يُشبه العقل البشري  بحرًا واسعًا،  يحتوي على  ملايين الأفكار والمشاعر  التي تتلاطم  وتتفاعل  مع بعضها البعض.  في  أوقاتٍ  معينة،  يُصبح  هذا  البحر  هادئًا  ومُسالمًا،  يُلهم  الإبداع  والابتكار.  لكن  في  أوقاتٍ  أخرى،  يُصبح  عاصفًا  ومُضطربًا،  يُحاصر  الإنسان  في  مستنقعٍ  من  الأفكار  السلبية  والقلق  والخوف.

عندما يقع الإنسان في مستنقع أفكاره،  يُصبح  أسيرًا  لأفكاره  السلبية،  تسيطر  عليه  مشاعر  القلق  والاكتئاب  والخوف  من  المستقبل.  يُصبح  عاجزًا  عن  التفكير  بإيجابية،  ويُفقد  قدرته  على  اتخاذ  القرارات  الصائبة.  يُحاصره  سيلٌ  من  الأفكار  المُتضاربة،  لا  يُمكنه  التمييز  بين  الحقيقة  والوهم.  يُصبح  سجنه  ذاتيًّا،  يُعاني  من  صراعٍ  داخليٍّ  مُرهق.

هذا  المستنقع  يُحرم  الإنسان  من  الاستمتاع  بحياته،  ويُعيقه  عن  تحقيق  أهدافه  وطموحاته.  يُفقده  قدرته  على  التواصل  مع  الآخرين،  ويُبعده  عن  العالم  الخارجي.  يُصبح  منغلقًا  على  نفسه،  يُعاني  من  العزلة  والوحدة.  يُفقد  الشغف  والحماس  في  حياته،  ويُصبح  مُصابًا  بالإحباط  والاستسلام.

لكن  هناك  طريقٌ  للخروج  من  هذا  المستنقع.  أولاً،  يجب  على  الإنسان  أن  يُدرك  أنه  ليس  وحيدًا  في  معاناته،  وأنّ  الكثيرين  يُعانون  من  نفس  المشكلة.  يجب  أن  يُصارح  نفسه  بمشاعره  وأفكاره،  دون  حكمٍ  أو  تقييم.  يجب  أن  يُحاول  فهم  أسباب  سقوطه  في  هذا  المستنقع،  وأن  يُحدد  العوامل  التي  تُساهم  في  تعميق  معاناته.

ثانياً،  يجب  على  الإنسان  أن  يُحاول  التفكير  بإيجابية،  وأن  يُركز  على  نقاط  قوته  ومواهبه.  يجب  أن  يُحيط  نفسه  بأشخاصٍ  إيجابيين،  يُدعمونه  ويُشجعونه  على  التغلّب  على  صعوباته.  يجب  أن  يُمارس  الأنشطة  التي  تُساعده  على  الاسترخاء  والهدوء،  مثل  الرياضة  أو  اليوجا  أو  التأمل.

ثالثاً،  يجب  على  الإنسان  أن  يُطلب  المساعدة  من  المُختصّين،  إذا  لم  يُمكنه  التغلّب  على  مشاكله  بمفرده.  فالمُعالجة  النفسية  تُساعد  على  فهم  الأسباب  العميقة  للمعاناة،  وتُعلّم  الإنسان  مهاراتٍ  جديدةً  للتعامل  مع  الأفكار  والمشاعر  السلبية.

الخروج  من  مستنقع  الأفكار  السلبية  ليس  مهمّةً  سهلة،  لكنّه  مُمكن.  يتطلّب  ذلك  الوعي  والإرادة  والصبر  والبحث  عن  المساعدة  عندما  يُصبح  ذلك  ضروريًّا.  فالحياة  أكثر  من  مجرد  أفكارٍ  سلبية،  وهناك  أملٌ  دائماً  في  الاستمتاع  بها  وتحقيق  السعادة  والنجاح.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: القلق الإبداع والابتكار الاكتئاب المزيد

إقرأ أيضاً:

غزة الجائعة.. عندما يصبح الطعام فخا للموت

توجّه سكان القطاع نحو مراكز توزيع المساعدات في حي تل السلطان جنوب قطاع غزة، بعدما أغلق الاحتلال الإسرائيلي المعابر لأكثر من 90 يوما، وحُرموا من أبسط مقومات الحياة.

لكن ما كان يُفترض أن يكون لحظة "إغاثة إنسانية"، تحوّل إلى عرض مهين من الإذلال المُقنّن، أشرفت عليه شركة أميركية مدعومة من جيش الاحتلال الإسرائيلي، وسط إجراءات أمنية مشددة، ومشاهد تُحاكي السجون لا مخيمات الإغاثة.

