اليمين واليسار وماركو الصغير وزير خارجية أمريكا
تاريخ النشر: 18th, January 2025 GMT
بشكل عام، صارت تصنيفات يمين إزاء يسار عديمة المعني في معظم الأحوال إن لم يكن كلها بسبب تبدل ديناميكيات السياسة.
في التعريف القديم، اليسار تكون من المجموعات المناصرة لحقوق العمال والطبقات الفقيرة وقضايا السلم بينما اليمين يمثل مصالح الأثرياء وقطاع الأعمال (الشركات) ويميل إلي سياسات خارجية أكثر عنفا وهيمنة.
ولكن تغيرت شروط الإقتصاد السياسي وتحول الوسط الليبرالي ويساره إلي محامي مصالح الشرائح المهنية ذات الدخل العالي والشركات وتبنوا سياسة خارجية شديدة التدخل في الخارج وعالية المحتوي العسكري. واسقط الوسط الليبرالي ويساره مصالح الطبقات العاملة/والفقراء من قاموسه ولجأ لتبني حقوق الأقليات كمبرر أخلاقي لوجوده – مثل حقوق الجندر، والملونين، والمثليين حتي صار رجل أبيض مريض يعمل بالحد الأدني من الأجور رمزا للامتياز الذكوري بينما تكون مليونيرة محامية ملونة أو مثلية إنسانا مضطهدا يستحق حماية الدولة والإعلام من السيد أبجيقة صاحب الإمتياز الذكوري الذي لا يملك تكاليف ساندوتش بائس أو ميلر درافت.
قدمت الفلسفة الليبرالية للوسط ويساره مساهمات مهمة جدا لحقوق النساء والملونين والاقليات الأخري شكلت نقلة تاريخية في التطور الأخلاقي للكائن البشري وعلينا جميعا الأحتفال بالمنجز الليبرالي العولمي. ولكن ا ذهل الخطاب الليبرالي ويساره عن حقوق الفقراء ما حدا بهم إلي هجرهم والالتفاف حول ما يسمي باليمين الشعبوي أو اليمين المتطرف أو اليمين ساي. وفي هذا تحقيق لنبوءة الأستاذ كمال ترباس الذي قال ما بنمشي لي ناس بيجونا.
وهذا هو سبب أن الطبقة العاملة في أمريكا ناصرت ترمب بينما دعم أصحاب الدخول المرتفعة الحزب الديمقراطي الذي تغطي بايديلوجيا الهويات. ومن المفارقات أن اليمين الشعبوي/المتطرف في أوروبا يتبني سياسات إقتصادية أقرب لمصالح الفقراء من سياسات الوسط واليسار كما هو الحال في فرنسا والسويد، علي سبيل المثال، وهذا عكس المفاهيم التعريفية القديمة لليمين واليسار. لذلك لو جازت الإستعارة فسأقول نحن من اليسار بالقديم.
في الإنتخابات الأمريكية تبني الحزب الديمقراطي الممثل للوسط ويساره حملة تخويفية قالت للشعب أعطونا أصواتكم وان لم تفعلوا سوف ياتي الغول ترمب وياكلكم ويدخل المهاجرين والمثليين إلي زنازين التفتيش. وهو نفس تكنيك “تقدم” بتاع ناصرونا وإلا جاء الكيزان وفتكوا بكم. ولكن الطبقة العاملة الأمريكية ضربت بتجارة التخويف عرض الحائط وانتخبت ترمب الذي يحج إليه الآن خصومه الأثرياء لتقديم فروض الطاعة والولاء. وكان دافعها للوقوف خلف ترمب هو شعبويته، ومعاداته للمؤسسة التي كرهها وكره خطابها الفقراء ووعوده بان يحل مشاكل الفقراء. وحتي لو لم يحسن ترمب الظروف المعيشية للطبقة العاملة البيضاء، كما هو متوقع، فغالبا لن يكون أسوأ من خصومه الديمقراطيين ومن وجهة نظر الطبقة العاملة فان ترمب علي الأقل تحدث معهم واعترف بمعاناتهم بينما تعامل معهم الليبرال بتعالي ووصفوهم بانهم مجرد خاسرين، عنصريين، كارهين للنساء ومتعصبين وما عندهم موضوع.
ومن بركات ترمب (الوحش، معادل الكوز في القاموس الليبرالي) قبل أن يستلم السلطة أن فرض إتفاق لوقف الحرب في غرزة ووعد بإنهاء الحرب في أكرانيا باسرع فرصة وهذا يقلل من مخاطر الفناء النووي للبشرية في مواجهة بين الناتو وروسيا.
وفيما يخص السودان أيضا أطلق، ماركو الصغير، مرشحه لوزارة الخارجية تصريحات عن الإبادة العرقية في السودان وتورط دول من المحيط الأقليمي في دعم جنجويد الإبادة وهذا تصريح من العيار الثقيل ستأخذه عواصم الإقليم بعين الإعتبار.
