كلام الناس
نورالدين مدني
*لاأدري لماذا تذكرت العنوان الرمز الذي أطلقه الشاعر الكبير نزار قباني على إحدي إصدراته "الكتابة عمل إنقلابي" بعد أن فرغت من قراءة رواية " عالم بلا خرائط" للروائيين عبدالرحمن منيف وجبرا ابراهيم جبرا.
*الرواية تنقلنا إلى عالم مشحون باللذة والالم والرعب وكأنها رواية بوليسية تدور حول سر مقتل نجوى العامري التي عشقها بجنون بطل الرواية علاء الدين نجيب.
*الرواية تطرح أسئلة حيرى على لسان الراوي البطل : يتراءى لي كل شئ حلماً أو كالسراب .. لم يحصل ذلك في أي وقت .. هل أريد أن أقنع نفسي أم أقنع الاخرين‘ هل أكذب؟ هل أحلم؟ هل أتوهم؟.
*تتشكل الرواية وهي تطرح أمام القارئ الكثير من الأسئلة الوجودية‘ و تحاول التمييز بين الإنسان العادي والإنسان الروائي‘ لتقول إن الروائي فنان حالم ملئ بالرغبات يريد أن يهدم الواقع القائم ويبني العالم الفنان.
*تدور أحداث الرواية في عمورية بين أشخاص مواقفهم متداخلة خاصة مع عالم الروائي وأحلامه الذي يريده عالماً بلاخرائط ولا جوازات سفر.
*من الشخصيات الحية في هذه الرواية شخصية حسام الرعد الفنان الزاهد الذي فاجأ طلاب الفنون بعد مشاهدته للوحاتهم قائلاً : أتدرون.. في كل لوحاتكم لم أر إنساناً حقيقياً .. أين عذاب الدواخل؟ أين احلامكم؟ أين أشواقكم؟.
*نجوي العامري التي تشارك بطل الرواية علاء الدين نجيب عالمه الصاخب باللذة والألم هي نفسها " شجرة النار" التي أشعلت دواخله التي عبر عنها في رواية شجرة النار خلال بطلها المتخيل رياض.
*تظل عمورية عالم بلاخرائط ويظل البطل يبحث عن خلاصه الذاتي وهو يحاول إعادة بنائها ليكتشف أن"عمورية وبشر عمورية لن تحل مشاكلهم إلا إذا انتهت الدنيا!!.
*تنتهي رواية عالم بلا خرائط دون أن تعطينا أجوبة على الأسئلة المقلقة التي طرحتها‘ حتى بعد ان إطلعنا على التقريرالسري الخاص بمقتل نجوى العامري‘ لم نعرف من الذي قتلها ولماذا؟ وهل هو عشيقها علاء الدين أم زوجها خلدون أم مجهول اخر وردت معلومات عنه إبان التحريات بأنه كان يحاول إبتزازها لأخذ نصيب من التركة التي ورثتها؟.
*إنتهت الرواية ومازالت الأسئلة تترى على لسان بطلها علاء الدين نجيب الذي وجدت وسط أوراقه ورقة من مقال نشر في" الميزان" يقول فيه : سؤال‘ على كل إنسان أن يطرحه على نفسه في هذه الأيام الصعبة والعواصف على الأبواب : أين مكاني من هذا كله .. هل سأكون جديراً بالمستقبل؟!! .... ولم يتم العثور على باقي المقال.
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: علاء الدین
إقرأ أيضاً:
بعد زيارة ويتكوف.. هل تدير واشنطن أزمة الجوع أم الرواية في غزة؟
في خضم تزايد الضغوط الدولية على إسرائيل بشأن تفاقم أزمة الجوع في قطاع غزة، بدت زيارة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف إلى رفح جنوبي القطاع وكأنها محاولة مرتّبة بعناية لالتقاط الصورة لا لمعالجة الكارثة.
