأي العام العالمي. وبينما تتصاعد الضغوط من الخارج، والانقسامات تتعمق في الداخل، يبقى ملف غزة اختبارًا حقيقيًا لقدرة الحكومة الإسرائيلية على الصمود، أو التراجع تحت وطأة العزلة الدولية.
أكد الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، أن مصر تتحرك على أعلى مستوى سياسي ودبلوماسي لاستئناف مفاوضات غزة، بالتوازي مع إدخال المساعدات الإنسانية.
وأضاف فهمي في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن هذه الخطوة تمثل جزءًا من مسار سياسي متكامل يستهدف التوصل إلى هدنة شاملة تعالج جذور الأزمة. واعتبر أن نجاح دخول المساعدات يعكس فاعلية التحرك المصري المنضبط في مواجهة التعنت الإسرائيلي.
وأشار فهمي إلى أن الضغط السياسي والدبلوماسي الذي تمارسه القاهرة أجبر إسرائيل على فتح مسارات محددة للمساعدات، مؤكدًا أن ما يُعرف بـ"الهدن الإنسانية" لا تمثل وقفًا دائمًا لإطلاق النار، بل خطوات مرحلية. ولفت إلى أن مصر تواصل تنسيقها مع الولايات المتحدة وأطراف دولية، وأن نجاح تلك الهدن قد يمهد لهدنة موسعة لمدة 60 يومًا تمهيدًا لاستئناف المفاوضات.