أيضا يقلل فوز ترمب من إحتمالات تدخل عسكري دولي في السودان لانه لا يؤمن بالامم المتحدة ولا بحلف الناتو ولا بدول الإتحاد الأوروبي ولا يتحمس لتورط في مغامرات خارجية ما لم تكن لامريكا مصلحة مادية مباشرة لا علاقة لها بخطاب الحقوق الليبرالية وإنقاذ النساء من الأبجيقاةت وقضايا الختان وما نحو ذلك.
ولو نجح ترمب في تحقيق سلام طويل المدي في الشرق الأوسط وانهي الحرب في أكرانيا والسودان فسيكون مرشحا بجدية لجائزة نوبل للسلام بمباركة ألد خصومه المثقف الفذ جيفري ساكس الذي تلفظ في جامعة كامبريدج فاهتز الشرق الأوسط . إحتمال تحقيق السلام في كل هذه الجبهات ليس مرتفعا ولكنه وارد وستخبر الأيام لان ترمب لا يمكن التنبوء بافعاله ولا بنتائج صراعه مع الدولة العميقة في بلده. وهذا الإستقلال الترمبي عن المؤسسة والدولة العميقة يجعله مفتوحا علي سياسات حميدة مثل إنهاء حرب أوكرانيا قد تتحقق وقد لا تتحقق بين ما كان فوز كمالا هاريس سيضمن إستمرار الحروب والتوتر العالمي.
أعلاه ملاحظات حول السياسة الدولية لا تطبل لترمب ولا تتواطأ مع عنصرية ولا زينوفوبيا ولا تحيز ضد نساء ولا ملونين ولا مسلمين ولا تتعهد بالدفاع عن أي حماقة ترمبية قادمة أو سابقة. نحاول فقط رفع سقف النقاش الذي هبط به الليبرال المتطرفين وشرائح من يسار إلي درك أن الفحص الوحيد المسموح به بخصوص العدو (كوز أو ترمب ) هو شتمه وإلا لتم التعامل مع التحليل كمشروع تواطوء. وهكذا يتم التكميم والتسطيح بالنقاش العام.
لا أحتاج لان ألعن الكيزان أو الترمبيين في كل مقال لإثبات عدم انتمائي لهم كما يطلب أصحاب أختام التصنيف الجاهزة الذين أصابوا الفضاء العام بالأنيميا الفكرية. والقول بان أحزاب الوسط الليبرالي ويساره قد هجروا الطبقة العاملة وهكذا دفعوها إلي أحضان اليمين الشعبوي لا يعني بأي حال من الأحوال شرعنة هذا اليمين بقدر ما هو إضاءة للمشهد حتي يتم التاثير عليه بتدخلات واعية وواقعية لان ضحالة المزايدات الشتمية حصرا لا تكفي لهزيمة يمين ولا كيزان وحتي لو هزمتهم سوف تنتج واقع لا يقل سوءا.
معتصم اقرع
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الطبقة العاملة
إقرأ أيضاً:
وزير خارجية لبنان: إسرائيل تفصل مسار التفاوض عن إطلاق النار وتحضر لتصعيد كبير
وأضاف في لقاء خاص مع الجزيرة (يبث لاحقا) أن الحكومة اللبنانية تلقت تحذيرات غربية وعربية حملها موفدون دوليون مباشرة إلى بيروت، وتفيد بأن الجيش الإسرائيلي يستعد لتوسيع عملياته في الجنوب وفي مناطق أخرى، وأن وتيرة الغارات الحالية تأتي في سياق هذا التمهيد.
وأوضح الوزير أن هذه الرسائل تزامنت مع إعلان إسرائيل عمليا فصل المسارين السياسي والعسكري، بحيث لا يؤثر تقدم المفاوضات على قرارها بالتصعيد، وهو ما عبّرت عنه بوضوح في الاتصالات التي وصلت إلى الخارجية اللبنانية خلال الأيام الأخيرة.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4هيئة البث: إسرائيل أعدت خطة لهجوم واسع على حزب اللهlist 2 of 4إسرائيل تشن سلسلة غارات على لبنان وتعلن مهاجمة مراكز لحزب اللهlist 3 of 4الدويري: إسرائيل توسع بنك أهدافها لجر لبنان لاتفاقيات أبراهامlist 4 of 4بري ينتقد تصريحات المبعوث الأميركي حول ضم لبنان إلى سورياend of listوأشار إلى أن إدخال السفير السابق سيمون كرم لترؤس الوفد اللبناني المفاوض يندرج ضمن جهود بيروت لتثبيت قواعد تفاوض واضحة، لكنه لا يعني -على حد قوله- أن وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية ستتراجع، فالاتصالات الدولية تفيد بأن هناك مرحلة تصعيدية قد تكون واسعة.