فالزيارة التي وصفت بأنها لمنح الرئيس الأميركي دونالد ترامب فهما واضحا للوضع الإنساني تحولت في نظر محللين تحدثوا لبرنامج "مسار الأحداث"، إلى فصل جديد من فصول هندسة الرواية الأميركية الإسرائيلية، التي تعيد إنتاج الأزمة كخلفية لإظهار "الجهود الإنسانية" في ظل صمت مطبق عن مسؤولية الاحتلال الفعلية في تجويع الغزيين وقتلهم أثناء انتظار المعونات.
المشهد بدا من البداية أقرب إلى "مسرحية ميدانية" منها إلى تفقد ميداني حقيقي، كما وصفها الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني وسام عفيفة، الذي رأى في الجولة الخاطفة لوفد يتقدمهم ويتكوف والسفير الأميركي لدى تل أبيب استعراضا صوريا يراد به تأثيث السردية الأميركية لا تفكيك الواقع.
فغزة، كما قال ليست بحاجة إلى من "ينقل مشاهد الجوع"، بل إلى من يعترف بأن التجويع سياسة ممنهجة ومقصودة تُدار عبر "مؤسسة غزة الإنسانية"، التي تحولت بنظره من جهة توزيع إلى أداة حرب ووسيلة تهجير عبر أقفاص الموت.
هذه المؤسسة التي امتدحها السفير الأميركي مايك هاكابي بوصفها تقدم "مليون وجبة يوميا"، لم تسلم من الانتقادات الدولية، بل كانت محور اتهامات موثقة من منظمات حقوقية مثل هيومن رايتس ووتش، التي أكدت أن المساعدات توزع في مناطق تتحول إلى مسارح دم يومية بفعل إطلاق النار الإسرائيلي.
ويبدو أن صمت ويتكوف وتجاهله لهذه الحقائق في زيارته لم يكن عفويا، بل جزءا من سردية رسمية تتجاهل جذور المأساة، وتبحث عن سرد جديد يدير الأزمة دون معالجتها.
في المقابل، لم تخلُ مواقف الإدارة الأميركية من التناقض، فالرئيس ترامب، وفي تعليقات تالية للزيارة، عاود تكرار اتهامه لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالمسؤولية عن "نهب المساعدات"، في حين ظل صامتا بشأن التقارير الدولية المتزايدة التي تحمّل إسرائيل مسؤولية التجويع المتعمد.
تسييس فارغ المضمونهذا التناقض، بحسب الدكتور مهند مصطفى، الخبير في الشأن الإسرائيلي، يندرج في إطار "تسييس أخلاقي مفرغ من المضمون"، إذ يجري تحويل النقاش من مسؤولية الاحتلال إلى ادعاءات بلا أدلة تُوظّف لنزع الشرعية عن الفلسطينيين ومقاومتهم.
إعلانما يعزز هذه القراءة هو أن الرواية الأميركية الرسمية لا تزال تعوّل على مؤسسة وحيدة تموّلها واشنطن وتل أبيب في توزيع المساعدات، في وقت تُقصى فيه منظمات الأمم المتحدة والمساعدات الدولية من المسار.
واللافت أن تصريحات ويتكوف لم تُشر من قريب أو بعيد إلى اللقاء بأي جهة فلسطينية، سواء من الأهالي أو مؤسسات المجتمع المدني، وهو ما رأى فيه عفيفة تجسيدا لعقلية استعمارية حديثة تعيد مشهد "الرجل الأبيض الذي يوزع الطعام على الجياع" في إطار من الفوقية والإذلال.
وبينما تنشغل واشنطن بتجميل صورتها من بوابة "إيصال الغذاء"، تبرز أصوات من داخل أميركا وإسرائيل ذاتها تتهم تل أبيب بارتكاب إبادة جماعية، وتصف سياسات التجويع بأنها وصمة عار أخلاقية.