وثّقت عدسات المواطنين في حي تل السلطان برفح لحظات الوصول إلى مركز توزيع المساعدات، الذي كانت تُشرف عليه مؤسسة أميركية، في يوم شهد إطلاق نار كثيفا من قبل قوات الاحتلال، وهروب عناصر المؤسسة الأميركية من الموقع مع توافد المواطنين على المساعدات.

View this post on Instagram

A post shared by ???????? عين على فلسطين | Eye on Palestine (@eye.on.palestine)

انتشرت الصور والمقاطع كالنار في الهشيم عبر منصات التواصل الاجتماعي، خاصة تلك التي أظهرت مرتزقا أميركيا مُلثّما وهو يقف بتعالٍ أمام الجموع الجائعة، في مشهد يعكس قمة الاستغلال لمعاناة سكان غزة.

View this post on Instagram

A post shared by Sana Aljamal (@sana_aljamal82)

وظهرت أيضا أقفاص حديدية وممرات ضيقة بُنيت لتنظيم دخول الناس، لكنها بدت أشبه بـ"مسارات إذلال" تُذكّر بمشاهد الاعتقال لا الإغاثة، مما أثار موجة غضب وتساؤلات واسعة بين مغرّدين فلسطينيين وعرب، عبّروا عنها بعبارات: "ما الذي يحدث في غزة؟ هل هذه مجاعة مُهندسة؟ هل أصبح الطعام أداة إذلال جديدة؟".

إعلان

وقال مغرّدون إن المرتزق الأميركي ظهر كمن يستعرض نفسه في عرض دموي، يظن أنه نجم أمام الكاميرا، بينما الناس تبحث فقط عن لقمة عيش.

بعد أن قطعوا مشيًا عشرات الكيلومترات بأجساد هزيلة، عبر مناطق محفوفة بالمخاطر والانفجارات تقترب منهم، وصلوا بحثًا عن لقمةٍ تكفيهم وتطعم جوع عائلاتهم، فإذا بهم يُحبسون في أقفاص كالماشية.
دخلوا مضطرين، راغبين فقط في البقاء على قيد الحياة، فإذا بمرتزق أمريكي ملثم يقف أمامهم، يظن… pic.twitter.com/qMXHqkrq1F

— Tamer | تامر (@tamerqdh) May 27, 2025

وأضاف آخرون: "الغزيون لم يخوضوا حربا فقط، بل عاشوا واحدة من أبشع تجارب الإبادة الجماعية في التاريخ الحديث، دامت أكثر من 19 شهرا من العزلة والتجويع والترويع".

واعتبر عدد منهم أن ما حدث كان محاولة مكشوفة للتحكّم بالشعب الفلسطيني، وإظهار صورة كاذبة للعالم بأن أزمة الجوع قد انتهت. لكن ما جرى كشف أن الهدف كان إذلال الناس لا إنقاذهم، بل أشار بعضهم إلى أن المساعدات التي وُزعت مسروقة من مؤسسات خيرية من قِبل الشركة الأميركية.

لا يلوم أهل غزة إلا من تجرد من الشرف السياسي والحد الأدنى من الفهم الإنساني.
فالناس هناك لم تعش مجرد حرب، بل مرّت بواحدة من أبشع تجارب التجويع والإبادة الجماعية في التاريخ الحديث، دامت لأكثر من 19 شهرًا من العزلة والتجويع والقصف والترويع، تحت أنظار عالم صامت وأمة متفرجة خانعة.… pic.twitter.com/vBex40AriJ

— Khaled Safi ???????? خالد صافي (@KhaledSafi) May 27, 2025

وكتب أحد المغردين: "لم يكن المشهد فوضى عابرة، بل لحظة تجريد جديدة للفلسطيني من حقه بالحياة. حتى وهو يطلب الطعام، يُستقبل بالرصاص، وتحرس المروحيات الطرد الغذائي".

فيديو يوثق لحظة إطلاق النار من قبل قوات الاحتلال على فلسطينيين اقتربوا من نقطة توزيع المساعدات التابعة للشركة الأمريكية في رفح.

لم يكن المشهد فوضى عابرة، بل مشهد آخر من مشاهد تجريد الفلسطيني من حقه بالحياة، حتى وهو يطلب الطعام.
رصاصٌ في وجه الجوع، ونارٌ تحرس الطرد الغذائي.