وقال الوزير إن الحكومة اللبنانية تكثف اتصالاتها مع أطراف عربية ودولية ومع الأمم المتحدة في محاولة لمنع انزلاق الأوضاع نحو مواجهة مفتوحة، موضحا أن بيروت تعمل على "تحييد المرافق العامة" وتقليل الأخطار المحتملة التي قد تطال البنية التحتية الحيوية.
تفاوض غير تقليديوأضاف أن المسار التفاوضي الحالي غير تقليدي، وأن لبنان يسعى من خلاله إلى إعادة تثبيت اتفاقية الهدنة لعام 1949، مشيرا إلى أن الحديث عن معاهدة سلام ليس مطروحا حاليا، وأن الأولوية تتمثل في وقف الاعتداءات وانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة وإطلاق الأسرى.
وقال الوزير إن المفاوضات مع إسرائيل مستمرة عبر آلية قائمة، لكن بالتوازي تخوض الحكومة حوارا داخليا مع حزب الله بخصوص سلاحه، إلا أن الحزب -بحسب ما نقل عنه- يرفض حتى الآن تسليم السلاح.
وذكر أن سلاح حزب الله لم ينجح في حماية لبنان، ولا غزة أو القدس، معتبرا أنه استجلب الاحتلال إسرائيلي على لبنان.
وفيما يتعلق بإيران، أكد الوزير أنه رفض زيارة طهران مؤخرا، وأن أي لقاء مع نظيره الإيراني يجب أن يتم في دولة محايدة، معللا ذلك باستمرار التدخل الإيراني في الشؤون اللبنانية وإطلاق تصريحات تمس السيادة، إضافة إلى "تمويل تنظيم غير شرعي" على حد قوله.
وشدد على أن المعطيات التي وصلت إلى بيروت حول نية إسرائيل تنفيذ عملية عسكرية واسعة تضع البلاد أمام مرحلة خطيرة، لافتا إلى أن التهديدات لم تعد في إطار التصريحات الإعلامية، بل وصلت عبر قنوات دبلوماسية متعددة ومن موفدين غربيين.
وقال الوزير إن الهدف المباشر لتحرك الدبلوماسية اللبنانية هو منع انزلاق الوضع الميداني، وأن الحكومة تتعامل على أساس أن الضربة الإسرائيلية قد تكون وشيكة، خصوصا بعد إصرار تل أبيب على التعامل مع مساري التفاوض والتصعيد كملفين منفصلين بالكامل.
وأضاف أن الجيش اللبناني سيعلن نهاية العام الجاري استكمال مهمة حصر السلاح في جنوب الليطاني وفق الخطة الموضوعة، رغم الاعتداءات المستمرة، لكن الوزير أشار إلى أن رسائل غربية أفادت بأن ما هو مطلوب من لبنان يتجاوز جنوب الليطاني ليشمل مناطق أخرى شماله أيضا.
العلاقات مع سورياوفي ملف العلاقات مع سوريا، أوضح وزير الخارجية أن العلاقات تمر بمرحلة إيجابية هي "الأفضل منذ استقلال البلدين"، وأن دمشق تتعامل بمرونة مع الملفات العالقة، غير أن ذلك لا يغيّر من حقيقة أن التصعيد الإسرائيلي هو التحدي الأكبر حاليا بالنسبة لبيروت.
وأكد الوزير اللبناني أن فصل إسرائيل لمسار التفاوض عن مسار التصعيد يمثّل مؤشرا خطيرا، وأن الحكومة اللبنانية تتصرف وفق هذا المعطى، مشددا على أن أي جهد دبلوماسي يجري اليوم يهدف أولا إلى حماية المرافق العامة وتقليل احتمالات الانزلاق نحو مواجهة واسعة.
وشن الجيش الإسرائيلي اليوم الجمعة سلسلة غارات على جنوب لبنان وشرقه، زاعما استهداف أماكن تابعة لحزب الله، في تصعيد جديد وخرق يضاف إلى سلسلة خروقات إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار.
ومنذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2024 ارتكبت الأخيرة آلاف الخروقات، مما أسفر عن مقتل وإصابة مئات اللبنانيين، إلى جانب دمار مادي.
وتتحدى إسرائيل الاتفاق بمواصلة احتلالها 5 تلال لبنانية في الجنوب استولت عليها في الحرب الأخيرة، إضافة إلى مناطق لبنانية أخرى تحتلها منذ عقود.
Published On 12/12/202512/12/2025|آخر تحديث: 16:15 (توقيت مكة)آخر تحديث: 16:15 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2شارِكْ
facebooktwitterwhatsappcopylinkحفظ