الروائي الإسرائيلي البارز ديفيد غروسمان، الذي فقد نجله في حرب لبنان عام 2006، عبّر عن ذلك بوضوح حين قال إن "ما يجري في غزة لا يمكن لشعب مرّ بالمحرقة أن يقبله"، بينما تظاهر في نيويورك، يهود أميركيون للتنديد بسياسة تجويع الغزيين، مؤكدين أن هذه المجاعة لا يمكن تبريرها باسم اليهودية أو إسرائيل.
هذا التململ في الداخل اليهودي لا يُغيّر كثيرا من المعادلة على الأرض، كما يشير مهند مصطفى، لكنه يسهم في تفكيك الخطاب الذي طالما وظّف معاداة السامية لقمع أي انتقاد لسياسات الاحتلال.
فحين تنتقد أصوات يهودية من الداخل سياسات التجويع والقتل، تفقد إسرائيل تدريجيا القدرة على شيطنة خصومها بوصمهم باللاسامية، وتُدفع نحو مواجهة أسئلة أخلاقية عميقة باتت تتردد في المنابر الدولية.
زيارة لالتقاط الصوروفي هذا السياق، يرى المستشار السابق للأمن القومي الأميركي مارك فايفل أن زيارة ويتكوف لن تُسفر عن تحول جذري، لأنها افتقرت للخبراء وللخطة الواقعية، مشددا على أن الولايات المتحدة بحاجة إلى فرق متخصصة وليس إلى دبلوماسيين يلتقطون الصور.
فايفل لم يتنكر للرواية الأميركية الإسرائيلية بتحميل حماس المسؤولية عن بعض الحالات، لكنه أكد أن المشكلة الجوهرية هي استمرار المأساة دون مبادرات حقيقية لأجل وقف إطلاق النار أو إنشاء آليات فعالة لإيصال الغذاء والدواء.
تحت هذا الواقع، تظهر المبادرة الأميركية كجزء من "إدارة للأزمة" لا لإنهائها، وهي إدارة تتوازى مع إستراتيجية إسرائيلية تقضي بالإبقاء على الوضع في غزة تحت الحد الأدنى للحياة، عبر تقييد دخول المساعدات وإدامة الفوضى المجتمعية، كما أشار عفيفة.
فالجوع هنا ليس عرضا، بل أداة لإعادة تركيب البنية الاجتماعية، وإنتاج مشهد من الفوضى المنظمة التي تضعف تماسك الفلسطينيين، وتخلق ما سماه بـ"تجار الحرب" و"العصابات"، مما يُحوّل المجاعة من كارثة إنسانية إلى مشروع سياسي كامل.
هذا "المشروع" يرتبط، بحسب تصريحات مشاركين في الحلقة، برؤية إستراتيجية أميركية-إسرائيلية تسعى لتثبيت منطقة عازلة تتحكم بها منظومة أمنية وإنسانية هجينة، لا تخلو من الطابع العسكري، بل تُبنى على تكنولوجيا السيطرة الميدانية من دون احتلال مباشر.
وهو ما عبّر عنه لاحقا مفوض الأونروا فيليب لازاريني حين قال إن الحل الحقيقي ليس في الإسقاط الجوي الباهظ عديم الجدوى، بل في فتح المعابر وإغراق القطاع بالمساعدات، وهو المطلب الذي تتجاهله تل أبيب وتلتف عليه واشنطن بمؤسسات بديلة مشبوهة التمويل والدور.
إعلانعلى المدى القصير، لا تبدو إسرائيل مقبلة على مراجعة جذرية، كما يرى مهند مصطفى، حتى في ظل أصوات معارضة داخلية متزايدة، فالمجتمع الإسرائيلي، برأيه، لا يعترف أصلا بشيء اسمه النكبة الفلسطينية ولا بمسؤولياته التاريخية.
لكن على المدى البعيد، فإن إسرائيل والولايات المتحدة معا قد تدفعان ثمنا باهظا في ميزان الشرعية الدولية، بعدما أصبحت سردية الضحية تواجَه بتساؤلات العالم حول من يصنع الجوع، ومن يلتقط الصور فوق الركام، حسب تقديره.