لم يعد خافياً أن نقطة التحوّل الفاصلة في مسار الجولة الحالية من مفاوضات صفقة الأسرى كانت اللقاء الذي عُقد نهاية الأسبوع الماضي بين رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو والمبعوث الجديد للشرق الأوسط ستيف ويتكوف.

ما رشح عن هذا اللقاء، الذي قيل إنه كان «متوتراً»، سمح بتحقيق تقدم في المفاوضات الراهنة، إذ بذل كبير مساعدي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب جهداً للتأثير على نتنياهو في جلسة واحدة أكثر مما فعله الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن طوال عامٍ مُنصرم.



خلال الاجتماع، حثّ ويتكوف نتنياهو على قبول التنازلات الرئيسية اللازمة للتوصل إلى اتفاق، وقد فعل رغم ما تُرَتِبُه هذه الصفقة عليه من أحمال ثقيلة مع شركائه الرافضين لها في الائتلاف الحاكم، ومع الداخل الإسرائيلي الساخط الذي يتساءل لماذا يقبل نتنياهو الآن بما رفضه قبل سبعة أشهر مع فارق الخسائر الكبيرة التي مُنيت بها «إسرائيل» في أسراها و»جيشها» واقتصادها!.

والسؤال الذي يراود الكثير من المحللين والمتابعين ؟؟ عن خطوات نتنياهو للتخلص من أعباء المرحلتين الثانية والثالثة من الصفقة، والتي يُفترض أن تنتهي بانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من القطاع وعودة النازحين إلى شماله وإنهاء الحرب والبحث في ترتيبات الأعمار وحُكم القطاع!

الأسباب والدوافع التي دفعت نتنياهو للاذعان للضغوط التي مورست عليه من قبل إدارة ترامب في القبول بصفقة التبادل و وقف إطلاق النار هو رغبته وطمعه في الحصول على جملة من الامتيازات المتعلقة في جزء منها به شخصياً، وفي شقها الأكبر ببقاء ائتلافه الحاكم وتحقيق رغباته وأطماعه التي تتجاوز حدود الجغرافيا الفلسطينية، هو ما أدى به إلى مقايضة الحليف الأمريكي على القبول بالصفقة في مقابل الحصول على حزمة من المنافع!

وتتلخص في قضية التخلص من قرار محكمة الجنايات الدولية القاضي باستصدار مذكرة اعتقال بحقه، بما يُمكّنه من أن يجوب العالم بحرية من دون الخشية من الاعتقال، سواءً بقي في رئاسة الوزراء أم غادرها، ولا شك أنه يريد بشدة من الإدارة الأميركية القادمة أن تُمارس ضغطاً على الجنائية الدولية، وهي التي بدأت فعلاً باتخاذ سلسلة من الخطوات العقابية ضدها عبر سن تشريعات في الكونغرس لمعاقبة المحكمة على قرارها بحق نتنياهو ووزير حربه ولدفعها إلى التراجع عنه.

وليس بعيداً من هذا السياق، كان لافتاً تكليف القاضي نواف سلام برئاسة الوزراء في لبنان، وهو ما يُمهد الطريق، بعد استقالته من رئاسة محكمة العدل الدولية، للإتيان بنائبته الأوغندية جوليا سيبوتيندي المساندة جداً لـ «إسرائيل»، والتي كانت القاضية الوحيدة من بين قضاة المحكمة التي صوّتت ضد جميع الإجراءات المؤقتة الصادرة بحق «إسرائيل»، وربما ينعكس تعيينها أيضاً في صدور أحكام نهائية لمصلحة «إسرائيل» في القضايا المرفوعة ضدها من جنوب أفريقيا بشراكة عددٍ من الدول.

ولو افترضنا أن نتنياهو حصل على وعد من ويتكوف بحسم أمر قرارات محكمة الجنايات الدولية، فإن هذا لا يشكل دافعاً كافياً لنتنياهو للقبول بالصفقة، وهو الذي يضع على رأس أولوياته الخارجية موضوع الملف النووي الإيراني الذي يطمح فيه إلى مواقف متقدمة من الرئيس ترامب، إمّا بالذهاب إلى ضربة عسكرية ضد البرنامج النووي الإيراني بالشراكة مع «إسرائيل»، أو بتوفير مظلة حامية ومساندة لـ «إسرائيل» في حال ذهبت إلى قرار منفرد بضرب المشروع النووي الإيراني، وفي الحد الأدنى إن لم يحصل هذا ولا ذاك، فعلى الأقل نسف مفاوضات البرنامج النووي مع إيران وتشديد العقوبات الاقتصادية عليها وعلى الدول المتعاونة معها، بما يدفع إيران مُكرهة للتخلي عن هذا البرنامج.

وما يطمح نتنياهو لتحقيقه عبر التجاوب مع الضغوط التي مورست عليه من مستشار ترامب فهو بالتأكيد استكمال مشروع أبراهام التطبيعي ودمج إسرائيل في مشروع الشرق الأوسط الجديد، خصوصاً بعد أن وعد نتنياهو ووزراء حكومته أنهم سيعيدون بناء منطقة الشرق الأوسط جيو _ سياسياً بما يخدم «إسرائيل» وتمددها وفرض هيمنتها على المنطقة، ولا بد من أن نتنياهو سمع من ويتكوف كلاما مطمئنا بهذا الخصوص.