هذا… pic.twitter.com/NfMNbyq5Cl

— الحـكـيم (@Hakeam_ps) May 27, 2025

إعلان

وأضاف: "هذا النظام الإغاثي الذي رُوّج له كحل إنساني، تحوّل إلى أداة قمع وتهديد. المدنيون باتوا يُعاملون كأهداف لا كضحايا حرب".

وأشار آخر إلى أن توزيع الطعام تحت فوهة البنادق ليس إنقاذا بل إذلال مُقنّن، والجريمة ليست فقط في من أطلق النار، بل في من صمّم هذا المشهد بالكامل، واعتبره "إغاثة".

كما وثقت الجزيرة نت مقاطع مصوّرة تداولها المواطنون على نطاق واسع، تحكي كيف قطعوا 10 كيلومترات سيرا على الأقدام للوصول إلى نقطة التوزيع في تل السلطان، تحت إشراف مباشر من الشركة الأميركية.

“I walked over 10 kilometers, and they killed a young man in front of me.”

A Palestinian recounts receiving a small amount of aid from the American company in Rafah, after walking a long distance under dire humanitarian conditions. pic.twitter.com/YnOAgcC9ZY

— Ramy Abdu| رامي عبده (@RamAbdu) May 27, 2025

وقال شهود عيان إنهم خاطروا بكل شيء للحصول على كمية صغيرة من الطعام، لكنهم واجهوا مجزرة حقيقية، حيث فتحت قوات الاحتلال النار، مما أسفر عن استشهاد العشرات وإصابة آخرين، أمام أعين من ينتظرون دورهم، بالإضافة إلى فقدان البعض.

ويرى مغردون أن إسرائيل تُمارس سياسات عقابية ممنهجة ضد أهالي غزة تحت مسمى "المساعدات"، متسائلين: "هل يمكن لأجساد ضعيفة بهذا الشكل أن تقطع عشرات الكيلومترات؟ هكذا تُقدَّم المساعدات؟".

وأضاف آخرون أن الجيش الإسرائيلي أراد إذلال الناس عبر إجبارهم على الوقوف في طوابير طويلة تحت الشمس، يتحكّم بمن يُعطى ومن يُمنع، في عملية وُصفت بأنها أسرع فشل في تاريخ ما سُمّي بالإغاثة الدولية.

وقال أحد النشطاء: "لم نتوقّع انهيار العملية بهذه السرعة، الجيش الأميركي هرب أمام السيل الجرّار من البشر. التجويع هو أقذر وأجبن أسلوب لمحاربة الإرادة".

إعلان

في المقابل، حذّر آخرون من أن القادم قد يكون أسوأ: "بعد هذا، لا أحد يعرف إن كانت ستدخل مساعدات أخرى. المجاعة لم تنتهِ أصلا".

وقال ناشط: "لا نلوم الناس، فهؤلاء عاشوا أكثر من 18 شهرا في جوع لا يُطاق. من حقهم البحث عن لقمة، ومن الظلم أن نُخوّنهم".

وكتب آخر: "للأسف لا يوجد بديل، ولا توجد حلول حقيقية… والواقع يزداد صعوبة يومًا بعد يوم".

من جهة أخرى، يرى بعض المغردين أنه لا يمكن الجزم بفشل خطة توزيع المساعدات بشكل كامل، رغم المشهد القاسي، لكن المؤكد أن "لا أحد يستطيع إجبار الجوعى على الاصطفاف في طابور"، متوقعين أن تُتخذ إجراءات جديدة لإعادة هيكلة منصات التوزيع إنشائيا وعملياتيا.

مقالات مشابهة

  • بعد موجة الطقس السيئ بالاسكندرية..وزيرة التنمية المحلية توجة بالتنسيق مع كافة الجهات للتعامل مع الآثار السلبية
  • انقسام داخلي حيال قرار مفوضية اللاجئين وقف الدعم الصحي للسوريين
  • فى ختام دورى الجولف بالم هيلز بنزهة.. الجزيرة يسعى لتأمين الوصافة وصراع على المركز الثالث
  • د.محمد عسكر يكتب: الذكاء الاصطناعي.. حلم التطور ومخاوف السيطرة
  • "دون تحفيل".. أحمد بلال: الأهلي خدم الزمالك بعد التتويج بالدوري على حساب بيراميدز
  • رئيس "متحد" لـ"اليوم": 150 ألف حاج داخلي لموسم 1446هـ.. وأنظمة ذكية لخدمتهم
  • طارق قنديل: منظومة العمل داخل الأهلي قائمة على النيات الصافية
  • أحمد بلال:«الأهلي لا يرمي الفوطة وبيراميدز ممكن يخرج بموسم صفري»
  • حاضنة الورد
  • غزة الجائعة.. عندما يصبح الطعام فخا للموت