وبالعودة إلى حدود الجغرافيا الفلسطينية، يدرك نتنياهو أنه ما زال بحاجة مُلحة إلى الرئيس ترامب لاستكمال الحرب على غزة، وهو يراهن أن ترامب، وبعد أن حصل على صورة «الإنجاز» بوقف إطلاق النار والإفراج عن العدد الأكبر من الأسرى الإسرائيليين، سيطلق يد «إسرائيل» مرة أخرى لقتال حماس في غزة، وسيوفر لها مظلة من الدعم العسكري والسياسي واللوجستي من دون أن يضع قيودا حتى لو شكلية، كتلك التي نادت بها الإدارة السابقة في ما يتعلق بإدخال المعونات الإنسانية والتجويع وطرد السكان.

وما يهم نتنياهو وائتلافه اليمني الحاكم في «إسرائيل « ضم الضفة الغربية ، والذي يقال إن نتنياهو وفي إطار محاولته استرضاء شركائه، بن غفير وسوتريتش، ومنعهما من مغادرة الحكومة وتفكيك الائتلاف، وعدهما بإطلاق ايديهما في الضفة الغربية في مقابل قبولهما بالصفقة بصيغتها الحالية ، وإذا كانت استجابة نتنياهو للصفقة استجابة لرغبة ترامب فهل تنجح رهانات نتنياهو في الحصول على الأثمان التي يتمناها في ملفات إقليمية ودولية مقابل هدنة غزة المؤقتة ضمن مناوراته التي خبرها العالم وينقض اتفاقاته ، وليعد نتنياهو لقتال غزة....دون أي مبالاة !

الدستور الأردنية

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الاحتلال نتنياهو غزة غزة نتنياهو الاحتلال صفقة التبادل مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة عالم الفن سياسة سياسة رياضة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

إقالة مفاجئة لـ 3 مسؤولين مؤيدين لإسرائيل بإدارة ترامب وسط خلافات مع نتنياهو

أقدمت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على إقالة ثلاثة مسؤولين بارزين في البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي، يُعرف عنهم مواقفهم الداعمة لـ إسرائيل، وفقًا لما أوردته صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية.

وأوضحت الصحيفة أن قرار الإقالة جاء كـ “خطوة مفاجئة تحمل دلالات سياسية عميقة” وفي سياق تصاعد التوترات بين واشنطن وتل أبيب، على خلفية خلافات حادة بين الرئيس ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أبرزها تمسّك إسرائيل بحقها في شن هجوم منفرد على إيران، حتى من دون تنسيق مسبق مع الولايات المتحدة، إضافة إلى استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة.

رئيس تشيلي يعلق العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل بسبب أطفال غزةمصر تؤكد ضرورة انضمام إسرائيل لمعاهدة منع الانتشار النووي

وشملت الإقالات كلًا من ميراف سارن، الأمريكية من أصول إسرائيلية التي كانت تتولى مؤخرًا رئاسة قسم إيران وإسرائيل في مجلس الأمن القومي، وإريك تريغر منسق شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المجلس ذاته، بالإضافة إلى مورغان أورتاغوس، نائبة المبعوث الأميركي الخاص إلى لبنان، ستيف ويتكوف.

ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة قولها إن هذه الخطوة قد تكون مقدمة لسلسلة إقالات أخرى تطال مسؤولين مؤيدين لإسرائيل داخل الإدارة، في مؤشر على تحوّل ملحوظ في مقاربة البيت الأبيض للعلاقة مع تل أبيب.

ورجّحت يديعوت أحرونوت أن تكون هذه الإقالات جزءًا من "ابتعاد تدريجي" في السياسات بين إدارة ترامب وإسرائيل، مشيرة إلى أن القرار لم يأتِ من فراغ، بل يعكس إعادة تموضع استراتيجي في ملفات حساسة، أبرزها البرنامج النووي الإيراني والوضع في غزة.

وكان الرئيس ترامب قد أعرب في تصريحات سابقة عن رفضه لشنّ أي هجوم إسرائيلي على إيران دون تنسيق مع واشنطن، مؤكّدًا في الوقت ذاته وجود تقدم في المفاوضات النووية مع طهران، واقتراب التوصل إلى اتفاق. 

وفيما يتعلق بقطاع غزة، كشف المبعوث الأمريكي ويتكوف عن طرح مبادرة لوقف الحرب، انتقد لاحقًا رد حركة حماس عليها، في إشارة إلى تعقيد المشهد التفاوضي.

طباعة شارك البيت الأبيض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إسرائيل يديعوت أحرونوت واشنطن تل أبيب

مقالات مشابهة

  • استقالات في إدارة ترامب تثير مخاوف نتنياهو
  • إقالات مفاجئة بإدارة ترامب تثير قلق نتنياهو
  • إقالة مفاجئة لـ 3 مسؤولين مؤيدين لإسرائيل بإدارة ترامب وسط خلافات مع نتنياهو
  • بايدن أم روبوت | من الذي حكم الولايات المتحدة لأربع سنوات قبل ترامب؟.. نخبرك القصة
  • ما قصة النفق الذي ظهر منه نتنياهو في ذكرى احتلال القدس؟
  • تدهور جديد في العلاقات التجارية.. الصين تتهم أمريكا بانتهاك الهدنة وتتوعد بالرد
  • ترامب والحلفاء الخليجيون وردع تهور نتنياهو من غزة إلى إيران
  • بوريطة: الموقف الذي عبرت عنه المملكة المتحدة بشأن قضية الصحراء المغربية سيعزز الدينامية التي يعرفها هذا الملف
  • والد أسير إسرائيلي يطالب ترامب بإجبار نتنياهو على إنهاء الحرب
  • ترامب يفقد صبره على نتنياهو.. تسونامي سياسي عالمي يهدد الاحتلال